الدغمي والمجالي يقودان الاستقطابات والنواب الجدد يحسمون النتائج

كتل برلمانية تتشكل وتفاهمات مبكرة على مقاعد المكتب الدائم وطامحون على دكة الانتظار.

لا تبدو مهمة الراغبين برئاسة مجلس النواب التاسع عشر في دورته العادية الاولى بالمهمة الشاقة، هناك على كتف العبدلي ثمة رغبات من خارجها تسمي بالسر الرئيس المقبل، وتدفع برجالات القبة البرونزية للتصويت لصالح من يرغب القصر بوجوده في كرسي الرئاسة، هكذا يقول البعض تاركين للوقائع وللتفاصيل كشف مدى مصداقية ظنونهم وادعاءاتهم.

لا تحديات عاصفة، ولا معارك قاسية، وثمة رغبة عند البعض تكرار تجربة الدورة العادية الاولى للمجلس السادس عشر، حين قرر فيصل الفايز ان يشغل رئاسة المجلس في دورته الاولى بالتزكية وليس بالانتخاب، وحصل على ما أراد، وقيل في حينه ان ما جرى هو انتصار بديع للمجلس حقق من خلاله التجانس النيابي، والشراكة الفاتنة، والتوافق الأخوي العظيم،وبعد سنة كان عبد الكريم الدغمي يخلفه في رئاسة المجلس بانتخابات صاخبة حملت الدغمي لسدة الرئاسة رغما عن هوى البعض، ورغبات الكثيرين.

يعقد مجلس النواب التاسع عشر الجديد جلسته الاولى قبل نهاية شهر تشرين ثاني الجاري وعلى المجلس انتخاب رئيسه عقب الاستماع لخطبة العرش وتادية الاعيان القسم الدستوري وتسمية رئيسه، ودخول النواب الى القبة لتأدية القسم ثم اختيار لجنة انتخاب للاشراف على انتخاب الرئيس واعضاء المكتب الدائم ثم اللجان لاحقا.

104 نواب جدد سيدخلون قبة مجلس الامة لأول مرة في حياتهم، هناك تتشكل الصورة الاولى في البوم مجلس يمثل 29.9 % ممن شاركوا بالاقتراع، وستكون لديهم رؤاهم وتصوراتهم، فقد كانوا في الايام الفاصلة بين يوم الاقتراع ويوم الافتتاح يتلقون العديد من الاتصالات ويشاركون في العديد من الاجتماعات إما لترتيب تشكيل كتل برلمانية مبكرا، وإما لدعم مرشح لرئاسة المجلس يطمح بالوصول اليه بالتزكية وليس عن طريق صناديق الاقتراع.

وفي البوم الصور الجديد للمجلس التاسع عشر يبرز عميد البرلمانيين الأردنيين المحامي عبد الكريم الدغمي كمرشح محتمل للمنافسة على رئاسة المجلس الذي سبق وشغله لسنة واحدة فقط.

الدغمي الذي يمتلك إرثا برلمانيا ممتدا لنحو 31 سنة متواصلة كان اول المعلنين عن رغبتهم بالترشح لرئاسة المجلس، تلاه النائب أيمن المجالي، ثم النائب خير ابو صعيليك، فيما لا يزال ميدان الاعلان متاحا ومباحا للجميع. 

لا تفاصيل واضحة المعالم حتى الان عن نتائج الاتصالات التي يجريها المرشحون مع النواب، ولا معلومات كافية عن اي الجبهات الانتخابية الاكثر تفوقا وتفاؤلا بالوصول الى سدة الرئاسة والتي يتحكم المجلس لسنتين متتاليتين.

المحامي الدغمي الذي يرتكز الى إرث برلماني عريض لديه سلة مؤيدين مؤثرين من شأنهم تمهيد الطريق أمامه ليلقي خطاب النصر من الجولة الانتخابية الاولى ــ إذا انحصر التنافس بينه وبين منافس آخر فقط ــ، لكن هذا السيناريو لا يبدو سيكون من السهل تأمين نجاحه في حال انقسم المجلس الجديد على نفسه وتحول الاستقطاب الانتخابي الداخلي فيه الى استقطاب مناطقي وعشائري، ونواب قدامى ونواب جدد، فيما أبقى السياسي خارج القبة عينيه تحدقان في المآلات التي لا يرغب بالوصول اليها.

النائب ايمن المجالي صاحب تجربة برلمانية يتيمة، وصاحب التجارب السياسية والادارية الأخرى سيرتكز في سباقه التنافسي مع الدغمي ــ تحديدا ــ الى دعم استثنائي ربما خارج نطاق البرلمان وعليه تامينه قبل افتتاح الدورة العادية الاولى قبل نهاية الشهر الجاري، وبغير ذلك لا اظنه سيواصل طريقه إلى صندوق الاقتراع الداخلي.

أما النائب خير ابو صعيليك فلديه فرصة للمنافسة في حال نجح بالتأثير المبكر على الأكثرية النيابية الشبابية التي وصلت للمجلس مزهوة بتفوقها العددي والتي قد ترى فيه ممثلا لها.

مثل هذه السيناريوهات تبدو افتراضية تماما، وفي حال ظل المجلس بعيدا عن أية تأثيرات خارجية فإن خياراته ستكون أكثر انفتاحا على المرشحين الذين قد يرتفع عددهم الى اثر من ثلاثة، وفي حال أبدا السياسي خارج القبة رغبته بوصول رئيس مريح يقف على رأس السلطة التشريعية فلن يجد له أفضل من اعتماد مسطرة التقاسم الجغرافي برئيس وزراء من الشمال، ورئيس اعيان من الوسط، ورئيس نواب من الجنوب، وبذلك ستبدو حظوظ النائب ايمن المجالي الأكثر قربا من سدة رئاسة مجلس النواب.

عميد البرلمانيين الاردنيين عبد الكريم الدغمي سيبقى صاحب الخبرة والدراية في إدارة البرلمان، لكنه سيجد طريقه غير سالكة إذا تم تجريد البرلمان مبكرا من استقلاليته، مما سيجد نفسه خارج معادلات حسبة البسط والمقام، وعليه أن يدفع دوما ثمن مواقفه وآرائه التي ربما كان آخرها وصف مجلس النواب بالديكور، وموقفه القومي الذي لا يحسن إخفاؤه او التنكر له.

هناك في الطريق الى سدة رئاسة البرلمان طامحون آخرون قادمون من مجالس سابقة ممتدة، قد يدفعون بأنفسهم للمنافسة على كرسي الرئاسة إلا إذا نجحوا تماما بالوصول الى اتفاقيات مبكرة تحسم لهم مقعدي النائبين الاول والثاني للرئيس فيما سيتركون مقعدي المساعدين الاول والثاني للنواب الجدد قد تشغله احدهما سيدة.

ثمة حراك متعجل يجري هذا الاوان في مختلف الدوائر الانتخابية بين الطامحين بالوصول الى كرسي الرئاسة وبين النواب بمن فيهم النواب القدامى الذين انخرطوا سابقا في العديد من هذه التجارب السابقة، وهناك اجتماعات مغلقة بعيدة عن الاعلام لضمان حشد المؤيدين لتأمين الطريق الى سدة الرئاسة التي سيكون الدغمي والمجالي طرفيها الرئيسيين لكن بعيدا عن مفاجأة اللحظة الأخيرة...

 

أضف تعليقك