"عندما قررت خوض تجربة الانتخابات كنت أعتقد أن كل من يقدم على هذه المشاركة هدفه الدعم والتطوير،وسيكون همه الوصول لحلول حقيقة لمشكلاتنا،لنشكل حينها فسيفساء وطنية هدفها الرقي والنهوض بالوطن، لكن ما رأيته كان مختلف تماما حتى أنه كانت قضيتهم هي الوصول لحلول تسوية وليس حاول حقيقية"، هكذا بدأت النائب هدى العتوم حديثها لنا عن مشاركة المرأة السياسية في جرش.
تعتبر النائب العتوم إلى أن ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية في جرش يرجع "إلى المال السياسي الذي يدفع للناخب مقابل كل صوت، والطريقة التي تفكر بها النساء على أن النائب هو نائب خدمات وليس تشريع، بالإضافة لارتباط قرار المرأة بالترشح من عدمه يعود لقرار العشيرة بداية."
العتوم هي إحدى النساء اللاتي ترشحن للانتخابات النيابية عام 2016 ،و فازت بمقعد التنافس على مستوى محافظة جرش ب 5.904 أصوات
بينما، تقول النائب السابق وعضو حزب الاتحاد الوطني نجاح العزة أن نسبة مشاركة المرأة السياسية في جرش متدنية جدا بسبب ضعف المشاركة الحزبية، لتخوف المرأة من المشاركة بالإضافة وجود المال السياسي الذي يلعب دورا كبيرا في شراء الأصوات للوصول للمناصب السياسية.
وأضافت العزة أن "دعم النساء في المحافظات وتطويرهن ضعيف جدا، بسبب غياب الدعم الحقيقي لهن، مبينة العزة أنه لو يتم دعم النساء بطريقة صحيحة في المحافظات تحديدا سنجد أداء المرأة أفضل بكثير وسنراه على أرض الواقع".
ويتفق المحامي والناشط السياسي، والحزبي، عبد المجيد العتوم معها بأن " ضعف دور الأحزاب في محافظة جرش تحديدا وفي الأردن بشكل عام من شأنه إضعاف مشاركة المرأة في الحياة السياسية، مؤكدا أن المرأة لديها من الطاقات والمؤهلات ما يؤهلها لتولي مناصب سياسية حساسة".
ولفت العتوم إلى أن قرار المرأة بالترشح للانتخابات مرتبطة بموافقة الرجل أولا والعشيرة ثانيا، مما يجعل عدم قدرة المرأة على الاستقلال برأيها هي من العوامل التي تحول دون تقدم مشاركة المرأة السياسية في محافظة جرش.
وحسب مقابلات أجراها معهد تضامن للنساء الأردني من منظور النوع الاجتماعي ، مع مرشحات مجلس النواب الثامن عشر لمعرفة أهم العوامل والأسباب التي شجعتهن على الترشح، تبين بأن
إجماع العشيرة كان بالدرجة الأولى تلاها تنازلياً كل من إجماع قرية كاملة، وطلب الحزب، وطلب الأصدقاء والأقارب، ودعم الزوج، وبناء على قرار شخصي، وأخيراً كونها ناشطة اجتماعية ترغب بالتغيير. فقد أفادت 93% بأن قرار الترشح اتخذ بناء على دعم عشائري أو مجتمعي أو حزبي مقابل 7% خضن الانتخابات دون أي دعم .
أهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية
بحسب دراسة للبنك الدولي بعنوان "الفساد والمرأة في الحكومة"، فإن لدى النساء معايير أعلى في السلوك الأخلاقي، ويبدو أنهن أكثر اهتماما بالصالح العام، حيث خلصت الدراسة إلى أن ارتفاع معدلات مشاركة الإناث في الحكومة يرتبط بمستويات منخفضة من الفساد، ومن ثم فإن زيادة أعداد النساء في السلطة يأتي بفوائد مجتمعية أكبر.
أكدت من جهتها النائب السابق نجاح العزة أن مشاركتها تنعكس إيجابا على دور النساء، حين يستلمن مناصب قيادية وحساسة وهذا من شأنه أن يقود البلد للتقدم أكثر.
ويؤيدها رئيس بلدية جرش الكبرى الدكتور علي قوقزة بقوله أن التوسع في مشاركة المرأة سياسيا يزيد من التمكين الاقتصادي لها ، مشيرا إلى أنه أسس وحدة تمكين المرأة في بلدية جرش الكبرى التي بدورها تساعد المرأة على الاستقلالية والاعتماد على نفسها.
وأكد قزقزة أنه هنالك ما يقارب 1000 امرأة استفادت من هذه الوحدة،بين تشغيل، فرص عمل أو مطابخ إنتاجية، لافتا إلى أن دعم المرأة سينعكس في المراحل القادمة على إشراك المرأة في الترشح للانتخابات سواء بلدية أو نيابية.
وبين أن هذه المشاريع من شأنها إظهار قدرات المرأة الكامنة وغير المعروفة لتسلم مناصب سياسية وقيادية على مستوى الوطن.
