التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية ...عربياً هل من طريق؟!

ورقة بحثية
الرابط المختصر

اولاً: توطئة ،،،

عندما نتناول موضوع التنمية المستقلة، العدالة الاجتماعية، نظريا فإننا نكون في الاتجاه الصحيح نسبيا عندما يتعلق الامر ببلد مثل الصين، امريكا او روسيا، استنادا الى ان البحث والدراسة وتقليب الارقام وتفسير واقعها استنادا الى مؤشرات علمية من حيث القوى الفاعلة في هذه البلدان وانعكاس سيطرتها على مفاتيح التشريع والتنفيذ بما يحقق العدالة الاجتماعية بكل اوجهها، كما ان السلطات الثلاث في استقلالها تفاعلها وتعاونها ونتائج اعمالها سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا تساعد الباحث في الحكم على سلامة التنمية، في هذا البلد وذلك القطر. في حالتنا العربية وانعكاسا للتجزئة التي فرضها الاستعمار على وطننا، يصبح الامر اكثر صعوبة في قراءة المشهد الذي تديره الدولة العميقة، لكنها ليست مستحيلة، وتصبح الدراسة تقديرية اكثر عندما لا تكون فاعلا كصاحب قضية لا بل دائما مفعول به، مما يحد من القدرة على وضع الحلول والبرامج التي تساعد علماء وطننا او حكوماتنا العربية في وضع اسس التنمية المستقلة التي يجب ان تعكس نتائج يمكن تعريفه بأنه العدالة الاجتماعية.

فالتنمية المستقلة في التعريف الجامع، هي التي تحقق مؤشرات ايجابية في نسبة النمو، بحيث تكون اكبر من نسبة الزيادة في السكان، اولا وفيها وفر في الميزان التجاري ثانيا حيث تكون الصادرات اكبر من الواردات السلعية، وتكون نسب البطالة والفقر في حدودها الدنيا ثالثا، حيث يعكس هذا كله عدالة اجتماعية تكون تجلياتها توفير الحقوق الاساسية لحياة كريمة بالمسكن، الملبس، التعليم، الصحة، بالإضافة الى النقل الميسر والسهل وغير المكلف، وبالنتيجة فقر اقل، هذا كله تعكسه السياسات المالية، الضريبية والنقدية كعوامل مساعدة على تحقيق كل ما ذكر اعلاه، والتي تجعل من مكونات الناتج المحلي الاجمالي، اوهيكل الاقتصاد الوطني متوازنا ويستطيع ان يحقق ما تقدم من مؤشرات ايجابية على صعيد (النمو، الميزان التجاري والبطالة).

من هنا وبقراءة لما سبق على بلد ما ممكن وسهل الحكم على أنه يسير بالتنمية المستقلة من عدمه، انعكاسا لمعدلات هذه المؤشرات. في وطننا العربي اتفق الباحثون على تقسيم اقطارنا العربية الى منتجة للنفط وغير منتجه له، باعتبار ان الفارق الحقيقي بين هذه الأقطار يتجلى بملكية النفط والغاز وانعكاسا لواراداته النفطية على مالية الدولة وبالمقابل عبئه الكبير على البلدان العربية المستوردة له.

 

مهم أن نشير هنا وفي هذه الدراسة إلى أن مساحة الوطن العربي تقترب من (10 %) من مساحة الكرة الأرضية وان عدد سكانه في سنة 2022 زاد عن (448) مليون نسمة وبنسبة (5.6 %) من سكان العالم وان الناتج المحلي الإجمالي لأقطاره تزيد عن (3) ترليونات و (448) مليار دولار وبالترتيب الخامس بعد (أمريكا، الصين، اليابان، ألمانيا) من الناتج المحلي لإجمالي العالمي، وان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بلغ (7690) دولارا وان فائض الموازنة لسنة 2022 بلغ (120) مليار دولار وان إجمالي الدين الحكومي بلغ (1663) مليار دولار وبنسبه تزيد قليلا عن (48 %) من الناتج المحلي الإجمالي، أما الدين الخارجي فقد بلغ (1849) مليار دولار وبنسبة تقترب من (54 %) من الناتج المحلي الإجمالي، وان إجمالي الاستثمار بلغ (606.5) مليار دولار وبنسبة (17.6 %) من الناتج المحلي الإجمالي وان الصادرات بلغت (1771) مليار دولار وواردات السلع والخدمات بلغت (1310) مليار دولار بزيادة بالصادرات بلغت (461) مليار دولار، وان احتياط العملات الأجنبية بلغ (1183) مليار دولار ويغطي حاجة الوطن العربي للاستيراد لمدة تزيد عن (10) شهور.

هذه مؤشرات إيجابية نظريا وتعكس كما نحن بحاجة إلى الوحدة العربية التي حلم بها شعبنا العربي منذ تفكك الدولة العثمانية، فرغم ما تحمل هذه الأرقام من معان، رغم انتشار الفساد في مختلف الأقطار العربية، إلا أن هناك، نسب نمو متواضعة للكثير من البلدان المستوردة للنفط بالإضافة إلى العجز الدائم في الميزان التجاري، الموازنة الحكومية، رصيد العملة الأجنبية وأخيرا نسب البطالة والفقر التي تعاني منه هذه الدول وبعض الدول المنتجة للنفط كما في الجزائر وليبيا والعراق... إلخ.

إن التنمية العربية يمكن أن تكون بالاتجاه الصحيح نسبيا عندما تتوفر الإرادة السياسية كمدخل لتحقيق النمو الذي نريد والذي يواكبه معالجة حقيقية لهيكل الاقتصاد الوطني من حيث تحويله من اقتصاد خدمي، ريعي إلى اقتصاد إنتاجي تكون فيه حصة الصناعة، الزراعة والسياحة تزيد عن (70 %) من الناتج المحلي الإجمالي، وليس العكس كما هو الحال الآن والتي لا تزيد عن (40-45 %) من الناتج المحلي الإجمالي، حصتها الأكبر من عوائد النفط والغاز، انعكاسا إلى سياسات مالية، ضريبية ونقدية متبعة من غالبية الدول العربية خدمة لطبقة السياسيين وكبار الرأسماليين، الذين يتحكمون بصناديق الاقتراع ومخرجاتها في تشكيل المجالس التشريعية، التي تنتج تشريعات اقتصادية على وجه الخصوص وسياسية واجتماعية عموما تؤثر جوهريا على مستقبل التنمية الاقتصادية وتحول دون تحقيق هذه الدول لتنمية مستقلة، أهم تجلياتها توفير عدالة اجتماعية للمواطن العربي.

إن الخلل في هيكل الاقتصاد العربي الذي يتكون من الصناعة، الزراعة والخدمات يعكس سيطرة طبقة السياسيين وتحالفهم مع هؤلاء الذين يملكون المال، الذين نجحوا من خلال المجالس التشريعية في سن القوانين التي تعكس سياسيات مالية وضريبية ونقدية خدمة لمصالحهم، حيث تصبح الأعباء التشريعية على قطاع (الصناعة والزراعة) في وطننا كبيرا ومؤثرا، معززا لقطاع الخدمات الذي بسبب هذه السياسات يحقق مكاسب أكبر تعزز من هذا التحالف الطبقي الذي يتحكم بالقرار المستقل في وطننا، مترافقا ذلك مع ضرائب غير مباشرة على السلع والخدمات (ضرائب مبيعات) وتراجع في تحصيلات ضرائب الدخل مما يؤدي إلى تحصيلات أقل للخزانة من الأغنياء وأكبر للخزانة من الطبقتين الدنيا والوسطى.

 

مؤشرات التنمية المستقلة

على ضوء ما تقدم ووفقا لما توصل إليه الباحثون والمفكرون في هذا الشأن فإن أهم مؤشرات التنمية المستقلة التي يمكن تحديدها على سبيل المثال، لا الحصر:

1.  الاستقلال السياسي وتمتع الدولة ومواطنيها بمساحة مناسبة من الحرية الفردية والعامة وحق المواطنين في التنظيم والمشاركة في صنع القرار.

2.  الاستقلال الكامل لموارد الدولة وقدرة الحكومات على إدارة المالية العامة (نفقات، ضرائب، مديونية) بشكل متوازن لتحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية لنسبة النمو، فائض في الميزان التجاري، فائض في ميزان المدفوعات، مديونية لا تزيد من أعبائها على النفقات، مديونية تساهم في إنتاج أصول تدر دخلا للخزينة، بطالة بمعدلات تقل عن نسبة نمو السكان).

3.  هيكلة اقتصاد قائم على الصناعة، الزراعة، السياحة وخدمات تكنولوجيا المعلومات، بمعدل لا يقل عن (70) % من الناتج المحلي الإجمالي، قادرا على تلبية حاجة الدولة من السلع والخدمات، منافسة للسلع الأخرى محليا ومطلوبة جودة وقيمة في الأسواق الخارجية.

4.  اقتصاد قائم على توزيع عادل للثروة، فيه فجوة الدخول بين المؤسسات والأفراد قليلة جدا، ناتج عن ضرائب تصاعدية على الدخول للفئات والمعدلات، وسلع أساسية معفاة ذات المساس الواسع بالمواطنين.

5.  اقتصاد مرن وقادر على استيعاب الضغوط والمتغيرات الدولية، متفاعل مع المراكز الاقتصادية العالمية القادرة على تحقيق مصالح المواطنين بما يحقق لهم حياة حرة كريمة ومعزز للمنظومة السياسية استقرارا وسيادة.

