هجوم الركبان واستحضار "مكتب المخابرات" و"خلية اربد"

هجوم الركبان واستحضار "مكتب المخابرات" و"خلية اربد"
الرابط المختصر

بعد أسبوعين من حادثة الهجوم الذي استهدف مكتب مخابرات عين الباشا والبقعة، في أول أيام شهر رمضان، استفاق الأردنيون صبيحة الثلاثاء على نبأ هجوم كان هدفه هذه المرة موقعا عسكريا إغاثيا على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة بمنطقة الركبان.

 

وتوالت الأنباء، منذ وقوع الهجوم، وصدرت البيانات العسكرية التي تناولت جوانب من تفاصيله ونتائجه، وصولا إلى إعلان الحكومة الحدود الشمالية والشمالية الشرقية، مناطق عسكرية مغلقة.

 

الكاتبة جمانة غنيمات، ترى أن "جرائم الإرهابيين" الساعية إلى نشر الرعب بين الأردنيين، ليست إلا محاولات بائسة يائسة، لأن النتيجة دائماً واحدة؛ هي رد موحد على كل تلك المحاولات "الجبانة" بأننا كلنا أردنيون في مواجهة الظلام والإرهاب.

 

وتؤكد غنيمات أن الخطر القادم من الخارج كان متوقعا، ولطالما حذر الأردن من مخاطر يحملها اللجوء السوري، خاصة فيما يتعلق باللاجئين المتواجدين بين الحدين، إلا أن المجتمع الدولي ومفوضية اللاجئين لم يكونوا يستمعون لذلك، حيث حاول الجميع ممارسة الضغوط على الأردن لفتح الحدود من دون مراعاة للبعد الأمني.

 

"ومن هنا يلزم على تلك الأطراف التفكير في كيفية ضبط تلك المنطقة، بتوفير قوى أمنية أممية، تشرف على تلك المناطق وتضبطها، في ظل غياب السيادة عن الجزء السوري، وغياب الجيش السوري عن تلك المنطقة التي تعتبر "ضعيفة أمنيا"".

 

ويذهب الكاتب ماهر أبو طير، إلى أن قرار الأردن اعتبار حدوده الشمالية، والشمالية الشرقية، مناطق عسكرية مغلقة، يعني فعليا إغلاق الحدود في وجه اللاجئين، لأنه لم يعد يمتلك ترف التدقيق في طبيعة السيارة القادمة، او طبيعة الشخص أو المجموعة المتحركة، نحو الحدود.

 

ويوضح أبو طير أن منفذ العملية والذي آذى الأردنيين في أبنائهم، تمكن كذلك  من إيذاء السوريين عبر وقف تدفقهم إلى الأردن، فالضربة كانت مزدوجة.

 

ويتساءل الكاتب "ما الذي سيفعله الأردن لو قرر أحد ما، تنظيما كان أم جهة اخرى، أن يصدر الخطر بطريقة مختلفة، عبر استهداف مواقع حدودية بالصواريخ، أو أي شكل آخر، وهذا يعني ان اغلاق الحدود على اهميته احترازيا، يبدو كافيا اليوم، وقد لا يبدو كافيا بعد قليل".

 

فـ"قد نجد أنفسنا مضطرين لسيناريو يرفضه كثيرون تخوفا من كلفته، وهو الدخول في مناطق سورية، وإقامة مناطق آمنة، وتنظيف بعض المناطق من بعض البؤر فيها.. والمثير في هذا السيناريو أن الذين يرفضونه يعتقدون انه توريط للأردن في الحرب السورية.

 

أما الكاتب محمد أبو رمان، فيرجح أن يكون تنظيم "داعش" المشتبه به الوحيد في الهجوم على النقطة الحدودية، مشيرا إلى أن التنظيم لم يعلن مسؤوليته سابقا عن أيّ عملية ضد الأردن، بما في ذلك العمليات التي نفذتها خلايا وأفراد موالون له في الأردن، مثلما حدث في عمليتي إربد والبقعة الأخيرتين.

 

"وفي حال أعلن هذه المرة مسؤوليته، فسيكون ذلك بمثابة "نقطة تحول" وتغيير في قواعد الصراع مع الأردن، أما إن لم يعلن، فسيبقى محافظاً على استراتيجيته في القيام، أو محاولة القيام بعمليات ضد الأردن، دون الإعلان رسمياً عنها".

 

ويضيف أبو رمان أن الأردن لم يكن بحاجة إلى العملية "الإرهابية" الأخيرة أو إلى سقوط الشهداء والمصابين حتى يعلن الحرب على "داعش"، فهو في حالة حرب معه منذ قرابة عامين، إلا أن قواعد الحرب ستتغير.

 

ويلفت الكاتب إلى الفارق النوعي المهم بين أحداث إربد وعملية البقعة من جهة، وبين عملية الركبان من جهة أخرى، يتمثل بالتمييز بين الخطرين الداخلي والخارجي، الاجتماعي والعسكري، إضافة إلى أنّ ما حدث في إربد والبقعة مرتبط بخلايا نائمة أو ذئاب منفردة،  بينما هجوم الركبان مرتبط بقرارات من المستويات القيادية في التنظيم.

 

فيما يستبعد الكاتب عمر كلاب، أن تعترف "الجهة الإرهابية" بعملها، ولن تعلن مسؤوليتها عن الحادث، "لكننا نعلمها جيدا، ونعلم أنها اخترقت بعضنا فغسلت دماغه وعقصت عقله، وتحاول أن نكون الفضاء الحيوي لها بشريا ولوجستيا اعتمادا على كمشة من العقول التي غافلت ربها ودينها ووطنها وبايعت الخراب".

 

كما "نعلم أنها باتت تجوس البلاد ليلا مثل الوحوش المستِكلبة، تقتل لاجل القتل، كي تنشر الرعب والخوف في قلوب لم تعرف الخوف بعد ولن تعرفه"، يضيف كلاب.

 

الكاتب إبراهيم القيسي، يعقد تشابها بـ"سمات الغدر" في حادثتي "مكتب المخابرات" وهجوم "الركبان"، متسائلا عن مكمن الخلل، وسبب نجاح المنفذين مرتين في 15 يوما.

 

ويؤكد الكاتب جمال العلوي على ضرورة الاستفادة من تلك الدروس "لتعزيز لحمتنا الوطنية وتعميق التفاف شعبنا حول جيشنا العربي الذي يحمي ويسهر رجاله لتنام عيون الأردنيين آمنة مطمئنة، ونريد أن نستخلص العبر بحتمية القضاء على الفكر التكفيري وكل ملاذاته الآمنة لتعزيز المنعة والرفعة".

 

ويقول الكاتب عمر عياصرة إن عملية الركبان، "زادت إيماننا بقدرات الجيش، وأعلت في نفوسنا مهمتهم المقدسة بحماية الحدود، وأدركنا، بذات الوقت، أن الظروف صعبة وأن رجال الحدود يحتاجون لرجال يساندوهم في الداخل".

 

ويضيف عياصرة أن العملية "جبانة"، لكنها متوقعة، فالإقليم مجنون وكل الاحتمالات واردة، ولعله من المناسب أن يتوقف المطبخ الامني السياسي عندها كثيرا، يحللها بعمق، ويبني عليها احترازاته القادمة.