هل يشعل إعدام "جهاديين" الحرب بين الأردن وتنظيم الدولة؟
أقدمت السلطات الأردنية على تنفيذ وجبة إعدام جديدة طالت عددا من المحسوبين على التيار السلفي الجهادي وتنظيم الدولة، ما ينذر بتنامي الحرب بين الأردن والتنظيم الذي يعد المملكة هدفا مشروعا بسبب مشاركتها في التحالف الدولي ضده، بحسب خبراء في الحركات الجهادية.
وكان الأردن قد جمد عقوبة الإعدام بين عامي 2006 و2014، ولكنه عاد وفعّلها في شباط/ فبراير 2015، وقام عقب ذلك بإعدام العراقيين ساجدة الريشاوي وزياد الكربولي، المحكومين بقضايا "إرهاب"، ردا على حرق تنظيم الدولة للطيار الأردني معاذ الكساسبة في الشهر نفسه.
وتوسع الأردن في الوجبة الثانية من عمليات الإعدام، السبت، حيث شملت 10 محكومين بقضايا "إرهاب" أبرزهم: أعضاء في خلية إربد التابعة لتنظيم الدولة، ومطلق النار على مكتب مخابرات البقعة، وقاتل الكاتب ناهض حتر، بالإضافة إلى معمر الجغبير المتهم بتفجير السفارة الأردنية في بغداد عام 2003، وآخرين.
وتوقع مراقبون أن تشعل هذه الإعدامات مواجهة مفتوحة بين المملكة وتنظيم الدولة الذي ضرب مواقع أمنية أردنية خلال العامين الماضيين.
وقال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة، مروان شحادة، إن "المقاربة الأمنية في التعامل مع الجماعات الإرهابية تغيرت وأصبحت صلبة، بعد أن بدأت هذه الجماعات، وخاصة تنظيم الدولة، باستهداف مراكز أمنية وعسكرية، في محاولة منه لزعزعة أمن واستقرار الأردن، وإضعاف هيبة الدولة".
ولا يستبعد شحادة "قيام تنظيم الدولة بعمليات انتقامية؛ بسبب إعدام هؤلاء الأشخاص"، مؤكدا لـ"عربي21" أن "المعركة بين الدولة الأردنية وما يسمى (الإرهاب) هي معركة مفتوحة، إذ يدرك صانع القرار بالأردن تماما أن أي عملية أو قرار، سواء كان سياسيا أم متعلقا بتنفيذ إعدامات، أم غير ذلك؛ له تبعات وردود أفعال ربما قد تكون خطيرة".
من جانبه؛ قال القيادي في التيار السلفي الجهادي، محمد الشلبي، الملقب بأبي سياف، إن "الهوة بين الحكومة الأردنية والتيار السلفي الجهادي؛ ازدادت اتساعا بعد هذه الإعدامات".
وانتقد الشلبي في الوقت ذاته بعض أعضاء التيار ممن اتهمهم بأنهم "أساءوا للجهاد"، قائلا: "أصبح التيار السلفي الجهادي الأردني شذر مذر، إلا قلة قليلة من طلبة علم؛ ما زالوا ثابتين على المنهج السلفي الجهادي، على هدي السلف والخلف، الذين أعطوا الصورة الناصعة للجهاد وأهدافه. أما أولئك الذين تنازعوا ففشلوا فأذهب الله ريحهم وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا؛ فقد أساءوا للإسلام وللجهاد، وانقلبوا على من علّمهم دينهم".
وكان أبو سياف قد استنكر عملية الإعدام الأخيرة، قائلا في رسالة وصلت "عربي21" نسخة منها، إن "هذا الفعل قد يكون الحديدة التي شقت المركب".
وازداد التوتر بين الحكومة الأردنية والتيار السلفي الجهادي عقب عملية الكرك التي وقعت في 18 كانون الثاني/ يناير الماضي، وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص بينهم سبعة رجال أمن، بالإضافة إلى أربعة آخرين قتلوا بعد ذلك بيومين خلال عملية دهم لمسلحين مطلوبين في الكرك، وشنت السلطات الأردنية حينها حملة اعتقالات في صفوف التيار طالت العشرات منهم، بحسب محامين متخصصين بمحكمة أمن الدولة.
رسالة الإعدامات الأخيرة
وقال نائب عام عمّان، القاضي زياد الضمور، لوكالة الأنباء الرسمية، إن "تنفيذ حكم الإعدام بحق 15 من المجرمين؛ هو رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والمجتمع، وهو المصير المحتوم لكل من يرتكب فعلا وجرما آثما".
ولاقت الإعدامات انتقادات حقوقية، إذ أدانت منظمة العفو الدولية، السبت، تنفيذ الأردن لأحكام الإعدام، وقالت نائبة مدير مكتب المنظمة في بيروت، سماح حديد، في بيان صحفي، إن "عدد أحكام الإعدام، والسرية التي نفذت بها؛ كانا بمثابة صدمة".
وأضافت أنها "خطوة كبيرة إلى الوراء في مسيرة الأردن على مستوى المساعي الرامية إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والتي تعتبر طريقة غير عقلانية ومجدية لإحقاق العدالة" على حد قولها.
من جهته؛ أعرب رئيس جمعية جذور لحقوق الإنسان، فوزي السمهوري، عن تفهمه لأحكام الإعدام التي نفذت، قائلا إن "هناك دائما ظروفا خاصة تستدعي العمل على تحقيق أمن المجتمع؛ على حساب حياة فرد".
ورأى أن إعدام محكومين بقضايا إرهاب يحمل رسالة مفادها "أن من يمس أمن الأردن لا يوجد أي مجال للتفكير بتخفيض العقوبة بحقه، وأن مصيره هو الإعدام".
وأضاف السمهوري لـ"عربي21" إن "هذه الأحكام ستساهم في تعزيز أمن المجتمع والأمن الوطني بشكل عام"، لافتا إلى أن "هناك العديد من الدول الديمقراطية التي ما زالت تأخذ بتنفيذ عقوبة الإعدام".
وتضمنت قائمة المحكومين الذين نفذ بهم حكم الإعدام، صباح السبت، في مركز إصلاح وتأهيل سواقة 10 أشخاص أدينوا بارتكاب "جرائم إرهابية"، وخمسة مجرمين بعقوبات جنائية كبرى؛ تمثلت بالقتل العمد، واعتداءات جنسية "وحشية" على المحارم، بحسب الحكومة الأردنية.
عربي 21