البطالة والضرائب ثقب أسود يمتص دخلٌ الأردنيين وأحلامهم

الرابط المختصر

 

يدخل الشاب الأردني جهاد العواد يوميه الثاني هو و20 شابا متعطلا عن العمل في إضراب مفتوح عن الطعام في محافظة الطفيلة (180 كم جنوب عمان) للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم.

يعجز الاقتصاد الأردني عن توفير فرص عمل لما يقارب 400 ألف متعطل عن العمل جلهم من حملة الشهادات الجامعية، عجز يرده اقتصاديون الى خضوع الأردن لبرامج صندوق النقد التي اشترطت على الحكومة فرض ضرائب ورسوم ورفع الدعم عن سلع أساسية كي تتمكن الحكومة من الاقتراض.

لم يشعر المواطن الأردني بأثر إيجابي للنمو على أوضاعه المعيشية منذ أن دخل صندوق النقد الدولي في 1989، بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، والتوزيع غير العادل لعائدات الثروة.

وحسب اقتصاديون دفع المواطنون أثمانا باهظة بسبب زيادة الضرائب غير المباشرة "ضريبة المبيعات"، إضافة إلى الضرائب الخاصة على الكهرباء والمحروقات، وارتفاع معدلات البطالة إلى حوالي 19% في سنة 2019 قبل تأثر البلاد في جائحة كورونا.

ومن الضرائب التي أثقلت كاهل الأردنيين وألهبت أسعار السلع والخدمات، الضريبة المقطوعة التي تفرضها الحكومة على أسعار المشتقات النفطية، وحسب الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت، تتراوح هذه الضرائب على النحو التالي: البنزين الخالي من الرصاص ٩٠ نسبة الضرائب المفروضة على اللتر ١٢١٪ ،البنزين ٩٥ نسبة الضريبة ١٨٢٪، الكاز والسولار نسبة الضريبة ٥٢٪ .

ويلقي الكتوت باللوم على برامج صندوق النقد الدولي، التي يقول إنها تسببت بـ"آثار كارثية على المواطنين خصوصا الشرائح المتوسطة والفقيرة، مما زاد من معدلات الفقر والبطالة، بسبب رفع الدعم عن المواد الغذائية، وسن قانون المبيعات عام 1994، لترتفع بذلك الضريبة من 7% إلى 10% ثم إلى 16% عام 2004، وفرض الضرائب الخاصة على المحروقات والكهرباء، زاد من اعتماد الخزينة على الإيرادات الضريبية فارتفعت نسبتها إلى 70% من الإيرادات المحلية هذه الإيرادات لم تستثمر في خفض عجز الموازنة، ولا في زيادة خدمات الصحة والتعليم والبنية التحتية، بل وجهت نحو التوسع في النفقات الجارية، خاصة العسكرية منها". 

جزء كبير من هذه الضرائب يذهب لسداد فوائد الدين العام، وحسب الأرقام الصادرة عن وزارة المالية الأحد الماضي، وصل إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن إلى 110.6% في أول 5 أشهر من العام الحالي.وبلغ إجمالي الدين العام 36.319 مليار دينار (50.449 مليار دولار) في أول 5 أشهر من 2022.

النائب في البرلمان الأردني محمد الظهراوي عضو لجنة الطاقة، يدعو الى اعادة النظر في حجم الضرائب المفروضة ودعم المشتقات النفطية في الأردن، ورفع الضرائب عنها، بما يراعي دخل المواطن الأردني، يقول ، "الوضع سيء جدا حتى أن لا استطيع مواكبة ارتفاع أسعار المحروقات التي تمس حياة المواطن اليومية، هنالك فجوة كبيرة بين دخل المواطن ونفقاته".

يتابع "يجب أن يكون هناك تحرك نيابي على الأرض وحجب الثقة عن وزير الطاقة و العمل على ازالة الضريبة عن المحروقات وتخفيض الجمارك والرسوم هناك تململ كبير في الشارع، لا يجوز ترك الوضع كما هو عليها الا يكفي البطالة وتخبط بالسياسات العامة".

إيرادات ضريبة مرتفعة

وتشير أرقام موازنة 2022 وبيانات وزارة المالية " الى أن الضرائب شكلت جوهر الإيرادات المحلية خلال الثلث الأول من 2022 بنحو 172.3 مليون دينار إلى 2.738 مليار (3.86 مليارات دولار)، صعوداً من 2.565 مليار دينار (3.616 مليارات دولار) خلال الفترة نفسها من عام 2021.

ونقل موقع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات عن مدير الدائرة حسام أبو علي أن "النمو في الإيرادات شمل كل من ضريبتي الدخل والمبيعات حيث بلغت تحصيلات ضريبة الدخل خلال الربع الأول من العام الحالي 346 مليون دينار في حين كانت خلال الربع الأول من العام الماضي 2021 ما مقداره 277 مليون دينار أي بنسبة نمو 25%. وبلغت تحصيلات ضريبة المبيعات خلال الربع الأول من العام الحالي 998 مليون دينار في حين كانت خلال الربع الأول من العام الماضي 968 مليون دينار بزيادة نسبتها 3%".

هذا النمو الضريبي وخصوصا في ضريبة المبيعات والتي تصل الى 16% يتحملها الغني والفقير دفعت خبراء اقتصاديين بوصفها بـ"غير العادلة"، معتبرين أن "المواطن الأردني يرزح تحت عبء ضريبي كبير يفوق 26%"، كما يقول الرئيس السابق لجمعية المحاسبين الأردنيين محمد البشير .

