أدوية مجهولة التركيبة والمصدر في صيدليات غزة
قطاع غزة – محمود أبو الهنود - مضمون جديد
"ترامادول مهرب"، أدوية حكومية، وأخرى تابعة لوكالة الغوث، شداد القوة، لبان للجنسين،Max Man، شوكولاتات حريمي، Tiger kING نسكافيه رجالي، Fox 125 th ، مستحضرات معظمها مهربة وبمسميات مختلفة، بعضها باللغة العربية وأخرى بالانجليزية، وتتفق غالبيتها في كونها منشطات جنسية مجهولة التركيبة والمصدر.
بعض صيدليات قطاع غزة تبيع هذه الادوية مجهولة الهوية للمواطنين أولا وثانيا إنها تصرفها من دون وصفة طبية.
ويؤكد أصحاب صيدليات استخدامهم بينما يقول آخرون إن بعض الصيدليات وجدت طرقا للتهرب من الحملات التي تقوم بها وزارة الصحة".
وهذا ما يقوله "أبو محمد" وهو صاحب صيدلية في مدينة غزة لـ "مضمون جديد" من خلال بيع الحبوب المخدرة مثل " الترامادول المهرب" وأدوية تابعة للحكومة ووكالة الغوث إضافة الى أدوية عشبية مجهولة التركيبة والمصدر.
وأشار إلى أن تلك الحبوب تأتي الى قطاع غزة عن طريق الانفاق، وتحصل عليها بعض الصيدليات عن طريق "تجار الشنطة" الذين يحققون أرباح طائلة من تجارتهم هذه.
ووفق "أبي محمد" فإن من بين تلك المستحضرات والادوية ما يعرف بشوكولاتة حريمي، Tiger K ING نسكافيه رجالي، Fox 125 th ، ولبان للسيدات وكلها منشطات جنسية عديدة.
نصوص القانون
ووفقاً للمادة ( 34 ) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة في فلسطين ، يحظر على المؤسسة الصيدلانية شراء الأدوية إلا من الجهة المرخص لها ببيعها كما يحظر على الصيدلي بيع الأدوية المهربة أو المباعة لوزارة الصحة أو الخدمات الطبية العسكرية أو وكالة الغوث، أو تبرعات الأدوية الواردة إلى فلسطين .
كما تنص المادة ( 62 ) أن على الصيدلي المسئول الامتناع عن صرف الأدوية من دون وصفة طبية ويستثنى من ذلك مواد الإسعاف الأولى والأدوية (OTC) التي يصدر الوزير قراراً بإعفاء صرفها من شروط الوصفة الطبية بعد الاستئناس برأي النقابة.
وقالت (م.ل) الموظفة الصيدلانية في إحدى الصيدليات الكبيرة في قطاع غزة لـ "مضمون جديد" إنها كانت تعمل قبل فترة قصيرة لدى صيدلية كان صاحبها يبيع أدوية مخدرة مهربة من دون وصفة طبية، مشيرة الى ان المباحث الطبية ضبطته واعتقاله وفرضت عليه غرامة مالية كبيرة، مما اضطرها لترك الصيدلية والبحث عن عمل آخر.
وأشارت إلى أن معظم تجار الادوية المهربة ليس لهم علاقة بمهنة الصيدلة. تقول: لا يكترث هؤلاء سوى جنى الارباح.
وأوضحت أنهم لا يتعاملون مع الصيدليات بشكل عام ويلجأون لعرض ما لديهم لبعض صيادلة محددين ومعروفين بالنسبة لهم، خشية من أن يتم ضبطهم من قبل المباحث الطبية، مبينة أن نسبة الربح في الادوية المهربة بشكل عام عالية وتصل في بعض الادوية الى 100%.
ونبهت الصيدلانية الى ضرورة العمل على ضبط الاسعار فيما يتعلق بالادوية المهربة المصنعة من شركات عالمية وعربية معروفة وذات "المصدر والتركيبة المعلومتين"، التي استمدت شرعيتها بحكم عدم وجود بديل لها أو لرخص ثمنها اذا ما قورنت مع الادوية القادمة بشكل رسمي وعن طريق المعابر الحدودية.
خلط العلب بأخرى
صيدلي آخر فضل عدم ذكر اسمه قال لـ "مضمون جديد" يلجأ بعض الصيادلة الى طرق تحايلية ببيع بعض الادوية الممنوعة بشكل خفي، بهدف ارضاء جزء من زبائنهم، وضمان مستوى محدد للربح، مشيراً الى أن من بين الطرق التي قد يكون يتبعها البعض لاخفاء تلك الادوية الممنوعة، "خلط علب أدوية بأخرى، أو تخبئتها في أماكن قد لاتخطر على البال.
واضاف قد يلجأ البعض الى التخلص من تلك الادوية باعطائها للزبون بمجرد وصولها من تاجر "الشنطة"، داعيا الى ضرورة العمل على ضبط عدد الصيدليات، والادوية المهربة بما يضمن عدم تسويقها للمواطنين، الى جانب ضرورة وضع خطة اعلامية لمواجهة مروجي الادوية مجهولة التركيبة والمصدر، وتشجيع بعض الصيدليات والمواطنين على عدم التعامل معها بسبب مخاطرها الكبيرة.
تعميم وزارة الصحة وعقوبات لبعض الصيدليات
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أصدرت تعميما على الصيدليات طالبت فيه بعدم بيع الادوية المخدرة إلا من خلال وصفة الطبيب المعالج، وحذرت الصيدليات من أن كل من يخالف ذلك سيعرض نفسه للمساءلة.
