7 ملايين دينار لإنارة 7 آلاف مسجد
يزداد عدد المساجد في المملكة بصورة كبيرة تصل إلى 200 مسجد سنويا، رغم تحديات صعبة تضع وزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في ديون تتراكم سنويا بسبب تكفلها لمصروفات فواتير كهرباء سبعة آلاف مسجد في كافة المحافظات.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الأردنية إيجاد حلول ناجعة لواحدة من أهم المشكلات التي تتعرض لها البلاد وهي الطاقة الكهربائية، لا تتوقف ديون وزارة الأوقاف عن الزيادة بسبب فواتير الكهرباء في المساجد والتي وصلت إلى 7 ملايين ونصف دينار العام الماضي.
وجاءت موافقة مجلس الوزراء مؤخرا على المباشرة بالإجراءات المطلوبة من قبل وزارة الأوقاف لتركيب أنظمة خلايا شمسية على أسطح المساجد، لتغسل عبء 3 ملايين دينار تدفعها الوزارة مقابل فواتير الكهرباء الخاصة بهم، ويترصد مبلغ 3 ملايين ونصف دينار ديونا على الوزارة لصالح شركة الكهرباء، فيما يتم تسديد نحو مليون دينارمن التبرعات التي تجمعها المساجد.
وتتركز غالبية المساجد خصوصاً الكبيرة منها في العاصمة عمان، حيث يوجد فيها نحو 1500 مسجد، تليها محاظة اربد وفيها 1000 مسجد ،والزرقاء 500 مسجد، والعقبة 100 مسجد، بحسب وزير الأوقاف هايل داوود.
بين الحاجة والزيادة العشوائية
ورغم اتفاق أمين عام الوزارة سابقاً محمد الرعود مع توجه الوزارة لتركيب الخلايا الشمسية بما يوفر 70% تقريبا من قيمة الفاتورة على المساجد، إلا أنه ينوه لوجود عدد كبير من المساجد التي تكفي وتغطي حاجة المصلين في مختلف المناطق، مما يوجب على الوزارة إعادة النظر في تنظيم عملية بنائها، ودعوتها الراغبين بعمل الخير لبناء مدارس أو دور رعاية أوغيرها من المنشآت التي تخدم المواطن بعمل الخير بدلا من المساجد.
مدير شؤون المساجد في الوزارة حمزة ابداح يؤكد على الحاجة الدائمة والمستمرة لبناء المساجد، بهدف خدمة المواطنين بمختلف المناطق، مشيرا لدراسات قامت بها الوزارة ترصد حاجة كل منطقة لمسجد حسب الكثافة السكانية هناك، ويضيف أن الوزارة تشترط وجود مسافة كيلو متر واحد بين مسجد وآخر بشكل عام، ويتم استثناء المناطق التي تحتوي على تضاريس تصعب تحقيق هذا الشرط.
وعن أسباب ارتفاع فواتير الكهرباء في المساجد يوضح أبداح ان فاتورة الوزارة ارتفعت خلال العشر سنوات الأخيرة بعد السماح للمساجد تركيب المكيفات بشرط دفع فرق التكلفة، إلا أن لجان الرعاية لم تلتزم بكامل الفرق كونها تجمع تبرعات، إضافة إلى أن بعض المناطق الفقيرة والنائية لا تدفع أي شئ وتتكفل الوزارة بكامل المبلغ.
الخلايا الشمسية
في مسجد الفردوس الواقع في منطقة طبربور بعمان، أظهرت فاتورة الكهرباء الخاصة به انخفاضا هائلا في الكلفة، وصلت لدينار واحد فقط خلال شهر كامل، في حين كانت تصل إلى 1000 دينار، وترتفع عن ذلك خاصة في شهر رمضان.
ويؤكد مؤذن المسجد كمال أنه وبالرغم من التكلفة العالية لتركيب هذه الخلايا وما تحتاجه من عناية وتنظيف لتعمل جيداً، إلا أنها أسهمت بشكل كبير في حل مشاكل استخدام الأجهزة الكهربائية بصورة مستمرة، حيث تستهلك المكيفات والمراوح إضافة إلى الإنارة و"الثريات" الكثير من الطاقة لدى تشغيلها بصورة دائمة.
