عمان – رائد رمان - مضمون جديد
أسهمت فكرة عادل أبو شويمة القائمة بفلترة مياه الوضوء أو ما يعرف بيئيا بـ "المياه الرمادية" وإعادة تكريرها في مسجد الملك عبدالله بن الحسين بتخفيض فاتورة المياه من 6000 آلاف دينار إلى 500 دينار فقط.
النسبة التي تم تحصيلها كناتج انخفاض لحاجة المسجد من المياه استنادا الى فاتورة المياه تعدت الـ 90% في بلد هو أحد الدول الأفقر بالمياه في العالم.
عادل أبو شويمة فني صيانة في المسجد، اهتدى إلى فكرة لتنظيم استهلاك المياه والاستفادة منها في ري الأحواض الزراعية والحدائق الملحقة بالمسجد، وتتمثل آلية عمل المشروع التي قامت بتمويله جمعية البيئة للمحافظة على المياه بخطوات بسيطة اعتمدت على إعادة استخدام المياه الرمادية الناتجة عن الوضوء فقط.
وفي تقرير أعده مشروع "مضمون جديد، وتنشره "الحقيقة الدولية" يشرح ابو شويمة طريقة العمل قائلا حفرت حفرة صغيرة بعمق 1 متر داخل أرض المتوضأ "بئر" لتكون مكانا لتجميع مياه الوضوء كخطوة أولى، ثم استخدام مضخة غاطسة أتوماتيكية داخل هذه الحفرة لتعمل بدورها على ضخ المياه إلى خزانات معدنية وضعت على سطح المسجد، إضافة إلى تثبيت فلتر مكون من ثلاثة مناخل متدرجة في سعة فتحاتها لتخرج المياه صافية من دون شوائب، لتذهب إلى أحواض الزراعة بمساعدة قوة المضخة.
ويؤكد "أبو شويمة" ان تجربته فحصت وتمت مراقبتها فأثبتت نجاحها، داعيا إلى تعميمها على كل المنشآت التربوية والتجارية والصناعية والتعليمية لتحقيق النفع والفائدة للجميع.
لدى عرضنا هذه التجربة على جمال السعيد تاجر أقمشة أعرب عن دهشته منها، خاصة وأن لها ما لها من عائد اقتصادي ووفر مائي، فهو يعاني من كثرة انقطاع المياه لزيادة ومضاعفة استعمالات المياه في بيته، يسأل "السعيد" باستغراب: إن كان الأمر بهذه السهولة لماذا لا نطبقها، ونريح البلد من فقر مائي مزمن أثّر حتى على الزراعة في البلاد.
خبير المياه المهندس محمد عايش يرى أن المياه الرمادية تشكل ما نسبته 60 في المئة من مياه الصرف الصحي في المنازل، وهي المياه الخارجة من المغاسل وأحواض الجلي وأحواض الإستحمام والغسالات والمصارف الأرضية. ويتم استخدام المياه الرمادية في بعض الدول المتقدمة كمصدر إضافي للمياه، حيث تستخدم في القطاعات المنزلية والصناعية والتجارية.
أما في الأردن فما زالت التجربة في مراحلها الأولية، حيث يقتصر استخدامها في القطاعات المنزلية التي لا يقل استهلاكها عن 150 الى 200 لتر يوميا، والقطاعات السياحية كالفنادق والمنتجعات السياحية الكبيرة، اضافة الى كبار مستهلكي المياه في القطاع الصناعي.
ويوضح "عايش" أن مبدأ نظام المياه الرمادية يقوم على استعمال نظام ثنائي لمواسير شبكة الصرف يفصل المياه السوداء (المياه الخارجة من المراحيض والشطافات التابعة لها ومياه مغاسل المطابخ) عن المياه الرمادية، حيث يتم تحويل المياه السوداء إلى خزان التحليل المستخدم للقطاع المنزلي أو نظام الصرف الصحي العام للقطاعين التجاري والصناعي إن وجد.
ويشرح خبير المياه بأن استعمال نظام مياه رمادية يجب ان ينفصل في كل موقع أو منزل بدلاً من تجميع المياه الرمادية التي يصدرها أكثر من منزل أو موقع في نظام واحد مشترك، وذلك لصعوبة التحكم بنوعية المياه الرمادية التي قد تصدرها المواقع الأخرى.
بدوره يقول فني صيانة التمديدات الصحية مأمون عودة: "إن المطلوب في هذا المشروع الهام حسب رأيه، فقط خزان مياه للمنشآت ويكفي برميل للبيت، إضافة إلى مواسير وفلتر ومضخة مياه".ولا تنتشر الفكرة - وفق عودة - بين المواطنين، لقلة معرفتهم وسماعهم بها، وقال: هي تحتاج الى توعية وإرشاد في وسائل الإعلام المختلفة.
استعمال المياه الرمادية وينوه خبير المياه عايش الى أهمية الحذر بحيث لا توضع مواد غير مناسبة في مصادر المياه الرمادية مثلاً، وينصح مثلا بعدم غسيل الحفّاظات أو الأقمشة التي تحتوي على الدماء في المصادر الموصولة بمواسير المياه الرمادية.
