المرأة والفن في إربد...وجدار العادات والتقاليد

الرابط المختصر

 

الفن، الوجه الجميل حتى للمأساة، الوجه الجميل للجمال والقبح على حد سواء، والأعمال الفنية الإبداعية تعبر عن رقي شعوبها وارتقائها بآلامهم من أرض الألم إلى سماء الإبداع.

ولا تكتمل هذه اللوحة الفنية إلا بوجود المرأة كمشاركة مبدعة لها لمساتها الخاصة، وإذا نقلت حضارتها فهي ناقلة أمينة يدفعها العلم والإبداع والانتماء.

وما قبل عام 2012 لم يكن في مدينة إربد معرض خاص للفنانين، وكانت الأماكن المسموح بها للعرض هي مجمع النقابات ونادي المعلمين وبيت عرار الثقافي، الأمر الذي دفع الفنانة التشكيليّة "نعمت الناصر" إلى تحويل بيت العائلة إلى بيت فني "بيت نجم الدين"؛ حيث بدأت الفعاليات الفنية في عام 2012 وكان بيت نجم الدين أول بيت خاص للفنانين ودعت "الناصر" الفنانين في إربد ومن مختلف الجنسيات للمشاركة في عرض لوحاتهم وتعريف الجمهور بهم.

ورغم أن أول كلية للفنون الجميلة في الأردن كانت في إربد لدى جامعة اليرموك، ومع ذلك لم تستطع هذه الكلية أن تخلق جوّاً فنيّاً وتفاعلاً بينها وبين المجتمع في إربد، وكانت العاصمة عمّان مركز هذا التفاعل الفني.

واستناداً إلى تجربتها الثقافية بعد دارستها في جامعة دمشق تقول الناصر: "الي كان يصلح البيوت القديمة هم طلاب كلية الفنون الجميلة، بيت العظم صلحوه زملائي في كلية الفنون، الفن جزء من المجتمع ومن الحالة الفنية التي كانت موجودة في دمشق".

وتضيف الناصر: "بالبداية ما كان في تفاعل معي في أول معرض للفنانات في إربد، لكن بعدين بهمة الشباب ومساعدتهم في جلب الجمهور من الشباب، وانتقلنا من 5 فنانات في أول معرض إلى 20 فنانة، وفي المعرض التالي إلى 50 فنان وفنانة".

وما بعد 2012 تمّ افتتاح عدد من المراكز والجمعيات الفنية مما زاد من عدد الفعاليات الفنية في إربد، وبعد أن رفع عدد من الفنانين أصواتهم حول استقطاب عمّان  للتفاعل الفني والنشاط الثقافي في الأردن أصبح هناك اهتمام بالفنون في المحافظات منذ عام 2019.

وتقول رؤى الزعبي (27 عاماً) حول دور المرأة الفني في المجتمع: "للمرأة دور كبير في إضافة الفن للمجتمع وجمالية، والمرأة كائن لطيف طبعاً، لذلك أي شيء يخص الفن والإبداع يكون على هيئة من لمساتها الجميلة، للمرأة حضور في هذا الجانب وأثر كبير على المجتمع في تطوير الفن".

بينما يرى عدنان يوسف (22 عاماً) أن "وجود المرأة في مجال الفن مفيد للمجتمع وحتى في كل المجالات، لأن المرأة لديها القدرة والإمكانيات بأن تبدع في أي حقل تختاره، ورأينا الكثير من النساء أبدعوا وتألقوا ووصلوا محافل دولية وبالعكس شرفوا البلد".

أما ورد (28 عاماً) فتضيف بأن "دور المرأة في الفن مفيد للمجتمع، المرأة كتبت فكانت الكاتبة والمرأة رسمت فكانت الرسامة، ومن خلال هذه اللوحات الفنية والكتابات أكيد بتوصل رسالة فيها قيم ومبادئ للمجتمع، والمرأة هي من تهب الحياة والفن هو التعبير عن هذه الحياة".

