هل سيعود تأثير منظر التيار السلفي الجهادي على الساحة؟

هل سيعود تأثير منظر التيار السلفي الجهادي على الساحة؟
الرابط المختصر

الإفراج عن منظر التيار السلفي الجهادي عصام البرقاوي المعروف بـأبي محمد المقدسي من السجون الأردنية، يرى فيه مختصون في شؤون الجماعات الإسلامية فرصة ” لنصح” التيارات المتشددة والمتصارعة وتحقيق المصالحة فيما بينها.

 

فقد سبق وأن بعث المقدسي برسالة صوتية من سجنه الى قيادات داعش قال فيها ” إن ما يجري في سوريا من “اختلاف واقتتال بين المجاهدين” قد “حرق قلوب الغيورين على الجهاد والمجاهدين.” واصفا ما تقوم به داعش من اعمال قتل ” بالإنحراف”

 

رسائل المقدسي لم تكن الأولى إذ سبقها رسائل ”مناصحة” بعثها لزعيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في العراق عام 2006 تطرقت لمواضيع خلافية وموقف الدين منها.

 

وبين المقدسي في رسالته “وقد راسلنا أخانا الشيخ القائد المجاهد أيمن الظواهري.. ووضعناه في صورة سعينا في القيام في مبادرة إصلاح أو تحكيم بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة.. ونبهنا البغدادي إلى أن رفضه لهذه المبادرة سيحملهم المسؤولية أمام كافة المجاهدين، وسيحصدون عواقبه الوخيمة.”

 

وأبو محمد المقدسي هو عاصم محمد طاهر البرقاوي من مواليد قرية برقا في نابلس درس السلفية ونهلها من منابعها على يد مشايخ السلفية أمثال ابن باز وابن عثيمين والألباني وتنقل بين الكويت والحجاز ثم إلى باكستان وأفغانستان مرارا، وألف العديد من الرسائل والمصنفات في هذا المجال وشرع في نشر الفكر السلفي في الأردن عام 1992 وبعدها اعتقل في 1994 بتهمة الفتوه بجواز القيام بعمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي بتفجيرات وفرها لهم.

 

وجاء العفو العام في سنة 1999 ليشكل بارقة أمل من جديد للتيار السلفي الجهادي بعد الإفراج عن منظري هذا التيار وأبرزهم أبو محمد المقدسي وتلميذه أبو مصعب الزرقاوي – الغني عن التعريف- حيث تلقى الأخير دروسه على يد المقدسي في سجن سواقة قبل أن يفترقا ويذهب الزرقاوي لأفغانستان ومن ثم العراق.

 

ولم يمنع السجن المقدسي من الترويج للفكر السلفي حيث كتب العديد من الرسائل في فترة الاعتقال ومنها ” ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار” حيث شملت هذه الرسالة موضوعات متفرقة حول التوحيد وملة إبراهيم والعبادة وغيرها.

كما يملك المقدسي موقعا على الانترنت يدعى ”منبر التوحيد” ينشر من خلاله الرسائل والوقفات والمصنفات السلفية ويشمل الموقع أيضا رأي المقدسي من بعض القضايا مثل العمليات الاستشهادية في العراق و التي سببت ”أزمة” مع تلميذه الزرقاوي ومن هذه الآراء ماكتبه في رسالة تحت اسم ” مناصرة ومناصحة” وجه المقدسي من خلالها نصائح للزرقاوي بان يبتعد عن استهداف الكنائس وعموم الشيعة والمدنيين.

