هل ينجح مجلس النواب الجديد بمواجهة أعباء كبيرة تنتظره؟
من بين 130 مقعدا برلمانيا، تضم تركيبة مجلس النواب الأردني الجديد 17 نائبا يمثلون أحزابا وتيارات سياسية، ما يفتح التساؤل حول قدرة المجلس على مناقشة قضايا كبيرة أبرزها داخليا الاقتصاد وتأثيرات جائحة كورونا، وخارجيا دخول دول عربية جديدة على خط التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ومجلس النواب الأردني الجديد انتخب بعد اقتراع نحو 30 بالمئة ممن يحق لهم التصويت في الأردن، في انتخابات جرت في 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 .
المعارضون لتركيبة المجلس الحالي، يتهمون السلطات الأردنية بالعمل على "إنتاج مجلس نواب طيّع، وخصوصا في ظل استحقاقات متعلقة بالهرولة نحو التطبيع"، كما يقول الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في الحزب، مراد العضايلة لـ"عربي21".
وتشير دراسة تحليلية لمركز "راصد" لمراقبة البرلمان، أن 17 برلمانية وبرلمانيا من الأحزاب والتيارات السياسية وصلوا إلى مجلس النواب التاسع عشر، منهم 13 حزبيا مسجلين في قوائم الأحزاب، و 5 منهم ضمن التيارات السياسية المتحالفة مع الأحزاب.
وبينت النتائج أن أربعة أحزاب فقط وصلت إلى البرلمان التاسع عشر وهي: حزب جبهة العمل الإسلامي وحزب الوسط الإسلامي بواقع 5 مقاعد لكل منهما، وحزب الجبهة الأردنية الموحدة وحزب الوفاء الأردني بمقعد واحد لكل منهما.
وحصلت قوائم الأحزاب الفائزة على أصوات وصل عددها إلى 145,386 من أصل 1,387,711 مقترعا ومقترعة في الانتخابات.
وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى الدكتور عامر بني عامر، مدير عام مركز الحياة "راصد" أنه لا ارتباط بين تأثير البرلمان في القضايا السياسية والإصلاحية وأن يكون أعضاؤه تابعين لأحزاب.
وقال: "سبق لنا أن رأينا أعضاء حزبيين في البرلمان بعدد كبير ولم يكن لهم دور فعال ومختلف"، مضيفا "الإصلاح في الأردن مرتبط بالإرادة السياسية الجمعية، هذه الإرادة تأتي بتوافق جميع مؤسسات الدولة، البرلمان وحده لم يكن ولن يكون قادرا على إحداث هذا التطور وحده، إذا لم تكن الإرادة السياسية متوفرة".
وحمّل الأحزاب السياسية جزءا من المسؤولية عن "تراجع وجودها في الحياة السياسية والعامة"؛ نظرا لأنها "لا تتجدد في قياداتها وبرامجها"، وقال: "رأينا أعضاء برلمان غير حزبيين من خلفيات أكاديمية، وأبدعوا في أدائهم تحت القبة في قضايا سياسية".
وفشلت أحزاب أردنية وتيارات سياسية بحجز مقاعد لها في البرلمان، وسط حديث عن سطوة الصوت العشائري، وتتهم أحزاب أردنية السلطات بالتراخي في ضبط ظاهرة شراء الأصوات، والإصرار على إجراء الانتخابات في ظل جائحة كورونا، وتخويف الناخبين خاصة من الطبقة الوسطى من المشاركة في الانتخابات.
ومن الملاحظ، تراجع حصة النواب الإسلاميين في المجلس الجديد إلى 10 مقاعد، بعدما كان نصيبهم في المجلس السابق 14 مقعدا.
"نواب متفائلون"
في المقابل، فإن أطرافا سياسية تنظر بـ"تفاؤل" نحو تركيبة مجلس النواب الأردني الحالي.
فمن جهته، يؤكد النائب عن كتلة الإصلاح موسى هنطش، أن "تركيبة المجلس الحالي أفضل من المجلس السابق".
