"لا تكبرونا بعدنا صغار"

الرابط المختصر

 

 

"ظُلمت نفسي في اتخاذ قرار الزواج المبكر، وانضمامي لهذه الحملة كان بهدف إيقاف هذا الظلم على الأطفال الآخرين"، بكلمات مليئة بالإيمان حول أهمية منع الزواج المبكر بدأت لينا حديثها، فهي لا تخفي المكانة الخاصة التي تحملها في نفسها تجاه هذه الحملة، لينا خالد في لبنان منسقة لحملة "لا تكبرونا بعدنا صغار"

 

تروي لينا لعمان نت قصة الحملة التي بدأت في منطقة البقاع الأوسط في لبنان مع أنـس تللـو - منسـق برنامـج المناصرة والتواصـل فـي منظمـة النسـاء الان مـن أجـل التنميـة - التي ّتعمـل علـى تمكين النسـاء والفتيـات فقام بحشد الفريق المؤسس للحملة المكون من ٣ سيدات (فاطمة العتر، راما الصوص وصفاء سلات)  بشراكة مع مؤسسة أهل للتنظيم المجتمعي التي تأسست في الأردن 2011 متخصصة في نهج التنظيم المجتمعي، وبدأت  تجربتها في الأردن وفلسطين.

  ثم انطلقت "أهل" إلى عدة دول عربية منها لبنان ومن هنا بدأ دعم  حملة  "لا تكبرونا بعدنا صغار" لمرافقة تمكين الحملات كاستثمار في قدرة النساء على تأسيس وقيادة الحملة.

وهنا شعرت لينا بأن هذه الحملة هي نقطة البداية لرفض أي شيء يمكن ان يؤثر سلباً على حياة النساء، وإظهار قوة النساء وقدرتهن في حماية أنفسهن، ليبدأ السعي لحشد أفـراد المجتمـع فـي سـهل البقـاع في لبنان في أيلول 2019، وتشكيل فريق نسـوي لحملة "ضد تزويج الأطفال" واليوم تكمل الحملة مسيرتها بعد إطلاق المرحلة الرابعة ليصبح عدد المنظمين لها 96 شخصًا ضمن 12 فريقًا، بالإضافة إلى حشد314 من اليافعين المناصرين للقضية تحت اسم "سفراء الطفولة".

 

كيف اقنعت الحملة الأهالي ؟

رغم إدراكنا لصعوبة الدخول إلى بيوت الأهالي "إلا أننا حملنا قصصنا التي أثرت بنا الى بيوتهم، ولم نتنازل عن محاولة اقناعهم بعدم تزويج أطفالهم" تقول لينا؛ فالحديث عن  القصص التي شهدناها لزواجنا المبكر كانت هي النقطة الحساسة  والمفتاح لنصل ل  (1826) توقيع على عريضة (عدم تزويج أطفالهم في سن مبكر) وتغير موقف (126) عائلة تدعم الزواج المبكر الى معارضين للفكرة من الأساس.

تتابع  لينا، شعوري بالمسؤولية تجاه الأطفال والفتيات تحديداً، وعدم رغبتي بأن تعيش الفتيات تجربة الزواج المبكر التي عشتها كانت مصدر قوتي في الاستمرار والسعي مع فريق الحملة لإحداث التغيير المجتمعي بهذه القضية،" فجهودنا استمرت إلى ان تمكنا من إلغاء 60 خطوبة وتأجيل زواج 55 فتاة تحت سن 18 سنة".

 

 

لم تتوقف جهود فريق الحملة في إقناع الأهالي بعدم تزويج أطفالهم، وإنما جعلتهم يعلنون تأييدهم لهذه الحملة من خلال تعليق شعار الحملة على أبواب بيوتهم بكل فخر، وبالتالي أصبح مؤيدي الحملة نقطة قوة مجتمعية لفريق الحملة بشكل علني أمام المجتمع.