هذه الرسالة التي اعتبرها الزرقاوي – الذي قتل في العراق عام 2006 – ”ظالمة” وغير مبنية على أسس ومعلومات دقيقة لم تكن نقطة الخلاف الوحيدة بين المعلم وتلميذة ففي مقابلة مع قناة الجزيرة أثار المقدسي نقطة مهمة وهي مشروعية تكفير عموم الشيعة والتوسع بالعمليات الانتحارية ويقول المقدسي ” الأمر الذي أتحفظ عليه هو التوسع في العمليات التي نسميها جهادية أو ما يسميها البعض انتحارية أو استشهادية، التوسع في هذا الباب نحن نناهضه، أبو مصعب الزرقاوي درس في معسكره في ”هرات” درس رأيي بهذه العمليات وهو لا أغلق بابها ولا فتحه على مصرعيه؟، أنا أتوسط في هذا كما توسط علماؤنا في مسالة (قتل الترس المسلم) الذي يتترس به الكفار الاسارى للمسلمين، أجاز العلماء قتل هذا الترس للضرورة إذا كان عدم قتله فيه ضرر أكبر على الإسلام”.

 

نقطة الخلاف الأخرى بين المقدسي والزرقاوي كانت بمسألة تكفير عموم الشيعة وهنا يرى المقدسي ” أنا على مذهب ابن تيمية في عدم تكفير عموم الشيعة ويترتب على ذلك كما هو وارد في فتواه "بأنه لا يجوز مساواتهم باليهود والنصارى في القتال ولا يجوز أن يساوى الشيعي العامي بالأمريكي، وإن كان لإخواننا في العراق من السنة مبررات كثيرة كان الشيعة يخطفوا من أهل السنة ونحن نقول لهم حتى لو كانت هذه الأعذار فهذه لا تبرر تفجير المساجد”.

 

الزرقاوي يرى بأن فتوى ابن تيمية – شيخ التيار السلفي سابقا- غير صالحه لزماننا وأصدر فتوى معاصرة مخالفة لفتاوى ابن تيمية وقال في بيانه ”ومن الظلم أن يؤتى بفتوى ابن تيمية في عصره ثم تنزل على واقع الرافضة اليوم من دون النظر في الفوارق بين العصرين، ثم هناك من العلماء من تكلم في كفر الرافضة بأعيانهم كالشيخ حمود العقلاء رحمه الله، والشيخ سليمان العلوان والشيخ علي الخضير فك الله اسرهما، والشيخ أبي عبد الله المهاجر، والشيخ الرشود رحمه الله وغيره”.

 

و رد الزرقاوي على رسائل المقدسي بشريط مسجل رفض فيه الدعوة إلى التفريق بين المقاومة الشريفة التي تستهدف الأمريكيين وتلك التي تستهدف المدنيين .

 

وقال ”سيقول البعض أن المقاومة تنقسم إلى قسمين.. مقاومة شريفة تقاوم الكافر المحتل.. ومقاومة غير شريفة تقتل العراقيين أيا كانوا، ونحن نعلم أن الجيش العراقي هو جيش ردة وعمالة للصليبيين وجاء لهدم الإسلام وحرب المسلمين وسنحاربه حرب الأمة للتتار.” وهنا يرى المتتبع اختلافا كبيرا في فكر الزرقاوي والمقدسي حيث يتزمت الزرقاوي جدا ويتشدد بمسألة التكفير ويعطي لنفسه الحق بإصدار الفتاوى، بينما يتلخص فكر المقدسي برفض الديموقراطية والتعددية والعمل النيابي التشريعي والتعليم العام في المدارس والجامعات ويعتبرها من أعمال الكفر، حتى أنه يرفض إدخال أبنائه إلى المدارس، ويعتبر ”حكومة طالبان” أقرب النمادج للحكم الإسلامي المعاصر، ويكفّر الحكام والدساتير والجيش والشرطة وأئمة المساجد المؤيدين للحكومات، ومنع المقدسي أولاده الثمانية من الإلتحاق بالمدراس الأردنية، لكنه حرص على تحفيظهم القرآن وتنشئتهم على أصول الدين فقط.

 

وكانت نيابة أمن الدولة دانت المقدسي وآخرين، في صيف العام 2011 بتهمتي “القيام بأعمال لم تجزها الحكومة، من شأنها تعريض المملكة لخطر أعمال عدائية، وتعكير صفو علاقاتها مع دولة أجنبية”، إضافة إلى تهمة “تجنيد أشخاص داخل المملكة بقصد الإلتحاق بتنظيمات مسلحة وجماعات إرهابية في أفغانستان.