هل يعود المحتجون الى المنازل بعد تغيير الحكومة؟

هل يعود المحتجون الى المنازل بعد تغيير الحكومة؟
الرابط المختصر

 

يتناول موظف وزارة الزراعة محمد السنيد (42 عاما)، إفطاره سريعا في رمضان ليلتحق بالاحتجاجات التي تشهدها مدينته مأدبا شرق العاصمة الأردنية عمان.

 

احتجاجات عمت كافة محافظات المملكة بشكل مفاجئ وغير متوقع يوم الخميس الماضي، عقب زيادة الحكومة الأردنية أسعار المشتقات النفطية ضمن التعرفة الشهرية بنسبة 5% وبعد يومين من إضراب عن العمل، نفذت نقابات مهنية احتجاجا على مشروع قانون ضريبة الدخل الذي وسع الشرائح المكلفة بدفع الضريبة.

 

إجراءات حكومية لرئيس الوزراء المستقيل هاني الملقي إعادت السنيد للشارع بصوت أعلى، بعد أن قاد حراكا شعبيا في 2011 للمطالبة بإصلاح النظام من خلال تغيير جملة من التشريعات، أبرزها قانون الانتخاب، ونهج تشكيل الحكومات، ورفع القبضة الأمنية، ومحاربة الفساد، وتقليص صلاحيات الملك.

 

يقول السنيد وهو أب لخمسة أطفال "إن الوضع الاقتصادي زاد سوء مع الإجراءات الحكومية التي اقرتها حكومة الملقي في موازنة 2018، اصبحت لا استطيع الايفاء بمتطلبات الحياة البسيطة، اتقاضى راتب 330 دولار، في ظل تضخم كبير في الأسعار، وفرض للرسوم، لم نعد نحتمل هذا النهج الاقتصادي الذي يمول عجز الموازنة من جيوبنا".

 

في بداية 2018، فرضت حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي ضرائب على قائمة طويلة من سلع وخدمات، شملت 162 سلعة أساسية؛ ورسوم على المركبات، ورفع لتعرفة الكهرباء، بغية توفير إيرادات لخزينة الدولة بما يقارب مليار دينار أردني، موزعة على 540 مليون دينار من ضريبة مبيعات و376 مليون دينار ضرائب ورسوم أخرى، إلى جانب رفع الدعم عن مادة الخبز، البالغ 170 مليون دينار، مع بقاء دخل المواطنين ثابتا والذي يتراوح متوسطة 500$- 600$ حسب دائرة الاحصاءات العامة.

 

ودفع النهج الاقتصادي للحكومة، آلاف المواطنين، للتجمهر أمام مقر رئاسة الوزراء في العاصمة عمان، لليوم الخامس، رغم اقالة الملك عبد الله الثاني، لحكومة الملقي يوم الأثنين، إجراء لم يثن المحتجين عن العودة الى منازلهم رافعين من سقف مطالبهم.

 

ديما الخرابشة، 27 عاما، تعمل في مؤسسة مجتمع مدني، تصر على أن الحكومة "اسقطها الشعب ولم تقدم استقالتها".

 

الخرابشة التي شاركت أمام مقر الحكومة تقول "إن تغيير الشخص لا يعني حل المشكلة، وسنبقى في الشارع نحتج لتحقيق مطالبنا وتغيير النهج الاقتصادي، بعد أن اصبح المواطن عاجز عن توفير اساسيات الحياة".

 

وحسب الخرابشة "نطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وإلغاء الضرائب على المحروقات والتي تصل إلى 40%، وإلغاء بند فرق أسعار الوقود المثبت على فواتير الكهرباء ، وإلغاء ضريبة المبيعات التي تم فرضها على السلع الأساسية، وسن قانون ضريبة دخل تصاعدي، وإعادة الدعم على الخبز".

 

ويتفق معها المهندس الكهرباء، معاذ أبو عون (32 عاما)، الذي يطالب "تغيير نهج الاعتماد على جيوب المواطنين في تأمين دخل للحكومة، لذا وجود حكومة جديدة لن يغير شيئا، المواطنين خرجوا لانهم مرهقين من ارتفاع الأسعار، خرجوا بشكل عفوي دون وجود قيادة لهذا الحراك".

