اقبال متزايد على طب الاعشاب في الداخل الفلسطيني

عرب 48 - خالد وليد أبو أحمد - مضمون جديد

يشهد الاقبال على العلاج بالاعشاب تزايدا ملحوظا في اوساط فلسطينيي الداخل، مدفوعا بعمليات الترويج المكثفة التي تقوم بها ما باتت تعرف بفضائيات "الطب البديل".
وقد اكتسب العلاج بالاعشاب رواجا كبيرا حول العالم خلال السنوات الاخيرة، حيث تشير بعض الاحصاءات مثلا الى ان 40 بالمئة من سكان الولايات المتحدة باتوا يقبلون عليه.

ويرجع الخبراء هذا الرواج الى عوامل منها تزايد شعور الناس بفقد الثقة والامل في الطب الحديث، اضافة الى تنامي القناعة لديهم بان الاعشاب آمنة ورخيصة واكثر فاعلية.
وفي المقابل يشكك المشتغلون بالطب الحديث في هذا النوع من العلاجات، ويطالبون باخضاع الاعشاب الطبية لبحوث ودراسات مستفيضة تقيم آثارها العلاجية وفعاليتها ومدى خطورتها احيانا.

ورغم عدم وجود احصاءات دقيقة حول حجم اقبال فلسطينيي الداخل على هذا النوع من العلاج، الا ان خبراء يقدرون ان نحو 20 بالمئة منهم باتوا يتعاطون به، وان بنسب متفاوتة.
وبحسب ايمن حواري، الأخصّائي في العلاج بالطب الصينيّ والأعشاب الطبيعيّة، فان "المعدّل العام لاستعمال الأعشاب الطبيعيّة كدواء يتراوح ما بين 15-20 بالمئة من أبناء المُجتمع العربيّ في الدّاخل الفلسطينيّ".

وكما يؤكد حواري لـ"مضمون جديد"، فان نسبة الاقبال "في ازدياد تدريجي".
لكنه يستدرك قائلا ان النسبة "تتفاوت تبعا لاختلاف المناطق الجغرافيّة، وكنتيجة للعادات والتقاليد المُختلفة" لفلسطينيي الداخل الذين يتباينون بين البدو جنوبا، والحضر في مناطق الشمال والمركز والساحل.
تاثير الفضائيات

ومن جانبه، يؤكد جمال يحيى، الخبير في الأعشاب الطبيعيّة ان الاقبال على هذا النوع من العلاجات "بات جيّد جدًا في الفترة الأخيرة".
ويشير يحيى الى ان الفضائيات والبرامج المتخصصة في ما يعرف حينا بالطب البديل او التكميلي، قد لعبت دورا في زيادة الوعي والاقبال على العلاجات العشبية.
لكنه يحذر من المخاطر التي تتضمنها محاولات البعض اعداد وصفات علاجية لانفسهم تبعا للمعلومات التي يستقونها من هذه الفضائيات والبرامج.

ويقول "يحاول النّاس تحضير الوصفات بأنفسهم، وهنا تكمنُ الخطورة في أوجه عدّة كعدم تحديد الكميّة اللازمة أو عدم معرفة النبتة بشكل صحيح وما إلى ذلك، وفي هذه الحالة لا يستفيد الشخص كما يجب".
ومع ازدياد الاقبال على هذا النوع من العلاج، راحت تكثر اعداد المراكز والعيادات التي تعلن عن نفسها باعتبارها متخصصة في الطب البديل والعشبي.

وبعض هذه المراكز والعيادات تضم عاملين غير مؤهلين مهنيًّا كما يقول يحيى.
ويضيف "للأسف الشديد، هناك الكثير من العاملين في هذا المجال، يفقدون الدراية الكاملة والتامّة، فهناك من يعتقد أنّ استعمال الأعشاب الطبيعيّة، إن لم يفد لا يضرّ، وهذا معتقد خاطئ، فالاستخدام الغير صحيح للأعشاب الطبيعيّة قد تؤدّي إلى عواقب وخيمة، قد لا يتحمّلها أحد"

