هتافات "الوحدات" و"الفيصليّ" تكشف جدل الهويّة في الأردن
تطرق موقع المونتيور الذي يصدر باللغة الأنجليزية حول هتافات جمهوري الوحدات والفيصلي، وقال التقرير إن هذه الهتافات على وتر حساس في الأردن بعد أن انقسم المشجعين، أردنيين من أصول فلسطينية يشجعون الوحدات في الغالب، وشرق أردنيين يشجعون الفيصلي.
وفيما يلي نص التقرير:
اندلعت من جديد المعركة الطويلة التي دامت عقودا بين جماهير ناديي "الوحدات" و"الفيصلي" في الأردن.
استدعى لنائب عام أعضاء الوحدات لمحكمة أمن الدولة، وفرض الاتحاد الأردني لكرة القدم غرامات على الناديين وقرّر إقامة مبارياتهم دون جمهور. كان آخرها قرار اللجنة التأديبيّة في الاتّحاد بـ1 حزيران/يونيو الماضي إقامة مباريات "الوحدات" و"الفيصليّ" من دون جمهور، عملاً بأحكام المادّة 83 من أنظمة الاتّحاد للعقوبات التي تعاقب الجمهور على هتافات عتصرية أو دينية أو كلمات بذيئة.
ويأتي قرار الاتحاد في ضوء منافسة بين الفريقين تدوم 60 عاما، وغالبا ما تخللها الشعارات المليئة بالإهانات العرقية وثمّة هتافات طالت أصول العائلة المالكة في الأردن. وهو يغذي الاختلافات الإثنية بين مؤيدي الفريقين:
فالأردنيون من أصول فلسطينية يدعمون في غالبيتهم فريق "الوحدات"، بينما يدعم الشرق أردنيّين فريق الفيصلي.
هتف في 16 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2016 جمهور النادي "الفيصليّ" "نحن كبار البلد"، بينما ردّ عليه جمهور "الوحدات" بالقول: "نحن خوال الولد"، في إشارة إلى وليّ العهد الأمير حسين بن عبد الله الثاني والأصول الفلسطينيّة للملكة رانيا العبد الله خلال المباراة التي جمعت القطبين في الدوريّ الممتاز لكرة القدم.
النادي "الفيصليّ" تأسّس خلال عام 1932 في عمّان، باسم كشّافة النادي الفيصليّ على يدّ مصطفى الكرديّ، ثمّ أخذ اسمه الحاليّ عام 1941، لتتسلّم عشيرة العدوان (عشيرة أردنيّة كبيرة) رئاسة النادي منذ عام 1987.
تأسّس فريق "الوحدات" في مخيّم الوحدات، وهو أكبر مخيّمات اللاّجئين الفلسطينيّين عام 1956، انشأته لوكالة غوث وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيّين "الأونروا" وبقي تابعاً لها حتّى عام 1966، حيث تبع لوزارة الشباب والرياضة الأردنيّة.
يخفي الانقسام حول فريقيّ "الفيصليّ" و"الوحدات" انقساماً أكبر في المجتمع الأردنيّ حول الهويّة والانتماء، إذ كشفت برقيّة صادرة عن السفارة الأميركيّة في عمّان بكانون الأوّل/ديسمبر من عام 2010 نشرها موقع "ويكيليكس" أنّ المباراة بين الفريقين في يوليو/تموز 2010 "كشفت عن الانقسام المتزايد بين "الشرق أردنيّين" و”الفلسطينيّين"". خلال تلك المباراة، هتف أنصار فريق الفيصلي عن أصول الملكة رانيا الفلسطينية: "طلقها أنت والد حسين، وسوف نزوجك إلى اثنين منا".
وفي هذا السياق، أكّد مستشار الإعلام في الاتّحاد الأردنيّ لكرة القدم أمجد المجالي لـ"المونيتور" وجود مخالفات ترتبط بالجماهير في أنظمة الاتّحاد التأديبيّة وتتعلّق بالشتم أو بالإضرار بالمنشأة أو برمي أجسام غريبة على الملعب أو الشغب، وساهمت في الحدّ من هذه الهتافات، لكنّها لم تكن حلاًّ".
إنّ محاولات الاتّحاد "لم تجد نفعاً"، كما قال الصحافيّ الرياضيّ حاتم الظاظا في موقع "360 سبورت"، والذي أضاف: "بسبب عدم تفعيل موادّ تأديبيّة في الاتّحاد الأردنيّ تتعلّق بالهتافات السياسيّة والدينيّة".
وقال لـ"المونيتور": "إنّ الهتافات متبادلة، وليست من طرف واحد، مثل "واحد اتنين الشعب الهامل وين"، ويردّ جمهور الوحدات بكلمة "هيو"، في إشارة إلى جمهور الفيصليّ".
