هل تعصف الحوادث الأمنية بالعلاقات بين إسرائيل والأردن؟

هل تعصف الحوادث الأمنية بالعلاقات بين إسرائيل والأردن؟
الرابط المختصر

منذ حادثة محاولة الموساد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في أيلول / سبتمبر عام 1997  في العاصمة عمان، لم تشهد العلاقات الأردنية- الإسرائيلية الرسمية أسوأ من أزمتها الحالية، التي تحمل عنوانا بارزا هو "حادثة مقتل مواطنين أردنيين في سكن وظيفي تابع للسفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان، على يد رجل أمن إسرائيلي"، في تموز/ يوليو الماضي.

 

بدأت فصول الأزمة تتصاعد عندما أصرت السلطات الأردنية (التي سلمت القاتل لإسرائيل) بعدم عودة طاقم السفارة الإسرائيلية إلى عمان قبل ضمان محاكمة القاتل، الأمر رفضه جهاز الشاباك (الأمن الداخلي) الإسرائيلي، مبررا ما قام به الحارس "دفاعا عن النفس" حسب ما نقلت القناة الثانية العبرية، في نوفمبر/ تشرين ثاني.

سببت تلك الحادثة تراشقا بالتصريحات التي زادت من حدة التوتر كان آخرها، تهديد إسرائيل على لسان مصادر للقناة 14 في إسرائيل بـ"بوقف المشاريع المائية معها حتى تتنازل عن موقفها من عودة السفيرة الإسرائيلية للأردن، وتتراجع عن مطالبتها بالتحقيق مع الضابط الإسرائيلي زيف الذي قتل مواطنين".

لكن الرد الأردني جاء على لسان مصدر رسمي، رفض ذكر اسمه لمواقع محلية أردنية، بأن "الأردن سيكمل العمل في مشروع ناقل البحرين مع وجود إسرائيل أو بدونها"، في وقت أكد فيه مصدر حكومي أردني لـ"عربي21" أن "الأردن لن تعيد طاقم السفارة إلى عمان دون محاكمة القاتل محاكمة عادلة تعيد حق ذوي الضحايا في حادثة السفارة".

 

الصحفي المتخصص في الشأن الفلسطيني، داود كُتاب، يرى أن "حجم الأزمة بين الأردن وإسرائيل كبير جدا"، يقول لـ"عربي21"، حجم المشكل يكبر يوما بعد يوم؛ بسبب استمرار إسرائيل في رفض التعامل مع مطالب الأردن بالاعتذار محاكمة قاتل السفارة والقاضي زعيتر، ومما يزيد الأمر تعقيدا هو اعتقاد إسرائيل أن علاقتها المزعومة مع السعودية ستساعدها على تجاوز الأردن في أي أمر يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

 

 

وبخصوص أوراق الضغط لدى الطرف الأردني والإسرائيلي بخصوص الأزمة الحالية، يعتقد "كُتاب" أن "إسرائيل، وبالذات رئيس وزرائها، غارقون في مشاكل إقليمية وداخلية في آن واحد؛ ولذلك لا يعتبر الموضوع الأردني في قمة الأولويات، ولو كان مهما لتم حله بسهولة، أما أوراق الضغط الأردنية فهي في القوة السلبية، أي رفض أي اقتراح لا يلبي بالحد الأدنى المطالب الأردنية، في حين ورقة الضغط الإسرائيلية هي في قدرتها على تحشيد الرأي العام العالمي وخاصة الأمريكي ضد الأردن ومصالحها".
 

العلاقة بين الطرف الأردني والإسرائيلي لم تكن مستقرة خلال السنوات الأخيرة -حسب محليين- بسبب ملفات أبرزها  سقوط مواطنين أردنيين برصاص جنود إسرائيليين دون محاسبة القتلة، من بينهم؛ القاضي رائد زعيتر الذي استشهد  في 10 مارس 2014 على يد الجيش الإسرائيلي عند معبر جسر الملك حسين على الحدود بين الضفة الغربية، والمواطن محمد السكجي في أيار/ مايو، الذي استشهد في القدس بعد أن زعمت إسرائيل أنه طعن جنديا، واستشهاد المواطن سعيد العمر في أيلول/ سبتمبر بالقدس تحت نفس الذريعة، إلى جانب ملفات أخرى أزمت العلاقة، تتعلق بانتهاك الوصاية الهاشمية على المقدسات من خلال اقتحامات المسجد الأقصى من قبل متطرفين يهود واعتقال موظفين في القدس تابعين لوزارة الأوقاف الأردنية".

إلا أن "حادثة السفارة الاسرائيلية في عمان"، كانت الأشد وطأة على العلاقات بين الطرفين، وحسب الصحفي "كُتاب"، فـ"الحادثة أثرت فعلا على مشروع ناقل البحرين حيث قررت الأردن منذ مدة التفكير الجدي بالعمل الفردي على القناة أما في موضوع التعاون العسكري والأمني فلا أعتقد أنه سيؤثر".

 

ويتفق مع "كُتاب"، مدير مركز الدراسات الإسرائيلية، عبد الله صوالحة، بأن "التعاون الأمني بين الطرفين المتفق عليه سابقا لن يتوقف وخصوصا فيما يتعلق بجنوب سوريا"، إلا أنه يؤكد لـ"عربي21" في نفس الوقت أن "العلاقات تعيش أزمة ضمن أزمات في العلاقة غير المستقرة دائما، لكنها لن تمس مشاريع حيوية كناقل البحرين كونه مشروع إقليمي بدعم من البنك الدولي ويهم إسرائيل". معتقدا أن المخرج الوحيد للأزمة هو "محاكمة القاتل الإسرائيلي في حادثة السفارة".

 

ويذكر أن "ناقل البحرين" هو مشروع بتمويل من البنك الدولي، وتشارك فيه كل من الأردن، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل، وتتضمن المرحلة الأولى منه بناء قناة تربط البحر الأحمر بالبحر الميت بطول 180 كيلومترا وتحت مبررات رسمية أردنية بأن الهدف من هذا المشروع هو رفع منسوب المياه في البحر الميت التي قد تجف بحلول العام 2050، حسب بعض الدراسات.

المحلل السياسي الأردني لبيب قمحاوي، يصف أزمة "الحادثة الإسرائيلية في عمان"، بـ "المسرحية ومحاولة إيجاد عذر لإسرائيل دون التزام إسرائيل لمتطلبات الأردن بمحاكمة المجرم الذي قتل الأردنيين، وهو تمهيد لعودة طاقم السفارة، من خلال تدخل أمريكيا في القضية".

و حول الضغط الأمريكي، يرى "كتاب" أيضا أن "أمريكا دائما مع إسرائيل والأردن، ولكن إن كان عليها الاختيار فلا شك أنها ستختار إسرائيل".

وتعيش السلطات الأردنية مأزقا شعبيا حقيقيا؛ بعد أن سلمت القاتل الإسرائيلي، ليستقبل بالأحضان من قبل نتنياهو، وتحاول السلطات امتصاص الغضب الشعبي من خلال إصرارها على محاكمة القاتل، في وقت يطمح فيه الأردنيون لأكثر من ذلك من خلال إلغاء اتفاقيات كـ"اتفاقية الغاز مع إسرائيل" إذ يعتصم الأحد عدد من المواطنين، أمام مجلس النواب لإسقاط الاتفاقية.