ويقول لـ"عربي21": "أرى أن تركيبة المجلس حاليا أكثر توازنا من تركيبة المجلس السابق، هنالك مجموعة من الشباب الذي يرغبون فعلا في العمل، شهدنا في المجلس السابق نسبة غياب كبيرة للنواب عن الجلسات، واللامبالاة كانت عالية جدا، مما دفع الحكومة للاستحواذ على المجلس، بسبب غياب الرؤية في كل المجالات في ظل عوامل ضغط من الداخل والخارج، وعداء صهيوني أمريكي ومن بعض الأنظمة العربية".
وحسب هنطش، فإن أمام المجلس الجديد ملفات مهمة أبرزها "ملف مكافحة الفساد، والتصدي لجائحة كورونا، وتوفير مستقبل راق للشباب، وتوفير فرص للعاطلين عن العمل، وربط التعليم بمتطلبات الحياة"، مضيفا: "تواصلت كثيرا مع النواب الجدد ولديهم نية للعمل والتصدي لمشاريع التطبيع".
"ملفات حساسة"
ويأتي المجلس الجديد في ظل ظروف اقتصادية صعبة، خلفتها جائحة كورونا وتفعيل الحكومة لقانون الدفاع، وسيناقش المجلس استحقاقات دستورية منها خطاب الثقة بحكومة بشر الخصاونة وموازنة الدولة لعام 2021.
وبحسب التقرير نصف السنوي للموازنة الصادر عن وزارة المالية، أظهرت البيانات ارتفاع عجز الموازنة في النصف الأول من العام الحالي إلى 1.12 مليار دينار، مقابل عجز 567.9 مليون دينار خلال الفترة نفسها من عام 2019.
ويقع على عاتق المجلس التعامل مع قضايا خارجية شائكة وعلى رأسها الملف الفلسطيني، ورؤية الإدارة الأمريكية الجديدة للسلام المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن"، وما نتج من مشاريع تطبيع عربية خلفتها الإدارة السابقة والحديث عن مشاريع كبرى، كسكك حديد تربط الاحتلال بالخليج مرورا بالأردن.
"غياب البرامج"
من جانبه، يعتبر الخبير في الشؤون الحزبية والبرلمانية، جهاد المنسي، أن "المكتوب واضح من عنوانه فيما يتعلق بالمجلس الجديد".
ويوضح لـ"عربي21" بالقول: "هنالك 98 نائبا يصلون إلى البرلمان لأول مرة ولا أحد يعرفهم، وأغلب من وصل إلى البرلمان هو نتيجة إفرازات عشائرية أو مالية مع غياب للبرامج السياسي، ورغم أن المرحلة المقبلة تتطلب شكل مجلس نواب مختلف، لكن واضح أننا كررنا الشكل نفسه للمجالس السابقة، إن لم يكن أسوأ".
ويستدل المنسي على كلامه بالقول: "لم يخرج أي بيان سياسي من النواب حول قضايا مهمة مجتمعية أو اقليمية، في وقت نرى فوضى السلاح بعد نتائج الانتخابات وبمشاركة نواب"، مضيفا: "هذا مجلس عشائري، وجاء عبر شراء الأصوات في العلن".
ويضيف: "الإصرار على إجراء الانتخابات في هذا الظرف الصحي، أفرز لنا مجلسا مشوها أو مجلس كورونا، لم نطلع على موقف النواب ولم نستطع مقابلتهم لمعرفة موقفهم من صفقة القرن أو التطبيع. سيذهبون إلى البرلمان وتسيطر عليهم الحكومة، أنا غير متفائل بهذا المجلس في ظل تمثيله 29.8 من الناخبين الذين لهم الحق بالتصويت".
وحسب ما علمت به "عربي21"، أن الديوان الملكي سيصدر قريبا بدعوة مجلس النواب للانعقاد في دورة عادية أولى بعد ظهر يوم الأحد الموافق 29 تشرين ثاني/نوفمبر الجاري، ويفتتح الملك أعمال المجلس بخطبة العرش، بحسب المادة 79 من الدستور الأردني