من ذوي إعاقة إلى مبدعين وأصحاب قدرات خاصة
على كرسيه المتحرك وجد نفسه عاجزاً في بلد اللجوء الأردن بعد أن أصيب برصاصة في العمود الفقري أدت إلى شلل أطرافه السفلية نتيجة الحرب المندلعة في بلاده.
العاسمي 27 عاما لجأ من محافظة درعا إلى الأردن عام 2012 لتلقي العلاج بعد اصابته، لم يدع إعاقته حاجزاً أمام تقدمه الأكاديمي والمهني، اذ يعمل في مجال التمكين وبناء قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة.
يروي عبادة العاسمي مراحل التغير التي عاشها منذ أصابته وما عاناه من صدمات نفسية بسبب وضعه الصحي اذ يقول بعد اصابتي بسنة تعرفت على مركز بعمان بعالج الجرحى وشفت شباب وضعهم أصعب من وضعي وهون كانت نقطة التغيير أعطوني حافز كبير لأن هم كانوا واصلين لمرحلة الاستقلالية بينما أنا كنت معتمد كلياً على عائلتي" .
التحديات التي يواجها ذوي الإعاقة
كرست منظمات محلية ودولية جهودها على تأمين مستلزمات مادية لذوي الإعاقة لكن ليس هذه فقط احتياجاتهم حسب تعبير العاسمي يقول،"احنا مو بحاجة فقط لرعاية طبية احنا بحاجة إلى التركيز على الجانب الحقوقي والتنموي النا.. لهيك قررنا أنا وزملائي نتلقى تدريبات من المنظمات الدولية مختصة بالدعم النفسي".
وبناءاً على تجارب الشباب ورؤيتهم لتقصير منظمات بتغطيتها قضاياهم قرروا تأسيس فريق تطوعي أطلقوا عليه اسم" الفريق السوري لدعم قضايا وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ".
انطلقت رؤية الفريق المكون من سبعة أشخاص من خلال شبكة العلاقات التي تربطهم كأصحاب قضية ليكونوا نواة التغيير في المجتمع ويساهموا في تقديم خدمات للشباب الأردني والسوري من ذوي الإعاقة، على حد قولهم.
دعم المجتمع لذوي الإعاقة
ساهم المجتمع المحلي بدعم ذوي الإعاقة بعد جهود الناشطين بتغيير الصورة النمطية لهم ومساعدة المجتمع على تقبلهم وهو ما دفع الكثير من المؤسسات المحلية إلى الاستجابة لهم بتجهيز ممرات خاصة بهم في الأماكن العامة.
يقول العاسمي "عملنا حملات مناصرة وطلعنا على الأماكن العامة لنوصل رسائل توعية للقائمين عليها بحيث تكون مؤهلة لذوي الإعاقة ولمسنا تجاوب سريع وتقبل لاقتراحاتنا من المجتمع المحيط فينا".
شعر العاسمي أن مجال التطوع ليس كاف؛ فقرر البدء في إكمال دراسته الجامعية ليختار تخصص صعوبات التعلم بسبب حاجته للتعمق في المجال ليكون رائدا متميزا فيه واستطاع التخرج بتقدير امتياز على الرغم من كل الصعوبات التي مر بها.
رزان البستنجي شابة (اردنية )28 عاما درست تخصص علم النفس في الجامعة الأردنية وانضمت إلى الفريق بعد تلقيها تدريبات الدعم النفسي مع العاسمي.
ترى البستنجي أن تجربة الانضمام لفريق التطوع السوري تجربة رائعة لما ساهم بتبادل الخبرات بينها وبين أفراد الفريق اذ تقول "سبب اعاقتي كان من الولادة وبعض الشباب السوريين كانت إصابات حروب جديدة فالاختلاف بيننا عزز اندماجنا وتماسكنا مع بعض كأصحاب قضية وحدة".
وبالحديث مع الصحفي والناشط في شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة رامي زلوم حول الاندماج بين اللاجئين السوريين والأردنيين يقول " كونوا ذوي الإعاقة بعانوا نفس التحديات سواء سوري أو أردني بتكون فروق الجنسية ما بتهم بقدر ما بكون في تشابهم بينهم وهو اللي بزيد تكاتفهم بين بعض للمطالبة بتطبيق حقوقهم على ارض الواقع".
ساهمت الخبرات القديمة للأردنيين بالتعامل مع هذه الشريحة بدعم أخوتهم من اللاجئين السوريين وخاصة ان إصاباتهم حديثة، نتيجة الحرب المندلعة في بلادهم وهو ما دفعهم للعمل سويا لتغيير نظرة المجتمع لذوي الإعاقة.
يضيف الزلوم " لمسنا تغيير في نظرة المجتمع صار في تقبل أكبر نتيجة جهود الناشطين بهذا المجال وطبعا الاعلام كان إله دور إيجابي بعرض قصص نجاح وتسليط الضوء على الجانب الحقوقي الصحيح عن القضية".
مشروع دعم الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن (عزم)
منذ العام 2008، بدأ مشروع عزم الممول من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنفذ من قبل الصندوق الأردني للتنمية البشرية الذي يستهدف اللاجئين السوريين وأصحاب الجنسيات الأخرى والمجتمع المضيف.
"يسعى المشروع إلى تحسين نوعية الحياة التي يعيشها الأشخاص ذوي الإعاقة لكافة الأعمار بالإضافة إلى كبار السن وذويهم" تقول رنيم السعدي منسقة مشروع عزم.
وتعمل المفوضية بموجب المشروع على تمكين المستفيدين من ذوي الإعاقة للوصول إلى مستويات وظيفية ونفسية واجتماعية اذ توضح السعدي: "قدمنا الأجهزة الطبية -المعينات الحركية والبصرية والسمعية بالإضافة إلى خدمات التأهيل وتشمل العلاج الطبيعي والوظيفي والنطقي وأيضا برنامج التدخل المبكر للأطفال، والدعم النفسي والاجتماعي".
تبنى الأردن منذ عام 2007، قانوناً خاصاً بـ”حقوق المعوقين”، والذي حل مكان قانون رعاية المعوقين رقم (12) لسنة 1993. وحدد القانون الجهات المعنية المسؤولة عن تطويع المرافق والشوارع وسيارات الأجرة والحافلات والشواخص المرورية، وأفرد بنودًا تفصيلية لخطة عمل شاملة لإدماج ذوي الإعاقة.
ويذكر أنه من أصل حوالي 664 ألف لاجئ سوري مسجلين في المفوضية، يعاني 3.5% منهم، أو ما يقارب 26 ألف شخص، من إعاقات، بحسب إحصاءات سابقة صدرت عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.