اوهام الحل السياسي في سورية
على الارجح نحن في المنطقة امام مهمتين فاشلتين، الاولى تتعلق بتحديد مسمى الفصائل الارهابية وهي مهمة دخل الاردن طرفا فيها، والثانية تشكيل معارضة سورية معتمدة لمفاوضة النظام وهذا ملف تتبناه واشنطن. قد تعلن الاردن اسماء الفصائل التي يمكن وصفها بالارهابية، لتحديدها باعتبارها المستهدفة، مثل داعش والنصرة وعدد من التنظيمات، لكن الواقع الميداني مختلف تماما، فهناك مئات التنظيمات من خارج رحم التنظيمات المعروفة، على شكل مجموعات وفصائل، تتلقى دعم السلاح بطرق مختلفة، او تغنم السلاح من الجيش السوري، فتحديد الفصائل الارهابية، لن يغير الواقع الميداني كثيرا، هذا اضافة الى ان هناك عشرات الاف العناصر الذين يحاربون بشكل فردي او عبر مجموعات تتشكل يوميا تحت اسماء مختلفة. ثم مالذي سيجعل قصف هذه المجموعات المصنفة ارهابية سببا في وقف الثورة السورية، خصوصا، ان بامكان كثيرين التنقل من هذه المجموعات الى اخرى، تنظيميا وجغرافيا؟!. على الاغلب واشنطن وموسكو وغيرهما تعرفان من هي المجموعات المستهدفة، وبدلا من مهمة تحديد الاسماء والتنظيمات وغير ذلك، كان الاولى وقف تدفق السلاح الى سورية، فهذه هي المهمة الاكثر جدوى، لو كان العالم يريد وقف الحرب السورية حقا. المهمة الفاشلة الثانية التي تمت الاشارة اليها، تشكيل وفد سوري معارض معتمد تقبله دمشق الرسمية، ويقبله كل الفرقاء على تناقضاتهم لمفاوضة نظام الاسد، وهذه مهمة محفوفة بالفشل، لان تشكيل وفد امر ممكن، لكنه مهدد عبر اكثر من زاوية، خروج فرقاء سوريين كمعارضين سياسيين واعتراضهم على تشكيلة الوفد جراء غيابهم او ظنونهم، خصوصا، ان رموز المعارضة السورية يشتغلون مع دول مختلفة، وقد تختلف ذات الدول الراعية حول اجندة الحل السياسي، ولابد هنا من اقناع أباء المعارضة السورية، قبل اقناع المعارضة السورية بالجلوس الى مائدة المفاوضات، كما ان هذه المهمة مهددة لكون الواقع الميداني ليس بيد المعارضة السياسية، بالشكل الذي تروج له المعارضة السورية، وفي الاغلب لا كلمة للمعارضين على عشرات الاف المقاتلين الذين سوف يستفزهم معارضو باريس ولندن واسطنبول وغيرها من عواصم، فيما مفاتيح تفجير الحل السياسي بيد المقاتلين لا بيد المعارضة السياسية السورية، مهما اوحت انها مرجعية لهؤلاء. مهمتان فاشلتان على صعيد الملف السوري، ولو كان العالم يريد وقف شلال الدم السوري لما وصلنا الى هذا التعقيد الذي نراه، على كل الاصعدة، وكان الاولى منذ البداية تجفيف السلاح عن المعارضة العسكرية الميدانية غير المتطرفة وتلك المتطرفة وعن النظام،اذ ان غياب السلاح، المدخل الاول لاستعادة الهدوء في سورية، بدلا من هذه الوصفات المتأخرة. يبقى السؤال: اذا افترضنا ان العالم اتفق على تحديد مفهوم الارهاب، ومن يمثله ميدانيا في سورية، وان العالم اتفق على وفد سياسي سوري معارض، تقبله دمشق الرسمية، فمن سيقنع عشرات الاف المقاتلين المسلحين، في الميدان برمي السلاح وان الحل المقبل، مقبول ومناسب لسورية، ولهم، ومساوي لقيمة مادفعته سورية من كلف. هذا هو السؤال الاجدر بالاجابة، لان في اجابته، استبصار لغيب اسوأ في سورية، مقبل على الطريق، مهما حاول كثيرون، جدولته او الايحاء بأنه ليس قدرا كما يظن كثيرون.