من بيروت إلى باريس.. مفترق طرق لمرحلة انتقالية
شهدت الآونة الأخيرة سلسلة من الحوادث المفاجئة محليا، كحادثة مركز الموقر، وإقليميا، كان آخرها تفجيرات الضاحية الجنوبية من بيروت، ودوليا، تجسدت بتفجيرات باريس.
ويرى الكاتب رحيل غرايبة أن كل حادث من هذه السلسلة المتقاربة زمانيا، كان يطغى على ما قبله، "بحيث أصبحت الأذهان غير قادرة على استيعابها، فضلاً عن العجز على التحليل والربط والتوثيق وترتيب البيانات والوصول إلى النتائج بطريقة علمية متأنية".
ويرجح غرايبة أن كل ذلك ينبئ بتحولات مثيرة تطال المنطقة العربية على وجه الخصوص، ومناطق أخرى كثيرة على مستوى العالم، مشيرا إلى أننا نمر بمرحلة انتقالية، وكل الأطراف تحاول أن نسير باتجاه التموضع وتثبيت الأقدام.
أردنيا، يذهب الكاتب إلى أن الاتفاق الذي وقعته المملكة مع روسيا مؤخراً بعد التدخل الروسي في سورية، ينقلها إلى أفق آخر له ضريبة، في ظل أنها قد وقعت سابقاً اتفاقاً مع أمريكا وحلفائها في مواجهة داعش والإرهاب، متسائلا إن كانت قادرة على تحمل عبء الاتفاقيتين معا.
أما الكاتب جهاد المنسي، فيرى بالتفجيرات التي شهدتها عواصم إقليمية وعالمية مؤخرا، محاولة عودة تنظيم "داعش" للواجهة، والتي يلجأ إليها كلما شعر هو وأنصاره بالضيق وقلة الحيلة، جراء الهجمات الروسية والعراقية والسورية على معاقله.
ويتساءل المنسي عمن مول "داعش" ودربه، ومن منحه رخصة القتل، ومن أفتى له لتسهيل أموره، ومن يؤمن له الرجال والعتاد، ويفتي بجواز السبي والحرق.
ويخلص الكاتب إلى القول "لو جفت منابع التمويل، وتوقف شراء النفط، وأغلقت الحدود المفتوحة، فإن "داعش" سيغدو عبارة عن فقاعة صابون، يذهب بلمح البصر، فهل أنتم فاعلون؟".
فيما لا يستبعد الكاتب ماجد توبة، أن تشكل تفجيرات باريس "الإرهابية" نقطة تحول رئيسية للسياسة الأوروبية، تماما كما شكلت جريمة القاعدة في برجي نيويورك في 11 أيلول 2011، نقطة تحول استراتيجية للسياسة الأميركية.
ويؤكد توبة أن ذلك التحول بالسياسة الأمريكية التي كانت يومها تحت إدارة بوش الابن والمحافظين الجدد، أوصلت الشرق الأوسط اليوم إلى وضع الخزان المتفجر، بالكراهية والتطرف والإرهاب والدمار.
ويشير الكاتب إلى عدم اهتمام الغرب وفرنسا بالتوقف عند "جريمة الإرهاب الداعشي" في بيروت، "فالمعادلة، هنا في الشرق الأوسط، مختلفة! فـ"داعش" و"جبهة النصرة" و"جيش الفتح" في سورية ولبنان هم "إرهابيون" نظريا، لكن مع وقف التنفيذ، ما دامت القصة أن "عدو عدوي صديقي"".
وبحسب توبة، أمام أوروبا، أكثر من خيار، الأول هو السير على خطى بوش الابن ومحافظيه، وإطلاق روح الانتقام واعتماد ذات السلاح الذي يستخدمه الإرهاب، فيما يتمثل الخيار الثاني وهو الأجدى لأوروبا ولنا في هذا الشرق، بالذهاب مباشرة لحل أزمات المنطقة سياسيا، ووقف توظيف الإرهاب من قبل الدول والمحاور الإقليمية والدولية.
كما يذهب الكاتب ماهر أبو طير إلى أن القراءات الغربية ترى في تفجيرات باريس معادلا في تأثيرها لتفجيرات أبراج نيويورك، من حيث قوتها وصدمتها، والتي كانت سببا وتوطئة لاحتلال العراق وأفغانستان، تحت عنوان محاربة الإرهاب.
ويضيف أبو طير بأن الأصوات الفرنسية المعارضة للمشاركة في العمليات العسكرية في سوريا، ستخفت بعد التفجيرات لصالح التضامن مع الحكومة الفرنسية في حال قررت اتخاذ إجراءات خارج الحدود الفرنسية، وهو ذات الأمر الذي رأيناه في الولايات المتحدة الأميركية.
فـ"فرنسا أمام عدة خيارات"، إلا أن باريس غير قادرة وحيدة على بلورة رد فعل، وهي بحاجة إلى أوروبا وأميركا، ودول عربية لبلورة مثل هذا الرد، ونحن هنا نتحدث عن سيناريوهات فرنسا خارج حدودها، بحسب أبو طير.