الإضرابات العمالية .. مطالب مشروعة أم ابتزاز وظيفي
عمّان - وليد شنيكات - أعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد للصحفيين
تشهد قطاعات صناعية واسعة هذه الأيام موجات احتجاج غير مسبوقة في تاريخها, فلا يكاد يمر أسبوع تقريبا إلا وتخرج مظاهرة أو ينفذ اعتصام عمالي, حتى أصبح مشهد المتظاهرين ولافتاتهم وشعاراتهم مألوفا في الشارع الأردني وحدثا معتادا في وسائل الإعلام.
لكن اللافت للنظر في كل ذلك هو أن هذه الاحتجاجات العمالية افتقدت قيادة رشيدة تساعدها في رسم خارطة طريق للوصول الى مطالبها وحتى لا تبقى رهينة حالة طارئة, بمقابل غضب حكومي لم يعد يحتمل اتساع رقعة هذا النوع من حركات الاحتجاج التي تأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد.
فما هي الأسباب الحقيقية والبنيوية التي تقف وراء تزايد المشهد الاحتجاجي المتصاعد, والى أي حد يمكن اعتبار هذه المطالب محقة وتستحق الاستجابة, أم أن ما يجري هو استغلال مقصود للاضطراب السياسي والاقتصادي الذي تشهده البلاد على وقع الثورات العربية المحيطة بنا, وما عشرات الإضرابات والاعتصامات التي نفذتها قطاعات واسعة من العمال خلال الأشهر القليلة الماضية سوى دليل واضح على ذلك.
تتركز جل مطالب العاملين - حسب تقارير عمالية - على رفع الأجور ومنح مزيد من الحريات الأساسية أثناء فترات الدوام والاعتراض على العديد من الانتهاكات الأخرى مثل عدم حصول قطاعات واسعة من العمال على اجازاتهم أو صرف أجورهم في مواعيدها, إضافة الى إجبارهم على العمل ساعات طوال (أكثر من ثماني ساعات يوميا) والتلاعب في احتساب ودفع أجور العمل الإضافي, رغم أن غالبيتهم يجبرون على أدائه, إضافة إلى ممارسات تقع فيها شبهات العمل الجبري, وكذلك عدم زيادة أجورهم بشكل سنوي يؤكد تقرير المرصد العمالي.
الإضراب الكبير الذي نفذه مئات العمال في أحد مصانع الألبسة مؤخرا وامتد ليشمل الآلاف من العاملين في مصانع مدينة سحاب الصناعية, كان قد سبقه بعدة أسابيع إضراب امتد اياماً نفذه العمال الأردنيون العاملون في احد مصانع محافظة الكرك دليل واضح على زخم الإضرابات العمالية وقوة تفاعلها.
ورغم مشروعية بعض الحركات المطلبية وفق نقيب الخدمات العامة والمهن الحرة خالد أبو مرجوب الذي تحدث لمشروع مضمون جديد بيد أنه يرى أن ثمة حركات بدت عشوائية وغير مدروسة لأنها جاءت نتيجة انفعالية بدون تنسيق مع صاحب العمل, حتى شكلت إرباكا لصاحب العمل لا سيما في الشركات التي تواجه أزمات مالية وظروفا صعبة.
ويرفض الناشط في مجال حقوق عمال المياومة محمد السنيد الأصوات التي تنتقد الحركات المطلبية واعتبارها استغلالا لأرباب العمل مؤكدا ان الخراب الذي أصاب المؤسسات الإقتصادية الوطنية خلال السنوات الماضية من خصخصة واعادة هيكلة وبيع مباشر هو السبب في وصول الأوضاع المعيشية للناس الى ما هي عليه الأمر الذي استدعى تدخلا ميدانيا لمواجهة التحديات اٌلإقتصادية للمواطنين الى جانب الظلم المتزايد الذي يتعرض اليه العاملون في المؤسسات الصناعية الكبرى.
ويتقاطع تقرير المرصد العمالي مع ما ذهب اليه السنيد عدم التزام العديد من المصانع بشروط الصحة والسلامة المهنية في أماكن العمل والسكن, ومنع الحرية, إذ تقوم بعض الشركات بحظر مغادرة أماكن السكن التي تشرف عليها الشركات, وتمنع التجوال للعاملين في مساكنهم ليلاً, لا بل وصلت الانتهاكات حد الاعتداء بالضرب على العمال لإجبارهم على العمل.
ويزيد السنيد الإنتشار الواسع لعدد الإضرابات في مناطق عديدة من المملكة يأتي على وقع الربيع العربي الذي أطل على المنطقة وبشر بميلاد فجر جديد وليس حالة عشوائية كما يصورها البعض, بيد أن الناشط العمالي السنيد لا ينفي وجود اضرابات واعتصامات غير منظمة نقابيا إلا أن ذلك لا ينفي عنها صفة الشرعية أو يهدد مصيرها يؤكد السنيد مجددا.
وشهدت عدة مناطق في جنوب المملكة اعتصامات عماليه واسعة للمطالبة بتحسين أوضاعها وظروف عملها, ففي محافظة العقبة 350 كم جنوبا اعتصم موظفو الجمارك التابعون لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة للمطالبة بحقوقهم وتشمل تحسين سلم الدرجات وتحسين اوضاهم المالية, وفي الكرك أيضا توقف العشرات من سائقي الشاحنات على مثلث القطرانة الكرك وتجمعوا على هيئة اعتصام مطالبين الحكومة بزيادة أجور النقل وتعديل الحمولات لشاحناتهم.
وبلغ عدد الشاحنات المتوقفة في القطرانه 150 شاحنة, تعمل على خط عمان - العقبة, وفي محافظة معان اعتصم العشرات من موظفي محكمة البلدية انضم اليهم عدد من المحامين وأيدوا مطالبهم.
ويطالب موظفو المحكمة بتحسين ظروف عمل الموظفين والمطالبة باتمام الاصلاحات اللازمة للمحكمة التي كانت قد اشعلت النيران فيها في احداث معان الأخيرة.
وفي الوقت الذي يؤكد أبو رجوب أن المكتسبات التي تحققها المؤسسات والشركات جزء منها حق للعامل الذي بذل جهدا كبيرا في تحقيقها يرى أن رفض صاحب المؤسسة تحسين أوضاع الموظفين لديه فيه ظلم كبير وبالتالي من شأنه أن ينعكس على أداء ومستوى الإنتاجية في أي مؤسسة.
إستمع الآن