يقول البشير "حسب تقرير البنك الدولي حول مؤشرات التنمية العالمية، يشير إلى أن الأردن يحتل المرتبة (11) من بين (24) دولة شملها التقرير عبء ضريبي نسبته (18.3%) من الناتج المحلي والمتوسط العالمي بلغ ما نسبته (14.1%) بينما بلغ في دول مثل  كندا (11.9%) و المكسيك (10.9%)، لكن الأرقام الحقيقة هي أكثر من ذلك فقد أشار رئيس الوزراء الأسبق عمر الرزاز في محاضر له أن العبء الضريبي على المواطن الاردني يصل الى 26%".

يدعو البشير إلى ضروة " التراجع عن قرارات الحكومة السابقة التي اتخذتها بخصوص فرض ضريبة مبيعات على الكثير من السلع والخدمات ذات المساس الواسع بأصحاب الدخول المرتفعة من جهة بالإضافة إلى اعفاء مدخلات الانتاج الصناعي والزراعي كوسيلة لتخفيض كلف هذه السلع حتى تستطيع ان تنافس السلع المستوردة".

 

يقول "، "تم العبث في الأردن بفلسفة ضريبة الدخل التي تهدف لإعادة توزيع الثروات، بسبب تغول القوى الاقتصادية عبر التشريعات، وأصبح الحجم الأكبر من التحصيلات من ضريبة المبيعات ويشكل عبء كبير على المواطنين، وتغذي هذه الضرائب بنسبة 85% النفقات الجارية التي تذهب لتغطية خدمة فوائد الدين العام بفاتورة الرواتب".

معتقدا أن الإصلاح السياسي هو المفتاح للإصلاح الاقتصادي، من خلال وجود حكومات منتخبة تقف بوجه ما أسماه "تغول النخب السياسية المتحالفة مع رأس المال".

 

 أما مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض يرى أن في ورقة بحثية أن "اشتراطات الصندوق ساهمت بعدم رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستويات تلبي الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، مبررين ذلك أن رفع الأجور في القطاع العام سيعيق عجلة النمو الاقتصادي، باعتباره يرتب تكاليف إضافية على أصحاب الأعمال، ما أدى الى عزوف قطاعات واسعة من طالبي الوظائف وخاصة النساء عن الانخراط في سوق العمل، بسبب ضعف الجدوى الاقتصادية للعمل بأجور منخفضة جدا".

الحكومة لا ضرائب جديدة في 2022

بدوره وزير المالية محمد العسعس تعهد في مؤتمر صحفي أن "الحكومة ستستمر  بالتزامها بعدم فرض أي ضرائب أو رسوم جديدة أو رفع أي ضرائب أو رسوم قائمة وما مكننا من هذا هو سياسة محاربة التهرب الضريبي والجمركي".

مضيفا " ستعزز  الحكومة مبدأ الاعتماد على الذات عبر تغطية الايرادات المحلية للنفقات الجارية وهو من أهم المؤشرات لأي دولة على الاعتماد على الذات، مشيرا إلى أنه كان في 2020 تقريبا 74% وسنقوم برفعه في عام 2022 إلى 88.5%".

وكشف العسعس، أن نسبة العبء الضريبي في عام 2021 بلغت  24.2 بالمئة من دخل الفرد، وفق دراسات أجرتها دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، أوضح أن الجزء الأكبر من هذا "العبء هو على مشتريات السلع والخدمات الكمالية".

 

الإصلاح الضريبي ما المطلوب؟

بدوره يرى نائب رئيس جمعية خبراء ضريبة الدخل والمبيعات، إبراهيم حرب، "التشريعات الضريبة دائما تلامس جيوب المواطنين، الدولة الأردنية اتكأت على الضرائب غير المباشرة كونها أسرع في التحصيل مثل ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، بينما ضريبة الدخل متأخرة لحين انجاز الكشوف".

يتابع "العدالة الضريبة تقول يجب أن تكون التحصيلات من ضريبة الدخل أعلى، وهذا أكبر ما يعاب على الضرائب في الأردن اضافة الى النسب العالية المفروضة على المكلفين وعدم توسيع الشريحة، ايضا هنالك تغيير مستمر في قوانين الضريبة، وتراجع بالطاقة الضريبة أي لا تستطيع الشرائح الاستمرار بدفع الضرائب".

مطالبا بالتحول من الضرائب غير المباشرة الى ضريبة الدخل، وتعديل قانون ضريبة المبيعات.

هذا ويبلغ معدل دخل الأسر الأردنية 11.5 ألف دينار (16.2 ألف دولار) -وفق دائرة الإحصاءات العامة- ما يؤشر إلى أن هناك عجزا سنويا في الإنفاق بمعدل ألف دينار (1400 دولار)، ويتوقع خبراء ارتفاع ذلك العجز تبعا لزيادة أسعار السلع المختلفة.ويذهب أغلب إنفاق الأسر الأردنية على الغذاء ما يتراوح بين 35% و50% من دخلها.

 

للإطلاع على كامل محتوى برنامج عدالة اجتماعية / بالشراكة مع مكتب تونس لمؤسسة فريدريش إيبرت، من خلال مشروعه الإقليمي سياسات اقتصادية من أجل عدالة اجتماعية.