«أكواخ البحر».. منتجع من طين الأنفاق!
غزة - حسن دوحان - مضمون جديد
على شاطئ البحر في رفح، يطل منتجع «أكواخ البحر» ببساطته ولونه الرمادي واشكاله الهندسية التي تجمع الاحترافية في التصميم والتنفيذ بالأصالة عبر استخدام «الطين الأحمر» الذي كان إحدى مواد العمران والتشييد في زمن الأجداد.
ولجاذبية المكان، وإطلالته الوردية على مياه البحر المزرقة ورمال شاطئه الذهبية، أصبح مزاراً للمواطنين وزوار قطاع غزة بغرض الاستمتاع بجمال المكان وهدوئه، والتمتع بالاستجمام على شاطئ البحر.
ولجأ صاحب منتجع «أكواخ البحر» لاستعمال الطين المستخرج أثناء حفر الأنفاق الحدودية لبناء منتجعه، لتميز الطين باللزوجة ولونه الصافي، وتجنبا لاستخدام الاسمنت بكثرة.
وتمتد الأنفاق على طول الحدود الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، وهي تستخدم لجلب السلع التي تحظر إسرائيل إدخالها لقطاع غزة كمواد البناء والسيارات وغير ذلك.
تسعة شاليهات
وما إن تطأ أرض منتجع «أكواخ البحر» حتى تشعر بالارتياح، وتنقلك تصاميمه وخضرة أرضه، وعرائشه المكسوة بريش النخيل «الجريد»، وشاليهاته ومبانيه من «الطين الأحمر» إلى عالم الأجداد حيث السكون والحياة البعيدة عن التوترات ومشاكل العصر، لتعيش روعة الماضي وجماليات الحداثة أو الحاضر، وتستعيد بذاكرتك حكايات الأجداد عن الأرض والأكواخ وبيوت الطين مميزاتها لتتساءل عن كيفية تدارك صاحب منتجع «أكواخ البحر» عن مشكلات بيوت الطين، لتجد الإجابة أمامك فهو بناء طيني بأساليب العصر وليس بالأسلوب البدائي القديم وان أخذ شكله.
ويضم منتجع «أكواخ البحر» الواقع على مساحة نحو ثلاثة دونمات، مطعما واستراحة مصممة على شكل سمكة كبيرة، وتسعة شاليهات من طابقين يخصص الجزء الأرضي منها كصالون والجزء العلوي كغرفة نوم.
كما يوجد في منتجع «أكواخ البحر» كافتيريا كبيرة تطل على شاطئ البحر مباشرة، مخصصة لاستقبال النزلاء والزوار وتقدم فيها مأكولات السمك الطازج وغيرها من الوجبات، بالإضافة إلى جلسة بدوية.
نفق سياحي
ولشهرة محافظة رفح بالأنفاق التي تمتد على طول الشريط الحدودي على الحدود المصرية الفلسطينية، ولارتفاع المنتجع عن شاطئ البحر، استوحى صاحب منتجع «أكواخ البحر» الفكرة، فقام بعمل نفق تحت الأرض بطول 20 متراً يربط بين الشاليهات وشاطئ البحر، حتى يستخدمه النزلاء والزوار في الوصول للشاطئ.
ويتميز منتجع «أكواخ البحر» بعمل العديد من المجسمات بالطين الأحمر، كعمل بكارج وصبابات «إبريق القهوة» كبيرة الحجم تضفي رونقاً خاصاً على المكان، بالإضافة إلى عمل مجسمات لدولفين وجمل واسماك البرش والبط، وزير كبير، ونثر العشرات من الفخاريات في المكان.
ويقول صاحب منتجع «أكواخ البحر» موسى زعرب «55 عاماً»: «استوحيت فكرة المشروع عندما كنت صغيرا أساعد والدي في ترميم منزلهم الطيني، كما كنت أساعد جدتي في صنع بعض أشكال أواني الفخار من الطين».
ويضيف زعرب: «تعلمت من جدتي أعمال الطين وباتت لي هواية وعملت فيها منذ نحو 30 عاماً، وكنت أتفنن في نحت الأشكال المختلفة باستخدامها».
