هل تجد السعودية موطئ قدم لها في الوصاية على القدس؟
ترتفع الأصوات الإسرائيلية المطالبة باستبدال الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بأخرى سعودية، وسط حراك سعودي على الأرض كشف عنه صحفيون مقدسيون في حديث لـ"عربي21"، من خلال رصدهم "نشاطا واضحا للمملكة العربية السعودية في شراء عقارات، والتغلغل في القدس القديمة؛ من خلال صرف الأموال".
كان آخر تلك الأصوات، تصريح زعيم المعارضة الإسرائيلية إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، لصحيفة إيلاف الممولة سعوديا، مدح فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وطالب بمنح السعودية مكانة خاصة للأماكن المقدسة في القدس.
حراك تستشعره المملكة الأردنية، التي ما انفكت تؤكد قانونية وشرعية الوصاية الدينية للهاشميين، من خلال قنوات شبه رسمية وشعبية، ومن خلال السماح للمتظاهرين أمام السفارة الأمريكية في عمان بالتنديد بالموقف السعودي بهتافات ذات سقف مرتفع. أو من خلال رسائل حكومية نيابية، من أبرزها ارتداء رئيس الحكومة الأردنية والوزراء، وأعضاء مجلس النواب، خلال جلسة مناقشة الموازنة، شعارا على صدورهم يحمل صورة العاهل الأردني عبد الله بن الحسين، مكتوبا عليه عبارة "خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".
موضوع قديم متجدد
الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، يؤكد لـ"عربي21" أن "الوصاية الهاشمية على المقدسات، تعدّ من أكبر التحديات التي تقف في وجه اليمين الإسرائيلي، وتم طرح التخلص من هذه الوصاية منذ حكومة نتنياهو الثالثة، لتقدم مشاريع قوانين تحت عنوان فرض السيادة الإسرائيلية على الأقصى والتخلص من السيادة الهاشمية".
لكن لماذا تحاول بعض الأطراف الإسرائيلية نقل هذه الوصاية إلى السعوديين؟ يرى الحنيطي، أن "ذلك يعود الى اعتماد الدبلوماسية والإعلام الإسرائيلي على 3 نقاط، هي المماطلة في المفاوضات وفرض الأمر الواقع، ودق الأسافين، واعتبار أن الفرصة سانحة لإثارة خلاف بين الأردن والسعودية مستغلين التقارب السعودي- الإسرائيلي".
وبين الحنيطي أن طرح الوصاية السعودية على المقدسات ليس بالأمر الجديد، إذ يقول نقلا عن كاتب إسرائيلي، إن السعودية عرضت في سبعينيات القرن الماضي، مبلغ 100 مليار دولار؛ بهدف تنمية السلام في المنطقة مقابل أن يرفع العلم السعودي على المنطقة، على ذمة الكاتب الإسرائيلي الذي نقل عن شخصية مقربة من الديوان الملكي السعودي، كما يدعي".
مناكفات
الكاتب الصحفي بسام بدارين، يرى أن الشهية الإسرائيلية هي المفتوحة لدور سعودي في المفاوضات والقدس، بينما تحاول السعودية "لملمة" دورها الديني من خلال التوجه إلى العلمانية، والتخلص من الخطاب والدور الديني.
وعدّ البدارين ما يجري "تحرشا إسرائيليا في الأردن، يجد صدى له لدى بعض الأطراف المناكفة في السعودية بين الحين والآخر، ويغذي هذا التحرش الإسرائيلي حزب الليكود الذي يعادي الأردن".
يؤكد البدارين "حتى لو توفرت الرغبة السعودية للمنافسة على وصاية المقدسات في القدس، فهم غير مؤهلين لذلك لأسباب قانونية، بالإضافة إلى الشرعية الدينية للهاشميين".
تاريخيا، تعود الأصول التاريخية لسيادة الأردن على المقدسات في القدس لعام 1924، عندما بويع الشريف حسين، مطلق الثورة العربية الكبرى، وصيا على القدس، مرورا بسيادة الأردن على القدس الشرقية عام 1948 و1967.. وحتى بعد فك الارتباط بين الضفتين عام 1988، فإنه لم يتخل الأردن عن السيادة على المقدسات.
بينما يقول عضو حزب الوحدة الشعبية (يساري)، موسى العزب، إن "السعودية تنافس الأردن تاريخيا على الوصاية، وتسارعت تلك المنافسة في هذه الأيام؛ بسبب التغير السياسي الجديد في السعودية، إذ يطمح ولي العهد محمد بن سلمان أن تؤدي السعودية دورا بأنها الدولة التي تمثل السنة في المنطقة، وتريد ضبط إيقاع باقي الدول السنية التي تعتقد أنها تدور في فلكها، إلى جانب طموح لدى ابن سلمان للانتقال لعقلية الامبراطورية، وضبط المشيخات والممالك المحيطة بالسعودية، وهذا يساعد في وجهة نظرهم بمواجهة المحور الإيراني- السوري، وتعطي الأردن أهمية بسبب قدراته العسكرية، مقارنة مع دول الخليج وموقع المملكة الجغرافي الواقع بين فلسطين والعراق وسوريا".
ويرى العزب أن "الخصومة تاريخية، إذ يعد آل سعود أن الهاشميين يهددونهم بالبعد الشرعي الديني والتاريخي، بالتالي بالنسبة لهم الوصاية على القدس هي أوراق قوة بيد الهاشميين، وتعطيهم مشروعية تاريخية ودينية".
ويحذر العزب "من مشروع تهويدي للقدس ولفلسطين يتضمن مشروع تفريغ المنطقة باتجاه الأردن بسبب التواصل الجغرافي بين الأردن وفلسطين، وسط وجود شريك جديد يحاول الهيمنة هو السعودية يتميز بقدرة مالية وشراكة اقتصادية وسياسية مع أمريكا أقوى في ظل الرئيس ترامب".
النزاع على الشرعية الدينية بين آل سعود والهاشميين ليس وليد اللحظة، فقد أثارت طريقة صلاة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، على الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، في القمة الإسلامية التي عقدت في الرياض، حفيظة ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، عندما قال الملك الأردني في استهلال كلمته "بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين"، مما دفع الملك سلمان لمقاطعته بالقول "محمد "صلى الله عليه وسلم"، قائلا: "هكذا تكون الصلاة عليه" لتظهر نزعة سعودية ضد الهاشميين.