هجمة إستباقية على التطرف من بوابة المنابر

هجمة إستباقية على التطرف من بوابة المنابر
الرابط المختصر

تحاول الأردن ثالث أكبر دولة مصدرة للمقاتلين الى سوريا والعراق كبح جماح انتشار الفكر المتطرف في مجتمع محافظ صدر أكثر من 1500 مقاتل الى سوريا والعراق، حسب احصائية للمركز الدولي لدراسات التطرف ومقره لندن.

 

الا ان ارقام غير التيار السلفي الجهادي الأردني تقول ان عدد المقاتلين الاردنيين في سوريا وحدها يصل الى 2000 مقاتل موزعين بين الفصائل المسلحة، كما يقول القيادي في التيار الجهادي محمد الشلبي الملقب بـ " أبي سياف".

 

خط أمني  ووقائي للتصدي للتطرف

 

يتعامل الأردن مع هذا الملف بخطين متوازيين اولهما خط أمني بحت يتمثل بالإعتقالات في صفوف انصار الفكر المتشدد وصلت مؤخرا الى اكثر من 50 معتقلا في مدن اعتبرت معقلا لابناء التيار السلفي الجهادي كمعان (جنوب الممكلة) و اربد (شمالا) و مدينة الزرقاء مسقط رأس ابو مصعب الزرقاوي.

 

و تمنع السلطات الأردنية المقاتلين الأردنيين في سوريا والعراق من العودة الى المملكة خصوصا " بعد اكتسابهم الخبرات القتالية اللازمة " كما يقول مصدر أمني .

 

على خط موازٍ اخر تقوم السلطات الأردنية بإحكام قبضتها على الخطاب الديني في المساجد بعد سن قانون الوعظ والإرشاد عام2006 الذي استهدف ايضا خطباء و وعاظ جماعة الاخوان المسلمين، وتقوم وزارة الأوقاف بتحديد موضوع خطبة الجمعة مسبقا لأئمة المساجد مما اثار حفيظة البعض منهم حول ما هية بعض المواضيع.

 

و تشن الحكومة الأردنية حاليا " هجمة استباقية" ضد الفكر المتطرف من خلال محاورة اصحاب هذا الفكر وتوزيع منشورات على المؤسسات الحكومية والمدارس " لتفنيد" بعض الأفكار المطرفة او " المنحلة" كما يصفها وزير الأوقاف هايل الداود .

 

ومن هذه المنشورات توزيع رسالة مفتوحة على بعض المؤسسات العامة وجهها 126 عالما واكاديميا اسلاميا من مختلف دول العالم الى "ابو بكر البغدادي" والمقاتلين والمنتمين الى داعش تضمنت محاولات تفنيد وشرح بعض الايات التي يرددها التنظيم وربطها بالخلافة.

 

يقول وزير الأوقاف الأردني هايل الداود ان الوزارة تعمل ضمن استراتيجية جديدة لمكافحة " الفكر المنحل والمتطرف" من خلال حوار ومناقشة اصحاب هذا الفكر و عقد محاضرات من قبل علماء و وعاظ تابعين لوزارة الأوقاف لعدد من المعقلين من اصحاب هذا الفكر في السجون الأردنية".

 

ويؤكد الوزير ان وزارة الأوقاف الأردنية وبالتعاون مع وزارة الداخلية و إدارة السجون استطاعت ثني العديد من أصحاب هذا الفكر ممن " غرر بهم" واعادتهم " الى الطريق الصحيح واستنقاذهم".

 

ولم يقتصر الأمر على " المتطرفين في السجون" وشملت الحملة " الوقائية" ايقاف أكثر من 30 إماما عن الخطابة عدد كبير منهم " كان يروج لفكر متطرف " وبعضهم خالف قانون الوعظ والارشاد كما يقول الوزير.

 

ولا ينكر الوزير وجود دور للأجهزة الأمنية الأردنية في إيقاف بعض الخطباء قائلا " نحن دولة الأجهزة الأمنية ليست جزءا خارجا عن الدولة وأحيانا قد تصل شكاوى من خلال أجهزة أمنية ونحقق فيها، فنحن دولة تريد أن تحفظ أمنها وثقافتها ودينها ".

