أحزاب أردنية تدعو لإصلاح حقيقي بعد حوار حول قانون الانتخابات
فرغت السلطات الأردنية من الحوار مع الأحزاب الأردنية حول شكل قانون الانتخاب القادم، حسب ما قالت وزارة التنمية السياسية .
الحوارات شككت أحزاب معارضة بجديتها، واصفة إياها بـ"المماطلة بالإصلاح السياسي، وإضاعة الوقت".
وجاءت الحوارات الحكومة الحزبية حول شكل قانوني الأحزاب والانتخاب على خلفية دعوة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في كانون الثاني/ يناير الماضي، خلال مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية، إلى ضرورة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كالانتخاب، والأحزاب، والإدارة المحلية.
أمين عام وزارة التنمية السياسية، د.علي الخوالدة، يقول لـ"عربي21"، إن "الوزارة فرغت من الاستماع لآراء الأحزاب حول تطوير الحياة السياسية بشكل عام كالحديث عن قانون الأحزاب وأراء عامه حول قانون الانتخابات، وستتجه لرصد آراء قطاعات أخرى مثل مؤسسات المجتمع المدني".
وأضاف: "سيكون هناك لقاءات مع كافة مؤسسات المجتمع المدني من أعلام وقطاع شبابي وغيرها من القطاعات، وكان الهدف من اللقاء الأولي مع الأحزاب معرفة التحديات التي تواجه العمل الحزبي، وكيفية تطوير الحياة الحزبية، وطلبنا من الأحزاب أن يزودونا خطيا بمقترحاتهم حول تطوير قانوني الأحزاب والانتخاب، للوصول لشيء توافقي".
وحول تشكيك الأحزاب بجدية اللقاءات الحكومية، بيّن الخوالدة بقوله: "قانون الانتخاب جدلي، إذا أردنا الوصول لقانون توافقي يجب مشاورة كل فئات المجتمع، هناك وجهات نظر مختلفة حول شكل القانون".
أحزاب غير متفائلة
وتعتبر الأحزاب الأردنية قانون الانتخاب مفتاح الإصلاح السياسي وكسر لـ"حالة الجمود السياسي". وعقب انتخابات ماضية شابتها التجاوزات، واتسمت بمشاركة هي الأضعف في تاريخ المملكة (بنسبة 29%) مقارنة بالانتخابات التي سبقتها والتي بلغت 36%، أفرزت الانتخابات الجديدة "نواب بزنس" وصلوا عبر المال الأسود، بحسب مراقبين.
عضو حزب الوحدة الشعبية (يساري)، عبد المجيد دنديس، يعتبر تلك الحوارات "تكرارا لتجارب سابقة، وستأخذ طابع المشاغلة، وتقطيع الوقت، وإبقاء كل القيود، وربما تشديدها على العمل الحزبي، رغم التوجيه الملكي للحكومة وللبرلمان بتعديل القوانين الناظمة للحياة السياسية".
مستذكرا في حديث لـ"عربي21": "جولة حوار جرت عام 2007، حيث تم تشكيل لجنة حكومية حزبية برئاسة أمين عام وزارة التنمية السياسية في حينها بشير الرواشدة لتعديل قانون الأحزاب.
وأضاف: "كنت أحد أعضائها، وكان الوزير الحالي موسى المعايطة عضوا فيها، استمر الحوار ثلاثة أشهر، بواقع جلستين كل أسبوع، وقد أنجزت اللجنة مشروع قانون أحزاب بمضمون إيجابي لا يتضمن قيود على الأحزاب أو مسائلة الحزبي عن انتمائه السياسي، لتشجيع المواطنين على الانتساب للأحزاب، وأرسل المشروع للحكومة، وجرى بعد ذلك حوار مع اللجنة القانونية في مجلس النواب، وكان يرأسها النائب الحالي عبد الكريم الدغمي، وأكد وقوف اللجنة مع مقترحات الأحزاب التي تضمنها المشروع، وعند الذهاب إلى الجلسة المخصصة لإقرار قانون الأحزاب، تم نسف كل ما ورد في المشروع الذي اشتغلت عليه اللجنة الحكومية الحزبية، وتم رميه في سلة القمامة، وإقرار قانون أحزاب عرفي رقم (19) لعام 2007، وإقرار النظام المالي لدعم الأحزاب، ليبقى بيد الحكومة، وليس بقانون يتم تشريعه في مجلس النواب".
يتابع: "الحديث الآن عن الحوار هو معادلة واضحة، قوى الشد العكسي لن تسمح بأي تعديلات جوهرية في الحياة العامة دفاعا عن مصالحها، إلا من خلال بلورة رأي عام شعبي ضاغط لتغيير المعادلة، وإحداث التغيير المنشود.".
أما أمين عام الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني جميل النمري، فدعا الحكومة لوضع مسودة لقانون الانتخاب، وفتح حوار عليها مع الأحزاب، قائلا لـ"عربي21": "الحكومة هي التي ستقدم للمجتمع برنامجها الذي يترجم إلى تشريعات، سندخل في حوار طرشان لا جدوى منه، وستظهر عشرات وجهات النظر، وكلها ممكنة ما دام الهدف الأخير غير محدد بوضوح".