في قراءة المعطيات الرقمية للمالية العامة للدول العربية وهيكل الاقتصاد فيها نجد ما يلي :-

ثانياً: السياسات المالية والنقدية

 

تأثرت المالية العامة في الأقطار العربية بالتحولات الكبيرة التي وقعت في بداية تسعينيات القرن الماضي، بعد أن تفكك الاتحاد السوفييتي ووضعت الحرب الباردة أوزارها وانفرجت أسارير منظري النظام الرأسمالي والمالي العالمي الذي أرسى قواعده مؤتمر ( برت وودز) والذي اعتمد على ثلاثة أركان رئيسية في إدارة اقتصاديات العالم والمتمثلة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واتفاقية الذهب والدولار وما تبعهما من اتفاقية التجارة الحرة والباقي أدوات لخدمات رأس المال الذي يأخذ أشكالا معلنة اسمها شركات وتخف خلفها عائلات مالية كبيرة يدور في فلكها أعداد هائلة من المنتفعين أبرزهم السياسيون الذين يديرون الملفات المتعددة من صناعة، زراعة، خدمات وعبر التشريعات المختلفة من قوانين وأنظمة وتعليمات وقرارات وسلطات وخاصة التنفيذية منها، التي شكلت بالنتيجة عائقا للإصلاح ومعززا للمؤشرات المالية والاقتصادية السلبية التي أنتجتها هذه السياسات المالية والنقدية.

 

يقول ابن خلدون إن "هيمنة أهل السلطة على الثروة والسلطان وعلى الأسواق ومصادر السعي والرزق يبطل حركة النشاط ويحتكر كل المسالك التي تتعلق بمقدرات البلاد".

 

"تجارة السلطان، تجعل من تلك الاحتكارية السلطانية والسيطرة الاقتصادية في سياق استبداد السلطة الكلى بمقدرات البلاد، فيسيطر على مناحي الاقتصاد المختلفة مهيمنا عليها، او يأذن لمن يعمل فيها وفي ساحاتها، ويأذن لاصحاب السلطة ان يقربون من ارادوا ويبعدون من يشاءون، فيؤسسون بذلك شبكات فساد وافساد تتحرك في كل الميادين بقوانين السلطة لا قوانين الاقتصاد المحضة، وهي قوانين تقوم على الاحتكار وسرقة الجهد ومصادرة الاموال... الخ. وهذا هو ما يؤدي الى فرض المكوس والضرائب ضمن عقلية الجباية".

 

يقول ابن خلدون في مقدمته "اعلم ان العدوان على الناس في اموالهم ذاهب بامالهم في تحصيلها واكتسابها لما يرونه حينئذ من ان غايتها ومصيرها وانتهابها من ايديهم، واذا ذهبت امالهم في اكتسابها وتحصيلها انقيضت ايديهم عن السعي في ذلك، وعلى قدر الاعتداء ونسبته يكون انقباض الرعايا عن السعي في الاكتساب ومن اشد الظلمات واعظمها في افساد العمران تكليف الاعمال وتسخير الرعايا بغير حق... فاذا كلفوا العمل في غير شأنهم واتخذوا سخريا معاشهم بطل كسبهم واغتصبوا قيمة عملهم". (د. ريم الاطرش/ جريدة الاخبار).

 

تعتمد السياسات المالية على ادوات مالية ثلاث هي (النفقات، الضرائب والمديونية) ولكل اداة من هذه الادوات وظيفتان يعكس اتباع احداهما هوية الإدارة السياسية التي تدير شؤون الوطن على وجه الخصوص السياسية منها ووفق ما يلي:-

‌أ.        النفقــــات العامـــــة

1.  النفقات الرأسمالية ووظيفتها الاولى دعم الاستثمار وتشجيعه وجعله يحقق نسبة لا تقل عن (30%) من الناتج المحلي الاجمالي والتي تعكس اصولاً مالية (صناعية، زراعية) قادرة على توليد دخلاً لصالح الخزينة  وتوفر وظائفاً، وتلبي حاجة المجتمع بشقيه الانتاجي (القطاع الخاص) او الخدمي (القطاع العام) من حيث الانفاق على البنية التحتية المتمثلة في التعليم والصحة والنقل بالإضافة الى السكن.

2.  الوظيفة الثانية للنفقات تتمثل بتلبية حاجة المؤسسة العامة من مصاريف يومية التي تسمى بالأدب الاقتصادي نفقات جارية والمتمثلة في رواتب الوظيفة العامة (مدني، عسكري)، مشتريات الوحدات الحكومية الامنية وصيانتها وكل ما تحتاجه من نفقات يومية لتكون قادرة على تقديم خدماتها العامة للمجتمع بعدالة ويسر وجوده، بحيث تكون النفقات الجارية بنسبه لا تزيد عن (60-65%) من النفقات العامة وخلاف ذلك وكما هو في وطننا العربي، فقد بلغت النفقات العامة في سنة (2021) مبلغ (910) مليار دولار بلغت فيها الجارية مبلغ (777) مليار دولار وبنسبة (85.4)% بينما بلغت النفقات الرأسمالية مبلغ (125) مليار دولار وبنسبة (14.6)% من اجمالي النفقات وهي مقاربة للنسب نفسها للسنة (2020) التي بلغت نسبة النفقات الجارية منها (84.3)% والرأسمالية بنسبة (15.7)% والفرق يتعلق بأثار كورونا على الانفاق بشكل عام، كما بلغت نسبة الانفاق الرأسمالي الي الناتج المحلي الاجمالي لسنة (2021) ما نسبته (4.4)% فقط والذي يعكس بالوجه الأخر حجم استثمار الدول العربية مجتمعة في الانفاق على البنية التحتية او الاستثمار في اصول تدر دخلاُ وتنتج فرص عمل للملايين من خريجي الجامعات الذين يعانون من الغربة  في وطنهم الكبير مما يضطرهم للهجرة في كثير من الحالات. هذا الخلل يؤكده عجز الموازنة العامة للدول العربية النفطية وغير النفطية اذ بلغ العجز لسنة (2021) مبلغ (105) مليار دولار بينما بلغ في سنة (2020) مبلغ (204) مليار دولار ومن الاسباب الرئيسية لهذا الانخفاض كان ارتفاع اسعار النفط في سنة (2021) عن سنة (2020) بعد التعافي العالمي من وباء كورونا.

‌ب.    الضرائــــــب

       الضرائب نوعان ولها وظيفتان، الاولى مباشرة وهي ضريبة الدخل والثانية غير مباشرة كالضريبة على مبيعات السلع والخدمات والرسوم والمعاملات المتعلقة بالتجارة سواء كانت متعلقة بالجمارك او الرسوم المشتقة منها والتي تحصلها الحكومة لصالح الخزينة والتي يدفعها المواطنون المستهلكون للسلع والخدمات التي تخضع لهذه الرسوم وان زيادة تحصيلات احداها عن الاولى (مباشرة وغير مباشرة) تعكس هوية الفريق السياسي الذي يدير مشهد السياسة والاقتصاد ويعكس بإدارته هذه للمشهد الاجتماعي الذي يتعلق بالفقر ومعدلاته ومستوياته لعلاقته الجدلية بالبطالة على وجه الخصوص، فالخزينة التي تكون نسبة تحصيلاتها من الضرائب المباشرة اقل، وتحصيلاتها من الضرائب غير المباشرة اكبر (مبيعات، جمارك) هي السياسات المالية التي تنتجها الادارة السياسية والتي تعبر عن انحياز لطبقة الاغنياء وحلفائهم السياسيين، وعادة ما يتوافق ذلك مع الحكومات المستبدة، الاقصائية، التي تعبث في الانتخابات، تعاني من الفساد وتعتمد في كثير من الحلول التي تلجأ اليها لمواجهة العجز في الميزانية او مواجهة المؤشرات السالبة في نسبة النمو جراء ذلك الى فرض مزيد من الضرائب غير المباشرة او اللجوء الى الاقتراض الذي يفرض على هذه الحكومات ان توفر المال لسداد القروض مما يؤدي الى زيادة كبيرة في النفقات الجارية لتسديد خدمات هذه المديونية المتمثلة في الفوائد على هذه القروض.

-    بلغت الايرادات الضريبة للدول العربية لسنة (2021) مبلغ (292.6) مليار دولار منها ضرائب على الدخل والارباح بمبلغ (53.1) مليار وبنسبة (18.1)% فقط بينما بلغت الضرائب على السلع والخدمات ،الرسوم الجمركية والاخرى مبلغ (239.5) مليار دولار وبنسبة (81.9) % من الايرادات الضريبية.

-    ان التشريعات الضريبية التي تقرها المجالس المنتجَة في غالبية الدول العربية تعكس هويتها الطبقية من جهة، واستجابتها للدولة العميقة التي تدير مشهد المالية العامة من جهة اخرى، وباعتبارالضرائب وادارتها سبباً رئيسياً في تعافي الاقتصاد الجزئي (صناعة،زراعة،وخدمات) من حيث ان هذه الضريبة غير المباشرة التي تفرض على مدخلات الانتاج وعلى المنتج النهائي وعلى الطاقة باعتبارها مكون من مكونات كلفة السلع المنتجة خاصة منها السلع المتعلقة بالصناعة والزراعة يصبح تأثيرها الاسوء اذا اضفنا الى ذلك كلفة الاقتراض ومساهمة المنشآت بالضمان الاجتماعي ،كل ذلك يرفع من كلفة هذا المنتج وبالنتيجة يقلل من قدرته على مواجهة السلع الاجنبية المستوردة خاصة بعد ان اصبحت غالبية الدول العربية عضوة في منظمة التجارة العالمية التي رفعت من الحواجز الجمركية امام انسياب السلع والخدمات واحياناً العمالة، مما عزز من عدم قدرة الاقتصاد العربي وخاصة  لدى الدول غير النفطية بشكل عام على معالجة المشاكل المزمنة التي تعاني منها اقتصاديات الدول العربية كنسبة النمو، العجز في الميزان التجاري، الارتفاع في نسبة البطالة والفقر مما يكرس من ثبات الخلل في هيكل الاقتصاد العربي من حيث حصة الصناعة والزراعة من الناتج المحلي والاجمالي.

