ما وراء صور أطفال البربيطة

ما وراء صور أطفال البربيطة

لم تكن صور طلبة بلدة البربيطة بأحذيتهم وملابسهم البالية، كفيلة لانطلاق الحملات الخيرية في البلدة الواقعة جنوب محافظة الطفيلة فقط، وإنما فتحت مجالا أمام كتاب الرأي والمقالات لتناول ما أظهرته من واقع معيشي مترد.

 

الكاتبة جمانة غنيمات، تظن أن ملتقط الصور الزميل محمد القرالة، كان "متآمرا علينا، لأنه بصوره عمد إلى تعريتنا، مُظهراً عيوبنا وقصورنا. كما كشف لنا عن أن ضمائرنا ماتت، فلم تعد عيوننا تبصر الحقائق".

 

 

فـ"حذاء الفتى الممزق قال لنا إننا بعنا قيمنا في صفقة لم نعلن عن تفاصيلها، ومعها بعنا ما تبقى من إنسانيتنا في "أكازيون" مفتوح. أما أصابع قدمه التي تورمت من البرد، فلخصت كل المشهد: نحن غارقون في العسل، فيما هناك أطفال وشبان غارقون في الوجع والفاقة".

 

وتشير الكاتبة إلى أن الانتقادات التي تعرضت لها الحملات الخيرية في البلدة، تم توجيهها ليس فقط إلى تلك القلة الخيرة، بل أيضا إلى إنسانيتنا التي نالها القصف العشوائي.

 

أما الكاتب مهند مبيضين، فيشير إلى ما أظهرته صور البلدة من تعاطف كبير، "فوسط حديث الإرهاب والقتل كانت هناك نقطة ضوء جميلة تؤكد الخير في هذا البلد".

 

إلا أن مبيضين يؤكد في الوقت نفسه أن البربيطة ليست الوحيدة، هذا ما اكتشفه الشباب، وهو ما كانت الصحافة تجهد لطرحه في ملفاتها عن الأطراف والتي كانت تكشف غياباً للتنمية وتفشي الفقر وانتشاراً للأمراض، وحالة البربيطة لا تختلف عن قرى مماثلة في الحد الشمالي أو الأغوار أو قرى الجنوب المنسي.

 

و"أخيراً فرح أطفال وسكان قرية البربيطة نهاية العام بفضل الخيرين كثيراً، هناك نام الناس بفرح وقناعة وببيوت دون أسوار وبأمن كبير. دون الحاجة لكل حراسات أوروبا التي نشرت في مدنها نهاية العام"، يختتم مبيضين.

 

انحياز حكومي طبقي:

 

من جانبه، يؤكد  عمر كلاب، أن رواية الحكومات المتعاقبة بعدم المساس بمحدودي الدخل والطبقات الفقيرة، لم تعد  قابلة للتصديق أو قابلة للتسويق بعد أن أثبتت كل إجراءاتها الانحياز الكامل للطبقات الثرية وطبقة كبار الموظفين الذين ينعمون بكل أشكال الرفاه الوظيفي والأمان المالي والرعاية الصحية في المستشفيات الخاصة.

 

 

فـ"التأمين الحكومي للفئات العليا صحيا يشمل المستشفيات الخاصة وكان بودنا أن نرى إجراء واحدا يتم تطبيقه على كبار الموظفين وطبقة الوزراء والنواب والأعيان، أصحاب الرواتب المرتفعة وأصحاب الخدمات ذات النجوم الخمس والذين يرهقون آذاننا يوميا بضرورة شد الأحزمة وتوفير النفقات"، يقول كلاب.

 

ويعرب الكاتب عن استغرابه مما تفتقت عنه ذهنية المسؤولين بأن رفع أسعار الكاز لا يمس الطبقات الفقيرة وكل المدافئ لهذه الطبقات تعمل على الكاز حصريا، وهل قرأوا أعداد المتوفين بالاختناق جراء استخدام مدافئ الحطب ؟ وكيف لن تنعكس رفع اسعار الديزل على تلك الطبقات التي تستخدم وسائط النقل العامة إلا إذا كان هناك إحصائية تقول إن محدودي الدخل والفقراء يمتلكون سياراتهم الخاصة دون علمنا والحال تنطبق على رفع أسعار الكهرباء والماء.

 

ويلفت كلاب إلى أن كل الإجراءات تستهدف هذه الفئات الفقيرة وكل الإجراءات تستهتر بالرأي العام وتستثمر في معادلة الأمن والأمان وهي تنعم بالحرير والخدمات، رغم أن هذه الفئات الفقيرة هي التي تدفع ثمن الأمن والأمان لطبقة الأثرياء وشبابها يذهبون إلى دروب الشهادة كي تنعم تلك الطبقة بالرفاه والنعيم وليس العكس.

 

ويخلص الكاتب إلى القول "إذا كان المسؤولون جادين في المكاشفة والمصارحة فعليهم أن يقولوا لنا علنا أننا رصيدهم وأننا دفتر شيكاتهم الوحيد دون أي حديث آخر، فحجم الرفاه الذي يعيشون فيه وحجم الإنفاق على نشاطاتهم وتحركاتهم تكشف زيف تصريحاتهم".

أضف تعليقك