"هواجس" الإعلام الإسرائيلي على أمن الحدود الأردنية

"هواجس" الإعلام الإسرائيلي على أمن الحدود الأردنية

 

يكثر الإعلام الإسرائيلي من طرح التعليقات والتحليلات التي تعبر عن التخوف، وتنامي القلق فيما يتعلق بـ"الخطرالداهم" للتنظيمات "الجهادية"، التي غدت على مرمى حجر من الحدود الأردنية، وذلك نتيجة التحولات الإقليمية التي تزلزل الإقليم.

 

"فـالأردن قد يتعرض في أي لحظة، لهجمات ينفذها تنظيم الدولة الاسلامية من الشرق، وهجمات يشنها تنظيم القاعدة من الشمال"، هكذا يرى مدير الدائرة السياسية في وزارة الحرب الإسرائيلية، الجنرال عاموس جلعاد، وهو يتصور الوضع القائم الحالي على الحدود الشمالية الشرقية الأردنية المتاخمة للحدود السورية، التي، أصبحت في قبضة انصار تنظيم القاعدة وتحديدا تنظيم جبهة النصرة، فيما لم يخرج أي شبر من المدن العراقية الغربية، الموازية للحدود الشرقية للمملكة، من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

 

ويضيف جلعاد بأن تنظيم القاعدة، وفرعه جبهة النصرة، يشكل ثقلا كبيرا في الجنوب السوري، وتهديدا خطيرا بتنفيذ هجمات دامية، حتى وإن كانت محدودة، الأمر الذي يترتب عليه تصدع الجبهة الداخلية الأردنية، وزعزعة ثقتها بالجيش والقوات المسلحة.

 

ويرى خبراء في إسرائيل، أن تكثيف الضربات التي يوجهها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، من شأنه أن يؤدي إلى توجهه غربا نحو الأردن، والتخطيط لضرب استقرار حدوده وأراضيه، وفق صحيفة معاريف العبرية.

 

رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، يؤكد أن مثل هذه التحليلات والتعليقات التي تصدر عن "الصهاينة"، لا تمت للواقع بصلة في الأغلب، وإن كان فيها نصيب من الصحة والدقة، تحديدا عند الحديث عن الهيمنة والسيطرة على مفاصل الحياة من قبل هذه التنظيمات غرب العراق أو الشرق السوري، فـ"الصورة التي يحاول الصهاينة نسجها وتصويرها للجمهور، مبالغ فيها".

 

"فالإعلام العبري يحرص على نشر هذه المعلومات، وإعطائها صفة الدقة والصحة، مدعومة بالوثائق المصورة أحيانا، بهدف تحقيق غايات، أولها تفتيت الوحدة الداخلية الأردنية، إضافة إلى خلق أجواء متوترة في الداخل الأردني، وهذا أسلوب صهيوني يعود إلى عام 1948، أي إبان إقامة الدولة العبرية، التي اتخذت من الإشاعة ونشر البلبلة والفوضى الإعلامية، سبيلا لتثبيت أقدامها في المنطقة"، بحسب الحمد

 

كما يؤكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والمحلل السياسي، مروان شحادة، على أهمية إجهاض صحة الدعاية الصهيونية، مشيرا إلى أن فرضية شن "التنظيمات الجهادية" لهجمات تستهدف الأردن، غير مقبولة في حكم الواقع.

 

ويرى شحادة أن هذه التحذيرات كانت في السابق، نتيجة التوسع والانتشار، من جانب تنظيم الدولة الإسلامية في المناطق الغربية العراقية، وتحديدا الأنبار، إضافة إلى الجنوب السوري، ومناطق جنوب دير الزور والسويداء، وبعض مناطق درعا.

 

ويهدف "الصهاينة" من هذه التحليلات بحسب شحادة، إلى إقحام المملكة في حرب برية، أو خلق استفزاز لدى الأردنيين، حتى يظل الاستعداد العسكري والأمني  في جهوزية عالية، لأنهم يعتقدون أن أمن الأردن، ما هو إلا الجدار والحصن الأول لأمنهم.

 

وهذا ما يشير إليه الإعلام العبري، حين تطرق إلى أن الحدود مع الأردن، يمكن أن تتحول إلى منطلقا لـ"الجهاديين" لتنفيذ عمليات ضد العمق الإسرائيلي، بحسب التلفزة الإسرائيلية العاشرة.

 

ورغم أن الإسرائيليين لا يختلفون على الحفاظ على أمن الأردن واستقراره، إلا انهم لم يكتفوا بذلك، بل عمدوا إلى إقامة جدار حدودي أمني، على طول الحدود الشرقية مع المملكة، الأمر الذي اعتبره إعلاميون إسرائيليون "إهانة" للأردن، باعتبارها خطوة تعطي انطباعا بعدم ثقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالقدرات الأردنية بصد أي هجوم أو عمليات ضدها في المستقبل، وفق صحيفة معاريف.

 

إلا أن هذه التصريحات لا يمكن أن يكون لها قيمة على الأمن المجتمعي الأردني، نظرا للبنية المجتمعية التي لا تنساق وراء مثل هذه التحليلات، والتجارب السابقة والحالية كفيلة بدحضها، بحسب جواد الحمد.

 

أما ما نشره الإعلام مؤخرا حول نية تنظيم الدولة الإسلامية "غزو" الأردن، أو على الأقل تنفيذ عمليات، فيعتبره شحادة بعيدا عن الواقع، نظرا للتحديات التي يواجهها التنظيم، ومن أبرزها، المعارك الشرسة التي يخوضها في المناطق التي يسيطر عليها، الأمر الذي يفرض عليه ضرورة الحفاظ على مكاسبه، قبل التفكير بـ"غزوات جديدة".

 

ويضيف شحادة، أن الخلافات الداخلية التي بدأت تعصف بالتنظيم، برزت على السطح، ولم يعد بالإمكان إخفاؤها، والتي كان آخرها ما وقع من اشتباكات داخلية بين عناصر التنظيم، أدت إلى إصابة العديد منهم، أبرزهم الناطق الرسمي باسم التنظيم والملقب بـ"العدناني".

 

كما يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد قاسم محمد صالح، استحالة إقدام هذه التنظيمات على مهاجمة الأردن وتنفيذ عمليات تستهدف أمنه في المنظور القريب، مشيرا إلى أن الأردن عمل على تحصين حدوده أمنيا وعسكريا، مع وجود مقاربة تحدد قواعد الاشتباك مع أي جسم يقترب من الحدود.

 

ومع ذلك، يبقى الهاجس الأمني حاضرا في الذهن الأردني، خاصة مع طول الحدود الغربية والشمالية المحاذية لمناطق مشتعلة في كل من العراق وسوريا، وانعكاس مشاركة الأردن في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش".

أضف تعليقك