-    كان للعبث في الملف الضريبي هذا بالاضافة الى ما تعرضت له المالية العامة من اعتداء، ذا علاقة  بالفساد، الذي مارسته النخب السياسية طول البلاد وعرضها، والذي بدأ مع انفراد امريكا ورأس المال في ادارة شؤون العالم مالياً ونقدياً واقتصادياً، حيث تم رفع النسب المفروضة على مبيعات السلع والخدمات حتى وصلت في بعض الدول العربية الى (20)% مترافقاُ ذلك مع توسيع قائمة السلع الخاضعة لها، حتى ان بعض الدول فرضتها على الخضار والفواكة والبقوليات مما شكل عبئاً كبيراً على الطبقة الفقيرة وخاصة منهم ذوي الدخل المحدود او العاطلين عن العمل، اما الضرائب المباشرة (ضريبة الدخل) فقد انخفضت بشكل كبير في دول العالم الثالث وبنسب بسيطة ومتواضعة في الدول العربية، فهي كانت تصل حسب شرائحها الى نسب تصل على بعض الشرائح الى (60)% من دخل الاغنياء افراداً وشركات، اما مع سن تشريع الضرائب برفعها على المبيعات وتخفيضها على الدخل وبحدود (20-25)% على الاكثر.

-    ان تجليات هذه السياسة المالية بالإضافة الى ارتفاع كلف السلع والخدمات، في معظم الاقطار العربية واستمرار الخلل في هيكل الاقتصاد الوطني المكون للناتج المحلي الاجمالي، يظهر بشكل واضح في ارتفاع عدد اصحاب المليارات من جهة وارتفاع مديونية الافراد والشركات في الوطن العربي من جهة اخرى، فالودائع النقدية فقط لدى البنوك العربية خير دليل على هذا الواقع المالي النقدي والاقتصادي الذي نعيشه والذي يحول دون قدرة الدولة العربية في احداث تنمية مستقلة قادرة على تحقيق ما يصبوا اليه المواطن العربي في مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية حيث بلغت قيمة هذه الودائع لدى البنوك للسنوات (2020، 2021، 2022) مبلغ (2303.5، 2412.6، 2489.3) مليار دولار.

‌ج.  المديونية

      تعتبر المديونية الاداة الثالثة من ادوات المالية العامة ،ولها وظيفتان ايضاً فالوظيفة الايجابية التي تعتبر مُخرج ومُعطى ادارة سياسية مخلصة لوطنها وتستثمر بما هو موجود وتقترض حسب الحاجة والضرورة  من اجل جعل التنمية الاقتصادية تسير في اتجاه صحيح كالمساهمة  في دعم النفقات الرأسمالية ،اذا كانت التحصيلات الضريبة لا تغطي حاجة الخزينة من النفقات الجارية والنفقات الرأسمالية، فمعلوم ان الحاجة الى نفقات التعليم ، الصحة ،النقل ،الامن العام وحماية الحدود بحاجة الى اموال واذا كانت الضرائب التي يدفعها الفقراء والاغنياء غير كافية لتلبية حاجة الخزينة لسد النفقات العامة بشكل عام فان الحصول على القروض غير المشروطة، تصبح اكثر من ضرورة لأغراض ذات علاقة بزيادة السكان، ارتفاع الاستهلاك، زيادة حاجة المجتمع للخدمات العامة التي تبدأ بالتعليم وتنتهي بالمسرح وتمر في كل تلك التي تجعل من تقدم المجتمعات، حقيقة، فتوفير دور الرعاية الصحية بعد المدارس والجامعات ومراكز البحوث، وخدمات النقل والمطارات والموانئ ومتطلبات ذلك من طاقة وغيرها.....الخ يتطلب الحصول على اموال مقترضة يكون الهدف منها الاستثمار اولاً ودائما في مشاريع تستطيع ان تلبي حاجة المجتمع لما سبق وفي ذات الوقت تساهم في تحسين مؤشرات اقتصادية هامة ، تؤشر على سلامة الادارة الحكومية من جهة وتحقيق ما يحتاجه المجتمع من خدمات تعليم، صحة، نقل ،شحن ...الخ من جهة اخرى لرفع نسبة النمو، تخفيض العجز في الميزان التجاري مع الخارج، تخفيض نسبة البطالة الى الحدود التي تجعل منها طبيعية وبذات الوقت ،انشأ

     مشاريع تحقق دخلاً وتحد من اضطرار الحكومة ،النواب الى رفع الضرائب على الافراد والمنشآت او الذهاب للمديونية.

 

-    بلغت مديونية الدول العربية مجتمعة باستثناء سوريا والصومال لعدم وجود معلومات لسنة (2021) مبلغ (1589) مليار دولار وفي سنة (2022) بلغت (1663) مليار دولار بزيادة معدلها (4.7)% وفي سنة (2023) متوقع ان تبلغ (1657) مليار دولار حسب ما نشره صندوق النقد الدولي ،واستناداً الى ان المؤشرات المختلفة تؤكد على ان قيمة المديونية سوف ترتفع باستثناء الدول النفطية ورغم ذلك فان الارقام اعلاه تشمل الدول العربية التي كانت الاقل منها (جيبوتي) لسنة (2022) مبلغ (9) مليار دولار والاكبر (مصر) بمبلغ (418.2) مليار دولار، وبربط ذلك في عجز الموازنة الذي لحق بالموازنة العربية للسنوات اعلاه التي بلغت (68) مليار دولار لسنة (2021) واصبح هناك فائضاً بلغ (120) مليار دولار تقريباً في سنة (2022) ومتوقع ان يكون هذا الفائض في سنة (2023) قد يبلغ (85.8) مليار دولار بسبب ارتفاع اسعار النفط اذا انخفض عجز موازنات الدول العربية (السعودية، الامارات، العراق، قطر، الكويت، ليبيا، وسلطنة عمان) حيث بلغ الفائض لديها بمبلغ (191.4) مليار دولار وباقي الدول العربية (جيبوتي، موريتانيا، لبنان، اليمن، فلسطين، السودان، سوريا، البحرين، تونس، المغرب، الجزائر ومصر) بلغ العجز لديها مبلغ (71.8) مليار دولار، واذا استعرضنا حجم الاستثمار العربي لنفس السنوات فأننا نجد انه كان بمبلغ (539) مليار دولار لسنة (2021) ومبلغ (606.5) مليار دولار لسنة  (2022) ومتوقع ان تصبح (627) مليار دولار لسنة (2023) وهذا يعني ان الدول العربية كانت تقترض لسد عجز الموازنة لهذه الدول ما بين ايراداتها ونفقاتها وان الذي ذهب الى الاستثمار لا يتجاوز نسبته (34)% لسنة (2021) و(36.5)% لسنة (2022) وهنا تكمن العلة في انفاق الدول العربية الجاري غير المبرر،انها تقترض بالدرجة الاساس لسد عجز الموازنة، هذا النزيف الدائم يخفي في ثناياه فساداً عبر بند النفقات العامة، خلافاً لذلك فقد اهمل السياسيون امكانيات امتنا وهم اللذين يقع على عاتقهم الاستفادة من قدرات العلماء والمفكرين العرب في مختلف المجالات واللذين اصبحوا يشغلوا المقاعد الاولى في تطوير بلدان اخرى، بعد ان وجدوا فيها ملاذاً لابداعاتهم. هؤلاء السياسيون هم المستفيدون من هذا الواقع المزري، ومنتجو السياسات المالية المتبعة بموجب التشريع الذي سبق وقلنا من يسنه وينفذه ولمصلحة من يتم تشريعه ومن هو الذي يدفع ثمن هذا الواقع  او هذه السياسة المالية التي تبدأ من هنا، من ادارة هذه الادوات الثلاث (النفقات العامة وما تخفيه من فساد كبير، الضرائب وما تمد به الخزينة من مبالغ ،تدفعها الغالبية العظمى من الناس (الطبقى الفقيرة والوسطى) وبنسبة تزيد عن (75)% من الضرائب غير المباشرة، والمديونية وخدمتها التي تشكل عبئاً مشتركاً على الموازنة وعلى اقتصاد الوطن والتي لغياب الادارة السياسية المستقلة، ترهن مستقبل امتنا لصالح اعدائنا ومشاريعهم في المنطقة، والتي ابرزها، التجزأة، القضية الفلسطينية، الفقر واشتقاقاته الرهيبة، التخلف والامية والرجعية .... الخ.

-    بلغت خدمة الدين الخارجي للدول العربية للسنة (2020) مبلغ (33.33) مليار دولار ولسنة (2021) مبلغ (35.27) مليار دولار وهي مبالغ مدفوعة لدائنين خارجيين وتشكل عبء على الموازنة العامة وتدرج في بنود النفقات الجارية .

