بين الفقر وطلب التعليم...  مستقبل الطلبة السوريين في الأردن يقف على شفا حفرة

الرابط المختصر

بين العناء والحرمان يقع الطلاب السوريين فريسة سهلة بين فكي الدعم الدولي الذي يحرمهم من الأمل بإكمال دراستهم لما بعد المرحلة الثانوية بسبب تراجع أعداد المنح الدراسية في الجامعات الأردنية، نتيجة الغلاء التعليمي مقارنة بـ ظروفهم الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، مخلفا مصيرا مجهولا في شبه انعدام لمنح التعليم الجامعي التي تقدمها المنظمات والجمعيات المختلفة في منحتي "دافي" المدعومة من الحكومة الألمانية، والتي تعلن عنها المفوضية للاجئين السوريين في الأردن، وإيديو سيريا الممولة من الإتحاد الأوروبي.

أم محمد سورية من مخيم الزعتري وصفت حال ابنتها وحال الطلبة الناجحون من داخل المخيم ومعاناتهم النفسية والاقتصادية نتيجة عدم قبول أبناء الكثيرين ممن معدلاتهم مرتفعة في منحة "دافي" لقلة عدد المقبولين من داخل المخيم و اقتصار القبول على 4 طلاب فقط، على الرغم من حصول ابنتها على معدل 92 فلم يتم قبولها في المنحة.

وقالت أم محمد إن ما حصل مع ابنتها مخيب للأمل فالسوريين داخل المخيم يعيشون ظروف صعبة من انقطاع الكهرباء وعدم وجود مدرسين خصوصيين ورغم ذلك حصلوا على معدلات عالية متأملين بالحصول على قبول جامعي إلا أن هذا الأمل يندثر تدريجيا.

واقع المخيمات ما يزال يحكم الطلبة السوريون تحت قبضته في ظل اجتهاد الطلبة في الدراسة متأملين بذلك حصولهم على معدل عالي يؤهلهم للحصول على منحة دراسية إلا أن الواقع كان أصعب وحطم آمال قبول إبنة أم محمد رغم معدلها العالي وغيرها من الطلبة الذين تحدوا الظروف.

إذ بلغ عدد السوريين المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة في السنة 2021/2022 ما بين 25ل30 ألف سوري من المملكة ككل بالإضافة للمعيدين بحسب رئيس تجمع الطلبة السوريون سامر عدنان، منهم 423 طالب سوري من مخيم الزعتري تقدموا نظاميا للإمتحان ونجح منهم 40% بحسب مدير تربية البادية الشمالية علي مزاودة.

الدبلوم هو البديل

المنح الدراسية المقدمة للسوريين في الأردن كانت موزعة على المراحل الثلاثة وبين منح خاصة ومنح ممولة من منظمات وجمعيات إلا أن غالبيتها الآن أصبح يغطي الدبلومات المهنية، وذلك بسبب التكاليف الأقل وقلة المنح وأيضا تأهيل السوريون بشكل أسرع لسوق العمل، وبالتالي انحسار التعليم بالجانب المهني وبعده عن الأكاديمي لأنها تؤدي لمهن مغلقة في الأردن كما بين رئيس تجمع الطلبة السوريون في الجامعات الأردنية سامر عدنان.

هذا كله يثير التساؤلات حول حقيقة المشهد الذي يعيشه الطلاب السوريين في تلقيهم حقهم بالتعليم الذي كفلته القوانين واللوائح والتشريعات الدولية والمحلية، فيوسف كمال يقول، حصل ابني الأكبر على معدل مرتفع في الثانوية العامة عام 2019 وحاول جاهدا الالتحاق في الدراسة الجامعية ولكن دون جدوى فكان يطمح في دراسة الهندسة ولكن الظروف الاقتصادية وقلة الدعم حرمه من تحقيق طموحة واليوم بات يعمل في أحد المصانع في منطقة سحاب.

 

اللجوء بداية المعضلة

بحسب بيانات وزارة الخارجية والمغتربين الأردنية، بأن الأردن تستضيف نحو 1.3 مليون مواطن سوري، منهم ما يزيد عن 671 ألفاً من اللاجئين المسجّلين لدى الأمم المتحدة يقطن حوالي 10% منهم فقط في مخيمات اللجوء، بينما ينتشر الباقون في المجتمعات المحلية، الأمر الذي نتج عنه انعكاسات سلبية متزايدة في ظل استمرار الأزمة السورية وزيادة تعقيد المشهد أمام توفير الخدمات الأساسية .

وزارة التربية والتعليم بينت أن أسباب تأرجح جودة الخدمة التعليمية للأطفال السوريين نتيجة ضعف الإمكانات وتقصير الجهات الدولية المانحة، وعلى الرغم من الظروف التعليمية الصعبة في البلاد أساساً، وخاصة صعوبات الالتحاق في مراحل الثانوية والاصعب التحاقهم في الجامعات الأردنية لارتفاع تكلفة فاتورتها على الدولة، فهذا يعكس تراجع أعداد الطلبة الملتحقين في الثانوية العامة لمعرفتهم بأن مصيرهم فيما بعد انتهاء الدراسة هو سوق العمل.