كما انتقد الإسلاميون اللقاءات الحكومية، ووصف أمين السر العام في حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف اللقاء، في بيان صحفي، بـ"الشكلي".
وتابع: "للأسف، لا يوجد أفق سياسي، وهناك انعدام للثقة بالرسمي، وانفضاض عن العمل الحزبي؛ بسبب الممارسات الرسمية، لدينا أعضاء يستقيلون من الحزب بشكل دوري نتيجة الطلب الأمني، والتهديد بالفصل من العمل، ولدينا عبث واضح ومرصود من قبل المؤسسات الرسمية في الانتخابات، وللأحزاب أموال مستحقة على الوزارة منذ سنوات طويلة، ولدينا تشويه ممنهج للعمل الحزبي، ولدينا أعضاء حزب ممنوعين من السفر والعمل، وجوازات سفرهم محتجزة، وكذلك أجهزتهم الإلكترونية الشخصية، في مخالفة واضحة للدستور".
ما شكل قانون الانتخاب الأفضل؟
الأحزاب الأردنية ترى أن القائمة المغلقة على مستوى الوطن والمحافظة في الوسيلة الديمقراطية لإفراز نواب من خلفيات سياسية، ويرى أمين عام الحزب الوطني الدستوري، د.أحمد الشناق، في حديث لـ"عربي21"، أنه "منذ عام 2002 عند إطلاق لجنة الأردن أولا التي كنت عضوا فيها، ثم الأجندة الوطنية، ولجنة الحوار الوطني التي كنت عضوا فيها أيضا، مدركون أن قانون الانتخاب هو جوهر العملية السياسية، اليوم لا حياة سياسية في الأردن، وفقدان ثقة في أغلب المؤسسات".
المطلوب حسب الشناق "وضع أرضية لمشروع قانون ثم الحوار عليها"، متسائلا: "ما يجري هل هو استهلاك للوقت؟ البرلمان يريد الحوار حول قانون الانتخاب أيضا، هل يملك مسودة قانون للحوار حولها؟ 70% من الناس لم تشارك في الانتخابات، وهذا إسقاط للبند الأول في الدستور، الذي ينص أن نظام الحكم برلماني وراثي ملكي".
يؤكد الشناق أن مطالب الأحزاب تتمثل بـ" قوائم مغلقة على مستوى المحافظة والوطن، للتخلص من نواب الحشوات في القوائم التي تفرز نوابا بشكل فردي".
الإصلاح بات ضرورة
وجددت الأزمة السياسية التي مرت بها المملكة مؤخرا على خلفية ما عرفت بـ"قضية الأمير حمزة" المطالب الحزبية والشعبية بضرورة إصلاح النهج في الدولة.
ويرى المحلل السياسي، د.منذر الحوارات، أن الحل للمأزق هو "الذهاب نحو إشراك المجتمع المدني في صنع القرار، ما يتطلب تنازلات كبيرة في هيكل صنع القرار السياسي الذي يصنع بتراتبيه من خلال مؤسسة العرس والأجهزة الأمنية وهيئات غير منتخبة".
ويتابع: "الآن جاء الوقت الذي يسمح فيه للمجتمع بالمشاركة من خلال مؤسسات حقيقية مفرزة جماهيريا وانتخابات حرة ونزيهة".
يقول لـ"عربي21": "يجب أن يكون هنالك قانون انتخاب يمثل كل العناصر مثل البعد الجغرافي، هنالك دول اتبعت منهجيات أدت إلى أن يكون التمثيل جيو ديمغرافي مثل كندا وأستراليا، الكتل السكانية الكبيرة موجودة في عمان، وهذا تخوف تحدثت به جهات عديدة، بأن تكون للعاصمة كل الامتيازات".
الحوارات يقول إن "التخوف الثاني يكمن في تدخل الأطراف الدولية والقوى الإقليمية بالأردن".
ويتابع: "هذا يمكن التغلب عليها بمعاقبة من يتلقى الدعم من الخارج، يجب أن يكون هيئة وطنية تناقش القضايا المهمة، ويعترف بنتائجها، وملزمة".
ويضيف أن "الأزمة الأخيرة استطاعت أن تحفر عميقا في المجتمع الأردني، وتظهر جميع التناقضات تحت سطح يبدو هادئا، لذلك يجب عدم المرور سريعا عند ما حدث، واستخلاص عبرة أن الحياة الديمقراطية هي الضامن الأساسي لأي دولي ضد الاضطرابات الداخلية والتدخل الخارجي".
وطلبت وزارة التنمية السياسية من الأحزاب إرسال مقترحاتها حول تطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية؛ قانوني الانتخاب والأحزاب، وأكدت الوزارة أن لا مسودة جاهزة حتى الآن لقانون الانتخاب، في وقت أعلن فيه مجلس النواب أيضا أنه سيقود حوارات هو الآخر حول شكل قانون الانتخاب.. بينما ينتظر الأردنيون مخرجات حقيقية على أرض الواقع.