‌د.    السياسة النقدية

       تعتبر الفائدة الاداة الرئيسية للسياسة النقدية التي تديرها المصارف المركزية العربية، سواء كانت محددة النسبة المدعومة والتي تحدد بتشريعات ذات علاقة بالبنك المركزي في الدول العربية، فرغم ان الادوات الاخرى ما زالت موضوع تعامل سواء كانت سندات تنمية، سندات لاجل او شهادات ايداع فجميعها ادوات نقدية تصدر عن المصارف العربية المركزية، وبتعليماتها تحدد مبالغها ونسبة الفائدة عليها والمدد المستحقة لقيمتها وقابليتها للتجيير او التظهير....الخ فالمعاملات المالية المتعلقة بالاستثمارات او التبادل التجاري تعتبر الكتلة النقدية والحصول عليها او الحصول على التسهيلات الوسيلة لتحقيق اهداف التنمية والتشغيل والانتاج السلعي والخدمي على حد سواء فبالإضافة الى ان موجودات البنوك وما تتضمنه من حقوق المساهمين او الودائع والحسابات الجارية التي تعود لعملاء البنوك او كانت معاملات الاسواق المالية التي تتتضمن تداولاً بالاسهم والعمولات والسلع من خلال الشراء والبيع او من خلال العقود المستقبلية فجميعها تعتمد على الكتلة النقدية موضوع التداول واولها الفائدة دائماً.

 

        بلغت الودائع لدى البنوك التجارية العربية لسنة (2021) مبلغ (2412.6) مليار دولار ومبلغ (2303.5) مليار دولار لسنة (2020) لتبلغ ما نسبته (83.7) او (91.1)% من الناتج المحلي الاجمالي وقد بلغت التسهيلات الاجمالية للسنوات (2021،2020) مبلغ (2649 و 2435.2) مليار دولار على التوالي بينما بلغت حقوق المساهمين بما في ذلك رأس مال هذه المصارف لنفس السنوات مبلغ (483 ، 454) مليار دولار على التوالي وهنا يتضح حجم الاموال المودعة لدى هذه المصارف والتي تشكل وسيلة التبادل التجاري واداة التعمير والانشاء والاستهلاك والتي تشكل عصب الاستثمار سواء كان محلياً او اجنبياً، فالحديث عن سلامة هذه المصارف التي تحتفظ بسيولة نقدية لا تقل عن (16)% عربياً، و تصل الى (19.9)% في السعودية وعمان، علماً ان نسبتها وفق مقررات لجنة بازل هي (10.5)% فقط، كما ان المصارف حققت عوائد على حقوق الملكية مختلفة من دولة الى دولـة حيـث تراوحـت ما بيـن (-14.55% للمصارف المغربية و 17% للمصارف القطرية و 15% للمصارف السعودية).

                تشكل كلفة الاقتراض على الانتاج الصناعي والزراعي على وجه الخصوص ومقدمي الخدمات المختلفة والمواطنين عموماً، الذي يعاني من تحديات كثيرة ابرزها الضرائب غير المباشرة (المبيعات خصوصاً) واسعار الطاقة للدول العربية غير النفطية، التحدي الثالث لهذين القطاعين رغم ان القطاع الخدمي وخاصة المالي من مصاريف، تأمين، اسواق مالية والكثير من الخدمات المالية الاخرى معفاه من الضريبة غير المباشرة هذه. باستعراض نسب الفوائد السائدة في الدول العربية نجدها انها بلغت للسنوات (2020، 2021 و2022) ما لا يقل عن (9)% للتسهيلات عامة و(4-5)% للودائع بينما هي بلغت في الدول العشرين ما بين (1-3)% على اكثر تقدير.

ثالثاً: الاقتصــــاد العربــــي

         في الفصل السابق ،تم استعراض واقع المالية العامة التي تعتبر قاعدة السياسات المالية التي تنعكس على الاقتصاد الوطني بقطاعاته الثلاث (الصناعة ،الزراعة، الخدمات) فالعلاقة جدلية بين ادارة تلك الادوات ووضع الاقتصاد العربي من حيث هيكله او قدرته على النمو وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لكل مظاهر الازمة التي تعيشها امتنا والتي تفسر لماذا هناك غياب للإرادة السياسية وفي ذات الوقت لماذا ما يحصل عليه المواطن من حقوق اساسية متواضعاً، ابتدأً من العائد عليه من الناتج المحلي الاجمالي، التعليم، الصحة، العمل، وانتهاءً بالسكن والخدمات الاخرى غير الاساسية.

-    الاقتصاد وهيكله هنا يتكون من الزراعة ،المياه ،الصناعة وعناوينها العديدة، والخدمات واشتقاقاتها المتعددة من خدمات مهنية ،تجارة ،خدمات مالية، تكنولوجيا المعلومات، وغيرها الكثير وباستعراض ما هو متوفر من معلومات عن هذا الهيكل نجد ما يلي:

1.  الزراعة والمياه

2.   

-بلغت مساحة الاراضي القابلة للزراعة في الوطن العربي لعام (2021) ما مساحته (196.86) مليون هكتار، مستغل منها ما نسبته (38.2)% فقط وبواقع (75.2) مليون هكتار، وتحول مشكلة المياه دون استغلال اكثر للأراضي الزراعية في الوطن العربي، وقد بلغت المراعي في نفس العام (379.8) مليون هكتار، بانخفاض معدله (1.6)% عن عام (2020)، اما الغابات فقد بلغت مساحتها (37.9) مليون هكتار بزيادة معدلها (0.3)% عن عام (2020) وتشهد هذه المساحات، تصحراً ناجم عن التوسع الزراعي، قطع الاشجار الجائر، خفض برامج التنمية للغابات وحمايتها، والحرائق حيث بلغت مساحة الاراضي الصحراوية بالوطن العربي (9) مليون كم² بما يعادل (68)% من مساحة الوطن العربي، وتبلغ حصة الفرد في الوطن العربي من المياه بحوالي (600) م³ سنوياُ مما يجعل من هذه المشكلة تحدياً اخر في وجه الحكومات العربية خاصة في ظل تزايد السكان، تراجع مخزون المياه، ازدياد اطماع الدول المجاورة في مجاري المياه المشتركة بسبب غياب الارادة والتنسيق العربي وغياب المشروع العربي سياسياً واقتصادياً على وجه الخصوص.

 

-    بلغ عدد العاملين بالقطاع الزراعي لسنة (2021) حوالي (24.1) مليون نسمة وبنسبة (15.12)% من القوى العاملة في مختلف القطاعات وهي النسبة الاقل بالمقارنة مع الدول النامية مما يؤكد على هامشية القطاع الزراعي في الانتاج القومي وبالتنمية فان هذه النسبة تشكل سبباً من اسباب البطالة المرتفعة في الوطن العربي ومما يكرس من هذه السلبية غياب الارادة السياسية في الاهتمام بالزراعة ، انتاجاً وتصنيعاُ وعائداً مما يشجع على الهجرة من القرى الى المدن بحثاُ عن دخل افضل ورعاية تعليميه وصحية افضل.

-    بلغت قيمة الانتاج الزراعي بالاسعار الجارية لعام (2021) مبلغ (154.6) مليار دولار بزيادة نسبتها (1.2)% عن عام (2020) وبلغت حصته من الناتج المحلي الاجمالي بنسبة (5.4)% فقط.

-    ارتفعت الفجوة العربية الغذائية بين عامي (2019-2020) من (42.1 مليار دولار الى 44.1 مليار دولار) وشكلت الحبوب منها (47.5)%، تليها اللحوم، الالبان، الزيوت النباتية ،السكر والبقوليات بنسبة (16.7، 11.3، 9.4، 5.7، 3.4) على التوالي.

        بلغت قيمة الواردات العربية الزراعية لعام (2020) مبلغ (94.11) مليار دولار اما الصادرات فبلغت (28.284) مليار دولار بعجز مقداره (65.826) مليار دولار وبنسبة عجز مقدارها (30.1)%.

 

 

3.  الصناعــــــــة

      بلغ الناتج الصناعي لعام (2021) مبلغ (970.8) مليار دولار، واستحوذت الصناعات الاستخراجية والتحويلية الحصة الاكبر من هذا القطاع علماُ ان حصة الصناعة من الناتج المحلي الاجمالي بلغت (33.7)% . يعمل في هذا القطاع ما نسبته (22)% من القوى العاملة العربية، منها في الصناعات الاستخراجية (نفط، غاز، معادن.....) ما نسبته (23)% والتحويلية بنسبة (10.8)% وان باقي القطاعات بنسبة (8.3)% .

       واذا فصلنا الدول النفطية عن الدول غير النفطية فان حصة قطاع الصناعة مع الزراعة الذي يعتبر حاضناً  للعمالة ومؤثراً في مؤشر التجارة واعني الصادرات ومدى قدرته على معالجة العجز في الميزان التجاري، يجعلنا نقول ان الاهتمام بالصناعة الى جانب الزراعة، سيساعد في معالجة المشاكل التي يعاني منها هيكل الاقتصاد العربي ومؤشراته العديدة المتعلقة بنسبة النمو ،الميزان التجاري واخيراً البطالة وافرازاتها....

        بلغت واردات النفط العربية خلال (2021) مبلغ (409.6) مليار دولار وبنسبة (50.5) من الايرادات العامة والمنح البالغة ( 796.7) مليار دولار.

4.  الخدمات (تجارة، مالية، مهنية واخرى)

      استحوذ قطاع الخدمات على (49.2)% من الناتج المحلي الاجمالي منها الخدمات الحكومية بنسبة (13)% وصافي الضرائب غير المباشرة (3.4)%.

