الأسعار تهوي برمضان بفعل الحصار
غزة - محمود ابو هنود - مضمون جديد
أسعار أسواق الخضار في قطاع غزة هوت في رمضان .. هذا ما أنعش ذاكرة المواطنين هناك بأن رمضان كريم، حتى لأهل القطاع المحاصر.
لم تعتد سفرة الغزيين ذلك. ولكن لهذا الوجه السعيد آخر بائس يقول: إن مزارعي القطاع الذين لم يجدوا أمامهم سوى السوق المحلي لتسويق منتجهم الزراعي لجأوا إلى توزيع كميات كبيرة من الخضار ساعدت على استقرار الأسعار خلال شهر رمضان وزيادة نسبة الطلب من قبل المستهلك المحلي، بعد توقف حركة التصدير للخارج بفعل الحصار الإسرائيلي وتحكمه بالمعابر التجارية المحيطة بالقطاع.
موضوع الأسعار شهد تذبذبا في ظل عدم وجود سياسات موحدة للأسعار
وكانت جمعية حماية المستهلك الفلسطينية قد أصدرت بتاريخ 1 / أغسطس / 2011 بيانا صحفيا بمناسبة شهر رمضان المبارك دعت خلاله محلات بيع السلع الأساسية مراعاة الأوضاع الاقتصادية للمواطنين وتراجع قدرتهم الشرائية.
ورغم أن غزة سعت في الفترة الأخيرة إلى تحقيق "الاكتفاء الذاتي" من خلال الاعتماد على المنتج المحلي في سد احتياجات المواطنين، والاستغناء عن عدد كبير من المنتجات الزراعية الإسرائيلية، إلا أن موضوع الأسعار شهد تذبذبا في ظل عدم وجود سياسات موحدة للأسعار، وترك المجال واسعاً أمام التجار للتحكم بأسعار المنتجات.
كان محمد حجازي موظف حكومي خلال تجوله داخل سوق خضار الشيخ رضوان بغزة يشعر بالانتشاء لأسعار الخضار.
يقول حجازي : "كنت أتوقع ارتفاع الأسعار خلال رمضان كعادتها في كل عام لكن توقف حركة التصدير ساعد كثيراً على انخفاض ثمن الخضار، وتوفرها بكميات كبيرة"، لكنه يخشى من "قيام التجار برفع الأسعار في أواخر شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر".
بينما أشار زكريا يوسف صاحب محل خضار الى " أن أسعار الخضار تشهد ارتفاعا وانخفاضا خلال شهر رمضان بحيث ترتفع في أول أسبوع من رمضان وتنخفض في منتصف الشهر، مضيفاً أن عدم وجود تسعيرة موحدة يلتزم بها التجار تؤدي إلى حدوث تضارب في السعر وفرض التجار الأسعار التي يرغبون بها".
وتوقع ان يكون الانخفاض الحالي مؤقتا خاصة إذا سمح للمزارعين والتجار بتصدير منتجاتهم الى دول أوروبا، مطالباً الجهات الحكومية وخصوصا وزارة الزراعة بالمحافظة على الأسعار ومنع تحكم التجار بها.
وفي تقرير أصدرته وزارة الاقتصاد الوطني التابعة للحكومة المقالة في يناير / 2011 بعنوان معابر القطاع .. معابر أم أقفال؟ أشير إلى " أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرضت بتاريخ 14/6/2007 حصارا مشددا على قطاع غزة عبر سياسة العقاب الجماعي على جميع السكان بحيث أصبح أكثر من مليون
ونصف نسمة محاصرين براً وبحراً وجواً، ولم تكتفِ دولة الاحتلال بذلك بل فرضت نوعاً من الحصار الاقتصادي يهدف إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني فقامت بإغلاق المعابر ومنع الواردات والصادرات من البضائع ولم تسمح سوى بإدخال البضائع ذات الطابع الإنساني.
وتحيط بقطاع غزة سبعة معابر، تخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح.. ومعابر غزة هي ( معبر المنطار – معبر بيت حانون – معبر العودة " صوفا " – معبر الشجاعية " ناحل عوز " – معبر كرم أبو سالم – معبر القرارة " كيسوفيم " – معبر رفح ) وبالنسبة لمعبر المنظار فهو يقع شرق مدينة غزة وهو المنفذ التجاري الرئيسي للقطاع ، وقد أعلنت إسرائيل في 2/ اذار / 2011 عن اغلاقه بشكل نهائي. وكان المعبر يربط القطاع مع الضفة وباقي دول العالم بالاشتراك مع معبر رفح ".