 

يقول "خرجت للمشاركة في الاحتجاجات أمام مقر الحكومة، بعد أن تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفع تكاليف الحياة في كافة المجالات في الطعام والشقق والمركبات والمحروقات، في ظل ثبات الدخل وانعدمت القدرة الشرائية".

 

أما المحامية هالة عاهد، تقول إنها "خرجت الى الشارع والتظاهر في عمان، لنقول نحن الشعب مصدر السلطات واستعادة قدرتنا على التغيير، في ظل ضعف المؤسسات التي تمثل الشعب كمجلس النواب والأحزاب، خرجت لان دخلي يستنزف في ظل غياب خدمات التعليم والصحة والنقل، وهذا قلل من مستوى المعيشة لدي، لا أستطيع توفير أساسيات الحياة، وتعليم ابنائي، دفعتني سوء الخدمات للجوء الى التعليم الخاص وشراء المركبات والتوجه الى المستشفيات الخاصة".

 

وتميزت الاحتجاجات التي شهدتها المملكة بمشاركة كافة مكونات المجتمع الأردني، على عكس ما ساد في فترة الربيع العربي حيث كان المتظاهرون في معظمهم من أبناء العشائر في المحافظات، بينما شهدت الاحتجاجات الحالية مشاركة ملحوظة لسكان المدن الكبرى وبالأخص العاصمة عمان.

 

المحلل السياسي، لبيب القمحاوي، يرى أن استقالة الحكومة، لا تكفي، قائلا "نتحدث عن رؤية شعبية واضحة تريد تغيير نهج اقتصادي وسياسي واضح المعالم، الشارع لا يريد بقاء الفساد والجباية، والتفرد في السلطة، ولا يريد المؤسسية الغائبة، في النظام السياسي الأردني، وهذا يتطلب حكومة قوية، وهذا يتوقف على رؤية الملك للتغيير".

 

ولن يعيد تغيير الحكومة المواطنين الى منازلهم، كما يرى القمحاوي، والسبب "أن القضايا الأساسية لم يتم التطرق لها من قبل النظام مثل تغيير قانون ضريبة الدخل، وتغيير النهج السياسي، والاقتصادي، وإيجاد حكومة وطنية تعيد ثقة الشعب بمؤسسات الدولة".

 

المخرج، حسب القمحاوي "المطلوب من الملك أن يكون واضحا في كتاب التكليف للحكومة الجديدة بخصوص الاصلاح السياسي والاقتصادي، الى جانب حل مجلس النواب، وأن يكون هنالك اقناع للجماهير أن جهود الإصلاح حقيقية".

 

وهتف المحتجون في عمان وفي محافظات المملكة، وسط تواجد أمني كثيف "نريد حكومة وطنية".. "حكومة حرامية".." يا عمان ثوري ثوري حق الشعب لازم يجي".."حرية حرية".

 

الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين، بادي رفايعة، يقول "الناس طموحه لتغيير جذري لسياسة متبعة في إرهاق الناس، أوضاع المواطن الاقتصادية مأساوية، اذ ازدادت مساحة الفقر والبؤس ومعدلات البطالة، الناس تطمح لحل مجلس النواب وتغيير قانون الانتخاب، بحيث يشكل الحزب الفائز بالبرلمان حكومات من رحم الشعب وتطبيق المبدأ الدستوري الشعب مصدر السلطات".

 

بدوره علق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأثنين على الاحتجاجات قائلا "المواطن معه كل الحق، ولن أقبل أن يعاني الأردنيون"، قائلا "تعلمت من من والدي، أن أكون إلى جانب أولادي وبناتي وأخواني المواطنين الأردنيين".

 

وعبر الملك خلال لقائه عددا من مدراء الإعلام الرسمي "عن فخره بما شاهده من تعبير حضاري من الشباب الأردني في الأيام الماضية، والتي تعكس حرصهم على تحقيق مستقبل أفضل لهم، وقال "كل الأردنيين يعملون من أجل مستقبل أفضل لوطنهم وكيف نمضي إلى الأمام بثقة وعزيمة".