عشرُ سنوات مرت على اللجوء السوري في الأردن حمل معه الكثير من التحديات والعقبات والتغيرات على طرفي معادلة اللجوء (اللاجئين والدول المستضيفة) ودولة كالأردن تعاني من محدودية مواردها وارتفاع نسبة البطالة بين شبابها ضاعف اللجوء السوري وعقباته من هذه التحديات، فيرى الكثير من المحللين الاقتصاديين ضرورة البحث عن سبل للحد من عقبات اللجوء السوري على الأردن.
اللاجئون ليسوا عبئًا، هنا تباينت الآراء بين طرفين ينظر أولهم للاجئين على أنهم يشكلون عبئاً اقتصادياً واجتماعياً على الدول المستضيفة بالمقابل يرى الطرف الثاني أن اللاجئين من الممكن أن يسهموا بشكل إيجابي في الدول المستضيفة بشتى المجالات إذ تم دمجهم في المجتمع من خلال سياسات تسمح لهم بممارسة بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية وبعض الحرف اليدوية التقليدية للوصول لسبل عيش تعود بالفائدة على طرفي معادلة اللجوء.
أستاذة علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتورة ميساء الرواشدة بينت أن اللاجئين السوريين في الأردن تمكنوا من خلق فرص عمل لهم في السوق الأردني فهم أصحاب مهن وحرف يدوية كعمال البناء والخبازين وهذه المهن تجد رواجاً في المجتمع الأردني كون سوق العمل الأردني يحتاج أيدي عاملة في هذه المهن بسبب عزوف الكثير من الشباب الأردني عنها كونها لا تحقق لهم الأمان والاستقرار الوظيفي، ليتم البحث دوماً عن وظائف حكومية تحقق طموحاتهم، ليجد اللاجئ السوري الكثير من الفرص في سوق العمل الأردني دون منافسة تذكر بينه وبين الشباب الأردني في هذه المهن .
وكان الأردن خير مستضيف للاجئين السوريين خلال العقد الماضي حسب تصريح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إذ وفر الأردن أولًا الأمن والسلامة للاجئين بعد أن كانوا في أمس الحاجة لها ومع مرور الوقت بدأت الأردن تحتضن الكثير من المشاريع الريادية البسيطة للاجئين لتمكنهم من خلق اقتصاد خاص بهم يحد من اعتمادهم على المساعدات المقدمة من الدول المانحة ويقلل أعباء اللجوء وتحدياته.
وبينت الرواشدة أن الأردن قدمت مجموعة من التسهيلات للاجئين السوريين بهدف تسهيل وصولهم لسوق العمل الأردني كان أبرزها تسهيل الحصول على تصاريح عمل.
ويجدر بالذكر أن وزارة العمل قدمت 283 ألف تصريح عمل للاجئين السوريين للعمل بالسوق المحلي منذ عام 2016 وحتى نهاية العام الماضي 2021، هذا وفق أرقام أصدرتها الحكومة ومفوضية اللاجئين.
لتضيف الرواشدة أن هناك مجموعة من العوامل الاجتماعية والثقافية المشتركة بين المجتمع الأردني والسوري سهلت من انضمام اللاجئين السوريين في أسواق العمل غير الرسمية كبعض أعمال الزراعة والتجارة ولاسيما قدرة بعض اللاجئات السوريات من الانخراط في سوق العمل الغير رسمي من خلال بعض المشاريع الريادية البسيطة القائمة على دعم مجتمعي خاصة في مجال الطعام من بما يعرف بالمطبخ الإنتاجي القائم على إنتاج أصناف معينة من الطعام لتلقى هذه المشاريع الدعم والإقبال مما مكنّ اللاجئات السوريات المشاركة في إعالة الكثير من أسرهن وتوفير فرص عمل لغيرهن من اللاجئات .
وكحال الكثير من اللاجئين تمكنت اللاجئة السورية منال من محافظة درعا من الاعتماد على نفسها وذلك من خلال مطبخها الإنتاجي البسيط ، حسب ما تحدثت به لسوريين بيننا "بسبب أوضاعنا الاقتصادية الصعبة حاولت أن أساعد في مصروف البيت بدأت بمشروع مطبخ إنتاجي في البيت والفكرة طلعت بعد عزيمة لصاحباتي يلي عجبهم طبخي وشجعوني على الطبخ وبدأت مشروعي البسيط بإمكانيات بسيطة من البيت وكانت بداية بسيط سنة ال 2014 أخذت دورات مع منظمات وجمعيات كثيرة مثل منظمة مواغلي ومنظمة الشرق الأدنى والدورات زادت من مهارتي بالطبخ وتعلمنا طبخات جديدة وتم تدريبنا على مهارات إدارة الأعمال والتسويق لشغلنا وبسببهم حسنت من شغلي الحمد الله..."
لتكمل سناء أن جائحة كورونا كانت سببا في توقف عمل مطبخها الإنتاجي مما زاد من صعوبات الحياة في ظل الجائحة ، " كورونا أجت وزادت من صعوبة الوضع ورجعتنا للنقطة التي بدأ منها أول ما لجئنا على الأردن بس خلصت كورونا والحمد الله رجعت لشغلي بالمطبخ وصرت اشتغل بالطلب والوضع منيح بس بحاجة دعم وتسويق أكثر حتى يكبر مشروعي"
وتحدثت الرواشدة عن منفعة اقتصادية مشركة بين طرفي معادلة اللجوء السوري، فاللاجئ السوري يمتلك مهارات وخبرات متنوعة في حرفة معينة وهذا ما يميز الشعب السوري عامة ليقدمها للمواطن الأردني صاحب رأس المال الباحث عن الاستثمار لتقام الكثير من المشاريع الريادية ذات المنفعة المشتركة بتمويل أردني وأيدي عاملة سورية تبحث عن مصدر رزق ثابت يحقق لها الاستقرار والأمان الاجتماعي وهذا ساعد في تقوية العلاقات بين المواطنين الأردنيين واللاجئين السوريين.