وأردف محذرا "إنّ الاستعمال غير الصحيح للنباتات قد يؤدّي إلى الموت أو الدخول في غيبوبة طويلة، وكل نبتة لها تأثيرها السلبيّ، لو اُستعملت بالشكّل الخاطئ"
وحث يحيى من يرغبون بالتوجه الى العلاج بالاعشاب على "لتأكّد من صحّة الطرف المُعَالِج، من خلال طريقة كلامه، وطريقة وصفه للدواء وما إلى ذلك، وعن طريق الشهادات المعلّقة على الحائط ومانحيها وما إلى ذلك"

كما دعا الى "تشكيل جسم مستقلّ، يدعم المختصّين في مجال الأعشاب الطبيعيّة، ويحثّ الناس ويدعمهم ماديًّا للتوجّه نحو التداوي بالأعشاب الطبيعيّة"
وحول التأثير الماديّ لاستهلاك الفرد للأعشاب الطبيعيّة كمسار للتداوي من الأمراض، يقول يحيى "للأسف هناك تأثير سلبيّ، فالعلاج التقليديّ المتكوّن من الأدوية الكيماويّة يدفع المواطن دفعة شهريّة ثابتة له، قد لا تؤثِّر بشكل مباشر، وقد لا يشعر المواطن بهذا المبلغ",

ويضيف "النّاس يفضلون أن يدفعوا 150 شاقل تقريبًا بشكل شهريّ، لا أن يدفعوا أكثر من 2000 شيقل عند كل علاج مُستخدم للأعشاب الطبيعيّة"
مواقف متباينة

وعلى صعيدهم، يسرد اشخاص تعاملوا مع معالجين بالاعشاب تجارب تتباين بين الايجابية والسلبية.
فهذا "س" من قرى المثلّث الجنوبيّ ويبلغ من العُمر 46 عامًا، يقول انه قال أنه توجّه إلى العاملين في مجال التداوي بالأعشاب الطبيعيّة لأسباب مختلفة، وفي كلّ مرّة يصف له هذا العامل وذاك الوصفات الخاطئة.

ويضيف قائلا "هناك الكثير ممّن يخدعون النّاس ويقولون أنّهم عاملون في مجال الأعشاب الطبيعيّة لا وبل خبراء فيه، وفي كلّ مرّة يصفون لي وصفات خاطئة، وفي إحدى المرّات تدهورت حالتي، ممّا جعلني أرقد في المستشفى لأكثر من شهرين، وهناك عادت إلي صحتي لا بل وأفضل، والحمد لله".

وطالب "س" بان "تكون هناك شروط لمن يعمل في هذا المجال، وان توضع قيود ورقابة على الوصفات التي يُصدرها العامل في هذا المجال! فقد تعاملتُ أنا نفسي مع أكثر من 10 أشخاص يسمّون نفسهم بالخبراء، وقد صرفت مئات آلاف الشّواقل، ولكن بدون فائدة".

ومن جهتها، تؤكد عبير (53 عاما) وهي من قرى منطقة النقب، انها تثق بالعلاج بالاعشاب، وانها مداومة عليه منذ اكثر من 15 عاما.
وهذه المراة كما تخبرنا مصابة بالسكّري وضغط الدم وأمراض أخرى.

تقول عبير "أنا مُنذ 10 سنوات أتعامل مع خبيرة في الأعشاب الطبيعيّة، وقبل ذلك تعاملت مع خبير رحمه الله لمدّة 5 سنوات، وكلّما كنت أمرض أو يصيبني مكروه ألجا إليهما فيصفان لي وصفات تُفيدني وتتحسّن حالتي".

وتضيف مؤكدة "لم أصادف خلال الـ 15 سنة، أن وصفوا لي وصفة خاطئة أو وصف ما قد ضرّتني، والحمد لله..ولن أرضَى لنفسي بعلاج كيماويّ >"

وتقدم سوار (18 عاما) وهي من منطقة النّاصرة صورة ايجابية اخرى، وتقول "أنا أتعامل مع خبير للأعشاب الطبيعيّة منذ أكثر من عام، وذلك بهدف تجميليّ، لأنّ الجميع يسعى لتجميل نفسه، وتغيير شكله الخارجيّ إلى الأفضل".
وتضيف "أنا راضية على نفسي الآن، مع حبّي للتغيير نحو الأفضل".

أضف تعليقك