هل تنجح مساعي "السداسية العربية" بمواجهة قرار ترامب؟
أعلنت اللجنة الوزارية العربية السداسية التي اجتمعت في عمان السبت الماضي، عزمها مواجهة تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب (بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن إليها)، من خلال استصدار قرار أممي بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين ضمن حدود عام 1967.
وتسعى اللجنة إلى مواجهة قرار ترامب السياسي بقرار سياسي آخر، انطلاقا من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بوضع القدس، كما أعلن وزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي. فما هي الأسس القانونية التي سيعتمد عليها العرب في إقناع المجتمع الدولي لتبني مثل هذا القرار؟
وتتشكل اللجنة من وزراء خارجية الأردن والسلطة الفلسطينية ومصر والسعودية والمغرب والإمارات.
أسس قانونية
يرى أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأردنية الدكتور غسان الجندي أن مهمة العرب ممكنة التحقيق؛ بسبب وضع القدس في القانون الدولي، يقول لـ"عربي21": "يستطيع العرب استصدار مثل هذا القرار؛ كون إسرائيل لا تملك الحق بالقدس الغربية ولا الشرقية، إذ يخضع الجزء الغربي من القدس لنظام التدويل الوارد بقرار الأمم المتحدة رقم 181، كما أن إسرائيل لا تتمتع بالسيادة على القدس الشرقية لأنها منطقة محتلة".
يتابع الجندي أن "الاحتلال العسكري محرم بالقانون الدولي، وهذه نظرية يرجع أصلها إلى الممارسات الدبلوماسية الأمريكية عام 1932 عندما وضعت الولايات المتحدة (نظرية ستمبسون) التي تقول بأن أمريكا لا تعترف بالضم الناتج بعد الاحتلال العسكري، لذا هناك انتهاك مزدوج من قبل إسرائيل لقواعد القانون الدولي، ولا شيء يمنع اللجنة السداسية بأن تقوم باعتبار مدينة القدس الشرقية عاصمة لفلسطين".
وحول فائدة استصدار مثل هذا القرار، يؤكد الجندي أن "الاعتراف يؤدي إلى تثبيت الأوضاع القانونية بالشيء المعترف به، فحين تعترف الدول بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، يجب أن تنفذ بحسن نية النتائج المترتبة على اعترافها".
سوداوية الواقع العربي
ورغم تأكيد وزير الخارجية الأردني انسجام أعضاء اللجنة الوزارية السداسية، إلا أن مؤشرات خلاف ظهرت في المؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع، إذ كان من المفترض أن يخرج وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في المؤتمر الذي عقده وزير الخارجية الأردني والأمين العام لجامعة الدول العربية، الا أن الخارجية الأردنية قامت بسحب المنصة الثالثة والاكتفاء بـ متحدثين اثنين.
وحسب صحفيين متابعين للاجتماعات السداسية عن قرب، كان جوهر الخلاف يكمن في طلب وزير الخارجية الفلسطيني وضع مقاطعة أمريكا سياسيا من بين الخطوات العربية القادمة بوصفها لم تعد راعية لعملية السلام، الأمر الذي ألمح إليه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عندما قال: "نعلم أن الجانب الفلسطيني لديه موقف في هذا الخصوص، لكن القرار الأخير للمجلس الوزاري العربي، أمريكا وضعت نفسها خارج إطار التسوية، وهذا موضوع مهم ومحوري، الآن علينا التمسك بعملية السلام".
المحللة السياسية عطاف الروضان، تعرب عن تشاؤمها من "الواقع العربي السوداوي"، وترى أن اجتماع اللجنة الوزارية العربية الذي تم في عمان، لن يؤدي بشكل سحري لقلب الموازين مرة واحدة وإلغاء القرار الأمريكي حيال القدس ووقف القرارات الإسرائيلية المتتالية حيالها". مفسرة ذلك بعدة أسباب أهمها: "الواقع العربي المتشرذم الذي لم يشهد انقساما حادا كما هو حاصل اليوم في العلاقات العربية العربية التي تمر بأسوأ حالاتها منذ عقود، ناهيك عن أن السياسة الأمريكية ومن يتحكم بمسارها اليوم لا يمكن أن يعول على عقلانية القرارات الصادرة منه أو منطقيتها، أو حتى مراعاتها لموازين القوى والمصالح المختلفة لحلفائها في العالم وخاصة في الشرق الأوسط".
تضيف الروضان لـ "عربي21" أن "القرارات والمواقف التي ستخرج أو يتفق عليها مهما كانت، فهي موجهة للمجتمع الدولي لإظهار الموقف العربي، ولن تستطيع تغيير القرارات الأمريكية، فهي اتخذت بالفعل والاحتلال أمر واقع، ولم يستطع العرب إنهاءه منذ القرن الماضي، عندما كان بالفعل موقفهم موحدا والوطن العربي بالفعل يحمل هما واحدا وقضيته واحدة".
أما الإيجابية من هذا الاجتماع رغم سوداوية الواقع؛ -حسب الروضان- هي "إعادة الموقف العربي الموحد، فالموقف العربي لا يمكن أن يتجزأ حيال القدس، فكل ما تفرقه المصالح والتحالفات تجاه أي قضية ما، تتراجع ولا يقبل أو حتى يجرؤ أي طرف عربي على الظهور بمظهر الصامت أو المحايد حياله حتى لو كان نظريا".
مطالب بعقد قمة عربية في عمان
ويتفق معها الوزير الأردني السابق، حازم قشوع بأن "مجرد اللقاء بهذه الطريقة وفي عمان أكبر رسالة أنه ما زال النظام العربي موجودا وحاضرا وله دور، ويستطيع أن يدافع عن قضاياه كما يدافع عن دوره الإقليمي".
يقول قشوع لـ"عربي21": "ندرك تماما أن هناك من شكل حالة سياسية في هذه المنطقة، مثل إيران وإسرائيل، بالإضافة إلى تركيا، لكن النظام العربي بإرادة أردنية صرفة أراد أن يشكل هذا المجموع إن جاز التعبير، وهذه أكبر دلالة على أهمية الوجود العربي لنصرة القضية المركزية بهذه المنطقة، ونصرة لرسالة الأمن والاستقرار بالعالم، وبالتالي حينما نتحدث عن القدس نتحدث عن أهم قضية في العالم قضية يهتم بها مليار و600 مليون مسلم، كما يهتم بها الكل المجموع العالمي المسيحي".
اللجنة السداسية العربية بدورها أعلنت في المؤتمر الصحفي عن تمسك العرب بـ"السلام خيارا استراتيجيا"، واللجوء إلى بدائل أخرى متوفرة عن إلغاء معاهدتي السلام الأردنية المصرية.
وقال قشوع إنه كان يأمل أن يكون هناك عقد قمة عربية استثنائية في عمان بخصوص القدس، كي تحمل عنوانين هما اهتمام بالغ من قبل القادة العرب في هذا الاتجاه والقدس تستحق منهم أن يلتفوا حولها وعليها، وثانيا بث رسالة سياسية كبيرة أنه لا تلاعب بالخطوط الحمراء".
هذا وأعلنت اللجنة الوزارية السداسية أن البت في عقد قمة من عدمه، سيعود للمجلس الوزاري الذي سينعقد في نهاية آذار/ مارس المقبل، حيث سيقرر عقد قمة طارئة أو الانتظار للقمة التي ستعقد في السعودية.