ويشير زعرب إلى انه وجد في طين الأنفاق مبتغاه لأنه أكثر جودة ويتمتع بلزوجة عالية، ما يساعده في إعطاء أفضل النتائج، ويقول: «من هنا بدأت فكرة إقامة منتجع من الطين تداعب مخيلتي، وفعلا بدأت العمل بنفسي، فكنت المهندس وعامل البناء والمستثمر في ذات الوقت».
وقديماً كانت إقامة بيوت من الطين تحتاج إلى بعض المستلزمات كالتبن وبعض الأخشاب، ولكن زعرب أضاف إليها الإسمنت والحديد لتكون أكثر قوة ولا تستلزم صيانة سنوية أو كل ستة أشهر كما كان في القدم.
وعلى عكس كل منتجعات العالم، وللتغلب على ازمة انقطاع التيار الكهربائي المتكررة، لا توجد في شاليهات منتجع «أكواخ البحر» أجهزة التكييف لان شاليهاته تم بناؤها من الطين الذي يعكس برودة في الصيف وحرارة في الصيف.
ويقول زعرب: «بيوت الطين تتميز بأنها باردة في الصيف ودافئة في الشتاء، وشاليهات المنتجع عندنا أو الاستراحة تم إنشاؤها من الطين مع كمية قليلة من الإسمنت، والنزلاء كانوا دائماً خلال الصيف يضطرون لاستخدام الأغطية من الحرامات وغيرها نظراً لبرودة المكان، فنحن في شاليهاتنا لسنا بحاجة للتكييف أو أي أجهزة كهربائية مثل المراوح وغيرها خاصة أننا نطل على البحر مباشرة وهواء البحر كفيل بجعلك تشعر بجمال الجو».
ويضيف: «كما أن انقطاع التيار الكهربائي لا يؤثر على المصطافين نظراً للبرودة التي يعكسها الطين، ونحن لدينا مولد كهربائي نستخدمه لأغراض الإنارة والاستخدامات الأخرى، وزوارنا لا يحتاجون للمراوح ولا يضطرون لتشغيلها».
إقبال متزايد
ويشهد منتجع «أكواخ البحر» إقبالاً متزايداً من الزوار الذين يأتون لاستطلاع المكان، ثم يعودون مع أسرهم لقضاء أوقاتهم السعيدة أو الاحتفال بمناسباتهم الاجتماعية، ويقول زعرب: «لقد انتهيت من كافة تجهيزات المنتجع خلال شهر رمضان المبارك، ومع ذلك فان المكان يشهد إقبالاً من الجمهور، أتمنى أن يزداد مع الوقت»، مشيراً إلى أن كثير من الزوار يأتون من الخارج أو من مدينة غزة.
وتصادف وجودي في المنتجع مع قدوم عدة وفود محلية وعربية لزيارة المنتجع والتمتع باجوائه، ويقول المواطن محمد حسن: «سمعت عن المكان من احد الأصدقاء، فأحببت أن أزوره، ووجدته مكاناً يشع بالحيوية، وينقلك إلى غير المألوف وهذه الأماكن قليلة في قطاع غزة، ونحن بحاجة لها للخروج من أزمات الحياة المتتالية».
وعبر المواطن نضال غالي عن إعجابه بالمكان وتصميمه بطريقة جديدة مغايرة للمألوف، ومن مادة الطين التي انقرض استخدامها إلا في الأراضي الزراعية فقط.
ويعد منتجع «أكواخ البحر» الأول في مدينة رفح الذي يتم تشييده لاستقبال النزلاء، فهي مدينة تعاني من انعدام الخدمات الفندقية لأهلها وزوارها.
وتأتي فكرة بيوت الطين الباردة صيفاً والدافئة شتاءً لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء المتكررة في قطاع غزة التي أقيمت بيوتها من الإسمنت الذي يمتص الحرارة ويخزنها وينفثها في منازل المواطنين فيهربون إلى أسطح المنازل، فهل تكون بيوت الطين هي الحل؟؟!!!
إستمع الآن