بعد قرار الأربعيني بدر صطيف اللجوء من العاصمة الصورية دمشق إلى العاصمة الأردنية عمّان، لم يكن في حسبانه أن يصل به الحالة المعيشية إلى دون خط الفقر "بحسب وصفه"، فبعد عقدٍ من الزمن على لجوء مئات الألاف من السورييّن للأردن، والأزمات المعيشية والاقتصادية ما زالت تلاحقهم أزمةً تلو الأخرى.
فعائلة اللاجئ السوري بدر والمكونة من 7 أشخاص، وغيرهم الكثير من العائلات السورية، باتت تستغني عن الكثير من احتياجاتهم المعيشية اليومية، وتحديداً الغذائية، جراء أزمات الغلاء المعيشية المتلاحقة، إضافة إلى وقف المساعدات النقدية والعينية من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن عدد من العائلات نتيجة نقص التمويل.
الأربعيني بدر تحدث عن خطة وضعها من أجل تقنين مصروفاته الشهرية، فضيق الحالة أجبره على التخلي عن العديد من الأصناف الغذائية الأساسية، ويقول بأنّ ضيق الحال وارتفاع تكليف الحياة والمعغيشية وقيام المفوضية بقطع المساعدات سواء "البصمة، مساعدات نقدية، بدل سكن الكيبون الغذائي" وغيرها من المساعدات.
عائلة بدر أغلبها يعانون من أثر الحرب، بعد أن سقطت قذيفة على منزلهم وهم في داخليه، حيث أنه يتكبد شهرياً أكثر من 500 دولار، لافتاً إلى أنّه أضطر إلى تقنين مشترياته وخصوصاً الغذائية، متسائلاً: "لماذا يتم اعتباري لاجئ والمفوضية غير قادرة على توفير الغذاء والدواء؟".
حال أحمد كحال الكثيرين من العائلات السورية، ف اللاجئة أسمهان والقادمة من مدينة دمشق قبل 10 سنوات، قالت بأنّ المفوضية قللت الكثير من المساعدات النقدية وبعضها أوقفتها، مشيرةً إلى أنه خلال الـ5 سنوات الأخيرة قامت المفوضية بوقف جميع المساعدات عنها ومنها المساعدات الغذائية.
المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بدورها أصدرت تحذيرات متتالية من الحالة المعيشية للسوريين، من وضع اللاجئين في الأردن، الأمر الذي قد يتحول إلى أزمة إنسانية في غضون أشهر إذا لم يتوفر التمويل بشكل عاجل. ينقص المفوضية وحدها 34 مليون دولار أمريكي لتنفيذ البرامج الصحية والنقدية الأساسية خلال ما تبقى من عام 2022.
كما أعلنت المفوضية مؤخراً أنّ نصف الأسر اللاجئة خارج المخيمات قننت غذاءها المتاح في الربع الثاني من هذا العام.
حلولٌ معدومة يراها الخبير الاقتصادي الدكتور بسام الزعبي، أمام المفوضية والحكومة الأردنية في تغطية احتياجات الأسر اللاجئة في الأردن، مشيراً إلى أنّ الأردن يعاني من أزمات اقتصادية جمّة، ويرافقها ملف اللجوء.
وقال الزعبي أنّ ضرورة تحمل الدول الداعمة والمجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الدول التي تستضيف اللاجئين خصوصا في ضوء تحديات الأمن الغذائي، التي يمر بها العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
وبيّن أن الأردن تحمل في السنوات الماضية تبعات موقفه الإنساني العروبي الإسلامي تجاه اللاجئين السوريين، وهو موقف جنب العالم الغربي من الدخول في أزمات كثيرة على رأسها استقبال هؤلاء اللاجئين، لافتاً إلى أنّه رغم التكلفة الباهظة التي تحملها خلال السنوات الماضية أمنيا واقتصاديا وحتى اجتماعيا، إلا أن المجتمع الدولي لم يكن ممتنا أو مقدرا لهذا الموقف، ولم يقدم الدعم الكافي.
تلك الأرقام والبيانات التي أصدرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تدق ناقوس الخطر، بحسب مختصين، في حين حذروا بأن تتحول إلى أزمة إنسانية في غضون أشهر إذا لم يتوفر التمويل بشكل عاجل.