       تحتل التجارة الخارجية المساحة الاكبر في قطاع الخدمات ،تصديراً او استيراداً فقد بلغت قيمة التجارة الخارجية سلع وخدمات لعام (2021) مبلغ (2390.4) مليار دولار، منها (1290.6) مليار دولار صادرات ومبلغ (1099.8) مليار دولار واردات سلعية، وفي سنة (2020) مبلغ (3080.9) مليار دولار منها صادرات بمبلغ (1770.7) مليار دولار وواردات مبلغ (6310.2) مليار دولار ومن المتوقع لسنة (2023) ان يرتفع المبلغ الى (3069.5) مليار دولار منها صادرات بمبلغ (1711.8) مليار دولار واستيراد بمبلغ (1357.7) مليار دولار، وقد احتلت الوقود والمعادن الحصة الاكبر من الصادرات العربية والتي بلغت نسبتها (62.7)% من مجموع الصادرات البالغ مقدارها (650.95) مليار دولار وان نسبة الصادرات من السلع الصناعية الاخرى بلغت (26.8)% ومن السلع الزراعية ما نسبته (7.2)% فقط ....، اما المستوردات العربية من السلع الصناعية فكانت نسبتها (60.2)% والسلع الزراعية (20.1)% بينما التجارة العالمية سجلت مبلغاً مقداره (28.5) ترليون دولار في عام (2021) وبزيادة معدلها (13)% عن عام (2019) اي ما قبل كورونا، مما يؤكد على وجود عجز في الميزان التجاري لدى الدول العربية غير النفطية، وفائض لدى بعض الدول النفطية، مما يتوجب دعم الصناعة والزراعة بتخفيض كلفة انتاج سلعها وبما يساعدها على منافسة السلع الاخرى في الاسواق المحلية والعالمية.

-    بلغت التجارة البينية العربية مبلغ (112.5) مليار دولار اي بنسبة (6)% من التجارة الخارجية العربية الاجمالية.

                                                                                                                                                                              

-    بلغت عائدات النقل للدول العربية مجتمعة لعام (2021) مبلغ (61.1) مليار دولار وتعكس هذه العائدات حجم تجارة الدول العربية الاجمالية.

رابعاً: الخلاصــــــــة

      على ضوء هذا الواقع السلبي الذي تعيشه المالية العامة في الوطن العربي، وانعكاسه على الاقتصاد العربي بشكل عام، لأسباب عديدة منها:

اولاً: السياسات الضارة المتبعة من النخب الحاكمة والتي كانت وما زالت ابرزها تشوهات بنود الانفاق العام من حيث المبالغة في النفقات الجارية وانخفاض النفقات الرأسمالية ذات العلاقة بالبنية الاساسية للاقتصاد الوطني.

ثانياً: العبث لصالح الاغنياء في ملف الضرائب، الاداة المالية الثانية للسياسات المالية، والمُمول للخزينة، لترجمة خطة الحكومات في الانفاق على الخدمات الاساسية التي يحتاجها ابناء الامة من صحة، تعليم، نقل، سكن ومشتقاتها من مدارس، مختبرات، مراكز ابحاث، كوادر طبية، مراكز صحية، ادوية، طرق، مطارات، موانئ، شبكة مياه، طاقة، كهرباء....الخ.

ثالثاً: ادى الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في معالجة مشاكل اقتصاد الدول العربية، الى مزيد من المديونية وخدمتها، مما ادى الى ضياع قرارها المستقل وتعميق مشاكلها، وبالنتيجة الى خلل في هيكل الاقتصاد العربي من حيث انخفاض حصة الصناعة والزراعة من الناتج المحلي الاجمالي، مكرساً عجزاً هائلاً في ميزان التجارة للدول العربية غير النفطية، وارتفاع نسبة البطالة (باستثناء دول النفط والغاز)، البطالة التي رفعت من معدلات الفقر وما رافق ذلك من عنف وجريمة وضياع في الانتماء والابرز كان في تجلياته كذلك هجرة العقل العربي، بحثاً عن الحياة الحرة الكريمة المفقودة في الوطن العربي.

             ان افاق التنمية المستقلة يمكن تحقيقها في ظل سياسات مالية وطنية وقومية ترفع من مستوى التكامل العربي، ومن حصة التجارة البينية عربياً بما يُفّعل من قرارات القمم العربية في الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال تنفيذ بنود اتفاقيات السوق العربية المشتركة، الاتحاد العربي الجمركي، المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي والمؤسسات المهنية العربية، التي اصبحت قراراتها ووثائقها تملأ ارفف مؤسسات الجامعة العربية التي ثبتت بشكل لا يقبل الجدال انها هيكلاً دون مضمون.

رابعاً: اهـــــم التوصيــــات

1.  تخفيض كلف الانتاج السلعي والخدمي والتي اهم اسبابها الضرائب غير المباشرة، الطاقة، خدمة المديونية، والتي تشكل عبئاً على الاقتصاد العربي ومعيقاً في الوصول لنسبة النمو (الهدف والحلم) لتحقيق تقدماً في المؤشرات الاخرى ابتداءً من الميزان التجاري، ميزان المدفوعات، دعم الاستثمارات، وانتهاءً بتخفيض نسب البطالة التي اصبحت كبيرة ومهددة للأمن الداخلي العربي .

2.  اعتماد ضرائب تصاعدية على الدخل وتخفيض ضريبة المبيعات على السلع ذات المساس الواسع بالطبقة الدنيا والوسطى بما يساهم في رفع نسبة الطلب على السلع والخدمات من جهة واتاحة فرص للادخار من جهة اخرى.

3.  رفع حصة النفقات الرأسمالية بما لا يقل عن (30)% من النفقات العامة وبما يحقق بنية اساسية للخدمات العامة كالتعليم، الصحة والنقل وبما يخفف من الاستيراد للسلع التي تحقق عوائد متواضعة وغير جاذبة للمستثمرين خاصة منها ما يتعلق بالمشاريع الاستراتجية ذات العلاقة بالانتاج السلعي او القطاع الخدمي كالكهرباء، المياه، السكك الحديدية والصناعات الثقيلة والمركبات ....الخ.

4.  اتباع سياسة نقدية قائمة على تقليص الفجوة بين الفائدة المدينة على التسهيلات المصرفية والفائدة الدائنة على الودائع بما يحقق كلفة اقل للاقتراض الداعم للاستثمار من جهة والميسر للاقتراض السكني من جهة اخرى، بالاضافة الى تسقيف رواتب او مكاسب الادارة العليا للمصارف العربية التي اصبحت عبئاً على حساب المساهمين والمودعين وان يكون تدخل البنوك الركزية حاسماً في رقابته على البنوك والمصارف استناداً الى ان اموال المودعين تستوجب تدخل البنوك المركزية حماية لهم وحماية لاقتصادنا الوطني على حد سواء انسجاماً مع ما تضمنت عليه القوانين الخاصة بالبنوك وادارتها.

5.  ايلاء المقدسات الدينية والمناطق السياحية والقطاع السياحي جل الاهتمام لما يشغله من اهمية ذات علاقة بتاريخ الوطن العربي وانجازات الممالك العربية التاريخية من جهة وكمشغل لطالبي العمل من جهة ثانية وكمصدر للعملة الصعبة من جهة ثالثة التي تحتاجها كثير من الدول العربية خاصة منها غير النفطية.

 

المصادر والمراجع:


- تقرير صندوق النقد الدولي


- مؤشرات الاداء الاقتصاد العربي


-    تقرير صندوق النقد العربي لعام 2022

-    جريدة الاخبار اللبنانية

-    المؤسسة العربية لضمان الاستثمار

-    مجلة دراسات الوحدة العربية

 

 

محمد احمد البشير

 

محاسب قانوني/ باحث ومحلل اقتصادي

العدالـــــــــة الاجتماعيــــــــة

                                                          

                                                                                                          محمد البشير تقديــــــم ،،،  

       سعت البشرية منذ ان اصبح هناك حاكم ومحكوم الى العدالة، واهتم الفلاسفة تاريخياً في محتواها وعبر افلاطون عن العدالة بالمدينة الفاضلة وصنف الناس حسب قدراتهم، اما ارسطو فعرفها في انها تحقيق المساواة بين الافراد في حالة تمائلهم، وبالمغايرة بينهم في حالة اختلافهم، اما ابن خلدون فذهب الى ان العمران البشري لا يتحقق الا في ظل العدل الاجتماعي.

        في العصر الحديث، وفي اوروبا تناولها علماء الاجتماع كثيراً وكان اخرهم (جون رولز) صاحب نظرية العدالة التوزيعية كفلسفة اخلاقية ونظرية وسياسية .... ويرى ((ان الوثيقة الدستورية باعتبارها العقد السياسي والاجتماعي بين الشعب والسلطة يجب ان تتأسس على قيمتين: تداول السلطة وتداول الثروة كمتلازمتين لا ينفصلان)).