تبلغ كلفة تركيب الخلايا الشمسية لكل مسجد نحو 24 ألف دينار، تدفع منها الوزارة ما قيمته 20 %، ويجمع الباقي عن طريق لجان رعاية المساجد، كما في مسجد الفردوس، والذي جمعت كلفة تركيب الخلايا له من المصلين وفاعلين الخير، و4 الاف دينار من وزارة الأوقاف.
وكانت وزارة الأوقاف قد أعدت دراسة أولية لتركيب الخلايا الشمسية لـ120 مسجدا، حيث تبين أن تكلفة التركيب ستصل إلى 3 مليون دينار.
ويؤكد ابداح أن الوزارة طالبت بدعم مشاريع الطاقة من خلال المنح الدولية وغيرها بسبب الحاجة الماسة لتركيب الخلايا لتخفيض الكلفة العالية لفواتير المساجد ، منوها إلى وجود معيقات من شأنها تعقيد المعاملات وتأخيرها من قبل شركات الكهرباء، مناشدا شركة الكهرباء بتسهيل إجراءاتها والتعاون معها فيما يخص الرسوم.
التدوير لصالح المساجد
يولد نظام الخلايا الشمسية الطاقة ويصدرها للشبكة العامة، حيث يتم تزويد مشتركين آخرين منه وخصوصاً المحيطين للمنطقة، لذلك يجب دراسة مدى تطابق النظام مع شروط التزويد من حيث قدرة الفولتات وتناسبها مع المعايير المقبولة فنياً، وعدم إخلاله لهذه الشروط لضمان عدم التشويه وتأثر الأجهزة الكهربائية، حسب تعليمات شركة الكهرباء.
ويشير ابداح إلى أن شركة الكهرباء تعطي الوزارة بمقدار ما تستهلك من الطاقة فقط، موضحا أنه لو تم السماح لهم بأكثر من ذلك فسيتم توزيعها على بقية المساجد الأخرى القريبة منه.
فيما تحدث مدير الشبكة الكهربائية في شركة الكهرباء الأردنية المهندس حسن عبدالله عن عملية "التقاص" التي تجرى شهرياً بين المساجد، التي تعمل عليها أنظمة الخلايا والشركة، موضحا أنها تتلخص بحسبة معدل الطاقة التي تم توليدها من المسجد مقابل الطاقة التي تم استهلاكها، وعليه يدفع المسجد الفارق في حال استهلك أكثر مما ولد، أما إذا استهلك أقل مما ولد فيتم حسبة الطاقة الزائدة وتدويرها لصالح المساجد للشهر الذي يليه ثم يتم عمل تقاص سنوي وتدفع الشركة للمسجد بناء على ذلك 120 فلس لكل كيلو واط ساعة.
ويؤكد عبدالله على أن الشركة تتبع عملية التدوير لصالح المساجد، حيث يتم ترصيد الطاقة الفائضة في فصل الصيف لفصل الشتاء لحساب المسجد.
وتنظر شركة الكهرباء حاليا بنحو 25 طلبا لتركيب الخلايا في مساجد، في حين وافقت على تركيب 500 نظام تم شبكه بالإضافة لوجود موافقات صدرت وهي قيد التنفيذ، وويشير عبدالله أن هناك طلبات يتم الموافقة عليها خلال أسبوع واحد، أما ما يتأخر عن ذلك فيعود لأسباب تتعلق بالمشترك أو بإجراءات التركيب نفسها.
وياتي مشروع تركيب الخلايا الشمسية على أسطح المساجد ضمن خطة وضعتها الحكومة مؤخرا لتركيب الخلايا الشمسية لقطاعات متعددة في كافة وزارات الدولة، بهدف تخفيض صرف الطاقة الكهربائية وإيجاد حلول بديلة عن استهلاكها الكبير في ظل نقص موارد الطاقة المحلية.