منذ إعلان الحكومة عن العودة التدريجية لمختلف القطاعات الاقتصادية إلى العمل، طالب العاملون في قطاع الرعاية وحضانات الأطفال، والأمهات العاملات بضرورة إعادة فتحها، للحد من حجم الخسائر التي تكبدها هذا القطاع من جهة، ومساندة الأمهات اللواتي لا يستطعن ترك أبنائهن في أوقات عملهن من جهة أخرى، مما دفعهن للجوء إلى أخذ إجازات أو اعتماد نظام العمل المرن
تشير أرقام وزارة التنمية الاجتماعية إلى أن عدد الحضانات في المملكة يبلغ 1424 حضانة يلتحق بها نحو 50 ألف طفل، وتقسم الحضانات على 632 حضانة مدرسية وكلية وجامعية و16 حكومية، و 73 تابعة للقطاع الخاص و20 مؤسسة في القطاع الطبي و683 حضانة تجارية تابعة للقطاع الخاص.
في اخر تصريحات الناطق باسم اللجنة الوطنية للأوبئة الدكتور نذير عبيدات، قال انه "لم تصدر توصية حتى الآن بفتح حضانات الأطفال في الأردن"، بعد إغلاقها بسبب انتشار فيروس كورونا.
الا ان هذه التصريحات لم تلقى ترحيبا من قبل اصحاب الحضانات والعاملين فيها لما تسببته أزمة كورونا للعديد من الخسائر لهذا القطاع وتدهور الأوضاع المعيشية لدى العاملين فيها.
مديرة احدى الحضانات السيدة تسنيم دودين تؤكد لـ "برنامج عمال البلد"، ان هذا القطاع عبارة عن مشاريع صغيرة أنشأتها النساء ذوات الدخول المتدنية، وتقدم خدمة للأمهات العاملات، مشيرة الى انه من اكثر القطاعات تضررا بسبب توقفها عن العمل منذ بداية هذه الأزمة.
ومن ابرز الاسباب التي ادت الى تدهور هذا القطاع بحسب دودين ضعف النظام المالي لهذه الحضانات نظرا لاتباع نظام المياومة، ما يجعل الدخل غير ثابت ومستقر.
كما أنه خلال فصل الشتاء تمر الحضانات بفترة ركود نظرا لانخفاض عدد الأطفال الملتحقين، في المقابل لديها كلف تشغيلية مرتفعة، وتوقفها عن العمل أدى الى انهيار القطاع، بحسب دودين.
ويطالب أصحاب هذه الحضانات الحكومة بضرورة دعم هذا القطاع، والتدخل من خلال إصدار أمر دفاع يحميهم من الاجارات المترتبة عليهم وتقديم الدعم المالي، لتسديد الالتزامات المترتبة عليهم، اما اللجوء الى صندوق همة وطن الذي يهدف الى دعم القطاعات المتضررة من هذه الجائحة.
بلغ مجموع صندوق همة نحو 93 مليون ونصف المليون دينار حتى منتصف شهر نيسان، ووصل عدد المستفيدين من الصندوق إلى أكثر من 250 ألف عائله، بحسب نائب رئيس الصندوق جمال الصرايره.
إيقاف العمل لقطاع الحضانات لم يؤثر على العاملات فيها وحسب وانما على الامهات العاملات اللواتي اضطررن للجوء الى الحضانات المنزلية أو المربيات في المنازل، أو ترك أطفالهن مع اقربائهن، في حين لم تتمكن امهات اخريات إيجاد بدائل مما اضطررنا للجوء الى العمل المرن اما طلب اجازة دون اجر .
احدى الامهات العاملات صبا ياسين وهي أم لطفلين لجأت الى العمل المرن، وفي حال تواجدها خارج المنزل يقوم زوجها بحضانة أطفالها، إلا أنها تجد صعوبة كبيرة في إنجاز مختلف المهام الأساسية على حد قولها.