كما ينصح أن تكون إحدى المغاسل على الأقل موصولة بنظام المياه السوداء وتخصيصها لهذه الاستعمالات، وعدم وضع مواد كيماوية في مصادر المياه الرمادية مثل مواد التنظيف القوية والدهانات أوأي نوع من المحروقات. ويشير الى ضرورة عدم استخدام المياه الرمادية لري الأشتال وينصح باستخدامها لري النباتات المكتملة النمو فقط؛ لأن لديها القدرة على تحمل نسب عالية بعض الشيء من الملوحة ومركبات الصوديوم والقلويات.
أما الأشجار التي يمكن استخدام المياه الرمادية لريها فتشمل على سبيل المثال "الزيتون وبعض أنواع السرو والكينا والياسمين العراقي والريحان والخروب" وبعض أنواع الصبر كما يوضح عايش.
كما يذكر أن المياه الرمادية مناسبة لري بعض الأشجار ونباتات الزينة ويستحسن أن تكون المناطق المروية منخفضة عن مستوى مصدر المياه الرمادية، لعدم اللجوء إلى مضخة آلية، وفي حال استخدام نظام الري بالتنقيط، يجب أن لا يقل قطر فتحة خرطوم المياه عن 3 ملم، وذلك لمنع انسداد الفتحات نتيجة ترسب المواد الصلبة الموجودة في المياه الرمادية أو نمو الطحالب في الخرطوم.
أما عند استعمالها في قطاع الفنادق والمنتجعات السياحية الكبيرة فيستحسن عدم استعمال المياه الرمادية لري النجيل، إلا إذا كانت منطقة النجيل تخدم غايات جمالية فقط وبعيدة عن متناول اليد، وإذا كانت المياه الرمادية ساخنة (كما هو الحال عند خروجها من الغسالة)، فيجب حفظها في خزان لبعض الوقت حتى تبرد، ومن ثم يتم ري النباتات بها، ويجب أن تكون جميع المواسير التي تحمل المياه الرمادية مائلة بعض الشيء حتى لا تبرّك المياه الرمادية فيها، ويمكن إضافة مياه نظيفة للمياه الرمادية للتخفيف من تركيزها أو لردفها.
بدوره قال الناطق الإعلامي لوزارة المياه عدنان الزعبي: "إن الوزارة لا تألوا جهدا في توعية المواطنين بكيفة إعادة استخدام المياه الرمادية عن طريق النشرات والدراسات وورش العمل والمحاضرات في مناطق المملكة كافة".
واكد أن نتيجة استعمال وتدوير المياه الرمادية يعتبر وفرا مائيا ومصدرا للري، إضافة الى التقليل من أثمان فاتورة المياه على جيوب المواطنين خاصة في ظل النقص والشح الذي تعانيه المملكة من قلة وندرة المياه.
ونوه إلى أن الوزارة قامت بالإشراف على كثير من المشاريع الناجحة في استعمال المياه الرمادية، منها مشاريع المساجد في أكثر من محافظة، ومشاريع المدارس الحكومية، مؤكدا أن هناك خطة للتوسع والتطور في الإستفادة من إعادة واستعمال المياه الرمادية في المنشآت الصناعية والتجارية والفنادق لما لها من فائدة كبيرة على الوضع المائي في الأردن.
وكشف "الزعبي" بأن أحد التطورات المشجعة في هذا السياق هو القرار الذي اتخذته وزارة المياه بتشكيل لجنة ادارة طلب على المياه تقوم بالبحث في طريقة تسهيل استخدام المياه الرمادية. فوائد المياه الرمادية
يقول خبير المياه "عايش" لاستعمال المياه الرمادية فوائد كبيرة على رأسها أنها ستصبح بديلا لمياه الشرب في زراعة النباتات وبالتالي توفير المياه العذبة لغايات الشرب، وتقليل الحمل على الحفر الإمتصاصية، واستغلال العناصر الغذائية الموجودة في المياه الرمادية لنمو النباتات وتقليل كلفة الأسمدة.
وينبه "عايش" إلى بعض الأمور الواجب التأكد منها عند التعامل مع المياه الرمادية في نشاطات الزراعة الحضرية، فيجب مثلا عمل نظام الري فعال لتوفير كميات مياه للنبات لتقليل الفاقد، وأن تتم علمية تصفية للمياه الرمادية، وذلك من خلال استعمال مواد بسيطة كقطعة قماش أو كيس نايلون مثقب لحجز المواد العالقة كالشعر وغيرها.
كما يجب اجراء صيانة دورية لنظام فصل المياه الرمادية للتأكد من أنه يعمل بشكل مناسب، وملاحظة نمو النبات الذي يروى بالمياه الرمادية للتأكد من عدم وجود زيادة في الري أو جفاف، والاستعانة بالنشرات لتحديد فيما إذا كانت المركبات المكونة لمنظفات الغسيل التي تستعملها تؤثر على النبات الذي تقوم بريه بالمياه الرمادية.