ماذا يعني عدم جواز التعذيب في "العقوبات"؟
إذا ما كان هناك من تعديلات "جوهرية" على قانون العقوبات بما يتعلق بإساءة معاملة الأفراد والتعذيب فما هي إلا تلبية للشرعة الدولية المتعلقة بحظر التعذيب وملاحقة المتورطين به وتأهيل وتعويض ضحاياه باتفاقية دولية.
لكن التعديلات التي أعلنتها الحكومة مؤخراً على قانون العقوبات "غير واضحة" بالنسبة للنشطاء الحقوقيين المشتغلين في مجال الحماية من التعذيب، ورغم اعتبار التعديلات تلبية للاستحقاق الدستوري بعد تعديله في العام 2011 إلا أن تخوف النشطاء يكمن في تعديل "طفيف" لا يمس "الجوهر".
"عدم شمول المتورطين في التعذيب بالعفو العام والخاص، وتعويض ضحايا التعذيب وتأهيلهم من خلال مراكز متخصصة ودمجهم، ومحاسبة الساكت والعالم والشريك في الجريمة، "هذه المحاور يجب أن تؤخذ عند ادخالها على التعديلات قانون العقوبات"، يقول المحامي صدام أبو عزام.
الحكومة أقرت مشروع قانون معدل لقانون العقوبات لسنة 2013، انسجاماً مع أحكام الدستور بالتأكيد على عدم جواز التعذيب بأي شكل من الأشكال، كما أن التعديل يأتي انسجاماً مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة لسنة 2006.
الحكومة تنظر إلى المشروع بتعديله الجديد لمعالجة الخلل والتناقض الوارد في المادة 208 من القانون، بحيث تم تعريف التعذيب ليشابه ما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب، كما نشرته وكالة الأخبار الرسمية "بترا" الأحد الماضي.
لكن يبقى التعديل من حيث شكله وما أضيف إليه من أطر رادعة أمر والتطبيق الفعلي والإرادة أمر آخر.
وكان الأردن قد تلقى في جلسة الاستعراض الدوري الشامل التي ناقشت حالة حقوق الإنسان في الأردن، 16 توصية حثت الأردن على ضرورة “مكافحة أشكال التعذيب والحد من الافلات من العقاب وسوء المعاملة”، وهذا ما اعتبره تحالف إنسان الذي يضم العديد من المنظمات الحقوقية بالدافع نحو إجراء تعديلات جوهرية على جملة قوانين وتحديدا قانون العقوبات، لحظر التعذيب وتأهيل الضحايا.
المحامي والناشط الحقوقي، صدام أبو عزام، يقرأ هذا التعديل من منطلق التعديلات الدستورية في العام 2011 التي ادخلت تعديلا على المادة 208 التي تحظر التعذيب، حيث أن الأردن صادق على الاتفاقية الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب وهي جزء من التشريعات الوطنية، ولابد من إدماج العديد من موادها في القوانين.
ينتقد أبو عزام غياب نشر التعديلات على موقع ديوان التشريع والرأي حتى اللحظة لكنه أعاد التأكيد على أن أي تعديل يجب أن يضع في صلب أولوياته اعتبار التعذيب "جناية" وليست "جنحة" وتتم أمام محاكم نظامية وليست خاصة.
المحامية ومديرة مركز عدل للمساعدة القانونية، هديل عبد العزيز اكتفت بالقول أن التعديل "أغفل الخطوة الاهم وهي تكييف الجريمة على انها جناية وليست جنحة".
لجنة مناهضة التعذيب الأممية، وفي التقرير الدوري الثاني في العام 2010 كانت قد أوصت الأردن بضرورة العمل على جعل القانون الأردني متسقا واتفاقية مناهضة التعذيب (المادتان 1 و4) ومراجعة القواعد واللوائح ذات الصلة بهذا القانون، وتكيفها مع التزاماتها الواجبة، لكي يتسنى البحث في أعمال التعذيب، ومحاولات التعذيب وما يقترفه أي شخص من أعمال قد تشكل تواطؤا ومشاركة في التعذيب، ومتابعة مقترفيها قضائيا ومعاقبتهم من دون سقف زمني.
اللجنة الأممية الملحقة بالاتفاقية تنتظر من الأردن اتخاذ اجراءات قانونية وعملية بشأن تطبيق بنود اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة والتي صادق عليها الأردن ونشرت في الجريدة الرسمية عام 2006.