وسبق وأغلقت الوزارة عددا من الصيدليات في مناطق مختلفة من قطاع غزة بسبب تعدد وتكرار المخالفات بها.
ويشير د. محمد العفيفي مدير مركز بحوث الادمان في قطاع غزة الى أن الأدوية الموجودة في قطاع غزة تصنف الى ثلاثة أنواع: الاول أدوية مرخصة من قبل وزارة الصحة ولها رقم مسجل رسمياً في الوزارة، وهي الجزء الاكبر الموجود في الصيدليات. أما النوع الثاني فهي ادوية أيضا مصنعة رسمياً وتركيباتها معروفة، لكنها تأتي الى القطاع بطريقة غير قانونية.
أما الجزء الثالث من "الأدوية" فهي مجهولة التركيبة والمصدر، وعادة ما تكون عبارة عن وصفات طبية شعبية، يستخدم جزء كبير منها كمنشطات جنسية وكعلاج للامراض الروماتيزمية، كما تشمل أدوية مخدرة صرفة مثل "الترامادول" وحبوب السعادة.
وقال د. العفيفي لـ "مضمون جديد" إن القوانين الموجودة تحظر على الصيدلي التعامل بالأدوية من النوع الثالث لانه بذلك سيرتكب مخالفة كبيرة، موضحاً أن بعض الصيدليات قد تلجأ لبيع أدوية مجهولة التركيبة "والترامادول" المهرب ذي النسبة الخفيفة بسبب الطلب عليه من بعض زبائنهم، ولجني المزيد من الارباح وهو عادة يباع بدون وصفة طبية.
واستبعد مدير مركز بحوث الادمان في قطاع غزة تعامل الصيدليات بالحبوب المخدرة ذي النسب العالية أكثر من (100 مل للترامادول". وقال يتم تدوالها في الغالب بين بعض الاشخاص وتستخدم من قبل المدمنين.
ونبّه إلى خطورة هذا النوع من الحبوب كونه يضاف إليها مواد أخرى تساعد على الادمان عليها، وهو ما يجعل استجابة المدمنين لمحاولات التوقف والتخلص منها تواجه أحياناً بعض الصعوبات، بل إنها تسببت في بعض الحالات بردود فعل خطيرة.
وعن طبيعة الحالات التي يتعامل معها المركز قال العفيفي إن معظمها ناتج عن تعاطي عقار "الترامادول" ، و"حبوب السعادة". ويقوم المركز بتقديم خدمات توعوية ووقائية للتخلص والتوقف عن تعاطي تلك العقارات .
الرقابة: لا تهاون
أما طه الشنطي مدير دائرة الرقابة والتفتيش في وحدة الاجازة والتراخيص التابعة لوزارة الصحة بغزة فأكد " لـ "مضمون جديد" بيع بعض الصيدليات الادوية المهربة بطريقة غير قانونية، مشيراً إلى أن دائرة الرقابة والتفتيش لا تتهاون مع أي صيدلية يثبت ارتكابها مخالفات صحية.
واضاف اغلقنا عددا من الصيدليات المخالفة في مناطق عدة من القطاع، نتيجة تأكدنا من انها تبيع أدوية تابعة للحكومة ووكالة الغوث الى جانب ارتكابها مخالفة كبيرة ببيع أدوية مهربة مجهولة المصدر والتركيبة وأدوية منتهية الصلاحية.
واضاف أن قرار اغلاق الصيدليات لم يكن متسرعاً وجاء بعد توجيه عدة اخطارات للصيدليات المغلقة لتصحيح أوضاعها الصحية لكن من دون جدوى، مما اضطر الوزارة وبقرار من وزير الصحة بغزة الى اغلاق الصيدليات.
ونوه إلى أنه يتم في بعض الاحيان ترويج بعض المستحضرات المصنعة من مواد منتهية الصلاحية وتعبئتها في عبوات جديدة حيث يعتبر ذلك مخالفة كبيرة يحاسب عليها القانون، مستغرباً ترويج البعض لما يعرف "باللاصق السحري" والادعاء بأنه يعالج جميع الامراض، مذكراً اياهم بأن ذلك غير وارد من الناحية العلمية.
وأضاف ليس كل ما يقولوه الصيادلة صحيحاً، فهذه المستحضرات الى جانب الكثير من المنشطات الجنسية التي يتم ترويجها في بعض الصيدليات هي هدر للمال ليس أكثر.
وأوضح أن جميع المؤسسات الصيدلانية وشركات استيراد الادوية العاملة في القطاع التي يصل عددها الى 600 مؤسسة مرخصة وخاضعة للنظام والقانون، وأن أي تجاوزات يتم اكتشافها من خلال الزيارات المفاجئة لدائرة الرقابة والتفتيش بالوزارة يتم رصدها ومحاسبة صاحب الصيدلية بالطرق القانونية.
وأشار الشنطي إلى أن وزارة الصحة تألوا سلامة وحياة المواطنين أهمية كبيرة، وتراقب بشكل مستمر بالرقابة على الصيدليات لضمان تقديم خدماتها للمواطنين بشكل سليم وقانوني.
وكانت الوزارة ألزمت جميع الصيدليات بسجل خاص يتم فيه تسجيل كمية وعدد الادوية المخدرة "الترامال" الموجودة لدى الصيدلية، وكل الأدوية التي يتم بيعها للمواطنين ومراجعتها من قبل دائرة التفتيش بشكل مستمر.
إستمع الآن