انتهاكات بالجملة بحق مزارعين سوريين وأبنائهم...أجور متدنية وتعليم ضائع
"صاحب المزرعة بهمه إتمام العمل دون معرفة عمر الطفل" هذا ماقاله فواز شحاته المزارع السوري من ريف حماه والذي دخل الأردن عام 2011 محافظة مأدبا دون الدخول لمخيمات السوريين، فواز يعمل في زراعة القمح والشعير والقمح والبنجر منذ وجوده في سوريا، وأكمل العمل في هذه المهنة بعد دخوله للأردن.
يقول فواز نعمل في زراعة الأشتال وقطفها وجنيها وتغليفها، بمتوسط عدد ساعات ما بين 5-8 ساعات يوميا بدينار واحد على الساعة، ويعمل معي أخوتي وأبنائي من هم 14 سنة فما فوق وابنتي ذات 19 عاما والتي تعمل معي منذ 4 سنوات،" أولادي تركوا المدارس لأنه كل فترة ننتقل لمكان" بحسب فواز.
يتعرض مزارعون سورييون في المخيمات العشوائية لجملة من الانتهاكات من تدني الأجور وساعات عمل غير محددة وتشغيل الأطفال وخروجهم من المدارس بالإضافة إلى بيئة عمل غير صحية للفتيات والأطفال وللمزارعين نفسهم.
مروان الفريج أيضا مزارع سوري دخل إلى الأردن في عام 2013 لم يختلف حاله عن فواز فهو أيضا يعمل في الزراعة منذ وجوده في سوريا، ويعمل الآن في الأردن بنظام الساعة في جني المحاصيل الزاعية، بدينار مقابل ساعة العمل وبمعدل مابين4-6 ساعات يوميا بلا أوقات محددة.
ويبين الفريج أن الأجر مختلف وغير ثابت قد نحصل عليه يوميا أو أسبوعيا أو شهريا " أنأكل علينا حقنا من أصحاب العمل وصارت مع كتير أشخاص"، بالإضافة إلى أن العمل يكون برفقة الأطفال والأهل وبعضهم بلا أجور فالأطفال معرضون للاستغلال من قبل أرباب العمل لأنهم يعملون لفترات طويلة بلا أجر وأيضا محرومون من الذهاب للمدرسة بسبب العمل.
معدل الأطفال السوريين الذين يعملون خارج المدارس بعمر 12-15 عام حوالي 43% من إجمالي الطلاب بحسب تقرير صدر عن اليونيسيف حول الأطفال السوريين خارج المدارس في الأردن في ديسمبر 2020.
توضح المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا الكلش إلى عدم وجود عدد أو إحصائية لأن قطاع الزراعة للاجئين السوريين غير منظم ولا يوجد ما يثبت ذلك لعدم وجود ضمان ولا حتى ترخيص منشأة وهو من أكثر الإشكاليات الموجودة، بالإضافة إلى وجود إشكالية في تلقي الشكاوى من قبل السوريين إذ أن الأهالي لا يلجؤون الى تقديم شكوى أو حتى تسييرها في مساراتها الطبيعية.
وتلفت الكلش إلى أن صاحب العمل هنا يكون عليه شكوى مركبة من عدم تقديم حقوق الأطفال وتشغيلهم بشكل غير قانوني والانتهاكات على الأطفال كثيرة، فمثلا العمل بعمر مابين 13-18 عام يحد من النمو للأطفال بحسب دراسات تثبت أن الطفل يقل نموه أثناء تعرضه للعمل ومكوناته النمائية تختلف بالإضافة إلى أن السلامة المهنية في الزراعة قد تكون غير موجودة لوجود الأفاعي وأيضا استنشاق المبيدات الحشرية والتي لها أبعادها على مدى السنوات على البالغين فكيف على الأطفال.
حق الحماية مسلوب
لم تختلف الانتهاكات التي تعرض لها فواز ومروان عما تعرضت له اللاجئة السورية نوارة عبيد والتي دخلت الأردن في عام 2013 أيضا وبدأت العمل في المزارع في المفرق، فهي تعمل بالزراعة مذ كانت في سوريا، والآن تعمل برفقة ابنتها ذات ال13 عام.
تبين نوارة أنها تعمل بمعدل لا يقل عن 7 ساعات يوميا، متكبدة عناء ومشقة طريق يبدأ مع طلوع الشمس ورحلة ساعة ونص للوصول لمكان العمل، ليكون العمل على مدار الساعة دون توقف يتعامل خلالها صاحب المزرعة معهم على أن يتم انجاز العمل واتمامه بنفس الجهد بلا أي استثناء ات.
تقول نوارة إنها تعمل برفقة بناتها الثلاث بعد وفاة زوجها لتأمين حياتهن فلولا عملهن معها لا تستطيع العيش، وبناتها الثلاث لا يدرسن وخرجن من المدارس منهن ابنتها ذات الـ 10 أعوام، وأن أي إصابة قد تتعرض لها هي وطفلاتها يتحمل تكاليفها هي نفسها ولطالما تعرضت لإصابات وتهالكت صحتهن الجسدية.
