"هبّة" أم "انتفاضة" فلسطينية!

"هبّة" أم "انتفاضة" فلسطينية!
الرابط المختصر

باتت أنباء عمليات طعن الشبان الفلسطينيين للمستوطنين والجنود الإسرائيليين، الخبر الأول في نشرات مختلف وسائل الإعلام العالمية، وشاغلا لمساحة عريضة لتحليلات كتاب الرأي في الصحف اليومية.

 

الكاتب ماهر أبو طير، يلفت إلى الحرج من التساؤل إن كان اندلاع "انتفاضة" ثالثة، مصلحة إسرائيلية أم فلسطينية، وذلك لاعتبارات وطنية واخلاقية، "وكأن الانتفاضة هنا صارت في بعض أوجهها مطلب إسرائيلي، للإطاحة بالسلطة الوطنية"، وترسيم صورة الفلسطينيين باعتبارها عنيفة وتميل إلى القتل.

 

ويؤكد أبو طير أن من يقدم هذا الطرح يتناسى أساسا أن الشعب الفلسطيني محاصر، من كل الجهات، "فلا حل سياسي في الأفق، ولا يجد دعما لأن يقاوم إسرائيل، إضافة إلى الانقسام الداخلي، وتصادم المشاريع الفلسطينية، بين أجنحة العمل الفلسطيني الداخلية.

 

وأمام هذا الاستعصاء، "يلام الشعب الفلسطيني إذا قاوم، ويلام إذا لم يقاوم، ويلام إذا أراد انتفاضة، ويلام إن لم يحقق شيئا سياسيا"، يكتب أبو طير.

 

ويضيف "هنا جيل في فلسطين ليس له علاقة بكل التنظيمات، جيل يشاهد التهديدات الإسرائيلية للأقصى، والقدس، وهو جيل العشرينات الذي استيقظ على الدنيا بعد أوسلو، فلم يجد اليوم، إلا العودة إلى ذات التعبيرات الوطنية عن الموقف من الاحتلال الإسرائيلي"..

 

فـ"لا يمكن أن يقال لهؤلاء أن لا تقاوموا، وأن عليكم انتظار ثمار العمل السياسي"، كما "لا يمكن أن نقبل أن يقال لهم، أنهم بتضحياتهم ودمهم، يخدمون إسرائيل أيضا"، فسكوتهم وغضبهم يخدمها.

 

ويخلص الكاتب إلى القول إن كلا من إسرائيل والسلطة الفلسطينية لا تريدان انتفاضة ثالثة، لكي لا يجد الشعب الفلسطيني مخرج نجاة له سوى انتفاضة ثالثة، والتي تشكل "مصلحة لإعادة تشكيل الواقع، وتشكيل قيادة جديدة، بمعزل عن الحاضنات التي تحولت وظيفتها إلى تجميد الناس وتقليم أظافرهم، ومصلحة للمسجد الأقصى لأنه عنوان لها،
أما الكاتب عريب الرنتاوي، فيشير إلى "النصائح" التي يتلقاها الفلسطينيون بدعوتهم إلى التزام الهدوء وضبط النفس، وعدم الانسياق وراء لعبة التصعيد الإسرائيلي الدامية، مؤكدا أنها تشكل "ضغوطا" تأخذ أشكالاً استفزازية.

 

ويذهب الرنتاوي إلى أن صمت الفلسطينيين أخرج قضيتهم من جدول أعمال المجتمع الدولي، فيما جعلتهم انتفاضتهم وثورتهم لكرامتهم يتلقون اللوم من الأشقاء والأصدقاء قبل الخصوم والأعداء، "بأنهم يجازفون بما تبقى لهم من أوراق، وأنهم يحرقون سفنهم، ويقامرون بإشعال فتيل أزمة جديدة وإضافتها إلى سلسلة الأزمات المتفاقمة في المنطقة".

 

ويضيف الكاتب بأن الهبة الشعبية الفلسطينية، قد تكون كفيلة "وحدها" بلجم الاندفاعة التوسعية العنصرية الإسرائيلية في القدس وعموم المناطق المحتلة، لافتا في الوقت نفسه، إلى أن تحقيق أهداف هذه الهبة، بل وتحويلها إلى انتفاضة شعبية ثالثة، يتطلب توفير جملة من الشروط.

 

ومن بين هذه الشروط، حفظ طابعها الشعبي مقترناً بطابعها السلمي، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ميدانيا، وتفعيل سلاح المقاطعة الشاملة، ومطاردة إسرائيل في كافة المحافل الدولية، وتفعيل العمق الشعبي العربي والأممي المتضامن مع فلسطين، إضافة إلى تفعيل الصلة مع فلسطيني المنافي والشتات.

 

فيما يرى الكاتب حلمي الأسمر أن فلسطين تنتفض "من بحرها لنهرها"، إلا أنه يشير إلى أن "ربيع فلسطين" لم يتحول بعد إلى حركة جماهيرية عارمة، لكنه بدأ كفوهات مرجل يغلي.

 

ورغم اتسام الهبة الفلسطينية بـ"الشعبية"، إلا أن الأسمر يلفت إلى حالة التململ التي تشهدها حتى التنظيمات المنخرطة في "أوسلو"، التي باتت أمام خياري الانخراط في الانتفاضة أو "الاستمرار في خيانة المشروع الوطني الفلسطيني".

 

ويضيف الكاتب بأن الكثير من العرب يحاولون التقليل من أهمية "ربيع فلسطين"، من خلال قلة اهتمام وسائل الإعلام بما يجري، مقابل حالة من الارتباك التي تشهدها الساحة الإسرائيلية، التي دعا رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو لمواطنيه لحمل السلاح، بعد أن ألغى زيارته إلى ألمانيا.

 

وينتهي الأسمر للقول "يعلم تماما أننا مقبلون على انتفاضة كاملة الدسم، ستغير كثيرا من "المُسلمات"، ليس على الأرض الفلسطينية فحسب!".

 

الكاتب أيمن الصفدي، يرى أن نتنياهو قد يظن أنّه سيكسب الجولة الحالية من المواجهة مع الفلسطينيين. وهذه قراءةٌ قد تكون صحيحةً على المدى القصير، لكن ليس على المدى الطويل.

 

"فالهبة الحالية ليست وليدة الاعتداءات على المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف فقط. تلك كانت الشرارة التي فجّرت غضباً راكمه استمرار تدهور أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية والسياسية، وتعمّق اليأس من إمكانية التوصل إلى حلٍّ سياسيٍ يُنهي الاحتلال".

 

ويرجح الصفدي انطلاق هبات فلسطينية أقوى تنتج قياداتٍ جديدةٍ مستعدةٍ لتقديم تضحياتٍ أكبر، ولإيجاع إسرائيل بأيِّ وسيلة وبأيّ ثمن، داعيا إلى عدم ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة المخططات الإسرائيلية وأدواتها الإجرامية.