 

تجنيد 5500 إمام لمحاربة التطرف ام للسيطرة على المساجد؟

 

الا ان القيادي في التيار السلفي الجهادي " ابو سياف" لا يرى في فكر التيار اي " تطرف و انحلال" مؤكدا ان "منهج التيار هو من الكتاب والسنة حيث طبق التيار الإسلام بشموليته على عكس بعض التيارات الأخرى".

 

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، ما أسمته تجنيد السلطات الأردنية لخمسة آلاف إمام وخطيب لمواجهة صعود تنظيم "داعش" في المنطقة.

 

يقول الويزر ان الممكلة تضم 7 آلاف مسجد يعمل بها 5500 خطيب جمعة من بينهم 3 آلاف إمام تقريباً يخضعون لقانون الوعظ والإرشاد.

 

الناطق الإعلامي باسم نقابة الأئمة الاردنيين عوض المعايطة يتهم وزارة الاوقاف الاردنية بـ"النظر الى خطبة الجمعة منظور أمني"، يقول المعايطة ان "الدولة ممثلة وزارة الأوقاف تتبع وسطية ترضي مشاعرها الشخصية و أصبحت للأسف أداة من أدوات الأجهزة الأمنية" .

 

و تدعي نقابة الأئمة ان من تم ايقافهم مؤخرا "تطرقوا الى ما يحدث في المسجد الأقصى من ارهاب اسرائيلي "كيف لنا أن نصمت ونحن نرى الاحتلال المجازر في دول يباد فيها المسلمين إبادة جماعية ولا نحرك ساكناً، من الخطباء الموقوفين كان سبب إيقافه لمخالفته التعليمات وتجاوز الحدود حسب قانون الوعظ والإرشاد الذي بات سيفا مسلطا على رقاب الخطباء".

 

يقول المعايطة " ندين العنف والارهاب بكافة أشكاله ، إرهاب الاشخاص والجماعات والدول والمتمثل في التحالف الامريكي الاسرائيلي على المسجد الأقصى" .

 

و تأتي الهجمة الأردنية " المضادة" ضد الفكر المتطرف في الوقت الذي تدخل فيه الممكلة في حلف دولي للحرب على الارهاب و بمشاركة الطيران الأردني في قصف مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية " داعش" و جبهة النصرة في سوريا.

 

و خصص  الملك عبد الله الثاني مساحة واسعة في خطاب العرش الذي افتتح فيه الدورة الثانية العادية لمجلس النوابالاردني بالتأكيد على موقف الأردن في الحرب على الارهاب قائلا ان "الحرب على الارهاب والتنظيمات الارهابية هي حرب الاردن كوننا مستهدفون".

 

شبكات التواصل الاجتماعي...اهم مصدر لتجنيد المقاتلين

 

الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن ابو هنية يرى ان "التكنيك" الذي تتبعه الجماعات الاسلامية الجهادية بات مختلفا عما كان عليه بالسابق، اذ انتقلت هذه الجماعات من المنابر والمساجد الى شبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد المقاتلين خصوصا من فئة الشباب.

 

وتشير دراسات متخصصة في اسباب نمو الجماعات الجهادية ان ظروفا محلية وإقليمية ودولية ساهمت بتوفير البنية التحتية لنمو التيار الجهادي و " الفكر المتطرف" في الأردن من أبرزها: حرب الخليج وتراجع الأيدلوجيات القومية واليسارية بالاضافة لعوامل اقتصادية تمثل بتآكل الطبقة الوسطى والسياسات الحكومية التي تخلت عن دورها.

 

بالاضافة الى سياسات وإرهاصات الخصخصة التي هزت الكثير من فئات المجتمع بحكم تغير دور الدولة الوظيفي كدولة ريعية، و تدفق الفارين من حرب الخليج لعب الضغط الاقتصادي دورا في زعزعة الثقة في شبكة الأمان التي توفرها الدولة، بالتالي ظهر السلفييون الجهاديون كبديل.

 

كما لعب “قوة الخطاب السياسي لدى السلفيين الجهاديين” دورا في تعزيز ظهور الجهاديين، إذ تناول الخطاب السياسي للتيار المحرمات بانتقاد النظام ومواجهة القضاة وتكفيرهم في المحاكم، وشكل ذلك خطابات جديدة وملفتة وجذابة.