       واعتبر رولز ان الحرية تعد احد المكونات الرئيسية للعدالة الاجتماعية ولا تتم بغيابها، وان بعض المفكرين لا يقبل الفصل بين المساواة والعدالة الاجتماعية وكذلك الامر ينطبق على هذه العلاقة مع حقوق الانسان وانها جزء لا يتجزأ من العدالة الاجتماعية. وقد استخدم السلاطين مؤسسة الدين تاريخياً لتغييب هذه العدالة، ومع ظهور الدولة الحديثة خاصة بعد الثورة الفرنسية على وجه الخصوص واشتداد الصراع في هذه الدولة ما بعد الثورة على السلطة والثروة وقد ترافق مع هذا الصراع، حديثاً دائماً عن العدالة خاصة، اعادة توزيع الثروة، بعد ان كان ضحية هذه الحروب عامة الشعب، اللذين حصتهم من المكاسب كانت قليلة ومتواضعة الا ان الكثير من هؤلاء، وفي الكثير من دول العالم الثالث نجحوا في خلق ادواتهم السياسية، خاصة بعد انتصار ثورة اكتوبر في روسيا، وافول الدولة العثمانية وظهور ملامح تشكل عربي واقليمي جديد، دولاً ومجتمعات حاولت ان تتفاعل وتتقاطع مع الدولة الغربية على وجه الخصوص وتأثرت بها سواء كان ذلك بالصراع مع سياسييها للحصول على الاستقلال، الذي قَدم ابناء الامة من اجله تضحيات كبيرة، او من خلال اكتساب العلوم والخبرة المهنية والمعرفة السياسية ابتداءً من الحرية وحق التنظيم والاحتجاج وانتهاءً بتشكيل الاحزاب...الخ، مما أنشأ حقاً من ابرز تجلياته المطالبة المستمرة في العدالة بتوزيع الثروة القومية، سواء كان ذلك حق الحصول على الوظيفة، الادارة، الترشيح والانتخاب للمجالس المحلية والنيابية او كان ذلك على شكل المطالبة بتكافؤ الفرص بالدراسة في الجامعات والمعاهد التي ساهمت في ايقاظ الشخصية العربية على وجه التحديد، هذه الفئة الطليعية وجدت نفسها امام تحدي الهوية واشتقاقاتها المتعددة سياسياُ واقتصادياً وبالنتيجة اجتماعياً.

         تراجع الاهتمام بموضوع العدالة الاجتماعية على الصعيد الداخلي للدول او على صعيد العلاقات الدولية مع اشتداد الحرب الباردة، الا ان المنظمات الدولية او مؤسسات الدعم والرعايا والاهتمام بحقوق الانسان التي انتشرت في دول العالم الثالث عموماً وفي الدول العربية على وجه الخصوص والمدعومة حالياُ من الدول الغربية خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، ابقت على المطالب الانسانية حاضرة في كثير من الدول، رغم كل ما يثار عن محركاتها والمؤثرين بها من ممولين او خبراء ذوي اجندات غير وطنية، حيث استخدمت هذه المنظمات، كوسائل لغزو مجتماعات العالم الثالث عموماً والوطن العربي على وجه الخصوص، والتي تبنت برامجها ((الانسانية)) مسألة حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية ..... الخ كشعارات اجتماعية ابتداءً حيث تأثرت بها قوى المجتمع، فالحركة الاجتماعية وبرامج الاحزاب التي تضمنت عناوين عديدة كانت العدالة الاجتماعية واحدة من بنودها ايضاً، حيث اتضح بالنتيجة ان هذا الشعار وتحقيقه لا يمكن ان يصبح واقعاً، دون استقلال هذه البلدان سياسياً الذي ينعكس بالضرورة استغلالاً لثروتنا الكبيرة والمتنوعة والتي ستحقق من خلال التنمية المستقلة متطلبات العدالة الاجتماعية، مثل توفير السكن، التعليم، الصحة، والنقل والتي ستنعكس حتماً على انتاج افضل وحياة حرة كريمة في مجتمع تسوده العدالة والقانون.

ضوابط العدالة الاجتماعية

-    العدالة الاجتماعية وسيله لتحقيق تنمية مجتمعية مستدامة.

-    العدالة الاجتماعية لا حدود لتطبيقها.

-    العدالة الاجتماعية عملية ديناميكية بطيئة ومستمرة من التعلم والارتقاء لانها توفر الاساس والقاعدة للمجتمع الصحي السليم.

-    تتحقق العدالة في ظل الرفع من شأن الصالح العام دون تناقض مع حصة الاقليات عدداً او قوى.

-    العدالة الاجتماعية مجموعة قيمية من مصلحة الجميع العمل على تحقيقها.

مؤشرات العدالة الاجتماعية

-    بناء على ان الحرية مدخل اساسي للحكم على توفير العدالة الاجتماعية ، فان الحريات العامة التي يحميها القانون تبقى الضامن الحقيقي لإدارة تشريعية وتنفيذية تقدم المصلحة العامة اولا ودائما، على اي مصلحة، والتي بالمحصلة النهائية يمكن ان تجعل من ملكية وسائل الانتاج المتعلقة " بالارض، العمل، المال و التنظيم" متاح وقادر على توفير ما يحتاجه المواطنين من حاجات اساسية ذات علاقة بالتعليم، الصحة، النقل العام والسكن المناسب كمتطلبات اساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.

-    ان السياسات المالية التي تتبعها الدولة بموجب التشريعات التي يقرها نواب الامة والمتمثلة بادارة النفقات التي تحتل النفقات الرأسمالية الحصة الافضل والقادرة على توفير نظام تعليمي متقدم، رعاية صحية متكاملة وميسورة للجميع (التأمين الصحي الشامل) ووسائل نقل رخيصة وسريعة تساهم في تحقيق نتائج افضل على صعيد الانتاج وفي التخفيض من فاتورة الطاقة والاستهلاك لوسائل النقل الخاصة على وجه الخصوص وبالنتيجة تخفيض فاتورة استيراد الطاقة والمركبات عموماً.

-    ان اكتمال منظومة التشريع مع منظومة الادارة التنفيذية وسيادة القانون بتحصين القضاء مدخل هام لتعزيز متطلبات العدالة الاجتماعية، وان تلازم المسؤولية بالمسألة وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني المختلفة وعلى رأسها الاحزاب وقدرتها على المراقبة والمعارضة لسياسات الحكومات ودورها في تحقيق التشريعات الناظمة للحياة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية المناسبة لحاجات المجتمع، بالتعاون مع السلطة التشريعية اهم ركائن ضمان وجود العدالة الاجتماعية التي نريد.

مرتكزات العدالة الاجتماعية

-    المساواة وعدم التمييز وتكافُئ الفرص.

-    التوزيع العادل للموارد والاعباء بإصلاح هيكل الاجور، الضرائب، الدعم المباشر لجيوب الفقر من محدودي الدخل والعاطلين عن العمل.

-    الحق في الضمان الاجتماعي كركن رئيسي من اركان العدالة الاجتماعية.

-    مراعاة حقوق الاجيال القادمة فيما يتعلق بالأعباء الناتجة عن السياسات المالية المتبعة وخاصة مديونية الحكومات وتأثيرها عليهم.

-    الاستقلال في صنع القرار عامل اساسي في ارساء مرتكزات وضوابط العدالة الاجتماعية.

      تعيش امتنا حالة انقسام حادة، كان اكثر تجلياتها انشاء الدولة القطرية ، التي تحكمها قوى من مصلحتها تكريس هذه التجزئة بالدفاع عنها تحت شعار الدولة القطرية اولاً!؟ حيث نجحت هذه الدولة حتى تاريخه في الحيلولة دون اي محاولة جادة لتحقيق وحدتها، استقلالها وحرية ابنائها، لبناء مجتمعاً تسود فيه العدالة الاجتماعية، في وطن يتمتع بكل هذه الميزات من عدد السكان، تاريخ قيادي، ثروات متنوعة، الارادة والصمود والعزيمة لبناء ادواته السياسة القادرة على مواجهة هذه الطبقة التي تدير شؤون الدولة القطرية وتعمل بتحالفها مع الخارج وباستبدادها في الداخل لخلق احساساً لدى العربي ان هذا الواقع غير قابل للتغيير ؟!

       تحقيق وحدتنا المنشودة واستقلال سلطتنا السياسية كفيلة  بتحقيق العدالة الاجتماعية التي نرى من انها ستتحقق أجلاً ام عاجلاً اذا نجحنا في معالجة كثير من القضايا وأهمها :

 

 

 اولاً: التعليـــــــم

       يعتبر التعليم قديماً وحديثاَ، حاجة اساسية للإنسان وان توفيره بمراحله المختلفة ابتداً من المرحلة الاساسية حتى التعليم العالي مسؤولية الدولة دائماً، واستناداً الى ان التعليم وتعميمه على جميع افراد المجتمع اصبح حاجة اساسية من حاجات المجتمعات ويعتبر الاهتمام به والانفاق عليه تأكيد على ان العدالة الاجتماعية من هذه الزاوية متوفرة، بالإضافة الى ان التعليم هو القاعدة الاساسية للمجتمع السليم والسعيد الذي يكون فيه المعلم كأحد عناصر العملية التعليمية والتربوية، ركيزة اساسية من ركائز المجتمع وان الاهتمام به من كافة النواحي المتعلقة بالحرية والتأهيل والتدريب والرواتب والمزايا المختلفة من سكنية، صحية، سلامة النقل مترافقاً ذلك مع اهتمام خاص بالأم ودورها التعليمي والتربوي ابتداءً من الاسرة كمؤسسة للطفل/الطالب/الانسان الذي يبدأ تأسيسه وتأهيله من الام التي تشارك الرجل في التحديات المختلفة التي تعرضت لها امتنا من جهة، ومعاناتها من تسلط الرجل والمجتمع او بالتمييز اتجاهها في مختلف المجالات من جهة اخرى، فتكافؤ الفرص مثلاً بين الرجل والمرأة خاصة والمجتمع بشكل عام، مؤشراً على العدالة الاجتماعية التي تطمح المجتمعات لإرساء قواعدها .

