يقرأ الاردن ، تأثير بقاء النظام السوري المحتملة، في الحكم، سواء بقي الاسد، او تغير، والتحليلات تتحدث عن هواجس اردنية من بقاء ذات النظام، مثلما هناك مخاوف من رحيل النظام، وتشكل فراغ مفتوح في سورية.
كما هو معروف فإن سقوط النظام يعني اردنيا فراغا سوف تتحكم بمساحاته جماعات كثيرة، من طراز داعش او النصرة، او فصائل اخرى، وهذا بحد ذاته يعني ازمة اردنية سياسيا وامنيا.
لكن للمفارقة فإن هناك اثار جانبية لبقاء النظام، لا تشهرها عمان ، اقلها ان الاردن متأكد ان نسبة عودة السوريين، الى بلادهم، ستكون منخفضة جدا، ان لم تكن منعدمة، وهذا يعني ان مشكلة اللجوء السوري، سوف تصبح مشكلة دائمة وليست مؤقتة.
سبب ذلك، ان لا ضمانات ان لا يعتبر النظام السوري، ايا كان رأسه، كل السوريين في الخارج، مجرد معارضة ضد النظام، ساعدت في تحطيم بنية النظام وسمعته امام العالم، وهذا ينطبق على كل السوريين خارج سورية، بما في ذلك الاردن.
برغم ان عودة السوريين مطلب لهم، ولغيرهم، الا ان الخوف يتفشى بينهم، من المؤسسة الامنية السورية، في حال عودتهم، اذ لا ضمانات عندهم ان لا يتم توجيه استفسارات عما فعلوه طوال هذه المدة، وعن نشاطاتهم، خصوصا، في ظل الرصد الامني السوري، لكل نشاطاتهم، بما في ذلك على صفحات التواصل الاجتماعي، ولا يمكن ان يخاطر كثير من السوريين بحياتهم، والعودة الى ذات سيطرة المؤسسة الامنية، التي قد تهدد حياتهم، ولو بعد وقت من عودتهم، ويرى تيار كبير بين السوريين ان مجرد الخروج من سورية، تهمة، حتى لو لم يمارس اللاجئ نشاطا سياسيا معارضا.
هذا يعني اردنيا، ان بقاء النظام، على كونه مصلحة اردنية لا تريد ان يكون بديل النظام اكثر سوءا، الا ان المخاوف الاردنية من عدم عودة السوريين كبيرة، خصوصا، ان اغلب السوريين في الاردن هم من الفقراء، فيما الاغنياء غادروا الى دول عربية اخرى، او دول اجنبية، وقد يكون الذين يرغبون بالعودة في حال بقاء النظام، من ملاك العقارات والاراضي فقط، على قلتهم هنا في الاردن، وغالبيتهم من مناطق حوران.
كل هذا اذا بقي النظام. والاردن يدفع الثمن مرتين، لانه ايضا يعتقد ان سقوط النظام، مكلف من جهة اخرى، اذ ان سقوطه يعني فوضى امنية عارمة ستؤدي الى تدفق الاخطار عبر الحدود، والى امتناع السوريين ايضا عن العودة لاعتبارات تخص امن حياتهم، هذا فوق احتمال تدفق موجات جديدة من الاشقاء السوريين، طلبا للجوء.
تأتي هذه التقييمات المتأخرة، وقد سبقها كلام قبل ثلاث سنوات لسفيرة الاتحاد الاوروبي في عمان قالت فيه ان على الاردن ان يستعد للجوء سوري متوسط الامد، لا يقل عن خمسة عشر عاما.
اغلب اللاجئين فقراء، واشتباكهم الحياتي والاجتماعي، من حيث الوظائف والمدارس في الاردن، وتكيف المواليد الجدد مع الحياة الاردنية، ثقافة ومعيشة، سيجعل عودة السوريين الى بيئة ثأرية امر صعب، خصوصا، ان السوريين بحاجة لزمن حتى يتأكدوا من عدم شيوع الثأر وتصفية الحسابات العالقة بين مكونات السوريين، في وجود النظام، او حتى بعد رحيله، كما ان البيئة السورية اذا توقفت الحرب لن تكون مغرية تماما للعودة، لاسباب اقتصادية، والكل يعرف ان سورية بحاجة الى مئات المليارات غير المتوفرة لاسترداد الحياة، مثلما كان، فلماذا يعود السوري هنا، وظروفه في الاردن، اكثر امنا، ومستوى حياته الاقتصادية ليس سيئا.
في كل الحالات، يمكن القول وبكل بساطة، ان الازمة السورية، باتت في بعض فصولها ازمة اردنية، وهذه هي الخلاصة التي يعرفها المستبصرون في عمان، فبقاء النظام السوري في الحكم، مكلف على الاردن، وسقوطه مكلف ايضا.