أسعار الخضار متوسطة ومقبولة بنسبة 70 % بالنسبة للمواطن
يقول أبو محمد موظف حكومي وهو رب أسرة من 4 أفراد: "إن أسعار الخضار متوسطة ومقبولة بنسبة 70 % بالنسبة للمواطن، مطالبا بوجود رقابة من قبل الحكومة لمنع التجار من التحكم بالأسعار بعيدا عن وزارة الزراعة والجهات المسؤولة.
وشاركته في الرضى عن أسعار الخضار الحاجة أم رامي، مطالبة بالمحافظة على انخفاضها خصوصاً مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة وأزمة الرواتب انعكست سلبا على الأسر الفلسطينية التي تزيد مطالبها خلال هذه الفترة في ظل شهر رمضان والأعياد والعام الدراسي الجديد.
وقال نصر سليم صاحب محلات "جنة فلسطين" للفواكه والخضار: "إن عوامل عديدة ساعدت على انخفاض الأسعار منها عدم تعرض المزروعات للآفات الزراعية، إضافة لوقف تصدير المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى الخارج بفعل الحصار الإسرائيلي، إضافة إلى إدراك التجار للظروف الاقتصادية الصعبة للأسر الفلسطينية".
إن أسعار الخضار بالنسبة لأوضاع المواطنين الاقتصادية الصعبة تعد مرتفعة
لكن إياد أبو ركبة صاحب محل للفواكه والخضروات بشارع الوحدة بغزة كان له رأي آخر، وفيه يقول: "إن أسعار الخضار بالنسبة لأوضاع المواطنين الاقتصادية الصعبة تعد مرتفعة، ويفترض أن تنخفض أسعارها أكثر" ، موضحاً أن بعض المشترين لا يخفون عدم رضاهم عن الأسعار.
وطالب بتسعيرة موحدة يلتزم بها جميع التجار وبائعي الخضار، حتى يمكن التخلص من التلاعب في السعر.
وقال المزارع أسعد الملاح: "إن وقف تصدير المنتجات الزراعية من قطاع غزة إلى الخارج أثر بشكل كبير على المزارعين"، مضيفاً أن المزارع "مغلوب على أمره" فهو يزرع ويسقي ويكافح الآفات الزراعية وفي المقابل لا يحصل في أوقات كثيرة حتى على ثمن تكلفة منتجه الزراعي.
وأشار إلى أن المزارع لا يستطيع تعويض خسائره سوى من بعض المزروعات ذات العرض القليل، مطالباً بدعم المزارعين وتوفير الإمكانيات اللازمة لهم لمساعدتهم على تعويض خسائرهم.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان كان رصد في تقرير بعنوان: "أثر سياسة الإغلاق على الصادرات الزراعية في قطاع غزة " نشر بتاريخ 4/ آب أغسطس /2011 ، "نتائج سياسة الحصار الشامل الذي أحكمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرضه على قطاع غزة، منذ منتصف يونيو من العام 2007 ، على الصادرات الزراعية في قطاع غزة خلال الموسم الزراعي 2010 – 2011".
وتناول التقرير" انعكاسات هذه السياسة على القطاعات الزراعية المختلفة، وخاصة الخسائر الناجمة عن توقف تصدير المحاصيل الزراعية إلى خارج أسواق القطاع، خلال الفترة الممتدة من شهر نوفمبر 2010 وحتى شهر ابريل 2011".
وخلص التقرير إلى " أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد حرمت مزارعي القطاع من تصدير المحاصيل الزراعية، خلال الموسم الزراعي 2010 – 2011 ، إلى أسواق الضفة الغربية، الأردن وإسرائيل، ما أدى إلى تراجع خطير في مستوى تصدير المنتجات الزراعية الغزية إلى العالم الخارجي".
وبحسب إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة للأعوام 2010- 2020- التي أعدتها وزارة الزراعة التابعة للحكومة المقالة بغزة" فإن مساحة فلسطين تبلغ حوالي 27 الف كم2 ، وتبلغ مساحة الضفة الغربية حوالي 5655 كم2 بينما يبلغ قطاع غزه 365 كم2".
من جهته قال المهندس تحسين السقا مدير عام التسويق والمعابر بوزارة الزراعة التابعة للحكومة المقالة بغزة: "إن سلطات الاحتلال لم تسمح منذ سنوات سوى بتصدير 10 مليون زهرة، و 500 طن من الفراولة بعد تدخل أوروبي، رغم أن صادرات قطاع غزة من هذه المنتجات كانت تصل إلى 50 مليون زهرة و 1500 طن من الفراولة".
ودعا أحمد الشافعي رئيس جمعية غزة التعاونية الزراعية لإنتاج وتسويق الخضار إلى "تنظيم العملية الزراعية بحيث يتم التركيز على إنتاج مزروعات جديدة يفتقدها السوق المحلي، بدلا من زراعة نفس المنتجات التي يوجد بها فائض نتيجة توقف التصدير".
إستمع الآن