وسكبت ممارسات بعض أعضاء الناديين الزيت على النار، إذ أحالت السلطات الأردنيّة الأحد في ١١ حزيران/يونيو 6 من أعضاء الهيئة العامّة في نادي "الوحدات" على مدّعي عام محكمة أمن الدولة، بما فيهم أحد أعضاء مجلس إدارة النادي، على خلفيّة بثّ اللجنة الثقافيّة في النادي فيديو اعتبر مسيئاً للملك الأردنيّ عبد الله الثاني وبعض الزعماء العرب.
ويأتي ذلك بعد أن قامت اللجنة الثقافيّة ببثّ الفعاليّة يوم السبت على "فيسبوك"، وأظهر هذا الفيديو تركيب بنشر صور لزعماء عرب على أغنية "يا جحيش"، ومن بينهم الملك الأردنيّ، العاهل السعوديّ الراحل عبد الله بن عبد العزيز، الرئيس المصريّ المخلوع حسني مبارك، ورئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس، إضافة إلى آخرين.
ونشر مقطع فيديو جديد على مواقع التواصل الإجتماعيّ في 31 أيّار/مايو أثار جدلاً كبيراً، بعد أن أظهر بعض مشجّعي النادي "الفيصليّ" يهتفون لصالح الاحتلال الإسرائيليّ "بالروح بالدم نفديك يا إسرائيل"، لتخرج إدارة النادي "الفيصليّ" لتؤكّد أنّ هذا الفيديو "مفبرك" صوتيّاً.
وامتدّت الهتافات لتطال طعام الفلسطينيّين التقليديّ، حيث رفع لاعب فريق "الوحدات "باسم فتحي "ضمّة ملوخيّة" في المباراة النهائيّة لدوري المناصير للمحترفين بكرة القدم لموسم عام 2014، التي فاز بها "الوحدات"، وأطلق جمهور "الوحدات" على هذا الدوريّ اسم "دوريّ الملوخيّة"، ردّاً على لافتة رفعها مشجّعو نادي "الفيصليّ" تقول: "يا مستني الوحدات يأخذ الدوريّ، يا مستني ماكدونالدز يعمل ملوخيّة".
وفي هذا الإطار، قال مدير مركز "هويّة" للدراسات محمّد الحسيني لـ"المونيتور": "إنّ هذه الهتافات غير رياضيّة، وتحمل في طيّاتها أبعاداً سياسيّة لها علاقة بالهويّة، وتعبّر عن وجود شرخ مجتمعيّ قد لا يكون ظاهراً في الأحوال الطبيعيّة. وبذلك، يظهر الأجواء المشحونة والمتوتّرة".
ويدور في الأردن جدل حول عدد الأردنيّين من أصول فلسطينيّة، والذين هربوا بسبب الحرب في فلسطين خلال عامي 1948 و1967، وحصلوا على الجنسيّة الأردنيّة، إذ لا توجد إحصائيّة رسميّة حول هذه الأعداد.
ورأت الصحافيّة في "شبكة الإعلام المجتمعيّ" عطاف الروضان في حديث لـ"المونيتور" أنّ "الهتافات في الملاعب الأردنيّة تتعدّى كونها هتافات رياضيّة، لتمثل المكوّنين الأساسيّين للمجتمع الأردنيّ بأصولهما الأردنية والفلسطينية".
واعتبرت عطاف الروضان أنّ سبب هذا الانقسام يعود إلى أمرين أوّلاً "غياب دولة القانون وسيادته. وبالتّالي، عدم تحقّق المواطنة الكاملة للأردنيّ الذي يحمل رقماً وطنيّاً، بغضّ النظر عن أصله ومنبته أو دينه، فلا يشعر الجميع بقدر الإنتماء نفسه، ويستميت المواطن بالبحث عن بدائل يفرّغ فيها عاطفته وانتماءه".
أمّا السبب الثاني، حسب الروضان، فهو "وجود مرجعيّات سياسيّة تعتمد في أوقات محدّدة على انقسام الهويّة وتباينها بين هذين المكوّنين، الأمر الذي يتيح لها تمرير بعض السياسات أو تسويق بعض المواقف الداخليّة والخارجيّة، إضافة إلى سياسيّين وشخصيّات متنفّذة تستفيد كحضور شعبيّ وسياسيّ من ارتباط اسمها بأحد هذين الناديين".
وترفض إدارة الناديين الهتافات، التي "تمثل فئة قليلة من الجمهور لا تتعدّى الـ30 شخصاً من أصل 20 ألف مشجّع"، كما قال مدير النادي "الفيصليّ" ثامر العدوان لـ"المونيتور".
واتّفق معه مدير نادي "الوحدات" علي خليفة، الذي أكّد في حديث لـ"المونيتور" أنّ "رابطة المشجّعين لا تستطيع ضبط الهتافات في الملعب، عندما يخرج بعض الجمهور عن النص".
الصورة ليست سوداويّة بالكامل في الملاعب الأردنيّة، إذ دعمت رابطة جماهير "الفيصليّ" في نيسان/أبريل الماضي إضراب الأسرى الفلسطينيّين في السجون الإسرائيليّة، خلال المباراة مع نادي مخيّم البقعة، ورفع جمهور "الفيصليّ"، لافتة كتب عليها: "ماء وملح".