"مسح" الدخل والنفقات

"مسح" الدخل والنفقات
الرابط المختصر

كانت لنتائج مسح دخل ونفقات الأسرة للعام 2013، والتي أظهرت أن دخل 230 ألف أسرة أردنية يقل عن 350 دينارا شهريا، رغم قدم هذه المعلومات، صدى بين أعمدة الرأي والمقالات، خاصة في عدد الخميس من صحيفة الغد، التي نشرت نتائجه.

 

 

رئيسة تحرير الصحيفة والمحللة الاقتصادية جمانة غنيمات، ترى أن هذا الرقم الذي يعني أن حوالي مليون مواطن لا يتجاوز دخل أحدهم الـ70 دينارا "قياسا لحجم الأسرة"، أمر يعطي تصورا مبدئيا عن مستوى معيشة المواطن ضمن هذه الفئة.

 

 

وتؤكد غنيمات أن هذه الفئة من المواطنين، وإن كانوا ليسوا فقراء وفق المعايير الرسمية المعتمدة، حيث يقدر خط الفقر بحوالي 67.7 دينار شهريا للفرد، إلا أنهم معرضون للانزلاق إلى ما دون خط الفقر، نتيجة كثير من الأسباب، ليس أقلها مرض مفاجئ يصيب أحد أفراد الأسرة.

 

 

وتلفت الكاتبة إلى ما تحمله تدني دخل مئات الآلاف من الأسر الأردنية عن 500 دينار شهرياً، في دواخل أفراد هذه الأسر في من شعور بالتهميش والإقصاء وقلة الحيلة، نتيجة ضعف السياسات الرسمية إزاء الحاجة إلى تحسين أحوال هذه الشريحة التي تتسع لتشمل المعدمين صعوداً إلى "المستورين" المهددين بالفقر.

 

 

فـ"تقرير مسح دخل ونفقات الأسرة للعام 2013، يعكس معدلات الدخل لخمس عشرة شريحة، وما سبق هي الشرائح الأدنى والأسوأ حالا. لكن ذلك لا يعني أن مداخيل الشرائح المتوسطة، وعددها خمس، أفضل بكثير، وإلى الحد الذي يبعث على الطمأنينة، قياساً على تكاليف المعيشة. إذ يتراوح دخل 496 ألف أسرة بين 400 و666 ديناراً شهريا"، بحسب غنيمات.

 

 

وتنتهي الكاتبة إلى القول إن "الأرقام الرسمية تحكي كم هي هشة أحوال المجتمع، وتشي أيضا بحجم المعاناة المالية التي يكابدها عدد كبير من المواطنين. فالمداخيل لا تكفي، ولتتسع الفجوة بينها وبين معدلات الإنفاق. وذلك ما يفسر تراجع منسوب الادخار لدى الأسر، ويؤشر إلى أن التحدي الأكبر لصانع السياسة هو الاقتصاد الذي يبدو هشا ضعيفا".

 

 

ويشدد الكاتب محمد أبو رمان، على أهمية قراءة المسح، بالتزامن مع عرض الحكومة لمشروع الموازنة العامة على مجلس النواب، "حتى تكون الأبعاد المختلفة للصورة، المسكوت عنها، والتي تقدمها الحكومة بشكل وردي، واضحة للجميع".

 

 

ويضيف أبو رمان أنّ "الأرقام الواردة على صعيد نسب الفقر والدخل لدى الأسر الأردنية، تشير إلى أنّ هناك مصدراً آخر مرعبا يهدد بعدم الاستقرار الاجتماعي، وهو النسبة المرعبة لأعداد الفقراء والمهددين بالفقر من زاوية، والتفاوت غير المنطقي ولا المقبول في الدخل بين الأسر الأردنية".

 

ومع النتائج الصادمة الواردة في المسح، إلا أن الكاتب لا يرى فيها سوى أرقاما تجميلية، لا تعطي مؤشراً حقيقياً على حجم الفقر والحرمان في الأردن، والأهمّ من هذا وذاك مقدار التفاوت الكبير في مستوى المعيشة والدخل والإنفاق بين الأسر الأردنية".

 

 

ويذهب أبو رمان إلى أن هذا التفاوت مؤشر على فشل سياسات تقوية الطبقة الوسطى وتعزيزها وحمايتها، وهي الطبقة التي تمثّل "صمام الأمان" الأول لأي استقرار سياسي، وأهميتها تعادل بالدرجة نفسها أهمية "الموازنة".

 

 

أما المطلوب من الحكومة، بحسب أبو رمان، هو باختصار، تغيير في منهجية التفكير، بدلاً من التطبيق الحرفي فقط لأساليب وتوصيات رفع الإيرادات عبر الجباية؛ بناء فلسفة وطنية للسياسات الضريبية، بدلاً من التخبط اليومي فيها، بما يوفر أكبر قدر من العدالة؛ وإعادة "هيكلة النفقات" في الموازنة لتأهيل الخدمات الأساسية التي تخفف الضغوط على الطبقة الوسطى والعامة.

 

 

فيما لا يرى ماجد توبة حاجة للتعليق على أرقام المسح لإظهار حجم الأزمة المعيشية لشريحة واسعة من المجتمع الاأردني الذي نجزم أن حجم الضغوط المادية والاقتصادية وتآكل الدخول فيه قد تزايد بصورة أكبر وأخطر اليوم، وبعد أكثر من عامين من إجراء هذا المسح الذي يعد الأحدث.

 

 

ويشير توبة إلى أن إعلان هذه الأرقام لمستويات المعيشة في المملكة، يأتي فيما ينخرط النواب بمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام الحالي، وسط تحذيرات نيابية من زيادة الضغوط الاقتصادية والمعيشية على مختلف شرائح المجتمع، عبر فرض مزيد من الضرائب والرسوم، ومزيد من إجراءات التقشف وتخفيض النفقات.

 

 

"وفي هذا السياق، كان لافتا ومستغربا، تقديم اللجنة المالية لمجلس النواب توصية بتعديل قانون التقاعد "يطبق عبره مبدأ العدالة والمساواة بين أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية"، ما يعني عمليا زيادة رواتب تقاعد النواب والأعيان! وهو ما لا يمكن تفهمه من قبل المواطن المسحوق، تحت جبل من الضرائب وارتفاع الأسعار وتزايد كلف المعيشة، وتآكل الأجور".

 

 

ويؤكد الكاتب أن واقع المواطن الأردني اليوم، معيشيا واقتصاديا، لم يعد يسر أحدا، وهو واقع ينذر بتوسيع دائرة ظواهر اجتماعية وسياسية مقلقة، باتت تنخر في المجتمع وباستقراره، فيما يغلق الإصرار على ذات السياسات الاقتصادية المعتمدة الأفق أمام المواطن المطحون.

 

 

وبحسب توبة، ليس مطلوبا من المواطن العادي، ولا حتى من الإعلام التقدم ببرنامج بديل وحلول للمشاكل الاقتصادية التي تثقل كاهل المواطن والمجتمع، فهذا دور من تنطّح للمسؤولية، من حكومة ومجلس نواب، فيما لا يمكن لأحد أن يتوقع من المواطن والمجتمع إلا أن يصرخ ويرفع الصوت بضرورة وقف هذا الانحدار المعيشي والاقتصادي لأغلب الشرائح المجتمعية.

 

للاطلاع على نتائج المسح: هنــــــــا