ارتفاع جنوني في أسعار طعام الفقراء بحلب ..والبيع بالدولار!

حلب – محمد إقبال بلو
مشكلة هامة تتعرض لها مدينة حلب وريفها مؤخراً , وهي ارتفاع أسعار المواد الغذائية , والمنتوجات الزراعية بشكل خاص , فعلى مدى عامين من الثورة السورية , تراجع اهتمام الناس بالزراعة لانشغال الشباب بالانضمام إلى الثوار بالإضافة إلى الظروف السيئة التي يعيشها السوريون من قصف مستمر لمعظم المدن والقرى والبلدات السورية , إضافة لنزوح ملاك الأراضي الزراعية وانتقالهم إلى مناطق أكثر أمناً وأحياناً خارج سورية كلها.
بالدولار يا بصل !
عبد الحميد الخطيب مواطن من ريف حلب أب لسبعة أولاد , يقول لــ أورينت نت: لقد أصبح تأمين القوت لهم أمراً شبه مستحيل , دخلنا يكاد يكون معدوماً والأسعار في ارتفاع مستمر , وكما تعلمون عادة تكون المنتجات الزراعية هي الأرخص سعراً فيعتمد عليها الناس في الظروف الصعبة , إلا أننا نعاني حالياً من ارتفاع أسعارها بشكل رهيب وذلك بسبب قلة الإنتاج الزراعي وندرته , ومن ذا الذي سيعمل في أرض زراعية مكشوفة تحت وابل من القصف اليومي , نحن نجوّع بشكل منظم ممنهج ومقصود , بالإضافة إلى جشع الكثير من التجار الذين يتحكمون بالأسعار ويستغلوننا أبشع استغلال , وهم الآن يجدون الكثير من المبرات ليقولوها لنا , فمن قصف إلى نزوح إلى قلة اليد العاملة التي تؤدي لقلة الإنتاج , أو نقل المواد الغذائية الزراعية من تركية إلى الداخل السوري أحياناً وتكاليفه الباهظة حسب قولهم.
يضيف عبد الحميد : تصور لقد أصبح سعر كيلو البصل 2 دولار , البصل بالعملة الصعبة , فيما يصل سعر كيلو البطاطا إلى 3 دولار , أما الفواكه فليست من اختصاصنا , هذا الصنف يشتريه كبار التجار وليس نحن كبار الفقراء , هل من المعقول أن يباع منتج محلي بالدولار , أمر غريب فعلاً , لكنهم يبررون أن سعر الليرة السورية يتقلب على مدار الساعة وإذا لم يحسبوا حسابهم في ذلك قد يخسرون تجارتهم , الأمر يحتاج بعض أخلاق من تجار السوق , يتطلب الرحمة بهؤلاء الأهالي الجائعين الذين لا يعرفون هل سيموت أطفالهم بسبب القصف أم أنهم قد يموتون بسبب معاناتهم الطويلة للجوع.
الفاكهة لكبار الأغنياء !
عمر داوود حلبي يعيش في أحد الاحياء الشعبية في المدينة قال لــ أورينت نت: ارتفاع جنوني أصاب أسعار المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية , كلنا نعرف أسبابه , لكننا لم نتوقع أن نعجز عن تأمين ما يسد الرمق , نعم نحن الآن شبه عاجزون عن ذلك و ( الله يستر من القادم ) , لدينا أطفال صغار يحتاجون غذاء متكاملاً حتى يعيشوا , بدأنا نخشى المرور في أحد الأسواق عندما نكون باصطحابهم , فلو طلب الطفل تفاحاً أو موزاً لكانت طامة كبرى لأنني سأدفع مبلغاً كبيراً لقاء ذلك , وأفضل أن أشتري به الخبز .
يضيف عمر : هذا العام كانت الأمطار وفيرة ولكن الزراعة كانت شبه معدومة , ومن قام بزراعة بعض المحاصيل غالباً لا يبيع منها أي شيء ويستهلكها وأسرته وأقاربه ومن حوله , في ظل ضائقة اقتصادية كهذه وندرة في المنتوجات الزراعية نشأت طبقة صغار التجار التي تقوم بشراء كميات من هذه المواد وحفظها وبيعها بأسعار عالية حتى حين وفرتها يظهرون لك أنها غير موجودة حتى يبقى السعر عالياً , وأحياناً تكون المنتوجات مزروعة في سورية , إلا أنهم يصرون على أنهم نقلوها من الأسواق التركية حيث الأسعار مرتفعة جدا وتكاليف النقل والطريق الخطرة التي يعبرونها والتي يتعرضون فيها للقصف الجوي أو المدفعي أحياناً .
نزرع ولا نأمل بالحصاد
عبد الرؤوف سالم مزارع من أحد المناطق الريفية في حلب يقول لــ أورينت نت: لقد توقفت الأعمال كلها بسبب القصف والتهجير الذي نتعرض له , والعمل الزراعي مثله مثل كل الأعمال توقف أو كاد يتوقف , هذه السنة قمت بزراعة بعض المحاصيل الزراعية وعلى نطاق ضيق جدا , والهدف من ذلك هو الكفاية الذاتية لي ولأسرتي وأقاربي الذين يقيمون هنا في الجوار , لم أزرع مساحات كبيرة كونها تحتاج عملاً كثيراً ولا يوجد عمال حاليا وحتى أولادي انضموا إلى صفوف الثوار , ثم إنني لا أضمن أن أبقى في نفس المكان حتى نضج المحاصيل قد أنزح مثلما قام الكثيرون بالنزوح .
يؤكد عبد الرؤوف أن كل هذه الظروف من قتل وتشريد وتجويع قد صنعها النظام , وبشكل مدروس ومتعمد عقوبة للسوريين على وقوفهم في وجهه للمرة الأولى منذ خمسين عاماً , صواريخ السكود تسقط على الكثير من المباني والأراضي الزراعية أيضاً , رسائل توجه لنا عبر هذه الصواريخ , دمار وتجويع وتدمير لكل الأعمال والاقتصاد أو الاستسلام والرضوخ .
لكنني أطلب من إخوتي التجار أن يتقوا الله , فأطفال سورية يجوعون كل يوم , بدل أن يحتكروا المنتجات عليهم أن يوزعوها مجاناً على من يحتاجها , فهم قد أكرمهم الله بوفرة المال , وما أتفه من يسعى في ظل ظرف كهذا إلى زيادة ثروته وتضخيم أمواله , أما المجتمع الدولي فلا أطلب منه شيئاً ولا أناشده أبداً ,, فهو لا يستحق حتى أن يذكر.
• اعد هذا التقرير لصالح مشروع مضمون جديد

أضف تعليقك