الرياح بديل آخر أمام الغزيين لتوليد الكهرباء
قطاع غزة – محمود أبو الهنود - مضمون جديد
نجح مجموعة من طلاب جامعة الازهر باتمام تخرجهم الجامعي من كلية الهندسة تخصص "إليكتروميكانيك" بانجاز مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق الرياح. المشروع كان ردا على ما يعانيه قطاع غزة من أزمة مزمنة في التيار الكهربائي.
وجد الطلبة أن أفضل الطرق لتعويض العجز الموجود في محطة كهرباء غزة الناجم عن الحصار الإسرائيلي، هو اللجوء الى الطاقة البديلة لإنارة ما يمكن إنارته من منازلهم ومصانعهم وشوارعهم تلك التي أطفأها الحصار.
وتفرض اسرائيل منذ العام 2007 حصار مشدد على قطاع غزة، منعت خلاله من دخول الكميات الكافية لتشغيل محطة توليد الكهرباء بشكل دائم، إضافة لقيامها في العام 2006 بقصف المحطة الامر الذي أدى الى تفاقم المشكلة.
وتتغذى محافظات غزة بالكهرباء عن طريق عشرة خطوط إسرائيلية كل خط بقيمة 12 ميجاوات، اضافة الى خطين من مصر بقيمة 5 ميجاوات و12 ميجاوات وتغذي جزء من منطقة رفح.
ودمرت اسرائيل محولات النقل في محطة توليد الكهرباء عام 2006م ولم تنجح الجهود حتى اللحظة في العودة الى القدرة الانتاجية التي كانت للمحطة سابقا.
وتحتاج المحطة إلى 3300 كوب من الوقود أسبوعيا لإنتاج 78 ميجاوات، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يسمح بدخول 2200 كوب كحد أقصى من الوقود أسبوعيا وهي تكفي لتوليد 55 ميجاوات فقط.
الفرضية التي وضعها الطلبة (جهاد جرغون، ومحمد العايدي، وعبد الله عرفات، وشادي الفقعاوي) وبإشراف د. " أيمن عياد استاذ الهندسة الميكانيكية الذي حصل على شهادته من ألمانيا هي التالية: يمكن للاحتلال منع الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء لكنه لن يستطيع منع الرياح من الطواف في سماء غزة، فلم لا نستغل ذلك.
رغم الإمكانيات المحدودة وغياب مراكز الأبحاث المتخصصة، إلا أن مجموعة الطلبة استطاعت انجاز مشروعهم الذي اعتبر الأكبر بين محاولات عديدة من قبل باحثين ومهتمين في الجامعات الفلسطينية الأخرى.
يقول الطالب جهاد جرغون لمضمون جديد " إن ليل غزة الحالك بالسواد وشوارعها المظلمة حفزتنا على تبني فكرة المشروع بعد أن اقترحه علينا د. أيمن عياد خصوصاً أن الفكرة قابلة للتطبيق، يمكنها المساهمة الفعلية في ايجاد حل لمشكلة العجز في الكهرباء التي أصبحت تؤرق الجميع في غزة.
وأضاف أن فكرة المشروع تقوم على إعداد نموذج لتوليد الطاقة الكهربائية باستغلال الرياح، يتم من خلاله تخزين طاقة الرياح الحركية، وتحويلها إلى طاقة كهربائية، بحيث تستخدم مراوح كبيرة تدور بالهواء والرياح، بارتفاعات معينة، إضافة لمولد كهربائي، تنتج طاقة كهربائية.
وتمر الرياح على شفرات مما يخلق دفعة هواء ديناميكية تتسب في دوران الشفرات، بحيث يعمل الدوران على تشغيل المولد، مشيرا إلى أن معظم مكونات المشروع تم تصنيعها محلياً.
ومن مميزات طاقة الرياح أنها محلية اولا ومتجددة ثانيا وثالثا وهو الأهم انها لا ينتج عنها غازات تسبب ظاهرة البيت الزجاجي أو ملوثات، وبالتالي فإن تأثيرها الضار بالبيئة طفيف (95% من الأراضي المستخدمة كحقول للرياح يمكن استخدامها في أغراض أخرى مثل الزراعة أو الرعي).
فيما أظهرت دراسة حديثة أن كل مليار كيلو وات في الساعة من إنتاج طاقة الرياح السنوي يوفر من 440 إلى 460 فرصة عمل.
مركز أبحاث للطاقة البديلة
وقال الدكتور أيمن عياد المشرف على المشروع إن الفكرة نشأت من الحاجة للتغلب على العجز الموجود في قطاع الكهرباء ، من خلال انتاج الكهرباء عن طريق الرياح باعتبارها طاقة متجددة ونظيفة تكون بديلة عن المولدات الكهربائية التي تعمل على البنزين، والتي تضر بالانسان الغزي وبيئته.
