تجميد عضوية النائب لرأيه اعتداء على الناخبين

لا يحق لأي كان تجميد عضوية أي نائب بسبب رأي أو موقف، وليس مجلس النواب مقدسا ليكون محصنا من النقد والتقييم، وما قاله النائب العجارمه تحت القبة الإثنين الماضي خلف الميكروفون لا يستدعي كل هذه الضجة النيابية، حتى يصل الأمر الى التداعي السريع والعاجل لإحالة أوراقه الى"فضيلة المفتي "وايقاع عقوبة تجميد عضويته، وتعطيل عمله.

تجميد عضوية النائب تعني وبالضرورة حرمان ناخبيه ودائرته الانتخابية من حق تمثيلهم في مجلس النواب، وبالتالي فان تلك العقوبة لا تستهدف النائب نفسه وإنما تطال جمهور الناخبين في دائرته الانتخابية، ولتمتد هذه العقوبة لتصل الى جميع الأردنيين باعتبار أن النائب هو"نائب أمة، وممثلا للشعب وليس لفئة او دائرة انتخابية بعينها.." وهذا ما يردده النواب أنفسهم ويتغنون به صباح مساء..



إذا صوتت الاغلبية النيابية في الجلسة الطارئة "جلسة أسامه العجارمه " اليوم لتجميد عضويته فإن المجلس سيطلق على نفسه رصاصة الرحمة، وسيكون قد أقر عرفا برلمانيا جديدا يستهدف تحصين المجلس من النقد الداخلي، مما سينسحب على أي نقد يتراقص على حواف المجلس من خارجه..

النائب العجارمه لم يقترف ما يوجب هذا العقاب الجارح الذي سيطال مجلس النواب نفسه كما سيطال الأردنيين، ربما اخطأ في التعبير والتوصيف، إلا أن هذا الخطأ لا يوجب كل هذه الغضبة البرلمانية "المضرية " التي ستفتح أبواب النقد على مصاريعها، وسيجعل من مؤسسة البرلمان نفسها موضوعا للسخرية الجارحة، وسيقع المجلس وسكانه في أزمة جائحة مع المواطنين..

 

وصوت 91 نائباً بالموافقة على تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة من أصل 103 نواب حضروا الجلسة.وكان مجلس النواب قد عقد جلسة مغلقة الخميس، قرر خلالها تجميد عضوية النائب أسامة العجارمة لمدة عام وقطع مخصصاته.



في الدورة الاستثنائية لمجلس النواب السابع عشر وتحديدا في شهر ايلول سنة 2013 شهد المجلس حالة فصل النائب طلال الشريف وتجميد عضوية النائب قصي الدميسي لمدة سنة، كانت تلك الحادثة مختلفة تماما، ولاقت استحسان ودعم الشارع، ولم يلبث النائب الدميسي أن استعاد عضويته بعد تراجع المجلس عن قراره في الدورة العادية التالية سنة 2014 وقبل ان ينهي النائب الدميسي مدة عقوبته..



الفرق شاسع بين الحادثتين لأن الأسباب مختلفة تماما، ففي حادثة الشريف ــ الدميسي كان السلاح الاوتوماتيكي أداة الحوار بينهما ــ من طرف الشريف ــ أما حادثة النائب العجارمه فان اللسان والرأي والموقف هو فقط أداة الحوار بينه وبين نواب أرادوا أصلا مصادرة حقه بالتعبير والرأي، وحاولوا مقاطعته اكثر من مرة، مما دفعه لقول ما قاله خلف الميكروفون، مما يعني عدم تسجيل ما قاله في محضر الجلسة.



وإذا كان لا بد من المعاقبة فعلى اللجنة القانونية التي تقوم بدور الخصم والحكم أن تنظر أولا للأسباب التي دفعت بالنائب العجارمه ليقول ما قاله بعد ان حاول العديد من النواب قطع كلامه وحقه بالحديث..

القضية اليوم ستشعل الشارع الأردني، مما ستزيد من غضب الناس على المجلس، وسيجد النواب أنفسهم في مواجهة عواصف من الاحتجاج والغضب والنقد الجارح وقتل ما تبقى من خيوط الثقة الواهية بينهما، وهو ما لا يحتاجه المجلس والناس على السواء.

أضف تعليقك