هل تنفس الأردن الصعداء بعد انتهاء معارك الجنوب السوري؟
يرى مراقبون أردنيون أن عبئا ثقيلا أزيل عن كاهل بلدهم، بعد أن نجحت المملكة في إقناع المعارضة السورية بالتوصل لاتفاق مع الجانب الروسي في الجنوب السوري، وتسليم المعابر والسلاح الثقيل والمتوسط.
اتفاق جنّب الأردن، بحسب ما يقولون، مزيدا من موجات اللجوء والضغط الدولي لإدخال النازحين، وجنبها تهديدات أمنية تتمثل بتساقط عشوائي للقذائف على القرى الأردنية، إلى جانب آمال بعودة الحركة التجارية بين عمان ودمشق إلى ما كانت عليه قبل إغلاق معبر نصيب في عام 2015.
عمان التي دعمت فصائل سورية معارضة السنوات الماضية من خلال غرفة أصدقاء سوريا (الموك)، وجدت نفسها في "ورطة" بعد أن "رفعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن الفصائل، التي كان الأردن يدربها ويديرها". كما يقول الكاتب محمد الروسان لـ"عربي21".
إذ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 2016 على لسان رئيسها دونالد ترامب أنها ستوقف دعم غرفة الموك، في تاريخ 30 كانون الأول/ ديسمبر 2017، ويشمل ذلك عدم تقديم الدعم والسلاح للثوار؛ لانعدام جدوى هذا البرنامج، وضخامته وخطورته"، في تصريحات سابقة لترامب في تموز/ يوليو 2016، لتتلقى الفصائل في حزيران/ يونيو الماضي رسالة أمريكية أبلغتهم عدم التدخل في العمليات العسكرية: "ينبغي ألا تسندوا قراركم على افتراض أو توقع بتدخل عسكري من قبلنا".
يقول الكاتب الروسان: "على الأردن أن ينهج نهجا واقعيا مع إنجازات الميدان السوري وبعض جيوب الإرهاب إن أعادت ترتيب أوراقها في سوريا، فهو ترتيب تكتيكي وليس استراتيجيا، ونحن في قطرنا الأردني دفعنا وندفع ثمن رهاناتنا السياسية الخاطئة كلبنان وتركيا".
ولا تخفي المملكة احتفاءها بإنجاز الاتفاق بين الفصائل المعارضة والجانب السوري، إذ قالت الناطق باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، في تصريح خاص سابق ، إن "جهود الوساطة الأردنية نجحت في إقناع الأطراف المتفاوضة في الجنوب السوري للقاء مجددا، في محاولة للتوصل لاتفاق يوقف القتا.
يأتي هذا الاحتفاء -حسب معلومات يؤكدها الكاتب الروسان- من أن "لقاء ما بين مسؤولين أمنيين أردنيين وآخرين سوريين وروس للتنسيق بخصوص الحدود ومعبر نصيب، الذي كان يشكل شريانا مهما للتبادل التجاري بين الأردن وسوريا".
هل يقدر النظام السوري دور الأردن في المفاوضات؟
بدوره، يقول ، نائب رئيس الوزراء الأردني السابق، ممدوح العبادي، إن "الأردن اختنق من إغلاق المعابر مع سوريا، وشكل إغلاق المعابر مع دول الجوار ضربة للاقتصاد الأردني؛ لذا على الدولة الأردنية مواصلة اتصالاتها لتكون الحدود مع سوريا مفتوحة في أقرب وقت ممكن، وسيساعد ذلك أيضا في فتح الحدود مع العراق".
وأضاف أن "الأردن مارس ضغطا على المعارضة للقبول بالاتفاق، ولعبت دورا مهما في المفاوضات، وعلى النظام السوري تقدير ذلك بدل أن جنبه الأردن إراقة المزيد من الدماء، وأبعدت شبح الحرب والقتل".
وحسب إحصائيات غرفة تجارة الرمثا، بلغ الميزان التجاري بين الأردن وسوريا قبل عام 2011 ما يقارب 350 مليون دينار سنويا، بينما وصل الرقم إلى 700 مليون دينار كتجارة مع لبنان وتركيا مرورا في سوريا، وشمل استيراد وتصدير الخضروات والفواكه والبقوليات والسكاكر، ليصل هذا الميزان إلى صفر بعد إغلاق معبر نصيب عام 2015.
لا افتتاح قريب للمعبر
إلا أن مصدرا رسميا أردنيا اكتفى بالرد على سؤال "عربي21" حول وجود مفاوضات مع النظام السوري لإعادة تشغيل معبر نصيب بالقول: "من المبكر جدا الحديث عن هذا الموضوع الآن".
بينما يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، أنيس الخصاونة، أنه يجب أن ننظر للقضية الآن من بعد قومي، وليست من بعد اقتصادي، بعد مقتل نصف مليون سوري خلال الحرب، كيف سننهي أزمتنا الاقتصادية على جماجم آلاف السوريين؟".
ولا يتوقع الخصاونة، في حديث لـ"عربي21"، أن تنعكس سيطرة النظام على عودة اللاجئين السوريين في الأردن إلا في حال وجود تسوية في الشمال السوري، كونهم أكبر نسبة من اللاجئين في الأردن".
يضيف: "رغبة النظام السوري بفتح المعبر أكبر من رغبة الأردن، كونه نظاما متهالكا ومختنقا أكثر من الأردن، بسبب إغلاق معابره الشمالية ومعابره مع العراق، ومعبر نصيب نافذة لمنتجات النظام الزراعية، تحديدا لدول الخليج، إلى جانب حاجته إلى الكثير من المواد الأولية".
وكانت أربعة فصائل من الجيش الحر تسيطر على معبر نصيب، هي: فلوجة حوران، وجيش اليرموك، وأسود السنة، وفوج المدفعية.
وأغلق الأردن معبر نصيب في نيسان/ أبريل 2015، وبررت السلطات الأردنية إغلاق المعبر بأنه "يأتي بسبب أحداث العنف التي يشهدها الجانب الآخر"، ليعود النظام ويسيطر على المعبر عقب عمليات عسكرية بدعم من الطيران الروسي، ويعيد بسط نفوذه على كامل قرى مدينة درعا الحدودية مع الأردن.