الآثار النفسية للحرب في سورية على الأطفال في بلد اللجوء

الآثار النفسية للحرب في سورية على الأطفال في بلد اللجوء
الرابط المختصر

سوريون بيننا - عبد الرحمن موسى

أطفال سوريون، تركوا أرجوحتهم معلقة بين القمر وشجر اللوز تعبث بها الريح مع رائحة الدم وأزيز الرصاص في وطنهم الذي لم يفارق أحلامهم في رحلة لجوئهم إلى الأردن.

جوري لاجئة سورية حملها أبواها بأعوامها الخمسة إلى الأردن هرباً من الحرب الدائرة في سوريا وطلباً للأمان

إلا أن جوري حملت في ذاكرتها العديد من المشاهد والأصوات المؤلمة والتي أصرت أن تكون رفيقا موجعا لا يفارقها.

فكل صوت تسمعه تظنّه صوت رصاص أو قصف فتخاف وتهرع وسرعان ما تختبئ تحت سريرها  تماماً كما كانت تفعل في سوريا.

وكوابيسها الثقيلة ليلاً، توقظ كل من حولها من ذويها الذين لا يملكون حيلة لطمأنتها سوى إقناعها بأنها آمنة بينهم.

أما أشد ما يخيف جوري فهو فكرة العودة إلى سوريا أو حتى مجرد الخوض في هذا الحديث أمامها.

اللاجئة السورية "أمل" فقدت معنى اسمها وهي على عتبة الشباب من عمرها، جاءت بها أمها إلى الأردن لتخليصها من الخوف الذي تملكها في سوريا أثناء الحرب، الخوف الذي تحاول إخفاءه بالتظاهر بالقوة والاستعداد للموت، بل والرغبة به، كما تحاول إظهارها بأقوالها وتصرفاتها.

إلا أن الليل  بعتمة نومها كان قادرا على كشف ما تشعر به في دواخلها من خوف عميق.

وتحاول والدة أمل أن تتفهمها وتشغلها بنشاطات مختلفة لتبعدها بذلك عن متابعة أخبار الحرب, وترى أن سن المراهقة الذي تمر فيه أمل يزيد الأمر صعوبة عليها، "فالعنف الذي شهدته ابنتها بدأ يظهر في سلوكها وملامحها".

الأخصائية النفسية  لبنى خريس أكدت أن أعراض ما بعد الصدمة  تتمثل باضطراب يصيب أي شخص في ظل ظروف العنف في سوريا.

وتضيف خريس "تتشابه  تلك الأعراض عند الأطفال نتيجة الظروف الاستثنائية من قتل وغيره بشكل مباشر أو غير مباشر عبر الاستماع لأخبار تلك الأحداث أو مشاهدتها بالتلفاز".

كما تقسم خريس أعراض ما بعد الصدمة إلى ثلاثة أقسام هي: استرجاع الحدث كأخذ الأحداث وهضمها، أو التخلص من هذه الأحداث الذي قد يظهر بفقدان هذه الذاكرة المؤلمة، إضافة إلى الاكتئاب أو الانتقام وسرعة الغضب والعدوانية والتبول اللاإرادي لدى تذكر الحدث.

 وتمثل الكوابيس والأحلام شكلا من التفريغ للحدث، إضافة إلى خطورة الشعور بعدم الأمان والعدوانية والتفكير بالموت لدى الأطفال الذين يتعرضون لمثل هذه الصدمات، والذين يجب التعامل معهم بطريقة مهنية من قبل اختصاصين، بحسب خريس.

وأشارت خريس إلى التقصير الواضح من قبل الأخصائيين ومنظمات حقوق الإنسان بالتعامل مع الوضع النفسي للاجئ السوري وخاصة الأطفال.

وللخروج من الأزمة النفسية التي يعاني منها الأطفال، ترى خريس ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات كنقلهم إلى مكان آمن يشعرهم بالطمأنينة والاستقرار، ووجود أشخاص قادرين على تأمين الأمان والراحة لهم، والاستماع لهم دون إعطائهم النصائح، ومشاركه الكبار لمشاعر الأطفال واللعب معهم وسرد القصص.

من جانبه، يؤكد مسؤول الإعلام و الاتصال بمنظمة اليونيسيف في الأردن سمير بدران اعتناء المنظمة بالحالات النفسية  للأطفال اللاجئين عبر إنشاء مراكز صديقة للطفل داخل المخيمات وخارجها، ويقول " تقدم هذه المراكز خدمات نفسية واجتماعية عبر أنشطة  كاللعب والرسم والأغاني التي تتيح للطفل أن يعبر عن مشاعره كجزء من مساعدته لنسيان عذاباته في سوريا لاسيما مشقة قطع الحدود إلى الأردن".

ويشرف على هذه الخدمات، بحسب بدران، أخصائيون في الدعم النفسي للطفل عبر هذه النشاطات خاصة الرسم حيث تقيم حالات الأطفال من خلاله لتتم معالجتهم بعدها ما أمكن الأمر, أما الحالات الأكثر تعقيدا فتتم إحالتها لمختصين آخرين.

وتبقى أرجوحة الأطفال السوريين معلقة هناك، ومتأرجحة في أحلامهم تحت خيام لجوئهم بكل ما فيها من ذاكرة مؤلمة.