وتؤكد ياسين أن فتح الحضانات له دور كبير ليس فقط لخدمة الامهات اثناء اوقات عملهن، وإنما لتنمية عقول الأطفال وتعزيز قدراتهم النفسية والاجتماعية، مشيرة الى ان العديد من الامهات ليس لديهن أي تخوف من عودة ابنائهن الى الحضانات خاصة مع وجود دليل إرشادي يحمي الأطفال والعاملات.
بحسب دراسة صادرة عن منظمة الاسكوا الشهر الماضي توقعت أن تكون نسبة خسارة الوظائف لدى النساء ضعف نسبتها بين الرجال في المنطقة العربية، وقال التقرير إن المنطقة العربية ستفقد 1.7 مليون وظيفة على الأقل في عام 2020 نتيجة جائحة كورونا، وتقدر حسابات الإسكوا وشركائها أن عدد النساء اللواتي سيفقدن هذه الوظائف يقارب 700 ألف.
خلال فترة الحجر الصحي المنزلي و التوقف الإجباري عن العمل في المملكة، أعدت مؤسسة صداقة رصدا يتضمن أوضاع مقدمات الرعاية في الحضانات بأنواعها في القطاعين المنظم وغير المنظم ومن بينها الحضانات الخاصة والمؤسسية والجمعيات والحضانات المنزلية في عدد من محافظات المملكة.
كما أطلقت المؤسسة عاصفة إلكترونية تحمل شعار "لا عمل بدون حضانات وين نترك أطفالنا"، تتضمن دعوات للحكومة بضرورة فتح الحضانات وتوفير بدائل للأمهات العاملة كاعتماد ساعات العمل المرنة والعمل من المنزل.
عضو مؤسس في صداقة رندة نفاع تشير الى ان المؤسسة منذ بداية الأزمة قامت برصد حجم الاضرار المترتبة على القطاع من أبرزها تأثر العاملات في القطاع، وضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة.
وتؤكد نفاع بأنه تم مخاطبة الجهات المعنية للالتفات إلى هذه الإشكالية وحماية حقوق المرأة ومقدمات هذه الخدمة، باعتبار هذا القطاع يعاني ما قبل هذه الجائحة من ازمة مالية وتخلي الجهات المعنية عنه، مطالبة بضرورة إنشاء صندوق دائم لدعمه.
وللعمل على فتح الحضانات خلال الفترة المقبلة خاصة بعد عودة القطاعات الاقتصادية الى العمل، أعدت لجنة مشتركة من المجلس الوطني لشؤون الأسرة بالتعاون مع وزارتي التنمية الاجتماعية والصحة الدليل المشترك يتضمن مجموعة من الإجراءات وتدابير السلامة والوقاية الصحية للحد من انتشار فيروس كورونا في الحضانات.
ويعتبر الأمين العام للمجلس الدكتور محمد مقدادي، ان الحضانات تعد مكانا مناسبا لتنمية المهارات النمائية المختلفة للأطفال، بجانب دعم مقدمات الرعاية والأمهات العاملات، لذلك قام المجلس بدعم إنشاء حضانات في القطاع الخاص، وأخرى في القطاع العام.
وبلغ عدد الحضانات التي أنشأها المجلس خلال الأعوام الثلاثة الماضية 71 حضانة توزعت ما بين القطاع الخاص والعام، بجانب 11 حضانة تابعة للخدمات الطبية الملكية بحسب مقدادي.
ويؤكد مقدادي ان الحل الامثل في الوقت الراهن هو فتح الحضانات وعودة عملها لمساندة المرأة العاملة والحد من التحديات التي تواجه القطاع، مشيرا إلى أن الدليل يعد خطوة باتجاه فتح هذه الحضانات مع ضمان السلامة والحماية للأطفال.
ويشمل الدليل على العديد من الإجراءات الوقائية منها حماية موظفي الرعاية منذ لحظة استقبال الطفل، إضافة الى التعقيم والنظافة، والتباعد الاجتماعي بين الأطفال.