يقضي محمد البالغ من العمر 27 عاما ساعات طويلة في مكان عمله حيث يبدأ منذ الصباح الباكر بالتوجه الى مكتبه ويعود في المساء المتأخر ويشتكي أن ظروف المكتب لا تشجع على تناول طعام صحي، ويعتقد أن استخدام جهاز الحاسوب بشكل مستمر يلهيه عن تناول وجبات صحية ويستمر على القهوة والشاي التي تعد من المنبهات، وتكون فرصته الوحيدة قرار جماعي من زملائه في العمل بشراء طعام جاهز من أحد المطاعم القريبة .
محمد يبذل جهودًا لتحسين عاداته الغذائية في مكان عمله، ويرى أن التحدي ليس فقط في الأكل الصحي ولكن أيضًا في توفير الوقت والتركيز أثناء العمل.
"يقول :طول الوقت على الجهاز بنقضيها قهوة وشاي و الفرصة الوحيدة اذا واحد طلب يطلبلنا معه وجبة من أي مطعم بنطلب فلافل وشاورما هيك متعودين، وطبعا نفسي احسن عادات وأوقات الأكل عندي في الدوام كونه بكون فيه لفترة طويلة يوميا."
"وتشتكي ام وصفي من سوء تغذية ابنها لاعتماده على الطعام الجاهز واستهلاكه للحلويات والسكريات بشراهه، وتقول : ابني بيفضل الاكل الجاهز عن الغدا في البيت وبيتجنب الخضار والفواكه طول وقته يأكل حلو مش بس هو هو وأصحابه كلهم زي بعض وعلى نفس النظام عايشين."
وبالحديث عن رؤية وأهداف الاستراتيجية الوطنية لتغذية لعام 2023 - 2030 يلتزم الأردن بالعمل على تحقيق الأهداف العالمية لتغذية لجمعية الصحة العالميةبحلول عام 2025 والمتعلق بالتغذية كهدف من أهداف التنمية المستدامة متماشيا بذلك مع الأهداف العالمية، ومن الاهداف المحددة خفض معدل انتشار زيادة الوزن والسمنة لدى المراهقين من 6سنوات إلى 18 عام بنسبة 5% بالإضافة إلى وقف معدلات الإصابة بمرض السكري لدى المراهقين .
الدكتورة تغريد النوافلة، المختصة في التغذية السريرية، وهي دكتور صيدلي/عيادة تثقيف السكري في مستشفى حكومي، تحدثت عن واقع حياة المراهقين وأثر التغذية السليمة. أكدت أن مشكلة مقاومة الأنسولين والتي تعتبر من أهم مسبباتها السمنة وزيادة الوزن وقلة النشاط البدني لدى المراهقين، وعدم السيطرة على مقاومة الأنسولين تؤدي إلى حدوث أمراض مزمنة مثل السكري و تكيس المبايض و متلازمة الاستقلاب وغيرها من الأمراض، مما يستدعي التدخل السريع والفعّال لمواجهة هذا التحدي الصحي الحرج. وأوضحت أن مبادرة 'يلا نمشي'، التي تشرف عليها، تسعى جاهدة لتقليل الآثار السلبية للمشاكل الصحية على الشباب، بالإضافة إلى تثقيفهم حول أساليب الحياة الصحية. تطمح النوافلة إلى نقل رسالة قوية عن أهمية تبني نمط حياة صحي يحقق الرفاهية والصحة العامة للأفراد."
و بالحديث مع أخصائية التغذية براءة الفراهيد والمعتمدة من قبل وزارة الصحة تحدثت مرحلة الشباب و عن أهمية التغذية وعلاقتها بالأثر المباشر وغير المباشر على الجينات للإنسان وأهمية تعليم الجيل القادم أولويات الصحة والتغذية السليمة .
قالت : فترة الشباب من أهم مراحل حياة الإنسان حيث يتم بناء الأسس القوية الصحة البدنية والعقلية، ونقص التغذية أثر سلبي على النمو وتطور مراحل بناء الجسم وأظهرت الدراسات أن نقص الغذاء قد يؤدي إلى ضعف الأنسجة والأعضاء وينعكس بالحصلة سلبًا على الصحة العامه .
واكدت ان لتغذية السليمة دور حاسم في بناء الجينات فهي ليست مجرد دعم للعمليات البيولوجية بل تساهم في الحفاظ على استقرار التركيب الجيني، والعناصر الغذائية عديدة منها الفيتامينات والمعادن حيث تلعب دورا في الحفاظ على صحة الحمض النووي والذي يؤثر على التعبير الجيني لتعزيز النمو الطبيعي والوظائف الحيوية .
وقالت : انه بالمقابل نقص العناصر الغذائية في سن الشباب لا يقتصر على الجسد فحسب بل يصل إلى الصحة العقلية والعاطفية، حيث ان نقص التغذية يمكن أن يؤدي إلى عواقب صحية طويلة الأمد مثل ضعف الأداء العقلي وصعوبات في مستوى التركيز والقدرة على التعلم، فضلا عن الاضطرابات في الحالة المزاجية.
وأضافت الفراهيد : أنه بالمقابل التغذية الجيدة تساهم بشكل كبير في تحسين الدماغ و تعزز المهارات العقلية، وتعد الأطعمة الغنية بالاحماض الدهنية اوميغا 3 والفيتامينات والمعادن تدعم أداء أعصاب الجسم لتطوير القدرات الفكرية والابداعية، كما أن سوء التغذية يمكن أن يؤثر سلبًا على الاستقرار العاطفي والنفسي للشباب، مما يؤدي لزيادة مستوى القلق والاكتئاب لذا وجب تقديم الغذاء الكافي لضمان الحالة المزاجية باستمرار.
وحول العناصر الغذائية الأساسية قالت الفراهيد أن الشباب يحتاج لمجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن مثل الفواكه في موسمها والخضروات الطازجة، بالإضافة البروتينات والحبوب الكاملة لضمان نمو وتطور صحي .
وعللت الفراهيد أن برامج التغذية المدرسية تلعب دورًا هام في تحسين تغذية الشباب وتعليمهم حول الخيارات الأفضل لنظام صحي فعال، من خلال تقديم وجبات غذائية متوازنة وتعليم مهارات الطهي وبذلك تتحسن الصحة العامة للشباب ويكون تأثيرها إيجابي على الجينات
والحديث عن الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين نمط الغذائي اليومي فهي بالأساس تبني نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام وتجنب الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة .
وأيدت الفراهيد أن الدراسات الحديثة تدعم فكرة تأثير التغذية على الجينات لأن التغذية السليمة على التعبير الجيني مما ينعكس على الصحة والأداء البدني والعقلي بشكل مباشر أو غير مباشر و تلعب الأسرة دورا مهم في تحسين تغذية أبنائها من خلال تقديم وجبات غذائية صحية، وتعليمهم العادات الغذائية الجيدة لتطوير صحة أبنائهم بشكل صحي وحقيقي متوازن."