        تشير بعض الدراسات الى تدني مخرجات التعليم لدى بعض الدول العربية مقارنة مع الدول النامية، وتؤكد هذه الدراسات على ان هناك حاجة ملحة لإصلاح الانظمة التربوية لدى هذه الدول بما يكفل رفع مستوى تحصيل الطلبة، رغم ان معدلات القيد في المدارس اصبح متحققاً باستثناء السودان، جيبوتي والصومال الذي وصلت نسبة القيد فيها لسنة (2022) بواقع (79، 73.8 ، 32.6) على التوالي فالدول العربية مطلوب منها الكثير في هذا المضمار لرفع مستوى التعليم وتطويره واحلال اساليب التعليم الحديثة بدلا من التقليدية. ان عدم المساواة بين الجنسيين في الالتحاق بالتعليم يساهم في تباطؤ نسبة النمو بالإضافة الى الاثار السلبية المترتبة على دخل ابناء المجتمع الواحد ومهاراتهم ومساهماتهم في بناء المجتمع. ان التعليم الثانوي كما في سنة (2020) وصل القيد فيه الى معدل (81.7)% وهو مؤشر افضل قياسا بالدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط  المنخفض وهو اقل كثيراً بالنسبة للدول ذات الدخل المتوسط المرتفع الذي تصل نسبة القيد لديها في التعليم الثانوي الى (92.7)% اما الدول ذات الدخل المرتفع فتصل الى (106.4)%. يلعب التعليم العالي دوراً محورياً في بناء اقتصاد المعرفة، اذ يقوم برفد سوق العمل بالقوى العاملة عالية التأهيل بعد ان اصبحت المعرفة والمهارات الرفيعة، المحرك الاساسي للنهوض الاقتصادي في عالم سريع التغيير وشديد المنافسة، فقد بلغ القيد الاجمالي في مرحلة التعليم العالي بالدول العربية بنسبة (41.1)% حتى عام (2020) وهو اقل من معدل الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع والدخل العالي. كما يعاني التعليم من نسب تمدرس في الوطن العربي وصلت في عام (2020) الى (12.4)% وهي اقل من معدلي الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة (13.9)% ودول العالم ككل (12.5)%  بالاضافة الى نسب تسرب مرتفعة من المدارس وصلت الى نسبة (38)% في السودان والى (5)% في كثير من الدول العربية.

       بلغ معدل الانفاق على التعليم من الناتج المحلي الاجمالي بنسبة (3.5)% وهو معدل اقل من معدله لدى الدول النامية البالغ (4.4)% ودول العالم البالغ (4.6)% اما نسبته من الانفاق الاجمالي فقد بلغ في الوطن العربي بنسبة (11.3)% ولدى الدول النامية بنسبة (15.6)% ولدى دول العالم مجتمعة بنسبة (14.3)%.

       بلغت نسبة الامية لدى الدول العربية  للبالغين من (15 سنة فما فوق) بنسبة (24.6)% منها للذكور بنسبة (13.7)% والباقي للإناث وللاعمار (15-24) سنة بنسبة (11.6)% للذكور و(15.9)% للإناث وهي نسبتان تتفوقان مثيلاتها في مختلف دول العالم باستثناء دول افريقيا فقد بلغت نسبة الاناث للفئة العمرية (15) سنة فما فوق حوالي (31.8)% من اجمالي عدد الاناث.

      هنا تكمن المشكلة في قطاع التعليم كعنصر هام من عناصر العدالة الاجتماعية لدى لدول العربية، انعكاساً لغياب الحرية الفردية والجماعية، غياب تكافؤ الفرص والمساواة، انخفاض الانفاق على التعليم، ارتفاع نسبة (التمدرس)، التسرب ونسبة الامية وبالنتيجة مخرجات تعليم لا تساعد على التنمية المستقلة قاعدة العدالة الاجتماعية الثانية بعد الاستقلال السياسي اولاً.

ثانيــاً: الصحـــــــة

   يعتبر القطاع الصحي والاهتمام فيه الي جانب التعليم مدخلاً للعدالة الاجتماعية فتوفير خدمات صحية سريعة ومناسبة تستوجب انفاقاً قادراً على تحقيق المطلوب على هذا الصعيد، فرغم ان (90)% من سكان الدول العربية حاصلون على الرعاية الصحية وهي متفاوتة من دولة الى اخرى الا انها نوعياً ما زالت دون تحقيق الامان الصحي المطلوب، فالكوادر الطبية ما زالت قليلة في كثير من الاختصاصات سواء من الاطباء او الممرضين والممرضات المؤهلات، خاصة ان الاحصاءات تشير الى عدم كفاية الكوادر الطبية مقارنة مع عدد السكان، فهناك (100) طبيب و (220) ممرض لكل مائة الف نسمة وهذا ينطبق على الاسرة والاجهزة الطبية المختلفة والادوية.

            بلغ الانفاق على الصحة من الناتج المحلي الاجمالي لدى الدول العربية بنسبة (5.1)% بينما هي (12.5)% للدول ذات الدخل المرتفع و (5.3) للدول ذات الدخل المتوسط المرتفع وفي اوروبا بلغت النسبة (9.4)% والمتوسط العالمي (9.8)%.

           يمثل معدل الوفيات عند الاطفال مؤشراً لمعرفة مدى كفاءة القطاع الصحي في اي دولة، فنجاعة الوقاية والاستشفاء، وتطعيم الاطفال ونوعية المياه وجودت الصرف الصحي، وتوافر اليات العلاج للأمهات اثناء الحمل وما بعد الولادة، جميعها مؤشرات على متانة القطاع الصحي، فقد بلغت وفيات الاطفال الرضع في الوطن العربي بواقع (17) حالة وفاة لكل الف مولود حي، بينما هي بلغت (3) لكل الف في الدول الصناعية، وبلغ عدد حالات وفاة الاطفال العرب دون الخامس بواقع (22) طفل لكل الف طفل بينما بلغ العدد في الدول الصناعية (4) حالات وفاة فقط، رغم ان الدول العربية حققت انخفاضاً بعدد وفيات الاطفال للسنوات (2010-2020) بشكل ملموس، الا ان النسبة مازالت مرتفعة انعكاساً لانخفاض حصة القطاع من الانفاق العام.

           نجحت الدول العربية في توفير مياه شرب آمنة بلغت نسبتها (95)% وهي اعلى من النسب في دول العالم وقريبة من النسبة لدى الدول الاوروبية التي بلغت (98)% لعام (2020)، لكن هذه النسبة تحمل مفارقات كَثِيرة ما بين الدول العربية النفطية وغير النفطية، بالإضافة لفروقات جوهرية بين سكان المدن وسكان الريف بنسبة هذا التأمين، اما الصرف الصحي فقد وفرته الدول العربية بنسب افضل مما هو لدى الدول النامية وقريب مما هو موجود في الدول الغربية وبنسبة وصلت الى (92)% لعام (2020).

ثالثاً: النقــل والمواصــلات

      تطورت البنية التحتية للنقل في العقدين الاخيرين من القرن الحالي، انعكاساً لارتفاع حجم التجارة الدولية من جهة ولارتفاع دخل الافراد واحتياجات الاسر للتنقل داخلياً وخارجياً وارتفاع حصة السياحة من الناتج المحلي الاجمالي العالمي، وخصخصة قطاع النقل الذي بدأ بعد ثمانينيات القرن الماضي في الدول الغربية وما بعد التسعينات، في كثير من دول العالم ومنها العربية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكف يد الدولة عن التدخل بالاقتصاد والسوق من جهة اخرى، اذ اصبحت حصة النقل كبيرة عندما فُسح المجال امام القطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع، حيث شهد العالم تطوراً لهذا القطاع في الطرق البرية، والنقل الجوي والبحري على حد سواء، وقد قدرت تكاليف الاستثمار في البنية التحتية العالمية لهذا القطاع للسنوات (2009- 2030) مبلغ (11) ترليون دولار، مما فرض على الدول سياسات مالية قادرة على توفير المال والكوادر القادرة على تحقيق استراتيجيات النقل المحلي والدولي.

     ان النمو الاقتصادي وتحقيق النسب المبتغاه من اي حكومة، يتطلب ان يكون الاستثمار بوسائط النقل، واحداً من الاستراتيجيات الهامة لها، اذ ان الاستثمار في النقل العام محلياً مثلاً بعد الاستثمار في الطرق والسكك الحديدية، سيساهم كثيراً في التخفيف على ميزانية الاسر التي تستهلك من ميزانيتها على وسائل النقل الكثير، من سيارات للاستخدام الشخصي او مركبات للاستخدام في نقل الركاب الذي بالإضافة الى كلفته المرتفعة وخاصة في الدول العربية التي تستورد هذه الوسيلة (المركبات) والتي يتعاظم حجم استهلاكها للمشتقات النفطية سنة بعد سنة مما شكل عبئاً اخراً على ميزانية الاسرة العربية من جهة، وعلى ميزانية الدولة وميزان المدفوعات والميزان التجاري وعجزه من جهة اخرى، فغالبية الدول العربية لم تستثمر بشكل كافي في قطاع النقل العام، للحيلولة دون تحمل هذه الاعباء المزدوجة ما بين الفرد والدولة، مما ساهم بشكل جلي في الفشل في تحقيق نسب نمو في الناتج المحلي الاجمالي مقبولة، او ساهم في تقليص الفجوة في الميزان التجاري وبالنتيجة عدم نجاح كل الخطط التي وضعتها الدولة العربية لتخفيض نسبة البطالة التي اصبحت مهددة للسلم الاهلي في الدول العربية باستثناء بعض الدول النفطية كالامارات العربية المتحدة، الكويت والسعودية وقطر، اللذين سبقوا باقي الدول العربية في توفير وسائل نقل عامة وخاصة على حد سواء برياً، جوياً وبحرياً انعكاساً لواردات النفط ومعدل دخل الفرد المرتفع قياساً ببقية ابناء الامة.