 

تقليص الدعم يزيد المشهد تعقيدا

ويقول ماهر العتمة متطوع دافي في مخيم الزعتري إن عدد المنح المقدمة للسوريين من دافي أصبحت تتراوح تقريبا بين 15 الى 20 منحة وقد تصل ل25 منها 4 داخل المخيم والبقية من الخارج وهذه المنح القليلة بسبب ضعف التمويل بالإضافة إلى اقتصارها على تخصصات ال4 سنوات دراسية فقط فهي لا تغطي تخصصات الطب والصيدلة والهندسة.

المفوضية السامية أشارت إلى إنها حصلت، وحتى منتصف عام 2022، فقط على 28.94% من متطلبات المفوضية المالية في الأردن في 2022. حيث إن قيمة المتطلبات المالية المخصصة لعام 2022، تبلغ نحو 408.4 مليون دولار. وحصلت المفوضية على تمويل بلغ نحو 118.188 مليون دولار حتى منتصف العام ، لتسجل فجوة تمويلية تصل إلى 71%.

وزارة التربية والتعليم قالت أن الحكومة تتكبد تكاليف مرتفعة على قطاع التعليم لاستمرار الخدمة التعليمية للاجئين جراء تقديم الخدمات القصوى من قبل الوزارة، حيث يبلغ متوسط الإنفاق لكل طالب (720) دينارا أردنيا في المدارس الحكومية التي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم، منها (645) دينارا أردنيًا نفقات للموظفين، و(40) دينارا أردنيًّا للنفقات التشغيلية، و(35) دينارا أردنيا للنفقات الرأسمالية بالتزامن مع الأوضاع المعقدة التي تمر بها الحكومة في حين اصدر قرار بعدم تحصيل مقابل مالي من الاجئيين مقابل خدمة التعليم ويتم اعفاءهم وفق قرار حكومي رسمي.

وبينت الوزارة أن حقيقة إيقاف تقديم الخدمة التعليمية للاجئين أمرا غير وارد إلا أنها لن تتمكن من زيادة القدرة العطائية في تحسين جودة وسعة الخدمات المقدمة لعدم توفر إمكانيات فعلية وعدم التزام الجهات الدولية بتعهداتها، وأما فيما يتعلق في التعليم الجامعي فإن الوزارة لا تمتلك الإمكانيات في توفير منح وفرص للطلبة السوريين.

 

منظمات دولية تحذر

قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته إن غالبية الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن لا تتاح لهم فرصة الالتحاق بالمدارس الثانوية، بعد قرابة عقد من بدء وصول اللاجئين السوريين إلى البلاد وعلى المانحين الدوليين والمنظمات الإنسانية العمل مع الأردن التي تستضيف اللاجئين السوريين تحسين وصول الأطفال السوريين اللاجئين بشكل عاجل إلى التعليم الثانوي الجيد إذ أن الغالبية العظمى من الأطفال السوريين اللاجئين يفقدون فرصة الدراسة والتعلم حتى قبل أن يصلوا إلى المدرسة الثانوية.

وأشارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن إلى أنه تم تقليص عدد اللاجئين السوريين المُسجلين لديها إلى 657 ألفاً و445 لاجئاً، حيث إن طفلاً واحداً من بين كل ثلاثة أطفال سوريين لم يذهب إلى المدرسة، أي ما يصل إلى نحو 83 ألف طفل.

تم تسجيل أكثر من 7300 طالب سوري في المدارس الحكومية في الأردن في بداية اللجوء، وكان عدد الأطفال اللاجئين السوريين في الأردن حينها حوالي 10000. حيث قامت اليونيسف وشركاؤها بتسهيل الوصول العادل إلى التعليم لجميع الأطفال، ومع حلول عام 2014، التحق في المدراس ما يعادل 75%  من الأطفال المستحقين ومع زيادة أعداد الطلاب المسجلين، بحسب اليونيسيف.

كما أشارت اليونيسيف إلى أن الإقبال على التعليم التقني والمهني إلا أن الفرص المتاحة منخفضة الجودة، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات الالتحاق بنسبة 3.5% فقط من طلاب المرحلة الثانوية من الصفين 11 و12 الذين يحضرون هذه الفصول. وبالإضافة إلى أن  التعليم ما بعد الثانوي يعتبر تحديًا حتى بالنسبة للأقلية من اللاجئين الذين اجتازوا امتحانات السنة النهائية بسبب العدد المحدود من المنح الدراسية المتاحة للشباب الأكثر هشاشة. مع ارتفاع معدل البطالة بين الشباب في الأردن، غالبًا ما نجد خريجو الجامعات أنفسهم عاطلين عن العمل نتيجة عدم تطابق المهارات بين ما تعلموه واحتياجات أصحاب وسوق العمل.