يجيب مدير بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة بأنه هناك أسر متكاملة سورية تعيش في البلد وأحيانا ضيق المعيشة والحاجة للدخل يتطلب عمل اكتر من فرد في ظروف عمل صعبة، وفي ظل أن البطالة بين الأردنيين وصلت إلى 23.3% أي حوالي 400 ألف أردني متعطل عن العمل، تصبح ظروف الحصول على عمل بأجور متدنية هي السائدة.
ويتابع في ظل عمل السوريين في قطاعات بطبيعتها منخفضة الأجور كالزراعة والانشاءات وبعض الخدمات الأخرى حتى ما قبل الجائحة وخلال الجائحة كل ذلك دفع عائلات السوريين لتشغيل أكثر من فرد للعيش بمستوى جيد بالإضافة للنساء والأطفال فيعيشون في نفس المزرعة، بلا تعليم فجزء من الأسر السورية وخاصة خارج المدن لا يذهب أطفالهم للمدارس، كما يمنع عمل من هم دون 16 سنة بأي مهنة، بالإضافة الى إمكانية عمل من هم في سن 16وحتى 18 في أعمال غير خطرة عليهم.
ويؤكد أبو نجمة على أن الأصل أن يأخذ الطفل أجره كنظيره ولا يجوز التعامل معه على أنه صغير مع معرفة عدد الساعات التي تتناسب مع عمره، حتى وأن عملهم غير قانوني يوجب عقوبة على المشغل وهو صاحب العمل والأسرة.
وحول إصابات العمل يوضح أن العمال غير مشتركين بالضمان وحتى ما قبل تأجيل تنفيذ الضمان حتى عام 2023، كانت الآلية غير فعالة ونعلم بأن آلية عمله في القطاع الزراعي متقطعة غير منتظمة، لذلك يجب شمول الضمان الاجتماعي.
المزارعون مشمولون بالقانون
قطاع الزراعة بقي 12 عام بلا قانون ينظم حقوق عماله حتى صدر نظام عمال الزراعة في آذار/ 2021 ويحتوي النظام على 17 مادة أهمها “شمول عمال الزراعة بأحكام قانون العمل في أي موضوع من حيث الأجور وتحديد ساعات عملهم والرقابة على حقوقهم ، أي أن عمال الزراعة أصبحوا مشمولين بالقانون كاملا وبالضمان الاجتماعي”، غير أن النظام استثنى أصحاب العمل وعمالهم في حال استخدامهم 3 عمال فأقل من أحكام ساعات العمل والعطل، ومن الشمول بالضمان.
المحامي المختص في القضايا العمالية حازم شخاترة يقول إن قانون العمل ينظم جميع الحقوق المتعلقة بالعمال لكن قانون العمل استثنى فئتين فئة عاملات المنازل وفئة عمال الزراعة وتم استثنائهم لأن ظروف عملهم تختلف عن ظروف العاملين في أي منشأة، وطبيعة عملهم استوجب أن يكون مستثنى من نصوص قانون العمل وأن يفرد بنظام عمل خاص فيه.
ويؤكد على أنه في حال قدم المزارع اللاجئ أي شكاوى بخصوص الاستغلال الذي تعرض له من تدني الأجر وعدم إعطائه إياه، فإنه حقوقه محفوظة ولا يحرم الأجر إلا أنه يتم مخالفته في حال عدم امتلاكه تصريح عمل هو وصاحب العمل لتشغيله بلا تصريح.
ويبين شخاترة أن صاحب العمل مطلوب منه أن يوفر وسائل السلامة مثل أعمل الانشاءات وما شابه ولكن عمال الزراعة الأساس أن توفر هذه المسائل منه نفسه، والقواعد العامة تلزم صاحب العمل أن يعالج أي عامل تعرض الإصابات عمل في حال كان غير مشمول في الضمان الاجتماعي فالأساس والأصل أن يكون مسؤول عن أي عامل لديه.
ويوضح أن في تشريع الأحداث منهي قانونيا عن تشغيل الأطفال لكن في تشغيلهم بأعمار فوق الـ 15 يكون عملهم بنسب معينة بالإضافة لساعات محددة نص عليها القانون بالتحديد.
ويرى الناطق الرسمي باسم وزارة العمل محمد الزيود أن قانون العمل لا يميز بين العامل الأردني وغير الأردني بتوفر الحماية لهم من الأخطار الموجودة في بيئة العمل، واتضح بوجود تفاوت بين درجات الالتزام بالسلامة والصحة المهنية وفق الجولات التفتيشية التي تقوم بها كوادر التفتيش.
ويؤكد الزيود على أن الحد من عمل الأطفال يحتاج إلى تكاتف جهود الجهات المعنية الحكومية وغير الحكومية، بالإضافة إلى دور المجتمع والأسرة ومؤسسات المجتمع المدني وكذلك أصحاب العمل في الالتزام وتطبيق التشريعات كافة ذات العلاقة التي تحفظ حقوق الطفل جميعها، خاصة حقه في التعليم ومحاولة سحبه من سوق العمل وتأهيله لإرجاعه إلى مقاعد الدراسة.