ويشير حازم شخاترة (45 عاماً) إلى أهمية دور المرأة الفني فيقول: "دور المرأة مهم ومحوري في هذا الموضوع، والفن أعتبره أسلوب راقي لعكس صورة المجتمع، والمرأة دورها مهم بالنتيجة لأن المرأة عنصر ومكون مهم في المجتمع، حتى إذا كان في ظواهر سلبية بعتقد أن دور المرأة يؤدي إلى نقد هذه الظواهر والوصول إلى حلول منطقية".

بينما ترى  تالا عودة أن المرأة كانت وما زالت رمزاً للفنون فتقول: "قدرنا نشوف أن المرأة أثبتت حالها في جميع المجالات سواء في الفن بالتعليم بأي مجال كان، أثبتت المرأة وجودها بشكل أساسي، وفيما يتعلق بموضوع الفن احنا بنشوف اللوحات القديمة والفنون التشكيلية تبعت زمان دائماً المرأة كانت رمز أساسي في تمثيل الفن، حتى بنشوف أنه أغلب اللوحات كان فيها رسومات تدل على المرأة أو أي شيء يدل على المرأة، بالتالي كانت حاضرة وكانت رمز للتشكيل الفني، فما بالك لما تكون هي الها مساهمة في الموضوع ويكون الها دور سواء كان في الفن في الرسم في النحت، ودائماً بنشوف أنه اي مجال كانت فيه المرأة كان يكون له انعكاس جدا كبير بطريقتها الخاصة، احنا بنشوف نظرة المرأة سواء بعاطفتها بتفكيرها بالمجال الي هي بتدركوا مختلف تماماً  فبيعطي انطباع جداً مختلف".  

وبدأ المجتمع في إربد بتقبل مشاركة المرأة في أنواع مختلفة من الفنون، ولكن هذه الفنون بحسب الدكتور محمد العلاونة: "الفنون المحتشمة والهادئة والهادفة، وكل أنواع الفنون التي لا يحدث فيها ابتذال للمرأة، لأن المجتمع في إربد لا يزال يرفض أن تقف المرأة في مكان وتغني، وهذا جزء من الثقافة والعادات والدين".

ويضيف العلاونة: "أنا بعرف بعض الفتيات يلي أنا درستهم شقوا طريقهم الآن في مجال الفنون، في مجال الأدب والشعر، في مجال الموسيقى وفي ناس موجودين الآن بيدرسوا دراسات عليا في مجال الموسيقى، والمجتمع يشير لهم بالبَنان لهؤلاء الطالبات أنهم انطلقوا من أماكن محافظة إلى أماكن أوسع وأصبحت لهم شهرة في دول مثل بريطانيا وفرنسا".

وتواجه المرأة في المجال الفني جملة من المعوقات وهي بحسب العلاونة: "ستظهر المعوقات إذا كانت الفنون تمس الحياء أو تمس ثقافة المجتمع وعاداتنا وتقاليدنا، أو تعتدي على الدين الإسلامي الحنيف أو الديانات الأخرى".

وحول أهمية دعم المجتمع للمرأة يقول العلاونة: "المرأة أكثر من نصف المجتمع، ولا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نعطل طاقاتها ومواهبها ورغباتها وأهدافها، ويخسر المجتمع كثيراً عندما يحد من تطور المرأة في الفنون الراقية البعيدة عن الابتذال، وأنا أقبل أن تعمل ابنتي في مجال النحت والتصوير والموسيقى، ما عندي مشكلة إلا إذا كان في نوع من الابتذال أو الاعتداء على شخصية المرأة وكيانها".

وفي توصياته قال العلاونة: "المرأة نصف المجتمع الذي يوجد فيه مواهب كامنة مواهب نستطيع صقلها لتخوض في مجالات تنافس الدول المتقدمة".

الفنون في جوهرها تنطلق من الحب، والمرأة عندما تحب تقدم أجمل وأرقى ما لديها، وتواصل إبداعها بشغف مهما كانت عقبات الطريق قاسية أو مؤلمة، أليس الألم يولد الإبداع؟.