همّة زيد .. تحرره من "المتلازمة"

همّة زيد .. تحرره من "المتلازمة"
الرابط المختصر

 

يصل عمله كما اعتاد صباح كل يوم، يرتدي معطف عمله، يقفل أزراره و يضع اللمسات الأخيرة على مظهره، ثم يبدأ عمله مصافحاً زملاءه بهمة، محييهم بـ"صباح الخير"، تبدو بدايةً معتادة لألوف بل ملايين العاملين، لكن زيداً ذاته هو غير المألوف.

 

 

زيد ناصر..شاب عمره 28 عاماً من ذوي الإعاقة يعاني من "متلازمة الداون"، يعمل بأحد الأسواق التجارية المعروفة بوظيفة "ناقل بضائع"، حيث يقوم مثله مثل بقية زملائه من الموظفين بالعمل يومياً لمدة ثمانية ساعات، يحظى بشعبية ملفتة لدى زملائه ولدى زبائن المتجر، الكثير من الزبائن ما أن يدخلوا السوق حتى يبادروا بالسؤال "وين زيد" فيحضر زيد ويهم بتعبئة مشترياتهم وإيصالها لمركباتهم، وسط تعجب وفرح تراه في أعين من حوله.

 

 

حياته لا تماثل أقرانه من ذات الحالة، فدائماً ما يتميز عنهم بنشاطه واندماجه بالمجتمع و تأثيره فيه، يمثل أحد حالات مركز نازك الحريري لذوي الاعاقة حيث انتمى له لسنوات و ساعده ذلك في تنمية قدراته و توعية عائلته و تحفيزه للإندماج مع من حوله بشكل طبيعي.

 

 

المجتمع بدوره منقسم حول زيد، فمن جانب ترى الحب والتقدير له والتعاون مع حالته من قبل مسؤوليه وزملائه في العمل بالإضافة للترحاب والحب من قبل الزبائن إلا أنك تلمس لدى فئة أخرى تصرفات لا مسؤولة، فترى من يضايقه ويعيب عليه مرضه ومن يستهزئ به، وكذلك من يقسو عليه، تلك التصرفات على قسوتها إلا أنها تبقى محدودة وسط الكم الكبير من الإعجاب بحالته.

 

 

أمه هي الشخص الأهم في حياته، وهبت نفسها لرعايته، تقوم بإيصاله للعمل و تدريبات كرة القدم، لا تنفك عن تزويده بكل مستلزماته واحتياجاته، حيث يشدك زيد دائما بنظافته وترتيبه وأناقته، تتعامل معه كإنسان طبيعي، تشاركه ما يحب وما يكره وتدخل أحياناً في نقاشات حول كرة القدم معه، حيث تمثل له كرة القدم عشقاُ عز نظيره، عشق تجلى في شقي الممارسة والمتابعة.

حيث كان عضواً في المنتخب الأردني لكرة القدم لذوي الإحتياجات الخاصة مشاركاً بإسم الأردن في عدة بطولات رياضية في قطر و تونس و موشحاً رقبته بالميداليات والأوسمة.

 

 

ومن جهة أخرى فهو مشحع بكل جوارحه لفريقي ريال مدريد والوحدات و كذلك المنتخب الأردني، يدهشك زيد بفرط عشقه وحبه لتلك الفرق، يحفظ أسماء جميع اللاعبين، يتابع جميع مبارياتهم، حتى أنه يكيد لزملائه من مشجعي فريق برشلونة ويكون بالمرصاد لهم عند خسارتهم.

 

 

أما الجانب الشقي في شخصية زيد فحدث ولا حرج، حيث يفاجئك بدأبه ومحاولاته المستمرة للفت أنظار الفتيات الجميلات و التحدث معهن، يبادره زملاؤه ممازحينه بسؤالهم "بدك تتجوز يا زيد" فيرد "الله كريم"،  يواظب كذلك على الصلاة والصيام حتى أن أمه اصطحبته لمكة المكرمة لأداء مناسك العمرة.

 

 

يبقى زيد حالة تستحق التوقف عندها ومتابعتها بكل ما تثيره من دهشة بسلوكه ورجولته و اتزانه واندماجه وتواصله مع من حوله وكذلك خفة الروح والظل لديه، يقول زميله وجيه أن زيداً بالنسبة له أكثر رجولة وتحملاً للمسؤولية من العديد من أقرانه الأصحاء.

 

 

في العديد من الأحيان يتداول الناس معه الحديث فيقولون له "نيالك يا زيد الك الآخرة"...قم يا زيد و ارمقهم بنظرة التحدي تلك و قل لهم "لي الآخرة... و كذلك الدنيا ".

أضف تعليقك