 

"نحن نؤمن ان التغير يحدث بشكل تدريجي" بحسب لينا، لذلك عندما تأكدنا من تردد انضمام الرجال إلى الحملة بسبب معتقداتهم وطبيعة المجتمع، فهمنا بأن إقناع الإباء بإلغاء الخطوبة ينجح عند حديثهم مع رجال يعرفونهم وهذه قوة  التنظيم المجتمعي  ببساطة ، تختار الأسلوب الأمثل لكل مجتمع بحث تبتعد عن الجدل في العائلة ومخاوف سلب سلطة الأب ومسؤوليته تجاه عائلته.

وخلال تطبيق هذا الأسلوب  التقى فريق الحملة  تشرين 2021 ب (420) رجلا  والتزم منهم (140) بالحملة، وأثناء الحديث عن هذا التكتيك ذكرت لينا قصة الشاب محمد الذي قرر إلغاء خطوبته وهو في العشرين من عمره من خطيبته التي تبلغ الخامسة عشر، حيث أكد التزامه بهدف الحملة وعدم رغبته بالزواج الا عند نضوجه ووصوله الى عمر مناسب للزواج.

 

وأضافت لينا قائلة: في كل مرحلة حاولنا استخدام أسلوب  يتناسب مع المتغيرات والمستجدات التي تحصل في المجتمع؛ وبعد تحقيق الأهداف السابقة بدأنا التفكير بالأطفال أنفسهم، ووجدنا "الأطفال أصحاب قرار، ولذلك اتبعنا اسلوب السفراء" فمن خلال هذه التكتيك تم تدريب أطفال تحت سن الثامنة عشر على طرق الاقناع والتواصل، وذلك بهدف إقناع أقرانهم من الأطفال بعدم الزواج في عمر مبكر.

 

واليوم يفكر فريق الحملة في التوسع على نطاق جغرافي أكبر في لبنان  ليصل الى البقاع الغربي، وذلك ايماناً بأن الحملة يمكن أن تغير فكر العديد من العائلات حول الزواج المبكر ، فعندما يستخدم  أهل القضية واصحابها  لقصصهم الخاصة لتحقيق هدف الحملة يصبح الفريق متماسك وقادر على التغيير بشكل أفضل .

 

 

تجربة ملهمة للمجتمعات

 

في حديث مع مديرة التمكين لمؤسسة أهل، ريم مناع اكدت ان "حملة لا تكبرونا" "هي دليل على التحول الذي يمكن للمجتمعات الأكثر تأثراً بمشـكلة مـا تحقيقـه عنـد اتبـاع نهج التنظيم المجتمعي والقيادة التشاركية، ويمكن أن تلهم تجربـة هـذه الحملـة منظمـات أخـرى لاختيـار التنظيـم المجتمعي كوسيلة لإعادة القـوة للمجتمعات المتأثرة " فهذه الحملة تمثل مفهوم القيادة المجتمعية على المستوى الفردي والجماعي" .

 

وتوضح مناع"  أن الحملة استطاعت تمكين نساء كانوا ضحايا الزواج المبكر بهدف التغيير من واقع الظلم في هذه القضية، فهن الآن يأخذن زمام المبادرة لحل مشكلتهن باستقلالية بعد دعمهم بالمهارات اللازمة، بالإضافة إلى التكاتف المجتمعي من الأبناء والآباء والأمهات لرفض الزواج المبكر نتيجة الوعي"

 

وبينت مناع أن أهمية الحملة واستمرارها في العمل و النجاح، هو عدم اعتمادها على أشخاص محددين، فهي تتكون من فرق وعند غياب أحدهم يكمل الآخر، فالتخطيط لكل عام والتعليم والتعلم وحملات الاستماع التي تتمثل في التوجه للمجتمع ودراسة التغيرات التي حدثت جعلت شعلة القضية مستمرة للتأكيد على أهميتها والنتيجة كانت استمرار الحملة لسنوات.

 

ولعل ذلك هو السبب الذي دفع لينا لتشجيع جميع المؤسسات والفرق المجتمعية لاستخدام هذا الأسلوب التشاركي والبناء عليه لضمان تحقيق التغيير، مبينة  "عندما أتذكر أول خطوة لنا في الحملة وما وصلنا له اليوم اشعر بالقوة والنصر وأدركت أنه ليس هناك مستحيل".