"غيمة" في الكرك تقدم حلاً مبتكراً للبطالة عبر إعادة التدوير

الرابط المختصر

مع تزايد التحديات البيئية والاقتصادية في محافظة الكرك، تأتي في مقدمتها البطالة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، لتصبح البطالة عائقاً كبيراً أمام استقرار الأفراد والمجتمع ككل، إذ بلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الثاني من عام 2024  21.4%  بحسب دائرة الإحصاءات العامة .

 ومع بروز أزمة التغير المناخي، ظهرت مؤسسة "غيمة" كمبادرة رائدة تسعى لتقديم حلول مبتكرة للبطالة عبر مشاريع إعادة التدوير لتخفيف الضغط على البيئة، وتوفير فرص عمل للشباب والنساء، حيث يتم تحويل النفايات إلى منتجات فنية تُعرض في البازارات المحلية والإلكترونية.

 

فكرة ولادة المشروع:
انطلقت فكرة "غيمة" من وحي الواقع البيئي المتردي في الكرك، كما يوضح مؤسسها ليث أشرف المجالي: "في البداية عام 2018، كانت الفكرة بسيطة؛  حملة تطوعية لتبادل الكتب الجامعية في جامعة مؤتة باسم" حملة كتابكم" ، لكن مع الوقت، تطورت الفكرة إلى مبادرة بيئية تهدف إلى إدارة النفايات الصلبة، مثل البلاستيك والزجاج والورق والأقمشة، وكانت ثورة الإنطلاقة للمبادرة في منتصف عام2019، بعد جهود مكثفة، تمكن الفريق من لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم في الكرك ، و تحدثت أمامه عن فكرة المشروع ، الذي أعطى إعجابه بأهدافها ورؤيتها الهادفة لدعم البيئة ومناهضة التغيير المناخي ونشر ثقافة إعادة التدوير وإدارة النفايات،و تقديم دعمه الكامل للفكرة وبعد 2019  استقبلنا أول الدعم المعنوي من الديوان الملكي و تصنيفنا كإحدى المبادرات الملكية".

 

النجاحات والتحديات:
شهدت المبادرة مراحل صعود وهبوط منذ تأسيسها، استطاعت المؤسسة خلال فترة وجيزة في تقديم نموذج ريادي للتنمية المستدامة في الكرك، يضيف المجالي ل”صوت شبابي :" تم توزيع  دعم الديوان الملكي الذي كان عبارة عن حاويات بلاستيك بسعة 240 لتر لكل الأماكن التي تولد النفايات من منازل و مؤسسات، ولكن حتى مطلع 2020، اضطر الفريق إلى التوقف مؤقتاً بسبب جائحة كورونا، وفي بداية عام 2021 عاد المشروع إلى الحياة، ليتم تأسيس أول محطة فرز نفايات في الكرك وافتتاحها، شهد المشروع توسعاً كبيراً ليشمل المدارس، المؤسسات الصحية، والمراكز المحلية، نجحت المبادرة نجاحاً كبيراً بحلول بداية عام 2022، بعد التقدم في المشاركة كفكرة مشروع ريادي في هاكاثون  التغيير المناخي على مستوى الأردن المنظم من قبل وزارة البيئة الاردنية و undp و zinc ، والفوز بعد مُنافسة كبيرة بين عشرات المشاريع الريادية الناشئة و تنفيذه، وفي نهاية 2022  تم ترخيص المبادرة لتصبح مشروعاً مرخصاً ضمن السجل التجاري في الكرك باسم مؤسسة غيمة،  استطاعت المؤسسة  تقديم أكثر من 515 فرصة عمل مدفوعة للشباب والسيدات في المجتمع المحلي، حيث وصلت أرباح المؤسسة أرقام ممتازة،و أصبح المشروع منصة للتدريب والتمكين، حيث يتم تنظيم ورشات تدريبية حول إدارة النفايات وإعادة التدوير،مما يساهم في تحسين فرصهم في سوق العمل. "

أحد المستفيدين البارزين من غيمة هو محمد المجالي ، الذي عمل كمنسق في المؤسسة، يروي تجربته قائلاً : "تجربتي في غيمة كانت تجربة ملهمة، ساعدني على تطوير مهاراتي القيادية والتنظيمية،قمنا بتنظيم العديد من التدريبات والورشات التوعوية تستهدف الشباب والعائلات، والبازارات البيئية، بالرغم من التحديات الكبيرة التي يفرضها التغير المناخي على سوق العمل في الكرك، يمكن للتفكير الإبداعي والمبادرات المحلية أن تشكل حلاً مستداماً لهذه المشاكل، و يجب أن تستمر جهود الحكومة والمجتمع المحلي في دعم مثل هذه المشاريع لضمان تقليل آثار البطالة المناخية على المجتمعات الريفية ".

إلى جانب دورها البيئي، ساهمت مؤسسة "غيمة" في مواجهة مشكلة البطالة من خلال توفير فرص عمل جديدة للشباب، يوضح إلياس الطراونة، أحد المستفيدين من المشروع: "لقد ساعدني المشروع في اكتساب مهارات جديدة في إعادة التدوير والاستدامة البيئية، إضافة إلى توفير مصدر دخل ثانوي من خلال العمل مع فريق المؤسسة."

 

التأثير الإجتماعي والبيئي:
تعد مؤسسة غيمة اليوم محركاً أساسياً للتغيير الإجتماعي والبيئي في الكرك، من خلال إنشاء بنية تحتية متكاملة لإعادة التدوير، نجحت في نشر ثقافة فرز النفايات من المصدر وتحويل النفايات الصلبة إلى موارد قابلة للإستخدام، تقول مي الطراونة، خبيرة في العمل البيئي : "إعادة التدوير تسهم في تعزيز الإستدامة وتقليل التلوث من خلال تحويل النفايات إلى موارد قابلة للإستخدام ، وتقليل استهلاك الموارد الطبيعية، وتوفير فرص عمل، مما يساهم في مكافحة التغير المناخي."

بالإضافة إلى ذلك، كانت مؤسسة غيمة رائدة في تنظيم البازارات البيئية التي تعرض فيها المنتجات المصنوعة من مواد معاد تدويرها، تقول ملاك أبو خشم : "من خلال هذه البازارات، نجحنا في رفع الوعي حول الاستهلاك المستدام وتشجيع المجتمع المحلي على المشاركة في حماية البيئة،كما ساهمنا في دعم الاقتصاد المحلي عبر بيع منتجات معاد تدويرها."

 

التحديات المستقبلية والطموحات:
على الرغم من النجاحات الكبيرة، لا تزال "غيمة" تواجه تحديات لوجستية ومالية،يوضح ليث المجالي: "نطمح إلى توسيع نطاق عملنا ليشمل جميع محافظات المملكة،نهدف إلى توفير حاويات فرز أمام كل منزل ومؤسسة، وأن يكون لدينا فرق ميدانية متخصصة لجمع وفرز النفايات،التحديات كبيرة، لكننا نعمل جاهدين لتجاوزها."

مؤسسة غيمة دليل حي على أن المبادرات المحلية قادرة على إحداث فرق حقيقي، فأصبحت علامة فارقة في الكرك، وواحدة من أهم المشاريع  التي تسعى إلى حماية البيئة ومكافحة البطالة، تواصل غيمة رحلتها نحو مستقبل أكثر استدامة.

أضف تعليقك