سورية الصغرى هل تصبح حقيقة؟

سورية الصغرى هل تصبح حقيقة؟

يكشف تقرير ميداني لمراسل صحيفة "العربي الجديد" القطرية، عن مواجهة وشيكة وواسعة بين فصائل سورية معارضة، و"جبهة النصرة"، في حلب وجوارها، تذكر بمواجهات مماثلة وقعت سابقا بين "النصرة" و"داعش"، خلفت الآلاف بين قتيل وجريح من الطرفين.

في الأثناء، يشير التقرير إلى مظاهرات شعبية تخرج يوميا في أرجاء حلب وإدلب منددة بممارسات عناصر "النصرة" بحق الأهالي، بعد تسجيل سلسلة من الاعتداءات على السكان، وصلت إلى حد قتل متظاهرين سلميين.

باستثناء المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، والتي لا تزيد على ربع مساحة سورية، تدور مواجهات دامية بين فصائل المعارضة السورية، تنتهي في أغلب الأحيان بتقاسم السيطرة على البلدات والمناطق الريفية لفترات مؤقتة، ثم سرعان ما تتبدل موازين القوى، وتدخل ذات الفصائل في دورة جديدة من الصراع.

الطرف الوحيد الذي ينجح لغاية الآن في الإمساك بالأرض وفرض سيطرته الدائمة، هو تنظيم "داعش"، إلى جانب النظام السوري.

وتفيد آخر الأنباء أن "داعش" يخطط للسيطرة على قرى لبنانية على الحدود السورية، لكن ذلك يواجه بمقاومة من قوى الأمن اللبنانية. وفي حلب، يقف "داعش" على بعد عشرات الكيلومترات بانتظار نتائج المواجهة بين "النصرة" وفصائل المعارضة، للانقضاض على المدينة، بعد أن يفقد الطرفان المتحاربان القدرة على القتال.

تفضي هذه التطورات الميدانية وغيرها في عموم سورية إلى الاعتقاد بأنه، وفي غضون هذه السنة، سيتقاسم طرفان رئيسان؛ هما النظام السوري والتنظيم الإرهابي "داعش"، السيطرة على معظم أنحاء سورية. بينما ينحصر نفوذ باقي الفصائل في مناطق ريفية معزولة، وبعض بلدات الجنوب القريبة من الحدود الأردنية.

النظام السوري سيبقى ممسكا بقلب العاصمة دمشق وما حولها، ومراكز مدن رئيسة كحماه وحمص، إضافة إلى مدن الساحل؛ اللاذقية وطرطوس.

تقديرات الخبراء تشير بوضوح إلى أن ضربات التحالف الجوية لم تفلح في إضعاف قدرات "داعش" في سورية، خلافا للحال في العراق؛ حيث تراجع في أكثر من مكان، آخرها جبل سنجار، بفضل عمليات قوات البشمركة وفعالية الجيش العراقي في محافظة صلاح الدين، والمدعومة بغطاء جوي من طائرات التحالف التي نجحت في تنفيذ عمليات نوعية ضد تحصينات "داعش".

لكن مهما بلغت قدرات "داعش" في السيطرة والاستحواذ على مناطق واسعة في سورية، فإنها معرضة لانتكاسات في المستقبل، خاصة إذا ما طورت قوات التحالف من خططها العسكرية. وفي المقابل، نجحت قوات النظام السوري في وقف تقدم "داعش" نحو مدينة حلب.

بهذا المفهوم، فإن "دولة الخلافة" التي أسسها "داعش" في سورية ستبقى كيانا متأرجحا بالمعنى الجغرافي، يتمدد ويتقلص تبعا للتطورات الميدانية وموازين القوى المتغيرة داخل وعاء المعارضة السورية الكبير والمنفلت.

الولايات المتحدة الأميركية تسابق الزمن لإعادة بناء ما تسميها قوات المعارضة المعتدلة. لكن بالنظر إلى تجربة السنوات الأربع الماضية، فإن الشكوك تحوم حول قدرة هؤلاء المقاتلين على الفوز بموطئ قدم على الأرض، وسط غابة من الفصائل والجماعات المسلحة التي يفوق تعدادها مدن وبلدات وضيعات سورية على كثرتها.

المتنبئ الاستخباري الإسرائيلي قال في تقريره للعام الجديد: "انسوا سورية الكبرى نحن أمام سورية الصغرى تحت سيطرة النظام، وإلى جانبها كانتونات محلية متصارعة" قد يكون "كانتون داعش" أكبرها.

هل تصح تنبؤات خبراء الاستخبارات الإسرائيلية؟

أضف تعليقك