      ان الدول العربية غير النفطية ما زالت تعاني من كلفة النقل والمواصلات مما يخفض طلب  المستهلك على السلع والخدمات، بسبب تواضع الدخل، كما ان ارتفاع كلفة الشحن ادى الى ارتفاع كلفة السلع المستوردة او السلع التي يتم شحنها داخل الدولة العربية الواحدة، كما ان للتلوث الناتج عن استخدام عدد كبير من المركبات، يشكل تحدياً اخر للمدينة العربية التي تخلوا طرقها من وسائل النقل العام، السككي، الكهربائي بالإضافة الى ما تعانيه المدينة العربية من  الضوضاء، الازدحام المروري وحوادث السير القاتلة مما جعل من البنية التحتية للدولة، بنية طاردة للاستثمار وعائقة للتنمية التي تريدها الدولة العربية. 

نماذج في العدالة الاجتماعية

-    استطاعت اوروبا ان تتقدم كثيراً في مفهوم العدالة حيث وفرت تعليماً متقدماً ورعاية صحية شاملة بالإضافة الى وسائل نقل عصرية وسكن آمن مترافقاً ذلك مع انخفاض في معدلات البطالة والفقر وتراجع في سياسات الاقصاء والتهميش حسبما ما ورد في التقرير السنوي للعدالة الاجتماعية الصادر عن الاتحاد الاوروبي لسنة (2015) وابرز الامثلة على ذلك كانت المانيا التي نجحت في بناء نموذج اقتصادي واجتماعي ما بعد الحرب العالمية الثانية، واستطاعت بعد ذلك في استيعاب اعباء الوحدة الالمانية بعد انهيار جدار برلين اذ استطاعت ان تقلل من معدلات البطالة والفقر الناتجة عن الوحدة وفي ذات الوقت ان تهتم بالتعليم والرعاية الصحية وان تبنى شبكات متنوعة للمواصلات مترافقاً ذلك مع حقوق اساسية للفرد من حيث حرية التعبير والمشاركة التامة بالقرار عبر الانتخابات وكل ذلك باستقلال سياسي انعكس على حاضر ومستقبل المانيا وابنائها البالغ عددهم (80) مليون نسمة.

-    في التجارب غير الاوربية كانت ماليزيا، البرازيل، نموذجاً للنجاح حيث جمع بين هذه التجارب استقلال القرار السياسي وتمتع هذه الدول بقدرات بشرية ناتجة عن التعليم العالي المتقدم والرعاية الصحية التي وفرتها هذه الدول لأبنائها وشبكة المواصلات التي نجحت في تنويعها، فماليزيا التي لم تكن قبل اربع عقود تعرف اكثر من زراعة الارز والمطاط وبعض النباتات والفاكهة، فقد استطاعت قيادتها السياسية بإدارة محاضير محمد من تحويلها الى نموذج سياسي واقتصادي يحتذى به، فبعد ان كان معدل الفقرة يزيد عن (70)% اصبح اقل من (5)% وزاد دخل الفرد من (350) دولار سنوياً ليرتفع الى (18) الف دولار رغم اختلاف العرقيات التي يشكل الملايو (50)% من السكان والصينيون (24)% والهنود (7)%، فالإصلاح السياسي كان حاسماً في تحقيق الوحدة الوطنية رغم تعدد الديانات ايضاً، اما البطالة فقد تميزت ماليزيا انها خالية منها، حيث بلغت نسبتها بحدود (3.3)% علماً ان الدول الخالية من البطالة هي التي يبلغ معدل البطالة لديها اقل من (4)%.

-    استطاعت البرازيل ان تحتل مكانة بين الدول التي حققت تجربة هامة في التنمية قائم على الديموقراطية والاصلاح الاقتصادي والانفتاح الخارجي والتوزيع الامثل لنتائج هذا النمو، اذ نجحت في انتشال (21) مليون شخص من تحت خط الفقر حيث انخفض معدله من (53.8)% الى (21.4)% ونجحت بتقليص الفجوة بين الطبقات، محققة عدالة اجتماعية قائمة على ركائز اساسية تتعلق بالنموذج الفيدرالي المستند الى دستور عام (1988) حيث تم تقسيم البرازيل الى (27) وحدة ادارية قوامها (26) ولاية تتمتع بحكم شبه ذاتي لها بالإضافة الى منطقة فيدرالية واحدة ولكل ولاية مؤسستها الخاصة (تشريعاً، تنفيذاً و قضائياً)، مستندين على الاصلاح السياسي القائم على الشفافية والاستحقاق والحكم الرشيد وتم منح المعارضة حقها كاملاً بالتعبير عن ارائها عبر وسائل الاعلام بكل حرية وباستثمار الحضور الكبير للشباب في هرم المجتمع البرازيلي والاستغلال الامثل للمياه الوفيرة (الامازون) والنفط بالإضافة الى الانتاج الزراعي والرعوي ومعادن اخرى متعددة.

-    اهتمت الحكومة بالتعليم كماً وكيفاً ورفعت من نسبة الانفاق عليه من (2.7)% الى (4.5)%، اذ حصل التعليم الابتدائي على حصة الاسد من هذه الزيادة، مما رفع من المهارة في العمل وارتفاع دخول العاملين وتوج ذلك النجاح الاقتصاد وارتفاع حجم الناتج المحلي، بوضع برنامج (منحة الاسرة) حيث تم دعم الاسر التي دخل الفرد فيها اقل من (150) ريالاً برازيلياً معونة شهرية، وهنا لابد من الاشارة الى اهمية الدور الذي لعبه القائد (لولادي سيلفا) في نجاح البرازيل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

التوصيــــــات

           يتضح وطبقاً للتجارب العالمية ان النجاح في تحقيق التنمية المستقلة، كان من ابرز تجليها ارساء قواعد العدالة الاجتماعية، وعلى اختلاف الاسلوب والامكانيات فان العامل المشترك كان دائماً يكمن في الارادة السياسية اولاً ودائماً، وفي وطننا الكبير الذي يحتل هذه المكانة الجغرافية، السكانية وما تمتلكه مما في باطن الارض وما فوقها، بالإضافة الى ما وصل اليه ابنائها من مكانة علمية كبيرة، احتلوها في دول الغرب اكثر من ان يحتلوها في دولتنا العربية، فأن غياب الارادة السياسية اولاً ودائماً التي يرسخها التنظيم السياسي كمنتج للفرد، والمنتج من الفرد، لم تنجح حتى تاريخه من انشأه والذي هو اولاً ودائماً مدخلنا للنهوض.

 

     فيما يلي ابرز التوصيات التي ارى انها قد تساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية:-

1.    النضال المستمر من اجل خلق الادوات السياسية المؤمنة بوحدة الامة القائمة على الديمقراطية والشفافية في العمل وتقديم الوطن على حساب التنظيم اولاً ودائماً.

2.    ايلاء التعليم الاساسي ابتداءً من الطفولة وحتى التعليم العالي الاهمية الكافية، استناداً الى ان جميع التجارب العالمية، كان التعليم حاسم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستقلة وبالنتيجة العدالة الاجتماعية.

3.    ايلاء الرعاية الصحية ابتداءً من الام، الرضاعة والطفولة الاهمية الكافية، ورفع حصة القطاع الصحي من النفقات العامة بما يجعل الحصول على الرعاية الصحية مضمونة في كل زمان ومكان.

4.    ايلاء النقل العام الاهمية التي تستوجبها اهداف التنمية لتحقيق مؤشرات اقتصادية جيدة في نسبة النمو، الميزان التجاري والبطالة...الخ.

5.    التفاعل مع التجارب العالمية فيما يتعلق بالسياسة والاقتصاد لتحقيق مستويات مرتفعة من القضايا المتعلقة بالحرية وحق التنظيم وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص، كمدخل هام  لتحقيق العدالة الاجتماعية.

 

 

 

 

محمد احمد البشير

المصادر:

-  التقرير الاقتصادي العربي الموحد/2022

محاسب قانوني/ باحث ومحلل اقتصادي

 

-  نشرة مؤسسة ضمان الاستثمار

 

-  باسم راشد/العدالة الاجتماعية بين واقع مفهوم وفهم الواقع

 

 

-  مؤجز مكتب تنسيق (الكومسيك) التعاون في مجال النقل والاتصالات

 

-  مهدي القصاص/العدالة الاجتماعية (المركز العربي للابحاث)

 

 

-  محمد العمراوي/العدالة الاجتماعية مقاربة معرفية

 

 

-  أحمد العربي/المسؤولية الاجتماعية

 

 

-  ياسر ثابت/ماليزيا وسنغافورة والبرازيل

 

 

-  سارة جبري/البرازيل والفقر وعدم المساواة

 

 

-  وفاء لطفي/السياسات التنموية في ماليزيا

 

 

ورقة مقدمة في المؤتمر القومي العربي