تعليم السوريين: نحو إنقاذ جيل من الضياع
"بس اشوف طفل بعمر 13 عام لا يجيد القراءة والكتابة أشعر بالذنب والتقصير وبمسؤوليتي الكبيرة تجاهه"، بهذه العبارة بدأ أحمد الديري 55 عاماً لاجئ سوري في محافظة المفرق حديثه عن تطوعه في تعليم أطفال اللاجئين السوريين بصورة مجانية على مدار سبعة سنوات بإمكانيات محدودة، مؤمناً بأن التعليم رسالة إنسانية غير مشروطة.
بالرغم أن الديري لم يكمل الثانوية العامة، إلا أنه التحق بالعديد من الدورات التدريبية التي تؤهل المعلمين ليكون قادراً على تعليم الأطفال والتعامل معهم فبدأ ببناء خيمة قريبة إلى العديد من العائلات السورية ليتسنى لهم إرسال أطفالهم، يقول "الكثير من العائلات لا تستطيع إرسال أطفالهم للمدارس لِبُعد المسافة وعدم قدرتهم المادية وأنا منهم، خيمة قريبة من سكنهم تفي بغرض تعليم طفلي وأطفال اللاجئين وهذا شجعهم على إرسال الأطفال".
وعن التحديات التي تواجهه يقول الديري "حصلت على تمويل للمدرسة قبل عامين استطعت من خلالها استبدال الخيمة بكرفان إلا أن التمويل لم يستمر لأكثر من ستة شهور، هذا لا يمكن أن يكون عائق أمام تحقيق هدفي ورسالتي".
يجتمع في الكرفان وبصورة شبه يومية 39 طفل تتراوح أعمارهم بين خمسة أعوام إلى 16 عاماً، نسبة كبيرة منهم "متسربين من المدارس"، وهو ما يواجهه الديري من فروقات فردية كبيرة بين الأطفال المتشابهين في الأعمار بسبب انقطاع الكثير منهم عن التعليم لفترة طويلة مما زاد عليه عبئ التأسيس من جديد.
أما خديجة الرملة (27 عاما ) لاجئة سورية في مخيم عشوائي في أطراف محافظة المفرق تسعى إلى جمع أكثر من 36 طفلا سوري في خيمة على فترات لضيق الخيمة وتدريسهم على أساسيات اللغة العربية والرياضيات وتطمح أن يكون ما تقوم به هو مكمل لدور المدرسة الأساسي والمحوري في تعليم الأطفال.
وتضيف خديجة "لا ينبغي أن ينظر اللاجئ إلى التعليم على أنه ترفاً وأمرًا ثانويا.. الأوضاع المعيشية صعبة وقاهرة في أغلب الأحيان إلا أنها لا يمكن أن تكون سبباً في ترك أطفالنا للمدارس".
كيف تواجه التربية "تسرب المدارس"
الناطق الاعلامي لوزارة التربية والتعليم أحمد المساعفة يقول "لمعالجة التسرب نتبع أسلوبين وهما، طريقة علاجية وطريقة وقائية، والأخيرة تكمن في رصد الغياب وتبليغ ولي الأمر في مرحلة التعليم الأساسي باعتبار أنها مرحلة الزامية يتم تبليغ الحاكم الاداري ليعود الطالب للمدرسة".
أما العلاجية فيوضحها المساعفة بقوله "هناك برنامج "تعزيز ثقافة المتسربين وهو يستهدف الطلبة الذكور من 12 إلى عام 18 والإناث من 12 إلى 20 عام، فتقوم الوزارة برصد التسرب باستمرار وهي تشمل الأردنيين والسوريين باعتبار أن التعليم حق للجميع بغض النظر عن الجنسية " .
ويشير المساعفة إلى وجود تعاون وتنسيق دائم ومستمر مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ليأخذ كل طفل حقه في التعليم مؤكداً أن هناك عدة أسباب لترك الأطفال للمدارس؛ أبرزها الأسباب الاقتصادية وسوء الأوضاع المعيشية والتي تجعل الكثير من العائلات لا ترسل أطفالها للمدارس وتميل إلى تشغليهم.
تشير إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن نحو 83 ألف طفل سوري في المملكة "خارج أسوار المدارس"، مما يشكّل نحو ثلث الأطفال السوريين الموجودين في الأردن، كما أن طفلاً واحداً من بين كل ثلاثة أطفال سوريين في الأردن لم يذهب إلى المدرسة، أي ما يصل إلى نحو 83 ألف طفل أرقام مفوضية شؤون اللاجئين .
الناطق الاعلامي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين محمد الحواري، يوضح "اللاجئين مشمولين ضمن الأنظمة التعليمية في الأردن، والظروف الاقتصادية ضاعفت التحديات أمام السوريين مما جعلهم يلجأون لحلول لتخفيفها كتشغيل أطفالهم".
أرقام منظمة هيومن رايتس ووتش تتحدث عن أن نحو 233 ألف لاجئ سوري في سن الدراسة في الأردن يواجهون عقبات متعددة أمام التعليم، وتكون أكثر حدة للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 12 عاما، من ضمنها زواج الأطفال بدافع الفقر، ونقص وسائل النقل المدرسية بتكلفة معقولة، والسياسات الحكومية التي تحد من الوصول إلى التعليم، ونقص التعليم الشامل الذي يُبقي على الأطفال ذوي الإعاقة خارج المدارس.
وبحسب رايتس ووتش إن فرص تعليم الأطفال اللاجئين تتضرر أكثر بسبب سنوات من تراجع الدعم الإنساني للأردن، حتى قبل أن يزيد تفشي فيروس "كورونا" من اعتماد الأردن على المساعدات الخارجية، كان نحو 80% من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر البالغ 68 دينارا أردنيا في الشهر (حوالي 96 دولار).