هل بات الأردن في مرمى نيران نتنياهو؟
"الأردن في مرمى نيران نتنياهو".. بهذه الكلمات عقب رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قال فيها إن "حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني؛ ليس السبيل الوحيد من أجل السلام".
وكان ترامب قد قال في مؤتمر مشترك بواشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء الماضي، إنه "من الممكن أن يقوم حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين على مبدأ الدولة الواحدة".
"مفاجأة" للدبلوماسة الأردنية
ورأى خبراء ومحللون أردنيون في تصريحات ترامب أنها "مفاجئة" للدبلوماسة الأردنية، التي روجت تاريخيا "لحل الدولتين في المحافل الدولية"، و"ضربة" للقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بترامب في 2 شباط/ فبراير.
وقال المصري لـ"عربي21" إن "الأردن أصبح في مرمى نيران نتنياهو والتوسع الإسرائيلي"، معتبرا أن "المملكة حليفة الغرب وأمريكا في محاربة الإرهاب؛ ستكون من أوائل ضحايا السياسات الإسرائيلية والموافقة الأمريكية".
ودعا المصري القمة العربية التي ستنعقد بالعاصمة الأردنية عمان في آذار/ مارس المقبل، إلى أن "تكون واضحة في قراراتها بخصوص تصريحات ترامب"، مضيفا أن "نتنياهو وترامب واضحان في اتفاقهما ومطالبهما، ونتأمل أن يكون هنالك تفاهم عربي على شيء واضح أيضا".
وأوضح أن "تصريحات ترامب تعني إنهاء الشعب الفلسطيني، وأن كل فلسطين ستصبح إسرائيل"، مؤكدا أنها تتضمن "شرعنة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي، واعتراف أمريكا بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل".
صمت رسمي أردني
وبحسب مراقبين؛ فقد ساد صمت رسمي أردني بعد تصريحات ترامب، بالرغم من وضوح الموقف الأردني من حل الدولتين، وقد أعلنت عنه المملكة مرارا عبر الخارجية الأردنية، والملك عبد الله الثاني الذي أكد في أكثر من تصريح عبر موقعه الرسمي على الإنترنت، أن "حل الدولتين هو الأساس لأي تحرك مستقبلي في حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وفسر الكاتب بسام بدارين الصمت الأردني بقوله إن "الإعلان عن انتهاء حل الدولتين يقوض ما سمي بـ(الاختراق الأردني) في واشنطن بعد زيارة الملك الأخيرة، ويوضح أن تفاصيل عملية السلام لم تبحث مع طاقم ترامب".
وأضاف لـ"عربي21": "السبب الثاني لهذا الصمت؛ أن من المحتمل أن يكون الأردن على علم بالموضوع مسبقا، ولديه تصور عن مشروع إقليمي جديد".
سيناريوهات
من جهته؛ رأى رئيس مركز الدراسات الإسرائيلية في عمان، عبد الله صوالحة، أن "التراجع الأمريكي عن حل الدولتين أكثر من جدي، ولا يدخل في باب التصريحات الإعلامية فقط".
ورسم الصوالحة سيناريوهات قد تعقب هذه التصريحات، منها "تعويض أمريكا لإسرائيل عن نقل السفارة؛ بالتوسع في البناء داخل المستوطنات، وبناء بؤر جديدة ستقف عائقا أمام دولة فلسطينية مترابطة، وخصوصا التوسع في مستوطنة معاليه أدوميم شرقي القدس، وهي التي تفصل جنوب الضفة عن شمالها".
والسيناريو الثاني بحسب الصوالحة "دفع الفلسطينيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، في وقت نشهد فيه ضعفا عربيا، وانقساما فلسطينيا، وضعفا في قيادة الشعب الفلسطيني، وغيابا لمصادر القوة لدى المفاوض الفلسطيني، الأمر الذي قد يحقق ما قاله نتنياهو حول حصول سلام مع دول عربية قبل السلام مع الفلسطينيين".
وتوقع الصوالحة "عقد قمة عربية في واشنطن لصياغة اتفاقية سلام مع إسرائيل، بعيدا عن اللجنة الرباعية، وعن مبادرة السلام العربية التي طرحت سابقا"، مضيفا أنه "سيعقب هذه القمة ضغط عربي على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وسينتج عن ذلك تغييرات في موضوعي المناهج وتسمية الشوارع بأسماء الشهداء".
واستبعد "قيام انتفاضة ثالثة بسبب تشكل طبقة اقتصادية واجتماعية مستفيدة من الوضع الحالي، ومن التنسيق الأمني مع إسرائيل، إلا في حال تشكل قيادات جديدة وبديلة لمنظمة التحرير".
أما محليا؛ فرأى أن "الدبلوماسية الأردنية لا تملك تصورا للخطة البديلة بعد بناء سياستها الخارجية لمدة 20 سنة على فكرة حل الدولتين"، مشيرا إلى "عدم قدرة الأردن على إحداث اختراق دبلوماسي وسياسي وتغيير وجهة النظر الأمريكية".
واستبعد الصوالحة أن "يكون الملك عبدالله الثاني على معرفة مسبقة بتصريحات ترامب؛ بسبب عدم معرفة الأردن جيدا بإدارة ترامب ومستشاري السياسة الخارجية الأمريكية"، مؤكدا أن "الأردن وحده لن يستطيع مواجهة هذا الطرح، وخصوصا أن القضية الفلسطينة لم تعد على سلم الدول العربية، وبالذات دول الخليج التي تضع إيران في سلم أولوياتها، ثم الحرب على داعش (تنظيم الدولة)".
صفعة لمعاهدة وادي عربة
ويصطدم "دفن" حل الدولتين؛ مع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة" التي وقعت في 25 تشرين الأول/ أكتوبر 1994، ونصت على أن "الأردن وإسرائيل سيتعاونان في حل قضية اللاجئين"، ما أثار هواجس الوطن البديل من جديد لدى فئات سياسية في المملكة.
وقال رئيس جمعية "حق العودة" كاظم عايش، إن "حل الدولتين لم يكن يحفظ حق اللاجئين في العودة، كونه يعني الاعتراف بإسرائيل، وهذا له العديد من التبعات، من أهمها عدم عودة اللاجئين إلى مناطقهم التي هجروا منها".
واعتبر عايش في حديثه لـ"عربي21" أن "الملامح الحقيقية لمشروع ترامب وسياسته الخارجية في المنطقة لم تتضح بعد، ما يعني أن الجهود الدبلوماسية العربية ستواجه صعوبة كبيرة وستصطدم بعقوبات إضافية وجديدة، خاصة أن الفلسطينيين أنفسهم في حالة انقسام".
ولا يزال الموقف الأردني تحت تأثير صدمة تصريحات ترامب، ولم يخرج أي تصريح رسمي يعلق على إنهاء حل الدولتين، بينما رفض وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال، الناطق باسم الحكومة، محمد المومني، الإجابة عن استفسارات "عربي21" حول الموضوع.. فهل تفاجأت المملكة بالتصريحات، أم إنها جزء من مشروع جديد في المنطقة؟
عربي 21