شابات الكرك يتجهنّ لإحياء التراث "بالمدرقة"

الرابط المختصر

يشهد مجتمع الكرك مؤخرًا توجهًا ملحوظًا من الشابات لإحياء التراث من خلال إعادة إنتاج وصناعة "المدرقة"، وهي أحد الملابس التراثية التقليدية التي كانت جزءًا من الهوية الثقافية للأردن. يعود استخدام المدرقة إلى أجيال مضت، حيث كانت ترتديها النساء في المناسبات الاجتماعية المختلفة مثل الأعراس والمناسبات القبلية. الآن، تأخذ شابات الكرك على عاتقهن مهمة الحفاظ على هذا التراث الحي وإعادة إنتاجه بلمسة عصرية تلائم الأذواق الحالية دون المساس بجوهره التراثي. 

وفي هذا الجانب تقول السيدة هنيه البيايضه :كل منطقة لها تراثها الذي ورثناه من الأجداد ،وكانت  أمهاتنا على الرغم من بساطتهن يتمسكن بارتداء المدرقه بعد تطريزها على يديهن لارتدائها في المناسبات المختلفة ،اعتزازا بها كجزء من تراثنا المتوارث ،فكانت ألوانها بالوان سنابل القمح ،وكنا يضفن عليها نقش من التراث يعبر عن الموطن الذي هي فيه.
 

وفيما يخص تطريز المدرقة نحن نتماشى مع العصر ومع التحديث على المدرقة فبعض التصاميم مثلا أدخلنا عليها الخرز الملون والبرق بألوان مختلفة كبديل اللون الأصفر أو الذهبي والذي كان متعارف عليه فقط سابقاً.

ونقلنا القطبة الفلاحي للقمصان التي ترتديها الشابات مع المدرقة،بالإضافة لالتزامنا ليس فقط بالتطريز اليدوي بل انتقلنا للتطريز عبر المياكين الخاصة بذلك مما يتيح لنا إضافة نقشات مختلفة وجديدة.

وتضيف، كانت المدرقة حاضرة منذ الأزل ولكن في الفترة من نهاية الثمانينات لبدأية التسعينات والألفية بدأ ظهورها يقل للأسف، ولكن عادت ظاهرة ارتدائها مؤخرا بشكل كبير فاصبحنا نرتديها كما تقول البيايضة في المناسبات العامة لإيماننا بأن ارتدائها أصبح ضرورة للدلالة على هويتي كامرأة كركية أردنية تعتز بتراثها.

تجسد المدرقة اليوم جسرًا بين الماضي والحاضر، حيث تعكس التصميمات الحديثة الوعي بالتراث مع مراعاة التطورات في الأزياء والموضة. لا يقتصر هذا الجهد على مجرد إعادة إنتاج الملابس، بل يشمل أيضًا الترويج لفكرة الحفاظ على الهوية الثقافية من خلال منصات التواصل الاجتماعي والفعاليات التراثية والمبادرات الشابة. 

فقد أشارت صفاء المجالي مؤسسة مبادرة (إحياء المدرقة) إلى أن السبب الذي دفعها لإطلاق هذه المبادرة إلى أن "مبادرة نفرح في مدرقتنا هي إحدى المبادرات التي تهتم في الحفاظ على الموروث التقليدي للأزياء الأردنية في عالم الزحام المتغير في الوقت الحالي، فوجدنا أنفسنا أمام ثقافات شعوب مختلفة من الأزياء التي غزت عالمنا من مفاهيم مختلفة كدور الأزياء العالمية والقفطان المغربي الذي أصبح حاضر في كثير من مناسباتنا. والمدرقة الكركية تمتاز بجمالها وفخامتها المميزة من هنا قررنا مجموعة سيدات نشميات كركيات في أرجاع هيبة المدرقة وإعادة حضورها في أجمل مناسباتنا لأنها ذات أهمية في الحفاظ على هويتنا ومحط فخر لنا في وجدننا وهي تاريخ نعيش فيه والحمد لله المبادرة كانت ناجحة ونرى المدرقة الآن حاضرة في كل مناسباتنا."
 

ولم تكتفي شابات الكرك بارتداء المدرقة فحسب بل أصبحنا يهتممن أيضاً بمؤسسة العمل بالحرف اليدوية مثل التطريز والحياكة لتطوير شكل المدرقة وإضفاء نوع من الحداثة عليها .

وهو ما أكدته ديما المجالي التي قالت: بالنسبة لي قمت بمؤسسة للعمل الحرفي بالكرك ومن ضمن الحرفيات سيدات يصممن المدرقة بأشكال وتصاميم جذابه مما يساهم بالتسويق لها بشكل أكبر، وايضا قمنا بتشجيع باقي السيدات بأن تكون الحرف اليدوية تتضمن التطريز المستخدم في المدارق للحفاظ على صورة الزي التراثي في الأذهان.
 

وأضافت ،المدرقة بالنسبة لشابات الكرك هي رمز للهوية الثقافية وجزء من تراثنا الكركي ،وارتدائها ليس ارتداء قطعة ملابس فقط بل هي تعبر عن الأصالة والتقاليد من خلال التنوع الذي بتنا نشاهده في ألوانها وتطريزها المميز .

بينما كانت المدرقة في الماضي تقتصر على المناسبات التقليدية، يسعى الجيل الجديد إلى إدخالها في الحياة اليومية بطرق مبتكرة. تقوم العديد من الشابات بتحديث تصميم المدرقة لتلائم الأذواق الحديثة دون المساس بجوهرها التراثي، ما يخلق توازنًا بين الأصالة والمعاصرة. 

كما أن هذا التوجه لا يقتصر على التصاميم فحسب، بل يمتد إلى تنظيم ورش العمل، والمعارض التراثية، والترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يساهم في نشر الوعي بأهمية الحفاظ على هذا التراث العريق. 

وتحدثت خديجة الضمور لصوت شبابي مشيرة إلى أنه حالياً هنالك اهتمام و طلب واضح على المدرقة من فئة الشباب، أما فيما يخص مواقع  التواصل الاجتماعي فقد ساهمت بشكل كبير في نشر ثقافة المدرقة وهو ما يبدو واضحاً في المناسبات الاجتماعية والفعاليات التي أقيمت للانتخابات وحماس الفئة العمرية للشابات التوجه لارتداء المدرقة.

وتضيف الجيل الجديد جيل واعي و رسالتي للمحافظة على التراث هو تعريف الجيل الجديد بهذا التراث منذ الصغر، سواء كان ذلك في المنزل أو في المدرسة، ويكون ذلك من خلال الطرق التي تتناسب مع كافة المراحل العمرية والجمع بين الأصالة والمعاصرة، عن طريق سعيها للتطور إلى جانب المحافظة على التراث، والعادات، والتقاليد واشراكه بإحياء التراث.
 

يجسد سعي  شابات الكرك لإحياء "المدرقة" روح الانتماء والاعتزاز بالتراث الثقافي الأردني. من خلال هذه الجهود، لا يتم فقط الحفاظ على جزء مهم من هوية المجتمع، بل يتم تمرير قيم الأجيال السابقة إلى الأجيال القادمة بشكل يتناسب مع العصر الحديث. إن إصرار هؤلاء الشابات على إحياء هذا الزي التقليدي يؤكد أن التراث ليس مجرد ماضٍ، بل هو عنصر حي يتفاعل مع الحاضر ويشكل المستقبل أيضاً.