وأوضح إن إنشاء 25 محطة على طول شاطئ البحر تعمل بطاقة الرياح قادرة على سد العجز الموجود والذي يصل الى 150 ميجا وات، متسائلا اذا كان الأمر كذلك لماذا لا يتم تنبي مثل هذه المشروعات رسميا؟
وأضاف وصلت تكلفة نموذج مشروع الطلبة إلى حوالي 1600 دولار تم تغطية 1200 دولار منها كدعم بإشراف من شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، وقام الطلبة بتغطية الجزء الآخر، الا ان التوجه نحو بناء محطات كبيرة ستحتاج الى تكلفة مادية كبيرة.
ودعا الجهات الحكومية الى إنشاء مركز أبحاث للطاقة البديلة تكون من بين مهامه توفير قاعدة أساسية من المعلومات تفيد الباحثين والمهتمين، إضافة الى توعية أفراد المجتمع بأهمية الطاقة البديلة.
وأشار إلى أن الكثير من دول العالم أصبحت تعتمد بشكل نسبي على توليد الكهرباء عن طريق الرياح وأشعة الشمس، بما فيها دول عربية وشرق أوسطية كالأردن وتركيا، وفي أوروبا بات استخدام الطاقة البديلة في توليد الكهرباء يحتل مكانة مهمة بين المصادر الاخرى.
جهود مشتتة للمبدعين الفلسطينيين
ودعا الى توحد جهود الباحثين الفلسطينيين، وقال: اذا ما اجتمعت مع توجه حكومي نحو اللجوء للطاقة البديلة لاستغلالها في توليد الطاقة الكهربائية فإنه يمكن الوصول لمرحلة يتم فيها الاعتماد فيها بشكل نسبي على المشروع في تغطية العجز الموجود في كهرباء غزة.
ويقول الطالب محمد العايدي أحد منفذي المشروع يعتبر توليد الكهرباء عن طريق الرياح من أكثر المشاريع ملائمة للواقع الموجود في غزة، خصوصاً بسبب إطلالها على شاطئ البحر، منبهاً إلى ضرورة وجود مركز أبحاث متخصص في الطاقة البديلة، يعمل على استيعاب الكوادر الشابة من مهندسين ومتخصصين بما يؤدي لتعزيز البحوث الهادفة واستغلال العناصر البديلة في حل مشكلات عديدة تواجه المجتمع كمشكلة الكهرباء والمياه.
وتنتج الولايات المتحدة حولي 3 مليار كيلو وات في الساعة من طاقة الريح. وبحسب معلومات مدينة "مصدر" التي تعتبر مركزاً عالمياً ناشئاً للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة فإن قطاع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة في انحاء منطقة الشرق الاوسط مرشحاً لدخول مرحلة من النمو المستدام مدعوماً باهتمام جهات عديدة بهذا المجال.
ويتوقع أن تصل قيمة سوق التقنيات النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها إلى حوالي 100 مليار دولار أميركي بحلول عام 2014.
وأصدرت الهند، وتركيا، ومصر، والأردن، والجزائر قوانين متعلقة بالطاقة المتجددة؛ إضافة إلى استخدام أدوات دعم التعرفة والتي من المتوقع أن تعلن السعودية عن جدول يتضمنها مع حلول منتصف العام الجاري.
وبناء على المعلومات الواردة من "وحدة المعلومات الاقتصادية" التابعة لمجلة "إيكونوميست"، تعتزم تركيا تأمين نحو 30% من احتياجاتها للطاقة من مصادر المصادر المتجددة. كما اعلنت مصر نيتها توليد 20% من حاجتها للكهرباء عبر المصادر المتجددة بحلول عام 2020. أما الأردن، فيهدف إلى رفع قدرته على توليد الطاقة المتجددة بواقع 10% بحلول عام 2020م، وتعتزم السعودية توليد ذات النسبة.
وكان الدكتور عماد بريك مدير مركز بحوث الطاقة في جامعة النجاح الوطنية في احدى حلقات مجلة عين على البيئة التي انتجها وبثها تلفزيون وطن في سبتمبر 2009م قد ذكر ان سلطة الطاقة الفلسطينية تعمل على خطة استراتيجية لتطبيقها في فلسطين على مدار 3 سنوات يتم بموجبها توليد 10% من الطاقة من مصادر بديلة بحلول العام 2020م.
يدرك الجميع ان الطاقة التقليدية الى نفاذ ومن هنا لا بد لادارات الدول البحث عن طاقة بديلة متجددة مستقبلا، رغم ان العقبة الرئيسة في هذه الطاقات البديلة بكلفتها العالية، التي لا يمكن للمواطن العادي تحملها، من هنا فان المطلوب النهوض بها وطنيا، لاننا هنا نتحدث عن مستقبل أجيالنا القادمة.
إستمع الآن