وبما يتعلق بدور المرأة الجرشية في الحياة السياسية قالت النائب الحالي هدى العتوم أن المرأة الجرشية فرضت نفسها كنموذجا ناجحا للمرأة الأردنية السياسية ، مشيرة إلى أن أداء المرأة الجرشية في البرلمان يوازي الرجال إن لم بتفوق عليه.
وأكدت أنها تحمل خبرة في مجال التعليم وهو أخطر المجالات في الأردن، مبينة أنه ليس على النائب أن يكون خبيرا في كل شيء، يكفي أن يكون خبيرا بشيء وملما بكل شيء.
وتتفق معها النائب السابق نجاح العزة بقولها أنه خرج علينا العديد من النواب السابقين والحاليين لم نسمع لهم صوتها داخل البرلمان، وليس لهم أي تأثير يذكر، مقابل أن المرأة الجرشية سطرت مثالا يحتذى به في البرلمان.
دعم المجتمع الجرشي للمرأة
وبخصوص دعم المجتمع الجرشي للمرأة يقول الدكتور علي قوقزة أننا شهدنا على عدة دورات انتخابية سواء البلدية أو النيابية دعم المجتمع للمرأة من خلال فوز المرأة بالمقعد التنافسي.
ومن جهتها تقول النائب هدى العتوم حصلت على مقعد التنافس في الانتخابات النيابية في كتلة مكونة من 6 رجال، مشيرة إلى أن ثقة المجتمع بأداء المرأة يدفعه لتقديم الدعم لهن، لافتة إلى النائب وفاء بني مصطفى قد فازت في دورة البرلمان السابع عشر بمقعد التنافس.
وأضافت العتوم أن المجتمع الجرشي سيشهد في المرحلة القادمة تخلي المرأة الجرشية عن مقعد الكوتا وفوزها في مقعد التنافس، مع تقدم كبير في مشاركة المرأة السياسية، لافتة إلى أن هناك العديد من النساء اللاتي ترشحن للانتخابات كانت خلفهن صوت العشيرة.
ويشار إلى أن الأردن احتل المركز الحادي عشر عربيا والـ 131 عالميا في نشرة الاتحاد البرلماني الدولي حول مشاركة النساء في البرلمانات العالمية، الصادرة مؤخرا، بحسب جمعية تضامن النساء الأردنية "تضامن".
وأوضحت الجمعية في بيان اليوم الخميس أن هذا الإنجاز يأتي بعد وصول نسبة التمثيل النسائي في البرلمان الأردني إلى 4ر15%، (بإجمالي 20 سيدة في مجلس النواب من أصل 130، و10 سيدات في مجلس الأعيان من أصل 65).. مذّكرة بالمرجعيات الدولية التي تشدد على ضرورة المشاركة السياسية للنساء من أجل تنمية مستدامة حقيقية، ولتحقيق المساواة بين الجنسين.
دعم المرأة للتوجه للعمل السياسي
إن الأردن يعد من الدول التي قطعت شوطا في باب تمكين المرأة سياسيا من خلال إقرار سياسات وتشريعات بمراحل زمنية مختلفة تهدف للإشراك الفعلي للمرأة الأردنية بعملية صنع القرار.بحسب تصريح سابق لوزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة.
وهذا ما بينته لنا النائب السابق والناشطة الحزبية نجاح العزة أن النساء في المحافظات تفوق قدراتهن التوقعات، لكن لا نراها بسبب عدم وجود الدعم الكافي لهن،موضحة أنه لو يتم دعم 10 نساء من كل محافظة على الأقل سنشهد تطورا سياسيا بشكل ملحوظ.
وبخصوص الدعم يرى المحامي والناشط الحزبي عبد المجيد العتوم أنه هنالك العديد من المشاريع لتمكين المرأة في جرش لكنها على مستوى ضيق ولا تلبي الطموح، لافتا إلى أننا بحاجة لتدريس أهمية فعالية دور المرأة في الحياة السياسية في الجامعات، وعقد ندوات وأنشطة لنساعد في تمكين المرأة ووصولها.
ويذكر أن قانون الانتخاب لسنة 2016 (15) مقعداً للنساء "الكوتا" ، فارتفعت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان الثامن عشر لتبلغ 15,4 % في حين كانت 14,6 % في المجلس السابق ، وحدد قانون اللامركزية نسبة 10 % كحد أدنى للمقاعد المخصصة للنساء "الكوتا"، فيما حدد قانون البلديات النسبة بـ25%.
ومن جهتها لفتت النائب الحالي هدى العتوم أن النقابات أحد الواجهات القوية والرافعة للعمل السياسي، موضحة أن مشاركتها في النقابة والعمل على القوانين والسياسية والاختلاط بالسياسيين والنواب ساعدها لأن تثبت نفسها في الساحة السياسية، مبينة أننا بحاجة لدعم المرأة باتجاهين :النقابات واللامركزية.
وقالت العتوم " في بداية الأمر كان هنالك من لا يشجع على خوضي تجربة الانتخابات وذلك لرفضهم أن تمثلهم إمرأة، لكن اليوم بعد هذه السنوات لمسنا التغيير في مجتمعنا تجاه ترشح النساء بعد إثبات أنفسهن في الساحة المشاركة السياسية" .